الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(أنا هو الطريق والحق والحياة , من آمن بي وان مات فسيحيى)

جهاد علاونه

2016 / 6 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثير من الكُتاب في هذا العصر مثلا من كان يعتقد بأن الشيوعية هي طريقه نحو الأمان وهي التي ستلبي كل احتياجاته الفكرية أو ما يحتاجه من طعام وشراب وغذاء ولكن بعد أن يدخل معها في تجربة عاطفية أو فكرية سرعان ما يكتشف أنها تُضيق على الناس الخناق وتكتم الحريات وتصادرها وتمجد فقط الحزب الواحد والحاكم المستبد, أو مثلا أنا أو أنت نعتقد في بعض الأحيان بأن فلان من الناس سيقدم لنا العون والمساعدة أو نقوم بانتخاب مرشح للانتخابات بعد أن يغرينا بشعاراته السياسية وسرعان ما نكتشف أنه هامل وكذاب ونصاب وبأنه كان يستدرجنا نحوه لنكون ضحيته أو لنكون السُلم الذي يتسلق عليه لكي يصل إلى السلطة , وفجأة نكتشف أننا كنا نركض خلف خيط من الدخان وبأننا كنا نبصر في السراب, في هذا العصر كثير من الناس الذين جربوا الأيديولوجيات الفكرية من أحزاب ومذاهب فلسفية وأدبية ولم يرتاحوا مع أي حزب أو أي مذهب فكري, كذلك كانت في عهد المسيح تنتشر الفلسفات والمذاهب العقائدية مثل الفريسيين الذين جعلوا معبد الرب أي هيكل الرب مغارة لصوص يستغلون به الحاج لبيت الرب فيبيعونه الذبائح والنُصب والذهب والفضة حيث جعلوا من بيت الله مكانا للتجارة باسم الدين, وكانت في عهد المسيح فلسفات أخرى مثل السفسطائية والرواقية....إلخ, وكانت الناس في كل يوم تغير وتبدل في نهجها من أجل خلاص أنفسهم وراحة ضمائرهم ولكن أغلب الناس لم ترتح لا مع الفريسيين ولا مع الصدوقيين ولا مع المتفلسفين ولا حتى مع القوانين الرومانية.
في ذلك الوقت كان الله ينظر إلى هذا العالم المسكين...كان ينظر إلى هذا العالم المتخبط...كان يشفق حتى على الفريسيين لأنهم ما كان لهم ليعرفوا طريق الحق والنجاة فلا يمكن مثلا أن يُكَفّر لهم الخروف عن خطيئتهم بمجرد أن وضع الكاهن عليه يده ويده الأخرى على رأس صاحبه ولا يمكن أن يدخلهم الفريسيون إلى ملكوت الرب, لذلك قرر الله أن يقول لأبنه الإنسان ما هو الطريق الحق وما هو الصواب والتخلص من الحروب والفتن والدسائس والغيرة والحسد لأن إلهنا العظيم إله حي يشرق بشمسه على الأشرار والأخيار وعلى الظالم والمظلوم ويعطي الكبير والصغير وليس عليه شيء مستبعد وذلك بعكس الفلسفات والأيديولوجيات فأصحاب الأحزاب السياسية يعطون أعضاءهم ومناصريهم الذين ينافحونهم على الباطل أما الإله الحي فإنه هو الطريق الحي...وكيف عليه أن يختار, فظهر المسيح ليقول للناس: أنا هو الطريق والحق والحياة والخلاص والنجاة من العقاب في الدنيا والآخرة, المسيح ظهر ليكون الحل والبديل عن الفريسيين والبديل عن المتكلمين والمتفلسفين وأصحاب النظريات الجدلية, فقال أولا: أنا هو الطريق والحق والحياة, أي لا تمشوا في الدروب (العاطله) فأنا هو الدرب الصحيح, لا تسلكوا طريق الشيطان بل اسلكوا الطريق المؤدي إليّ, اتركوا أيها العشارون والجباة أعمالكم وتعالوا واخدموا في بيت الرب, لا تبع يا فريسي في بيت الرب لتجعله مغارة لصوص.

ومعنى كلمة(الحياة) تختلف في مدلولها عن كلمة (العيش) فحتى يعيش الإنسان يريد أن يحصل على الغذاء الذي يقوي له جسده, ولكن حتى يحيى الإنسان فهو بحاجة لأن يضيف إلى طعامه وشرابه كلمة الرب وأن يسلك الطريق المؤدي إلى كلمة الرب, لذلك لم يقل المسيح أنا هو الطريق والحق والعيش,لا, بل قال: الحياة, قال كلمة الحياة ليستقيم المعنى أكثر, وهذا يُعد في الحقيقي هو جوهر الإيمان المسيحي أو لنقل بأنه الركيزة الأساسية التي بنا عليها المسيح إيمان الناس به, فترك العشارون تجارتهم وتوقف الجباة عن جني الأموال والذي كان يصحو باكرا لينتشر في الأرض لزيادة مرابحة توجه نحو المعلم وسلك الطريق المؤدي إلى الخلاص الأبدي, وترك المعجبون إعجابهم بالفلاسفة أمثال أرسطو وأفلاطون والرواقية والسفسطائية وتركوا القانون المادي الروماني واتبعوا قوانين الرب.

وما أشبه اليوم بالبارحة, فاليوم هنالك مئات العقائد والفلسفات والأيديولوجيات والأحزاب الفكرية والدينية والفلسفية كل تلك الموجودة على ساحة العمل السياسي والثقافي لا يمكن أن تكون هي طريق الحق والحياة لقد امتلأت الأرض بالظلم وبالحروب وبالكوارث وبالعدوان, أنا شخصيا جربت الإسلام ومذاهبه ومشيت مع الشيوخ وجماعة التبليغ مذ كنت طفلا أو شابا يافعا وساهمت في إعداد الأحزاب السياسية والثقافية والمنتديات الفكرية والسياسية وفي النهاية رجعت إلى الإنجيل وتعلمت منه أن سُبل الخلاص والطريق إلى الخلاص هي فقط بإتباع طريق يسوع طريق النجاة والحق والحياة.
أعجبنيإظهار مزيد من التفاعلاتتعليق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال وتحليل وتأملات أكثر من رائعة ..
د. سيتى شنوده ( 2021 / 3 / 7 - 12:03 )
مقال وتحليل وتأملات أكثر من رائعة .. جزيل الشكر يا استاذ ..
..جهاد علاونة .. ربنا يحفظك ويحميك

د. سيتى شنوده

اخر الافلام

.. عواطف الأسدي: رجال الدين مرتبطون بالنظام ويستفيدون منه


.. المسلمون في النرويج يؤدون صلاة عيد الأضحى المبارك




.. هل الأديان والأساطير موجودة في داخلنا قبل ظهورها في الواقع ؟


.. الأب الروحي لـAI جيفري هنتون يحذر: الذكاء الاصطناعي سيتغلب ع




.. استهداف المقاومة الإسلامية بمسيّرة موقع بياض بليدا التابع لل