الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة العقل الدينى

احمد حسن

2016 / 6 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


دين الحق وشهادة الشخص لنفسه

كل أصحاب عقيدة يعتبرون عقيدتهم هى " الحق " وغيرهم ضالون ، لا يتميز في ذلك دين عن اخر ، الإسلام يري نفسه كذلك ، وأيضا المسيحية ، ومثلهم اليهود والصابئة والبوذيين ... الخ

المثير اكثر انه داخل كل دين توجد فرق ومذاهب كل واحدة منها تري نفسها أنها هي الدين الحق - مقارنة بباقي مذاهب نفس الدين وليس فقط الأديان الأخري - وان ماعداهم خاطئ أو كافر أو ضال ... وهم فقط من يقبله الله ويدخله جنته ، والآخرون جميعا في الجحيم ، وكل " حق " فيهم لديه كومة كبيرة من الأسباب لتبرير استحقاقه الديني ، وكومة اكبر لتبرير خطيئة وضلال الآخرين .. حتى أن فرقة أسلامية مصرية متطرفة كانت قد سمت نفسها "جماعة المسلمين " بألف لام الحصر ، وجميع الآخرين - بما فيهم الجماعة ألإسلامية والجهاد والأخوان والسلفيين - لا يمكن قبول فكرة انهم مسلمين قبل التحقق والتبين ، حتى وان صلوا وصاموا وحجوا ، فان تبين انه أحدا منهم على الإسلام الصحيح وجب أن ينضم اليهم دون غيرهم ، وإلا عد خارج على الجماعة وكافر لخروجه . المثير اكثر انهم غالوا فى معيار الكفر والإيمان وكفروا بعضهم داخل الجماعة فانقسموا لثلاث فرق ثم اندثروا جميعا .

داخل متاهة "الحق " هذه صعب أن تتلمس شعاع ضؤ واحد ، فكلما توغلت تشعبت وتعقدت قضايا كل دين - وكل فرقة - وكل طائفة - وكل جماعة ، وتشظت المعتقدات اكثر فاكثر .

إن العقائدي - داخل كل جماعة أو فرقة أو دين - مستعد أن يستمع جيدا ، وان يناقش بعقلانية أيضا ، كل نقد موجه لغير فرقته ، وان يسلم حتى بأنها مخرفة ومنافية للعقل ، لكنه فجأة يغلق مداخل العقل تمام ، ويرفع رايات الجهاد ضد الغزو الفكري الكافر إذا تطرقت لأي قضايا تخص فرقته أو عقيدته ، هنا وثنه الخاص .. وانت تحمل في منطقك فأس إبراهيم وتهدد ألهته ، فهو وحده أيضا من لديه اله حق ، أو صورة صحيحة للألوهية ، وغيره وثنيين أو مشركين بصورة ما ، كل عقائدي هو هذا الازدواج بالضرورة .

إن الصادم للعقل فعلا هو عندما يجادل لتأكيد عقيدته ، انه يعتمد بصورة أساسية على ما تقوله عقيدته نفسها " عن نفسها " ، انه لا يطرح عقيدته للنقاش ، ولا يجهد ذهنه في التفكير فيها أو في الدفاع عنها ، أنها مكتفية بما تقوله عن نفسها ، فعندما تقول أيات كتاب ديني أمر فهو مسلمة وقانون فوق علمي وحقيقة إلهية اسمي من أي قانون علمي أو تفكير منطقي - إنها منطق فوق المنطق ، وعلم لا يقبل الدحض ولا يفتح بابا للشك أو المراجعة ، على نقيض علومنا الأرضية أو البشرية فكل تفكير علمي نعرفه سمته إمكانية نقضه وتجاوزه ، إن العقائدي حامل الحقيقة التي تنكر أي حقيقة غيرها ، ولو كان العلم وتفاصيل التاريخ يقولون بعكسها ، إنها شهادة الشخص لنفسه التي - في القانون - لا تثبت ولا تنفي أي شيئ في ذاتها ، بل يجب أن يساندها أدلة وقرائن من خارجها تجعلها مقبولة أو مرفوضة .

إن العقائدي يفتش قليلا حوله عن أدلة إثبات إضافية - فهو مكتفي ابتداء بأدلة عقيدته ومسلم بها ، وفي سعيه لتعزيز أدلة - أو شهود الإثبات - يجتهد في إلصاق أي فكرة لآخرين إلى عقيدته ، مقال صحفي ، حكمة ، قانون علمي ، فقط كسند إثبات ... وسوف يتجاهل أي دليل نفي مهما كانت قوته وحججه ، سيرفع ضده راية التكفير والضلال والمؤامرة .. الخ ، سيفعل كل شيئ إلا أن يناقشه .

العقائدي هو خصم أي اخرين ، وهو أيضا الحكم ﻷنه ﻻ يقبل سوي حكم معتقده ، كل عقائدي هو هذا . إنها محنة تغلق كل أبواب التفكير وكل فرص التطور أو التفاعل الخلاق ، العقائدي سجين يسعى لتوسعة جدران السجن وضم مساجين جدد .. انه ليس فقط الخصم والحكم ، بل هو ايضا الشاهد .. لكنه شاهد مزدوج ، شاهد نفي وشاهد إثبات في نفس الوقت ، انه الشاهد ضد خصومه ، والشاهد لنفسه ، ويرفض اى شهادة اخري فهي ضلال إن لم تشهد لصالحه .

لذلك غالبا ما تكون محكمته مغلقة ليس فيها سواه ، يحاكم فيها الغير ويحكم فيها لنفسه ، وفى الحلات التي تضم اكثر من طرف - مناظرات مثلا - فهي على قلتها شديدة العبثية ، ويصعب جدا أن يسلم فيها أي طرف للأخر ، بل يستحيل ، فكل طرف يري مسبقا - وعن يقين - فساد أي دليل أو فكرة يقدمها الأخر - إلا لو كانت لصالحه ، ولن تكون كذلك إلا في مسائل جزئية ﻻ تحسم خلافا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خير امة
بلبل ( 2016 / 6 / 18 - 01:49 )
الانسان ما لم يستخدم عقله فهو ابن بيئته فمن ولد يهوديا دينه هو الحق ومن ولد ماجوسيا النار هي الحق ومن ولد في الهند فالبقرة هي الله غير ان المسلمين هم الاكثر يقينا ان دينهم هو الصح يقولون عن انفسهم انهم خير امة اخرجت للناس لكن هذا يبقى مجرد كلام اذا راينا حال المسلمين في كل بقاع العالم فهم اخبث امة اخرجت للناس


2 - تحدي لكل العقائديين
نور الحرية ( 2016 / 6 / 18 - 20:11 )
فرضا مذا لو اعطى كل عقائدي ولو لمرة واحدة في حياته المديدة عقله ولو لساعات قليلة الحرية التامة في التفكير وكذلك الخروج التام من كل ما امن به مسبقا وذلك لكي يجرب حلاوة الدخول في دينه من جديد .هنا التساؤل هل سيرجع لدينه من جديد بعد ان يجرب حلاوة الايمان بالعقل والعلم والمنطق

اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج