الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة الى الضابط السابق مصطفى أديب

خالد الصلعي

2016 / 6 / 18
المجتمع المدني


رسالة مفتوحة الى الضابط السابق مصطفى أديب
--------------------------------------------------
أخي مصطفى العزيز ، تعلمنا النضال والدفاع عن مواقفنا من واقعنا ، ولم نأخذه من الكتب ومن نضال الآخرين ، وهذا هو الفرق بين النضال الجذري المتأصل في الذات والخارج منها كما تخرج الأغصان من أصلها الشجرة ، وبين أغصان البلاستيك التي يبرع في لصقها الصينيون بالشجرة المصنعة .
كثيرون من حذروني من التعامل معك ، وانت أيضا نبهتني الى ذلك ، وكأني طفل صغير أو معارض يبغي قلب نظام الحكم وتأليب الرأي العام الوطني والدولي ضد نظام يقضم نفسه بنفسه ولا يحتاج في نظري الى معارضين او انقلابيين . بينما أنا مواطن بسيط أبيع الخبز ووالدتي بالشارع العام ، غير أن نقيصتي في نظرهم وشموخي في عيني ، هو عشق الكتابة وحب الابداع والانتصار للقيم الانسانية الراقية . هذا هو أنا ، اما الحكم ومناصب الحكم ومزايا الحكم تركتها لمرضى ومهووسي الحكم .
هل تدرك صديقي أني سخرت مبتسما من رجائك للأصدقاء المشاركة في التوقيع على عريضة التضامن . ولنزع أي لبس ومحوه ، أشد على يدك لهذه المؤازرة وهذه المناشدة . فقد اوضحت لي بما لايدع مجالا للشك مدى احباطك وصدمتك من واقع السلطة بالمغرب ، فردود أفعالنا مرتبطة طردا بقوة ايماننا بالقضايا والمواقف التي نعبر عنها وانعكاساتها ونتائجها التي تؤول اليها في النهاية .
الشعب المغربي يا صديقي ، بمثقفيه الأشباه ، وحقوقييه السماسرة ، ومناضليه الموتى ، الا من رحم ربي من ثلة من أولئك الصادقين الذين لا تعدمهم ملة ولا ثقافة ، صار يخاف من ظله ، يخاف أن يساند مظلوما من طينتنا فيسرق منه مشعل النضال ، ويخطف منه وهج النجومية . هكذا تنحل معادلات الابدال العقابي الذاتي . ويتحول الخوف الى عقاب بعيد وقريب . ذلك لأن العقاب البعيد ، والذنب المستبطن ، يحملهم الى الارتياب في ذاتهم ، وليس في الآخرين ، هكذا يتحول الدفاع عن القيم الانسانية التي يتغنون بها في تدويناتهم وكتاباتهم افتراضا ، الى قيد وخوف وتوجس حين تتاح لهم فرصة التعبير عنها في قضية معاشة وحقيقية تطرق جدران الواقع بعنف يكاد يلامس باب الموت لولا غموض لايدركه الا الراسخون في عشق الحياة أمثالك أخي مصطفى . هل تدرك أيها المناضل الانساني أنني اليوم فقط تشربت مرارة احباطك وصدمتك من واقعتك بداية الالفية الجديدة ، فبقدر ما يكون ايمان الانسان بقضية ما قويا بقدر ما يتمسك بها الى آخر رمق وبكل ما أوتي من أسباب الضعف القوي . أنا ضعيف وأشهد بذلك ، وأنت أيضا ضعيف ، وحتى وان لم تشهد بذلك أنا أشهد به ، فلو كنا قويان لانتزعنا حقوقنا البسيطة منذ البداية ، ولصرفنا انتباهنا الى بناء بيت سعيد وحياة بسيطة ، وعلاقات لاتشوبها أفكار الآخر القابع في مخيلتنا قسرا وجبرا . لن ننتهي من هذا اللغز ، شعب مقهور في شرنقة أصوات مبحوحة ، تحت سطوة نظام لاقلب له ، نظام حقود كما قال المغيب رشيد غلام ، لا تنتظر منه شيئا . هل تعلم صديقي في الالم أن تجربة صرخاتنا نحن الاثنين ، تشبه ذلك الوله الصبياني بالغناء التلقائي والطبيعي ، وترديد المقطوعات التي نتوهمها عذبة لأنها فقط توافق جروحنا وتعبر عن انكساراتنا . تأخذنا تجاربنا الى اكتشاف عتماتنا . هل تدرك لم كتبت هذه الرسالة وهذا الاعتراف ، او قل هذه الشهادة ؟ . كتبته لأسباب عديدة ، فهنا على صفحتي يشاركني كتاباتي وتفاهاتي أكثر من مدعي ثقافة ، وأشباه مناضلين ، وكتبة التحريف والتمويه . لن اعاتب أحدا ، ولن أطلب من احد ان يناضل في مكاني من اجل قضيتي التي ناضلت من اجلها قرابة ربع قرن بأشكال مختلفة ومتنوعة ، ولم تخرج للعلن الا في هذا الأسبوع فقط من الاضراب عن الطعام . بل بالعكس أقدس الحريات ، حرية الاختيار ، حرية انتخاب حائط النضال القصير .لذة دهن الزبدة على قطعة الخبز المخزني . لن أذكر بوقوفي ومناصرتي للقضايا العادلة في وطني ، بدءا التضامن مع على المرابط وعلي انوزلا ، ومي فتيحة والقاضيان فتحي و الهيني وناطحة المتعجرفة بوطازوت وغيرهم من مناضلي كوكوت مينوت ، هي مناصرة وتضامن انساني ومبدئي ولا مقايضة في الانسانية والمبدئية ، فالانسانية كون شامل لايحتاج الى أي اضافة، والمبدئية أرضية صلبة في غنى عن مسندات حصوية دقيقة .
سيدي مصطفى اديب ومن خلالك اتوجه الى السيدة الجليلة الدكتورة ام البنين السلاوي ، والأخ الهارب الذي حضر في ساعة النكبة من أقصى مدينة الأخوية والانسانية الفنان "با سعد " ، والصديق عبد الله أفتات ، والأخ احمد الزوجال ، وهشام موكادور الذي قام ببادرة فتح صفحة المناصرة الدولية AVAAZ ، والزميل المصري سيد جمعة ، والرائع العراقي حسن اوس ، هل نسيت احدا ؟ بالتأكيد نسيت العشرات ، وعذري اني حاولت ترتيب الأسماء حسب شكل الدعم وتواصله ونوعيته . وأتمنى مخلصا أن يغفر كل لي من نسيت ذكر اسمهم ، ففي مثل حالتي يظل السهو والنسيان أمران طبيعيان . ومن استحالة الأمر ارضاء الجميع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر