الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيء عن التجنيس في البحرين - العمل في القطاعين العام و الخاص

موسى راكان موسى

2016 / 6 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع





أردت في هذا الجزء من هذه السلسلة الإستناد على بعض الإحصائيات المُتعلقة بالعاملين في كل من القطاع الخاص و العام في البحرين ، من جهة الإنتماء الثقافي ؛ الإنتماءات الدينية و المذهبية ، و أيضا الأصول من حيث الإنتماء القبلي أو العشائري ، و كذلك الإنتماءات المناطقية ، دون الغفل عن الإنتماءات الإثنية ــ و كل ما أمكنني إيجاده هي تأملات و تأويلات و تعميمات [ و هي في معظمها لجهات و أطراف تُحسب أنها معارضة ] ، لذلك أجدني مضطرا أن الخوض في هذا الجزء دون أي إحصائية ، على أمل السماح في المستقبل لمثل هكذا إحصائيات و أن يتم الكشف عن (( سر الأسرار )) هذا على حد وصف الباحث فؤاد إسحاق الخوري ؛ الجدير بالذكر هو وجود إحصائيات تتعلق بالإنتماء الجندري [ بالتركيز على النساء في قطاع العمل مقارنة بالرجال ، و كذلك من جهة بعض الخدمات المُستفاد منها ــ و هو الإنتماء الجندري الوحيد الذي يخضع للإحصاء و المتابعة ] ، و كذلك إحصائيات تتعلق بإنتماء المواطنة أو الحصول على الجنسية من عدمها في إطار العمل [ بالتركيز عن طريق التفريق بين العاملين البحرينيين و العاملين غير البحرينيين ــ إلا أن هذه الإحصائيات تكون مضللة في الغالب ، إذ لا تميّز بين العاملين البحرينيين أنفسهم ؛ فهم ينتمون لثقافات و إثنيات مختلفة ، بل حتى من يقع تصنيفهم في الإحصاء تحت مسمى (العاملين غير البحرينيين) يحصل بعضهم على الجنسية البحرينية ، فينتقل إلى تصنيف (العاملين البحرينيين) ] .


إن التمييز بين قطاعي العمل (العام) و (الخاص) لا يقوم على أساس تحديد مجال أو مدى نفوذ و سلطة الفئة الحاكمة في الدولة ، فالدولة لا هي عامة و لا هي خاصة ، لكنها هي الشرط لكل تفريق بين العام و الخاص . و يمكن القول بأن القطاع العام يكاد يكون مقتصر تماما على الخدمات ، بينما الإنتاج السلعي و إنتاج النفط فهو ضمن قطاع العمل الخاص ؛ على الرغم من كون الخدمات تشغل حيزا في القطاع الخاص [ بشكل خاص القطاع المالي و القطاع السياحي ] ، بل و تشهد نموا على حساب كل من الإنتاج السلعي و إنتاج النفط ، بل و كذلك على حساب بعض الخدمات من القطاع العام [ و قد عبّر عن ذلك مجلس التنمية الإقتصادية البحريني في تقريره الفصلي (مارس 2016) بعبارة : تبني هيكل الشراكة بين القطاعين العام و الخاص ] ــ فالتمييز بين القطاع (العام) و (الخاص) ليس مجرد فرق إقتصادي ، لكنه يعتمل سياسيا لمصلحة أو مصالح الفئة الحاكمة في الدولة ؛ و يمكن أن نقرأ على ضوء ذلك تدهور الخدمات في القطاع العام و خطط الهيكلة المُتبناة لصالح القطاع الخاص .

و ليست بخفية الإجراءات التي تم إقرارها و تفعيلها لإعادة هيكلة الداخل البحريني [ و هو ما يُعتبر مجرد بداية الطريق فقط ] لمواجهة (العجز في الميزانية) ، و الذي ما كان لولا (إنخفاض أسعار النفط) الذي سببه (إنتاج النفط الصخري ؛ في الولايات المتحدة الأميريكية) و (تراجع الإنتاج السلعي أو تراجع النمو الإقتصادي ؛ في الصين) و (فك الحظر الإقتصادي عن إيران ؛ بالتالي دخول النفط الإيراني السوق العالمية) [ الجدير بالذكر أن الأسباب الداخلية لا تُذكر ، و إن تم ذِكرها تُذكر مواربة و بشكل هامشي ] ؛ و هذا ما تتبناه الجهات الرسمية في البحرين كخطاب و تعليل ، إلا أن بعض ما يجري تحت عنوان (إعادة الهيكلة لمواجهة العجز) أمر مختلف عن حل مشكلة (العجز) ــ لكن الجدير بالذكر أن هناك خطاب و تعليل آخر لا تتبناه الجهات الرسمية [ للدقة لم تتبناه حتى الآن ] و إن كان بعض الموالين لها يتبنونه كما يتبناه الصوت الطاغي في المعارضة ، و هو الذي يحيل سبب العجز إلى إستهلاك الموارد و الثروات و الخدمات من قِبَل (( المجنسين )) ، و في ذلك هناك ملاحظتين تستوجب الذكر :

* أن هذا الخطاب سبق حضوره ظهور العجز ، لكن مع ظهور العجز و الإجراءات التي جرت و تجري كحل له ، عززت من مصداقيته في المُتخيّل الإجتماعي عند بعض الطوائف أو الجماعات ؛ بل إن بعض الشخصيات البارزة إعتبرت العجز هو تحقق لنبوءة هذا الخطاب ــ و قد سبق لنا أن حللنا منطق هذا الخطاب ، و ما محاولة ربطه بالعجز أو الأزمات بشكل عام إلا لتفعيل مصداقية الخطاب ، بالتالي إستملاك مواقع في الكل الإجتماعي البحريني [ كالظفر بقيادة المعارضة ، أو إستقدام أتباع جدد ] .
* بدل أن يتم مساءلة الجهات المختصة الرسمية و توجيه أصابع الإتهام إلى الحكومة في أمر (العجز) الذي أسبابه داخلية قبل أن تكون خارجية ؛ و المُتمثّلة بشكل خاص بسوء الإدارة و التصرف بالموارد و الثروات ، و عدم التخطيط و التنفيذ الفعّال المُفيد ، تلقى الإتهامات صوب (( المجنسين )) ! .


يمكن أن نفهم الخطاب الرسمي أنه محاولة للتغطية على الأسباب الداخلية لحالة (العجز) بجعلها أسبابا خارجية فقط ، كما يمكن أن نفهم الخطاب الآخر [ المُستند على منطق التميّز المثالي ] أنه يريد إستملاك مواقع في الكل الإجتماعي البحريني [ و هو خطاب فعّال لخصوصية المجتمع البحريني التي سبق و تناولناها سابقا ] ؛ فالخطاب كما سبق كان حاضرا قبل حضور (العجز) ، و لذلك فليس غريبا أن تتبنى الجهات الرسمية هذا الخطاب لكي تستمر في تغطيتها على الأسباب الداخلية .

قلنا سابقا أن المجتمع البحريني (إستهلاكي|خدماتي) ، كما أنه مجتمع (لا تفارق طبقي) فيه ، و لذلك تسود ظاهره الطوائف أو الجماعات لا الطبقات ؛ و قلنا كذلك أن (اللبس بين المُتوقّع و المُتخيّل) هو الكائن كإيديولوجيا بين هذه الطوائف أو الجماعات ــ و لهذا كله دلالات لا يجب أن تغيب عنا في تناولنا وضع العمل في البحرين ، فـ(( الصورة النمطية )) أو (( السمعة )) لها دور في نمط العمل الخدماتي لا يمكن تجاهله ، و هذا الدور و إن كان مُتغيّر إلا أنه من الممكن أن نفهمه في إطار خصوصية المجتمع البحريني ؛ و هي في الصراع الإجتماعي الكائن بين الطوائف أو الجماعات تتخذ الهيئة النهائية المثالية [ أي اللبس بين المُتوقّع و المُتخيّل ] .
فعلى الرغم من أن هيكلية المؤسسات العامة و الحكومية ذات مظهر بيروقراطي ، إلا أن كم و كيف التدخلات التي تتعرض لها تجعل منها بيروقراطية ممسوخة ، و هذه التدخلات ليست سواء ؛ فبعضها ذا صبغة إجتماعية (كالأعراف) ، و بعضها ذا صبغة قانونية (كالأمر الملكي) ، و بعضها ذا صبغة إجرامية (الفساد بأنواعه) ، لكن بينها تداخل يُصعب معه التفريق [ فالتدخل الإجرامي (المحسوبية) قد تغطي عليه صبغة إجتماعية (عرف) يجعله يبدو بمظهر الأمر الإعتيادي الذي لا يتطلب مطالبة بالحق أو على الأقل الإحتجاج ] ــ و في هذه التدخلات تلعب (( الصورة النمطية )) أو (( السمعة )) الدور ؛ و هنا تجدر الإشارة إلى أن التعيينات الوظيفية لا تتم على أساس الإنتماء لطائفة أو جماعة مُعيّنة بقدر كونها تتم وفق آلية الإقصاء الناتجة عن الدور التي تقوم به (( الصورة النمطية )) أو (( السمعة )) ، فتنتهي بعد الإقصاء إلى تعيين أعضاء ذات الطائفة و الجماعة [ و هو الذي يقود إلى تضليل مفاده أن المُنتمي إلى جماعة أو طائفة ما لا يختار في التعيين الوظيفي إلا من كان من ذات الجماعة أو الطائفة لإرتباطه بها ــ و هو تضليل مرتبط باللبس بين المُتوقّع و المُتخيّل ] .
لكن هذه البيروقراطية المسخة لا نجدها في القطاع الخاص [ هذا لا يعني أنه لا وجود لتدخلات ذات صبغة إجرامية فيها ، أو أنها محمية من التدخلات ذات الصبغة القانونية ؛ إلا أن مظهرها و جوهرها يتفقان على عكس ما نجده في القطاع العام و الحكومي ] ــ كما أن مُحددات (( الصورة النمطية )) أو (( السمعة )) في القطاع الخاص مختلفة عن محدداتها في القطاع العام ، ففي القطاع الخاص قوانين العمل هي المُحددة [ و كفى ] ، بينما في القطاع العام و الحكومي التدخلات هي المُحددة و التي تتجاوز في أحايين كثيرة قوانين العمل ، بل و تتجاوز عليه ؛ هذا التجاوز و إن كان قمعيا و تسلطيا ، إلا أن التواطؤ العام يسانده و يعززه [ فلا تمرد و لا إحتجاج عليه ، كما لو أنه أمر إعتيادي يمارسه الجميع و يخضع له الجميع ! ] .

# يبدو في قولنا تجني في غير محله ، فالخدمات كما أنها في القطاع العام و الحكومي ، هي أيضا في القطاع الخاص ، كما أن كل من القطاعين العام و الخاص في ذات المجتمع البحريني ، فلم يختلف الوضع في القطاع الخاص عنه في القطاع العام ؟! .
مرد ذلك إلى كون أن التمييز بين القطاع الخاص و القطاع العام هو تمييز سياسي أكثر من كونه إقتصادي ، دون الغفل عن البدايات الأولى لظهور القطاع العام و الحكومي في البحرين [ إذ كان للطفرة النفطية و الخوف من الحركات التحررية دور مهم ] ، كما أنه سبق و ذكرنا أن القطاع الخاص يحتضن الإنتاج السلعي و إنتاج النفط ، بينما القطاع العام و الحكومي فهو قطاع خدماتي صرف ؛ هذا على الرغم من وجود خدمات في القطاع الخاص ، بل هي صائرة إلى نمو و توسع على حساب الإنتاج السلعي و إنتاج النفط ، و كذلك على حساب الخدمات في القطاع العام و الحكومي ــ هذا مع الأخذ بعين الإعتبار التدخلات الفعّالة في القطاع العام مقارنة بالقطاع الخاص ؛ و هو ما عبّرنا عنه بـ(( البيروقراطية المسخة )) [ بعض الباحثين و الكتّاب نحت مصطلحات مثل (( البدوقراطية )) و (( البتروقراطية )) و غير ذلك ؛ و كلها تشير في النهاية إلى مسخ البيروقراطية ، على الرغم من إختلاف معاني المنحوتات ] .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة مؤثرة تتهافت عليها شركات صناعة السيارات العالمية | عالم


.. عريس جزائري يثير الجدل على مواقع التواصل بعد إهداء زوجته -نج




.. أفوا هيرش لشبكتنا: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الج


.. مصدر لسكاي نيوز عربية: قبول اتفاق غزة -بات وشيكا-




.. قصف إسرائيلي استهدف ساحة بلدة ميس الجبل وبلدة عيترون جنوبي ل