الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصاد السياسي للشعوذة والتخريف في عصر السيسي

ناجح شاهين

2016 / 6 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الاقتصاد السياسي للشعوذة والتخريف في عصر السيسي
ناجح شاهين
تخبرنا قنوات كايرو ونايل المتعددة أن نقابة الروحانيين، نعم نقابة الروحانيين مهما بدا الأمر غريباً أو مضحكاً، تحذرنا من الوقوع فريسة النصابين والدجالين الذين يدعون ما لا يستطيعون. وفي المقابل هناك الشيخ التميمي المغربي الذي يستطيع أن "يجلب الحبيب في سبع دقائق، وأن يرد المطلقة، ويضمن الوظائف، وربح المسابقات، وجلب الرزق، وطرد الجن والعفاريت..الخ".
ربما يستغرب المواطن العربي من الخليج الى المحيط مما يحدث وقد بدا لمعظمنا أن تحركاً شعبياً علمانياً قد وقع ضد حكم الإخوان ومرسي المتكئ على الغيب والتسليم لمصلحة رؤية مختلفة تمثل فكر نخبة تؤمن بقيم العلم والوطن والأمة.
الصحيح أن المرء يصاب بدهشة حقيقية، إذ ما هي الفوارق بين مرسي والسيسي المتشابيهن اصلاً في الأسماء قبل الأفعال؟ مثلاً نعرف أن السياسة الخارجية لمصر لم تتغير كثيراً، باستثناء أن هوى مرسي كان قطرياً بينما هوى السيسي سعودي. بالطبع الفروق بين السعودية وقطر أهون من أن نذكرها. التحالف مع الولايات المتحدة وحتى "إسرائيل" ضد إيران وسورية وحزب الله كان وما زال قائماً. أما الاقتصاد المصري فإنه يمر بحالة انحدار متواصلة منذ انفتاح السادات في حدود 1975 وحتى اليوم.
يعسر علينا أن نجد فروقاً حقيقية بين التمثيل الإخواني للبرجوازية الكولونيالية في مصر وبين تمثيل السيسي للطبقة ذاتها أو لجناح آخر منها. ولكي نضع الأمر في صيغة مبسطة نقول إن الفرق هو بين من يروج للمتع الحلال مثل مرسي وبين ما يبيح المتع الحرام مثل السيسي.
البرجوازية المدينية في القاهرة أصيبت بالذعر من امتلاء الحيز الرسمي والإعلامي والعام بمظاهر الإسلام التركي، من قبيل الحجاب واللحى والجلابيب للنساء والرجال على السواء. ولذلك خرج الناس في القاهرة واستعانوا بالجيش الذي يمثل في واقع الحال أيديولوجية الجناح ذاته الذي قاده السادات ومبارك وقتاً طويلاً.
ليس هناك من حلول لمشاكل مصر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصحية...الخ بل لا يوجد طريقة لمواجهة احتمال الموت عطشاً بسبب مشروع اثيوبيا لتجفيف النيل. وقد ازدادت البطالة والفقر والبؤس والمرض والمشاكل الاجتماعية كماً ونوعاً. وليس هنالك من معين. ولذلك فلا بد من اللجوء إلى طلب المعونات التي تتجاوز الفعل البشري العادي. لا بد من اللجوء إلى الكرامات وأولياء الله. فهذا هو الرد الوحيد الذي يستطيعه السيسي على أكوام المشاكل التي لا تكفي أموال الرشوة السعودية لتزيل قشة منها. لكن لنلاحظ أن هذا بالطبع استثمار للبرجوازية المصرية الإعلامية التي تستغل الوسائل المعقولة وغير المعقولة لسرقة ما يوجد من نقود قليلة في جيوب البسطاء مع بيعهم الأوهام. فمن البدهي أن الشيوخ المشعوذين "المرخصين من النقابة" يتقاضون آلياً أثناء المكالمة الهاتفية المال الوفير لقاء رد الحبيب وشفاء المرضى وجلب الرزق.
وقد لاحظنا شكلاً آخر من نشاط الفضائيات المصرية السيسية القائم على الاحتيال وهو برامج المسابقات الوهمية التي تسأل المشاهد عن فرق واضح بين صورتين مثلاً صورة لعادل إمام بنظارة وأخرى بدون نظارة. ثم يبدأ المذيع الشاب في حث المواطنين من البلاد العربية كافة على الاتصال ليربحوا الجائزة. بالطبع يتم سلب الناس أموالهم أثناء المحاولات العبثية للاتصال. ومن المثير للغضب بالفعل تبجح المذيع الشاب بأن هناك إشاعات أن الاتصال صعب مع أنه سهل ...الخ بالطبع يتم هنا الاحتيال على المواطن البسيط بطريقة فجة ومباشرة. ولا بد أن يضاف إلى ذلك بيع الناس أوهام القوة الجنسية ومنتجاتها المقرة من قبل دائرة الدواء والغذاء الأمريكية ووزارة الصحة ....الخ .
إنه اقتصاد سياسي قائم لا على غياب الإنتاج فحسب، ولكنه قائم على أساس إقرار ضمني من النخبة القيادية بأنها غير قادرة على مواجهة المشاكل أو مساعدة الناس في حلها، وبالتالي نشر الخرافات مثلما كان يفعل أئمة اليمن في الزمن السحيق الذين كانوا يستعينون بالجان لحل مشاكل البلاد والعباد. وفي سياق عجز البرجوازية عن بيع أي شيء لتحقيق الربح، فإنها تلجأ إلى الاحتيال شبه المباشر عبر برامج المسابقات المشار إليها آنفاً.
ليس نظام البرجوازية التبعية المصرية نظاماً علمانياً، وإنما هو نظام ينشر الإباحية والفساد، والفكر التخريفي لأنه عاجز بنيوياً عن فعل أي شيء في المستوى الدنيوي الواقعي. ولا بد أن حزب الله وقناة المنار الموقوفة عن البث من قبل نايل سات أكثر علمانية بكثيييير، فهنا في المنار خطاب يتحرى الأسباب والوقائع ويحللها ويربطها مع سياقها الفعلي بغرض مواجهة الواقع السياسي والاقتصادي والعسكري بما يتطلبه من منطق وعلم. وفي نهاية التحليل العلمي المنطقي الصارم الذي يمارسه السيد حسن نصر وتمارسه "المنار" تأتي الاستعانة بالله وبالحسين. أما في مصر برجوازية السيسي العميلة للاستعمار العالمي والمتحالفة مع الكيان العبري والسعودية، فإن مهام الحرب والاقتصاد والسياسة إلى جانب جلب الحبيب والرزق وشفاء المرضى فتلقى على عاتق الشيخ المشعوذ بمباركة نقابة السيسي وسلمان وتميم بن حمد ومن لف لفهم، وذلك لا يجب ان يثير الدهشة لأنه لا يوجد في مصر مشفى أو مصنع أو عمل منتج أو عقل مفكر. إنها برجوازية عميلة باعت كل شيء وصولاً إلى الارتداد التام إلى ايديولوجية القرون الوسطى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجتمع اليهودي.. سلاح بيد -سوناك- لدعمه بالانتخابات البريطا


.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن




.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة


.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح




.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم