الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليقينيات وأصولها السته

عبد الله خلف

2016 / 6 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


■ اليقينيات:
هي الأمور التي تشتمل على (الاعتقاد الجازم المطابق للواقع)، الذي لا يحتمل النقيض أصلاً ولا يبتني على التقليد، وعليه ليس الجهل المركب (عدم العلم وعدم العلم بعدم العلم) ولا الظن ولا التقليد من اليقين.

■ أصول (اليقينيات - البديهيات): [أوليات، مشاهدات، تجريبيات، متواترات، حدسيات، فطريات].

وتفصيلها كالتالي:

• الأوليّات:
وهي قضايا يصدِّق بها العقل لذاتها أي بدون سبب خارج عن ذاتها.
مثال ذلك: (الوجود موجودٌ).

• المشاهدات:
وتسمى (المحسوسات)، وهي القضايا التي يحكم بها العقل بواسطة الحسّ، والحس على قسمين:
أ- ظاهر: وهو خمسة أنواع: (البصر والسمع والذوق والشم واللمس، وقضاياها تسمى حسِّيات.
مثالها: (الشمس مضيئة)، (هذه النار حارة)، (هذا الثمرة حلوة)، (هذه الوردة طيبة الرائحة).
ب- باطن: وقضاياه تسمى (وجدانيات).
مثال: (أنا أخاف)، (أنا أفكر، أتألم، أجوع).

• التجريبيات:
أو (المجربات)، وهي القضايا التي يحكم بها العقل بواسطة تكرر المشاهدة بالإحساس.
مثال: (كل نار حارة)، (الجسم يتمدد بالحرارة).
ولا يخفى أنَّ مثل هذه القضايا تعتمد على مبدأ العليَّة الراسخة في ذهن الإنسان التي تشكل كبرى القياس الخفيّ.

• المتواترات:
وهي قضايا تسكن إليها النفس سكوناً يزول معه الشك ويحصل الجزم القاطع، وذلك بواسطة إخبار جماعة (يمتنع تواطؤهم على الكذب ويمتنع اتفاق خطأهم في فهم الحادثة).
مثال: (العلم بوجود البلدان النائية التي لم نشاهدها)، (والعلم بنزول القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم)، (والعلم بوجود بعض الأمم السابقة أو الأشخاص).

وهنا تعريف أشمل؛ مع مثاله:
التواتر: هو رواية جماعة غير محددة، حاضرة وشاهدة لحصول حدث بصورة واعية، إلى جماعة أخرى لاحقة، يستحيل عقلاً تواطؤهم على الكذب، مع إفادة الخبر الصدق عند السامع قطعاً من خلال مفاهيم كلية، ومعطيات واقعية.
من خلال التعريف؛ نلاحظ؛ أن التواتر يتعلق بمسألة حضور جماعة للحدث بصورة واعية، ومن ثم القيام بروايته لأخرى، أي يتعلق بفعل المشاهدة، أو السماع، بمعنى آخر؛ يتعلق بتفاعل الجماعة الأولى مع حصول الحدث؛ من خلال وقوع حواسهم، أو أحدها عليه بصورة مباشرة، ينتج عن ذلك عملية الفهم، أو الفقه للحدث؛ بواسطة عملية التعقل له، مثل وقوع أحداث الكوارث الطبيعية، من بركان أو زلزال أو فيضان ..الخ، أو أحداث متعلقة بالمجتمع الإنساني، مثل؛ الحروب، أو بناء الدول أو عمرانها، فرواية هذه الأمور إلى المجتمعات اللاحقة، لا تحتاج إلى عملية تفكير، ودراسة، وإنما هي بمثابة جعل المجتمع اللاحق يتفاعل مع الأحداث من خلال حواس المجتمع الأول، من باب أنه ليس من الضرورة أن أحرق يدي، لأعرف أن النار تحرق، فقد حَرَقت يد غيري.

وهنا مثال؛ من باب تثبيت المعلومة أكثر:
(أينشتاين عبقري)، هنا حكمنا على (أينشتاين) بالعبقرية.
فهل (أينشتاين) عبقري أم لا؟
أنا وأنت لسنا علماء (فيزياء)؛ لكننا نقول ونثبت ونحكم أن (أينشتاين عبقري)، لماذا نحكم بهذا؟ ما دليلنا على أنه فعلا عبقري؟ فقط لانه وقع أخبارنا بهذا ووجدنا جميع الناس تحكم بهذا بحيث لم يعارض ذلك أحد، وبحيث إذا شككنا في صدق كون (أينشتاين عبقرياً) لأصبحنا محل سخرية من الجميع.
كل الناس تجزم جزماً قاطعاً بأن (أينشتاين عبقري) دون أن يكون لاغلبهم معرفة ب(أينشتاين)، ولا بما فعله؛ ليجزموا بعبقريته فالجزم بعبقريته متواتر.
حسناً، كيف (تولد) هذا الجزم؟
أول من حكم جازماً على أن (أينشتاين عبقري)؛ هم المتخصصون الذين وقفوا على ما دفعهم للجزم القاطع بأن (أينشتاين عبقري).
هؤلاء (المتخصصون) أخبروا غيرهم بأن (أينشتاين عبقري)، هؤلاء (الغير) حصل عند كل منهم معرفة أو إدراك (مقبولي)، أي من المقبولات، لأن من أخبرهم (ثقة)، وهو (ظني)، لكن، إتفاق (الثقات) يفيد القطع بالنسبة لمن تلقى عنهم، لأنه لا سبيل للتشكيك إلا بأحد أمرين:
- إما بأن تتهمهم جميعا بالكذب، وهنا تضع نفسك في مأزق؛ ويجاب عليك به [أنت لست من اهل (الفيزياء)؛ فلست قادراً على الحكم على (أينشتاين)].
- أو بأن تتعلم (الفيزياء)؛ حتى تصل الى درحة تحكم فيها أنت بنفسك على أن (أينشتاين عبقري) أم لا.
هذا حال الطبقة الأولى من المخبرين على ان (أينشتاين عبقري)، ثم تقوم هذه الطبقة الأولى بنقل ذلك الخبر الى طبقة ثانية، بعدها يتكاثر عدد المخبرين فيها طبقة بعد طبقة، فيتولد أو ينشأ التواتر، الذي هنا يفيد القطع واليقين؛ بأن (أينشتاين عبقري) حقاً، فتجد نفسك مضطراً اضطراراً الى القطع والجزم بأن (أينشتاين عبقري).
وقِس على ذلك في جميع المعارف البشرية.

* ملاحظة مهمه جداً: لا يلزم للتواتر أن تبحث في صحة أسانيده سنداً، سنداً، لأن التواتر يعضده سنداً واحداً صحيحاً، وينقله من الصحة إلى اليقين، وسنضع مثالين:
أ- القرآن الكريم ونبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- ثابته بالتواتر المدعوم بالأسانيد الكثيرة الصحيحة، وليس سند واحد، بل آلاف الأسانيد.
ب- كل ما تواتر عند أهل الكتاب، لم يثبت له سندٌ أصلًا، أي أنه لم يصح ومقطوع سنده، فلا قيمة للتواتر هنا.
😎☺️😏

• الحدسيات:
وهي قضايا مبدأ الحكم بها حدسٌ من النفس قوي جدّاً يزول معه الشك ويذعن الذهن بمضمونها.
مثال: (حكمنا بأن القمر والزهرة وعطارد وسائر الكواكب السيارة مستمد نورها من نور الشمس).

• الفطريات:
وهي القضايا التي قياساتها معها فلا تحتاج إلى طلب وفكر بل بمجرد تصور المطلوب يحصل التصديق.
مثال: (حكمنا بأن الاثنين خمس العشرة) فهذا وإن كان يحتاج إلى قياس ولكنه حاضر في الذهن لا يحتاج إلى كسب ونظر.




تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيضانات عارمة تتسبب بفوضى كبيرة في جنوب ألمانيا


.. سرايا القدس: أبرز العمليات العسكرية التي نفذت خلال توغل قوات




.. ارتقاء زوجين وطفلهما من عائلة النبيه في غارة إسرائيلية على ش


.. اندلاع مواجهات بين أهالي قرية مادما ومستوطنين جنوبي نابلس




.. مراسل الجزيرة أنس الشريف يرصد جانبا من الدمار في شمال غزة