الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


................كلام في العلمانية ...........

احمد الطالبي

2016 / 6 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


. ...................بعض كلام في العلمانية...................
عندما تأخذك الصدفة إلى عوالم الغرب ، عوالم الحرية و الإختلاف ، تستوقفك اشياء ذاة دلالة كبيرة بل عظيمة ، من قبيل تعايش مختلف أجناس البشر من ثقافات مختلفة و متعددة و من ديانات مختلفة ، سماوية و أرضية ، فتجد المساجد و الكنائس و البيع منتشرة هنا و هناك ، وتجد إعلاما متعددا مختلفا يمنح الحق للجميع في إبداء الرأي ، كما ستجد الكثير من المضطهدين في بلدانهم الإسلامية يتمتعون باللجوء الآمن لدى حكومات علمانية مؤمنة بحقوق الإنسان تجدهم هناك يصولون و يجولون و يقولون ما يرديون دون خوف ، ينتقدون بلدان اللجوء أكثر مما ينتقدون الدول التي اضطهدتهم في نفاق مفضوح ، تجد قضاء مستقلا يحتكم إليه المسلم و اليهودي و المسيحي و البودي و الزرادشتي و الملحد و اللاديني فيفصل بينهم و يأخذ كل ذي حق حقه في أمور الدنيا و الآخرة متروكة لله جل و علا ليفصل بينهم يوم القيامة ، حثما سيصيبك الدوار ، و تتساءل للثو : هل هذا هو غرب صكوك الغفران و طغيان الكنيسة ، هل هذا غرب اقتتال الكاثوليك و البروتستانت ؟ ما الذي جرى حتى تغير كل شيء وحصل هذا الإنسجام الرائع بين بني بشر من خلفيات فكرية ثقافية دينية متعددة فتحولت طاقة الحروب و التطاحن إلى ملكة و طاقة للإنتاج و الإبداع و السير بالحضارة إلى الأمام .....؟
عندما يرهقك السؤال بعد أن تفترض احتمالات كثيرة للإجابة تكتشف غباءك بعدما يوضح لك أحد من العارفين بخبايا الأمور بأن سر كل ذلك يكمن في كلمة واحدة لا غير هي : العلمانية ..
تتساءل من جديد : هل العلمانية دين و معتقد جديد ؟ يجبونك للثو : لا ..
وهل هي ضد الدين و الإيمان ؟ يجيبك الواقع : لا بل هي حماية للدين و المعتقد من الشطط و التوظيف المفرط له في تكريس الإستبداد ..
تتساءل هل هي كفر ؟ تقولك المساجد و الكنائس و البيع : لا العلمانية ليست كفرا ولو كانت كذلك ما سمح لنا أهلها بالتواجد في عقر ديارهم نتعبد و نمارس كل شعائرنا بحرية في إطار القانون وتحت ضمانة المواثيق الدولية ذاة الصلة بحقوق الإنسان في شموليتها و في إطار حق حرية المعتقد المكفول بالقانون و الدساتير .. ...
يأخذك الفضول لتسبر أكثر سر هذه الكلمة الساحرة التي صنعت المعجزات ودفعت البلدان الغربية إلى الأمام أشواطا و أشواطا .فتجد نفسك مجبرا على التوقف لحظة عند عصر النهضة ، عصر الشك و العقل و السؤال ، تقف عند ديكارت و سبينوزا و غاليلو و نيوتن ، تقف عند لوحة الجوكاندا بغموضها الآسر ، فتتساءل مجددا ما هذا الذي جرى ، يجيبك التاريخ ، لم يجر شيء سوى أن الإنسان قرر فجأة وبعد معناة كبيرة مساءلة يقينياته ليكتشف بعد ذلك شيئا إسمه حرية الفكر و الإبداع فخرجت أروبا من برادبكم الظلام إلى براديكم النور خرجت من براديكم المطلق إلى براديكم النسبية الذي اسست له الثورة الكوبيرنيكية و الذي عمقته نظرة إنشتيان في مقولة المجال الجادبي الذي اضحت معه الحقيقة العلمية حقيقة احتمالية قابلة للدحض فكيف بمقولات الميتافزيقا التي ليست سوى فروضا عقلية .. ..
هنا يحاصرك سؤال جديد : وكيف تسنى لها أن تنجب رجالا مثل ديكارت وسبينوزا و كانت وهيغل وماركس و غيرهم ؟ فتستحضر للثو أن الحضارة الإنسانية حضارة تفاعلية ، فكرة هنا و هناك ، فكرة من الماضي و فكرة من الحاضر فكرة من الصديق و فكرة من العدو .. هكذا يكتمل المشروع شيئا فشيئا ..
فتتساءل من جديد ، وهل لنا نحن كمسلمين نصيب في المساهمة تلك ؟ ينصفك التاريخ ويقول نعم لكم نصيب في ذلك عبر مفكركم الإسلامي العقلاني إبن رشد الذي ألهم رجال الإصلاح الديني من أمثال مارتن لوتر و كالفان و طوما الإكويني ، عبر ما تمت ترجمته من أعماله تحت عنوان الرشدية اللاثينية ..
تتساءل من جديد ، من يكون ابن رشد هذا ؟ يجبك التاريخ أنه ابن دراك ومن جلدتك وعقيدتك عاش في قرطبة و تشبع بأفكار أرسطو و كان من شراحه ، واستوعب إرث المعتزلة العقلانيين كما فحص و محص فلسفة الكندي و الفرابي و ابن سينا ، وخاض حربا ضروسا ضد ثيار الأشعرية اللا عقلاني ممثلا في الغزالي صاحب الإمتداد الإشراقي الغنوصي ..
تصيبك الحيرة و تتساءل من جديد : وما الدي حال دون الإستفادة من كل هذا الإرث ؟
يصفعك التاريخ : لم يمنعك أحد سوى استبداد أهلك و حكامك المحاطين بوعاظ الإستبداد ..
لم يمنعك غير أنظمة حكم فاسدة أقحمت الدين في اليساسة فأفسدتهما معا .
لم يمنعك غير أنظمة حكم لا شرعية لها في الأرض فهربت تبحث عنها في السماء .
لم يمنعك غير أحزاب ظلامية أخرجت الدين من المساجد و أدخلته إلى مقراتها و احتكرته وجعلته سيفا على رقاب العباد بهدف تكريس الإستبداد باسم الله و الله بريء مما يدعون ويصنعون ..
يقفز إلى دهنك سؤال جديد و ما العمل ؟
الجواب من عندك ، فكن جريئا على استعمال عقلك كما يقول كانط ، ساعتها ستكتشف الأنوار ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج