الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدور البطاقة الشخصية الجديدة في الأردن

جهاد علاونه

2016 / 6 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اليوم بدأ ميلاد الدولة الأردنية العلمانية الحديثة دولة القانون والمؤسسات..مبروووووك.وبالرغم من أنني ابن (عشاير وحمايل) وعشيرتي هي من أقوى العشائر في المملكة الأردنية الهاشمية وأكبرها عددا وعُدةً, إلا أنني أمقت النظام القبلي والعشائري( العائلة الممتدة) في الأردن وحلمت طوال أكثر من ربع قرن ويزيد على ذلك بأن يأتي اليوم الذي نتخلص به من ذكر نوع القبيلة على بطاقة الأحوال المدنية الأردنية وأيضا التخلص من نوع الديانة, وقد تحقق هذا الحلم اليوم إذ أصدرت دائرة الأحوال المدنية والجوازات الأردنية بطاقة شخصية في الأردن خالية من اسم القبيلة والديانة, أتوجه بالشكر إلى جلالة الملك عبد الله على ثقته السامية بضرورة تعزيز دولة القانون والمؤسسات المدنية العلمانية الحديثة واشكر معالي رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات الدكتور ( خالد الكلالدة,وصفي الثاني) ولرئيس الحكومة ( هاني المُلقي) وأشكر وزير الداخلية على جهودهم وجرأتهم بهذا الطرح.
النظام القبلي العشائري في الأردن تسبب لنا بالأذى والأذية الكبير والكثير وزاد من نسبة معدل ارتفاع الجريمة في الأردن وزاد من نسبة العنف الجامعي في الجامعات, حيث الطلاب في الأردن لأي مشكلة ولأي سبب يتجمعون بالعشرات على اسم القبيلة ويبادرون بصناعة العنف الجامعي, بل ويعتبر الأردنيون أن القبيلة والعشيرة أقوى من الديانة نفسها, فالأردنيون ينصرون بعضهم على نوع القبيلة والعشيرة أكثر من الديانة, فكم من أعمال العنف التي حدثت بقريتي بسبب التعصب للدم وللقبيلة فآذوا الناس بعضهم وأحرقوا بيوت بعضهم بسبب القوانين العشائرية الخاصة ( بالجلوة والعطوة والدخلة والصُلحه) رغم أنهم ينتمون إلى نفس الديانة وهي الإسلام ويصلون مع بعضهم في نفس المسجد وبعد خروجهم من المسجد يتنابذون بالألقاب ويؤذون بعضهم لمجرد أن فلان من هذه القبيلة والخصم من قبيلة أضعف منهم, وكم أحرق أقربائي كثيرا من البيوت لخصومهم وهم يصلون معهم في المسجد بنفس الصف ويقرؤون نفس الكِتاب ويتبعون نفس النبي, ولكن حين تصل الأمور إلى القبيلة تتغير الأنفس وتتغير الديانة فيصبح كل واحد منا قبيلته هي دينه, وهذا ما يُسمة بعبادة ( الطوطم), إن النظام العشائري هو نظام ديانة الطوطم حيث الجَدْ هو الديانة, فهذه دينه ( العلاونه) وذاك دينه ( ملحم) وذاك دينه ( قيس) وهلما جرا من أسماء الأسلاف الذين ننتمي إليهم, وهذا خطر فادح على المجتمع.
ثانيا الديانة: لقد تخلصنا من ذكر الديانة من على البطاقة الشخصية فهذه دينه الإسلام وذاك دينه المسيحية, وهذا خطأ, فادح, فنحن اليوم نعيش وسط عالم متحضر, لا يوجد فيه ديانة ولا قبيلة بل يوجد فيه ( المواطنة الصالحة) فالمواطن الصالح من الممكن أن يكون مسلما ومن الممكن أن يكون مسيحيا, والفاسد كذلك الأمر, نحن في دولة القانون والمؤسسات لا يوجد فيها لا ديانة ولا قبيلة على البطاقة الشخصية, كذلك كان للديانة والقبيلة الأثر السلبي على نظام مؤسسة ديوان الخدمة المدنية, فهنالك تحيزات من قِبل المسئولين في الديوان لأسم القبيلة والعشيرة والفخذ والديانة.
حتى المتعصبون للقبيلة وللديانة لم ينفعهم هذا التعصب في أغلب الأحيان لأن النظام الاقتصادي الحديث قضا كليا على القبيلة, كانت الناس أيام زمان تعيش وفق نظام التكافل الاجتماعي ويشتغلون مع بعضهم بسبب الحاجة الماسة لليد العاملة قبل دخول الآلة العصرية التقنية الحديثة إلى الأراضي الزراعية, كانت الناس تحتاج بعضها من أجل الحاجة لليد العاملة في الحرث والحصاد لذلك تكاتفوا الناس مع بعضهم وعاشوا في وسط ( مشاعات قروية قديمة) وكان النظام الاقتصادي يعتمد على الحظ والصدفة بسبب قلة الأمطار وسوء المناخات البيئية, وكانت علاقات الناس اجتماعيا قوية بسبب ازدهار البطالة طوال السنة فكانت عدد أيام العمل عند الفلاحين طوال مواسم الزراعة والحصاد كلها تقريبا 70 يوما وباقي أيام السنة بدون عمل لذلك كانوا يتسامرون مع بعضهم ويتزاورون كثيرا وهذه الأمور كانت تؤدي إلى تقوية النظام القبلي العشائري, أما اليوم فالموضوع مختلف تماما, الآلة هي التي تحرث وليس الأقارب, الآلة هي التي تحصد وليس الأقارب, الدولة توفر الوظائف للناس وليس الأقارب, كبار السن يعتمدون على رواتب التقاعد وليس على ما تهبه أفراد القبيلة للعاجزين, لذلك ضعف النظام القبلي وأصبح غير مجدٍ ولاحظنا في السنوات الخمسين الأخيرة ضعفا عاما في العادات والتقاليد حيث تخلى الأخ عن أخيه وابن العم عن ابن عمه وابن الخال عن ابن خاله حتى الآباء في أقسى الظروف لاحظنا تخليهم عن اخوانهم وكل ذلك بسبب غياب المصالح المشتركة بين أفراد العائلة ( النواتية) وغياب المصلحة بين أفراد العائلة ( الممتدة) والعائلة النواتية هي الأسرة والعائلة الممتدة هي القبيلة, لقد تمزقت وتشرخت العلاقات بين أفراد العائلات الممتدة وهي القبائل والعشائر بسبب غياب العوامل الاقتصادية المشتركة, فبدل العمل في الأرض تحولت الناس للعمل في الشركات والمؤسسات والمصانع, وأصبح الحرث والحصاد من خلال استئجار الآلة الزراعية بالنقود, لقد دخلت العملة النقدية بين الناس أيضا وحلت محل اللحمة القبلية, فأصبحت لغة المال تتكلم, وتحول الناس من نظام اقتصادي زراعي ورعوي يعتمد على الفزعة واللمة والتعصب للقبيلة إلى نظام اقتصاد السوق الحديث والمنافسة والاعتماد على الشهادات العلمية والخبرات, وصار أبناء الحراثين زعماء ورؤساء ومدراء بفضل التعليم وأبناء العشائر والشيوخ ( السيناتورات) الموظفون خاضعون تحت سيطرة أبناء الحراثين المتعلمين, اليوم العلم والمعرفة والشهادة العلمية هي التي تحدد مركزك الاجتماعي وليست القبيلة والعشيرة, فأنت لا تستطيع أن تدخل الجامعة لتلقي محاضرة علمية لأنك من القبيلة الفلانية أو لأن أباك هو شيخ القبيلة أو لأن جدك كان مختارا في القبيلة, لقد أصبحت اليوم تحاضر في الجامعات بفضل شهاداتك العلمية وخبراتك العملية في مجال البحث العلمي المحكم.
والدين لله والوطن للجميع وخبراتك العلمية وشهاداتك هي التي تحدد مركزك الوظيفي والاجتماعي وأسم القبيلة والعشيرة اليوم لا يُحدد مركزك الاجتماعي فقط لأنك من القبيلة الفلانية, وكذلك مدى ما تحققه من انجازات اقتصادية وترفع مستوى دخلك السنوي والشهري وهذا يعتمد على العمل والاجتهاد وليس لأنك من الديانة المسيحية أو الديانة الإسلامية.

تحية حب وإكبار وإجلال لجلالة الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية على دعمه وثقته بدولة القانون والمؤسسات, وعلى تطويره للأردنيين المنحدرين من شتى الأصول والمنابت, فنحن الأردنيون فينا المسلم والمسيحي والشمالي والجنوبي والفلسطيني والشركسي والشيشاني والشامي والعراقي والسوري, وكلنا يجب أن نعيش في دولة القانون والمؤسسات وليس في دولة العشائرية والقبلية القديمة.
وداعا للقبلية وأهلا وسهلا بالدولة الأردنية الحديثة الدولة العلمانية دولة القانون والمؤسسات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - امنيه
على سالم ( 2016 / 6 / 30 - 04:26 )
اتمنى من التيوس المتحجرى العقول الذين يحكموا مصر ان يحذوا حذوكم وان يلغوا خانه الديانه من البطاقه الشخصيه التعيسه


2 - الاخ جهاد
الرصافي ( 2016 / 7 / 2 - 23:38 )
واقترح عليك وعلى ضوء مقالتك الجميلة والهادفة ان تبادر مثل عاهلكم بان تشطب اللقب من الاسم وتذكر اسم الوالد والجد بدل اللقب او اسم العشيرة واود ان اذكر حضرتك بان صدام حسين اصدر في اواسط السبعينات قرارا بتوقيع الرئيس البكر منع بموجبه استخدام الالقاب العائلية والعشائرية لمسؤلي وموظفي الدولة ( وان كان ذلك القرار لاسباب خاصة )فتحول( صدام حسين الناصري او التكريتي الى صدام حسين المجيد وعزة الدوري الى عزة ابراهيم ) وهكذا .. مع التحية والتمنيات الطيبة .

اخر الافلام

.. عواطف الأسدي: رجال الدين مرتبطون بالنظام ويستفيدون منه


.. المسلمون في النرويج يؤدون صلاة عيد الأضحى المبارك




.. هل الأديان والأساطير موجودة في داخلنا قبل ظهورها في الواقع ؟


.. الأب الروحي لـAI جيفري هنتون يحذر: الذكاء الاصطناعي سيتغلب ع




.. استهداف المقاومة الإسلامية بمسيّرة موقع بياض بليدا التابع لل