الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس الاسلام دينا ولا دولة

جوزف قزي

2016 / 6 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قالوا : الإسلام دين ودولة، بمعنى أنّ الإسلام يهتمّ بأمور الإنسان وشؤونه كافّة، الروحية والثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمادّية كلّها. هذا هو إيمان المسلمين جميعاً، وهو أيضاً قول بعض غير المسلمين. أمّا الحقيقة فهي أنّ الإسلام ليس ديناً ولا دولة.
وإليكم البرهان:
1.الإسلام ليس ديناً، لأنّه ليس من شأن الله أن يصنع أدياناً عديدة ومختلفة بعضها عن بعض ، ولا أن يكتب كتباً ويسنّ شرائع، ولا أن يبعث أنبياء ورسلاً، ولا أن يختار شعباً ويرذل آخرين، ولا أن يميّز إنساناً عن إنسان، ولا أن يعطي ديناً لهذا الإنسان وديناً آخر لإنسان آخر، ولا أن يقيّد حرية إنسان ويطلق آخرين أحراراً. الله بريء من كلّ هذه...
2.والأديان كلّها، إن كان ثمّة أديان، هي من صنع الإنسان لا من صنع الله، لأنّ اختلافها فيما بينها لا يمكن أن يكون من مصدر إلهيّ. وهي مختلفة حقّاً، بل تتناقض فيما بينها، وتتقاتل على ما شهدنا في تاريخ البشريّة من حروب وشرور، منذ البدء حتى اليوم وإلى الأبد.
3. ولا يمكن لله الكلّي الصلاح والخير والمحبّة أن يريد اختلافا ً أو عداوةً بين أبنائه، فيرسل لهؤلاء ديناً ولأولئك ديناً آخر ضدّه، فيجعل الناس مختلفين متخاصمين متناحرين متقاتلين بعضهم مع بعض، كما هم عليه الآن وفي كلّ آن، وإلى الأبد، متعادين بسببه ومن أجله، مدافعين عنه بالحروب والغزوات والتعاليم المختلفة، بل المضادّة. هذا ما ينفي عن الله كلّ خيريّة.
4. وليس صحيحاً أيضاً أنّ الله كتب كتباً وأرسل فيها شرائع وأحكاماً، من الأزل وتستمرّ إلى الأبد، شرائع وعقائد ثابتة لا تتغيّر ولا تتبدّل، جمّدت البشر حيث هم من دون اعتبار تطوّرهم وتقدّمهم ورقيّهم، ومن دون أخذ حرّية الإنسان في اختيار نظام حياته وسلوكه بعين الاعتبار.
5. ولا يمكن أن يكون كتابٌ من القرون الخالية، ويستمرّ دستوراً صالحاً لجميع القرون والعصور، ولجميع الأمم والشعوب في أنحاء الأرض وأقاصيها. وهذا ما يخالف حقّاً كرامة الإنسان وحرّيّته وتطوّره، فيما الله شاء الإنسانَ حرّاً وأن يبقى حرّاً وأن يسعى بحرّيّته إلى ما يريد، خيراً كان أم شرّاً. ولا شيء يمكن أن ينزع منه حرّيّته هذه، لئلا يبطل أن يكون الله إلهاً والإنسان إنساناً.
6. القول بأنّ الشريعة القرآنيّة صالحة لكلّ الأمم والقرون هو في الحقيقة قول يطعن في الله نفسه، في رحمته ومحبّته لأجيال البشريّة المتلاحقة والمتطوّرة كلّها. إنّه قول يناقض الإيمان بكبر الله وعزّته وغناه. وينقض شعار الإسلام الأعظم: "الله أكبر". فكيف يكون الله أكبر فيما الإنسان، الذي يترقّى ويتطوّر يبدو أكثر كِبَراً، بل هو ال"أكبر".
7. فالقرآن جمّد الله، وجمّد الإنسان؛ بل قضى على الله وعلى الإنسان معاً؛ وأيضاً على كلّ إمكانيّة تطوّر وتقدّم في الخليقة كلّها. والبرهان الساطع نجده في ما المسلمون عليه من تخلّف في كلّ شيء، وفي كلّ زمان ومكان، بالرغم من وفرة الأموال بين أيديهم وغناهم الفاحش، مع ادّعائهم الفارغ بأنّهم "خير أمّة أخرجت للناس"، بحسب قول القرآن.
8. لقد أبدع الإسلام في إقناع المسلمين على اعتناقهم له، فوعدهم بما لا يدركه أيّ عاقل، وعدهم بجنّات وحوريّات وغلمان، وبأنهارٍ من لبن وعسل مصفّى، وبخمور معتّقة لذّة للشاربين. ومهما قال مفسّرو القرآن في تفسير ذلك وشرحه فإنّ إيمان المسلمين هو هو ثابت لا يتزعزع ولا يتغيّر. فالحوريّات متأهّبة ومستعدّة وكذلك الغلمان؛ والطريق إلى ذلك معروفة وأكيدة وسالكة. فلكأنّ الإسلام مبنيّ على اثنين: على النكاح هنا في هذه الدنيا وهناك في الحياة الثانية، وعلى الجهاد في سبيل الحصول على عدد وافر من الحوريّات والغلمان وجنّات النعيم .
هذه التعاليم موجودة في القرآن الكريم بوضوح لا تقبل التأويل ولا التفسير ولا الاجتهاد. وقد تزعج هذه الصراحة خاطر الكثيرين؛ ولكن عليهم هم أن يتداركوا هذه الحال، ويجدوا لها الحلّ الإنسانيّ المناسب.
إنّ العلاقة الصحيحة بين الله والإنسان لا يمكن أن تقوم على ما يقوم عليه الإسلام، أي على النكاح والجهاد. هذا المفهوم السيّء لله وللإنسان فرض على المسلمين خلُقاً غير سويّ.
إنّ المسيحيّة، بالمقابل، لا تقوم إلاّ على توفير الخلاص الشامل لجميع البشر في كلّ العالم. أمّا ما يعود إلى تدبير حياة الإنسان وسلوكه فمنوط بالكنيسة التي أوجدها المسيح لتكمّل عمله الخلاصيّ في تنظيم حياة الإنسان وتقويم سلوكه. الكنيسة هي التي تسهر على شؤونه. لهذا نقول إنّ المسيحيّة تقوم على تعاليم الكنيسة لا على تعاليم الدين، أو على تشريعات سماويّة. فالمسيح أسّس كنيسة لا ديناً.
هذا هو الاختلاف الكبير بين الإسلام والمسيحيّة. ولهذا نقول : إنّ المسيحيّة هي هي "دين ودولة" لا الإسلام الذي لا يواكب تطوّر العالم والعلم. المسيحيّة دين بمعنى أنّها تهتمّ بأمور الإنسان الروحية. وهي أيضاً دولة بمعنى أنّها تواكب تطوّر العالم والعلم ورقيَّه.
الإسلام ليس دولة، كما تقول المفكرة سناء بدري في مقال لها في موقع "الحوار المتمدّن"، لأنّه "لا يقدّم حلولا اقتصاديه او سياسيه او علميه للدول؛ وهو لا يجيب على اسئلة التطور والحداثه والابداع والعلم. لا يقدم شيئاً للطب والزراعه والتجاره والصناعه .
على جميع المسلمين ان يُخرِجوا من عقولهم فكرة انّ الاسلام يجيب على كل اسئلة القضايا الكونيه.
القرأن... ليس به اعجازا علميا او طبيا (كذا)، ولا يملك اجوبة اقتصاديه وسياسيه او او او او او...
من هنا على المسلمين ان يعلموا ويدركوا ان اختفاء الاسلام، او المسيحيه او اليهوديه او اي معتقد اخر من على وجه البسيطه، هذا لا يعني اختفاء البشريه.
غياب او وجود الاديان لا تحدد صيرورة الوجود ودوران عجلة دورة الحياه على الارض."
"الإسلام ليس دين ودولة"، (الحوار المتمدّن، 14-4-2016
التمييز بين الإسلام السياسي والإسلام كدولة يجب أن يكون واضحاً: السياسة قد تكون عمل كلّ إنسان، متديّناً كان أم ملحداً، يهوديّاً كان أم مسيحيّاً أم مسلماً. فالسياسة بمعناها الحقيقي تعني تدبير حياة البشر وتنظيمها. أمّا الدولة فهي تنظيم محدّد لمجتمع معيّن. وهذا ليس من شأن الإسلام ولا المسيحية في أن يتولّى كلّ منهما شؤون الإنسان الروحية وكيفية علاقته بالله.
ولهذا أخالف الكاتبة في رفضها للإسلام السياسي في قولها:
"علينا جميعا رفض الاحزاب الاسلاميه السياسيه لانها تشكل خطراً على الدول والمجتمعات، والتي نشدد ان عليها ان تفصل بين الدين والسياسه.
اذا اراد المسلمون التطور والحداثه والاستمرار في الحياه والعيش المشترك بين جميع الاعراق والمعتقدات على هذه القريه الكونيه، عليهم رفض كل اشكال الاسلام السياسي لانه هو نواة الارهاب. ومن يدّعي غير ذلك فهو مخطئ.
ان الاسلام السياسي والارهاب المتأسلم يلتقيان على نفس الهدف الا وهو الدوله الاسلاميه. والاختلاف هو في اساليب العمل .
الاسلام السياسي يحاول البدء بالدعوه ومن ثم الجهاد، وعند الفشل يتحول الى الارهاب، لان النهايه الحتميه لكل اشكال الاسلام السياسي هو اسلمة المجتمعات واقامة دولة الخلافه او الدوله الاسلاميه".
أمّا أنا فأقول إنه يحق للمسلم، كما لليهوديّ والمسيحيّ، كما لكل متديّن، أن يمارس السياسة، وأن يكرز ويدعو إلى مبادئه وتعاليمه؛ ولكن طبعاً ليس بالجهاد والعنف والإرهاب، كما يحصل الآن مع داعش والقاعدة والنصرة والإخوان المسلمين، وغيرهم.
لكل إنسان حقّ الدعوة إلى مذهبه وعقيدته... فكما يجوز للأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها ممارسة السياسية للوصول إلى أهدافها، يحق أيضاً لما يسمّى "الطوائف الدينية" أن تدعو إلى أنظمتها وأهدافها. ولكن في الوقت ذاته، عليها أن تحترم حرّيّة جميع الطوائف الدينيّة وسائر الأحزاب السياسية...
فالديموقراطية لا تمارسها الأحزاب السياسية فحسب، بل يجب أن تكون أسلوب عمل الجميع. فصاحب العقيدة الدينية كصاحب العقيدة السياسية يحق له أن يمدّ يده لبناء المجتمع الذي يعيش فيه....
في الختام، على القانونيين أن لا يعملوا، كالسياسيين الأغبياء، على إلغاء الطائفية، بل على التشريع لها وتنظيمها؛ ولا أن يُخرسوا رجال الدين، الذين يحقّ لهم كما يحق لغيرهم العمل على بناء مجتمعهم ووطنهم، ولكن ضمن حدود يضعها لهم القانونيّون، لا السياسيّون الفاشلون المغمورون بشرورهم الوطنية.
إن لم يكن الإسلام لا ديناً ولا دولة فما هو إذاً؟
أوّلاً - يجب أن نبرّئ الله من كلّ دين صنعه، ومن كلّ كتاب كتبه، ومن كلّ تمييز بين البشر أبنائه، ومن كلّ شعب اتُّهم باختياره، ومن كلّ شعب اتُّهم برذله، ومن كلّ اختيار لأيّ إنسان وتمييزه عن سائر الناس...
ثانياً – الإسلام، إذاً، ليس ديناً يَعرف عن الله أكثر أو أقلّ من الآخرين. فهو ليس إلاّ حركة إجتماعيّة إنقلابيّة قام بها محمّد وصحبه رأفة بفقراء مكّة ومرذولي قريش. لهذا اضطهده أغنياء قومه، وهجّروا أتباعه أوّلاً وثانياً إلى الحبشة، ثمّ إلى يثرب حيث غزا القبائل واستولى على أرزاقهم وأموالهم، وسبى نساءهم وذبح رجالهم.
ثالثاً – ودعم محمّد تصرّفه هذا بتعاليم قيل إنها من السماء، مستلهماً تعاليم الشيعة الإبيونيّة النصرانية... حتى اعتبره أصحابه متكلماً باسم الله، أي نبيّاً كأنبياء التوراة، ورسولاً بعثه الله ليهدي العرب والقبائل البدوية إلى الإيمان بوحدانية الله.
فالإسلام، بالحقيقة، وفي الختام، ليس هو إلاّ حركة إجتماعيّة ثوريّة في مكة والمدينة. ابتدأت باللين ثم أصبحت جهادية بالسيف والغزوات... ثمّ توسّعت وتمدّدت في أنحاء الجزيرة العربية وخارجها. كلّ ذلك بفضل الفقر والجوع والحرمان الذي عاشه بدو الجزيرة، وأيضاً بفضل محمّد وتعاليمه الدينية المستوحاة من النصرانية (أي اليهودية والمسيحية).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ! إستحوا يا بشر
أمازيغي تونسي ( 2016 / 6 / 30 - 17:38 )
الإسلام والمسيحية ليسا لاأديانا ولا دولا ولا سياسات بل مجرد إيدولوجيات إجرامية إستعمارية لم تجني منهما البشرية إلا الجهل والتخلف والدمار ، إستحي وكفاكم دجلا وتلفيقا على قطعان المغيبين الذي يصدقون أكاذيبكم ! المسيحية والإسلام أشبهما لك بعصابة تجار مخدرات وعصابة تجار سلاح ! الإثنان ذاهبان إلى مزبلة التاريخ لا محالة : المستقبل للعلم وللمنطق وكل خرافاتكم ونفاقكم ودجلكم وخصوصا أنتم المسيحيون مصيره المتاحف ليس متاحف الآثار المحققة بل متاحف الخزعبلات التي ولا دليل على وجودها والفضائع الإنسانية وكيف كان يوجد بشر يصدقون وجود آلهة ورسل وكتب ويقتلون بعضهم من أجل ذلك. وسلملي على يسوع وكنيسته وحبه وعلمه وباقي الأكاذيب التي حاولت تمريرها : الإسلام لا يصلح للإستعمال البشري نعم ، خرافتك أيضا وباقي التخاريف أيضا ! إستحوا يا بشر !!


2 - محاكم التفتيش الارهابيه - مقدسه-
ال طلال صمد ( 2016 / 6 / 30 - 21:10 )
الاخوه الافاضل - تحيه عراقيه عطره
اليوم في مجتمعات اوربا الغربيه تغلق الكناءس ابوابها لقله المؤمنون
مند خمسه قرون وهم يفصلون بين دينهم والسياسه -انها عمليه ديناميكيه حيث اصبح الدين مثله مثل العلاقه الجنسيه لا يتحدث الشخص عنها - انها علاقه خاصه لاتهم احدا سوى صاحبها والحاكم المطلق بين الناس هو الدستور الموحد
حصل التطور هدا بسبب جراءم محاكم التفتيش الارهابيه والتي تنطق حكمها باسم الرب والمسيح
واليوم لدينا داعش الاسلاميه والتي تحكم كل الدول العربيه والاسلاميه قاطبه
وكدلك المستعمرون اليهود في فلسطين المحتله والدي يستخدمون الدين في السياسه
وكلاهما مصيره مزبله التاريخ اسوه بمجتمعات اوربا الغربيه
اشكرك واسلم لاخيم ال طلال


3 - ورب الكعبة, الاسلام دين ودولة
عبد الله اغونان ( 2016 / 6 / 30 - 21:14 )
فكما فيه الصلاة والصوم
نص على الحكم بشرع الله
فيه الزكاة والقضاء والحدود والعقوبات والجهاد
وقنن الزواج والطلاق والارث
ونص على الحلال والحرام
فيه حديث نبوي يبين حتمية الخلافة من النبوة والخلافة الراشدة والملك الجبري والملك العضوض فم تعود خلافة على منهاج النبوة
ومنذ القرن 19 وتجارب الخلافة في الفكر والواقع تلح على الظهور الى هذه اللحظة