الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن هزاع ذنيبات

نضال الربضي

2016 / 6 / 30
المجتمع المدني


عن هزاع ذنيبات

هزاع هو رقيب السير الأشهر في الأردن، و الذي غادرنا هذا الأسبوع تاركا ً ذكراه الطيبة في قلوبنا مع حُزن ٍ عميق ٍ على رحيله.

لماذا أكتب ُ عن هزاع؟

هزاع كان يقفُ على التقاطعات الموكلة إليه، ينظم المرور كل َّ يوم، بحماس ٍ مُنقطع النظير، مثل دينامو (عن جد مثل دينامو) لا يهدأ و لا يكل، و لا يمل، و بكل تنظيم، دقة، احترافيه و اندفاع داخلي منبعُه ُ شخصُه. مرأه ُ طالما بعث َ في َّ السرور، أحبُّ هذا النوع َ من النشاط، من أصالة ِ الأداء، من إتقان ِ صيرورة ِ الهدف، كانت الطاقة ُ الإيجابية ُ المُنبعثة ُ منه بمثابة ِ شريان ِ تغذية ٍ لكل ِّ من اختبره، في حياتي كلها لم أشاهد مثل هذا الرجل!

كان هزاع يخدم هذا الوطن، هذه الأرض، هذا الإنسان الموجود فوقها:

لم يسأل سائقي السيارات التي كان يفتح لها الطريق عن أصولها و منابتها و أديانها و إثنياتها و مذاهبها و جندرها.
لم يسأل عن راكبي السيارات هل هم من الطبقة المخملية أو من فقراء الشعب.
لم يسأل إلى أين يذهبون و من أين يجيئون و ما مقاصدهم.
لم يسأل عن ثرواتهم في البنوك.
لم يعرف كلمات ٍ مثل الليبرالية، العلمانية، فصل الدين عن الدولة، الأخونة، السلفية، التكفيرية، السنة، الشيعة، النصارى، العلوين.
لم ينتمي إلى حزب و لم يخرج في مظاهرة و لم يكتب على الفايسبوك تأيدا ً للحكومة أو معارضة لها.
لم يكنز أموالا ً و لم يؤسس لشركات و لم يسمسر على مشاريع و لم يعقد صفقات و لم يعرف معنى كلمة سهم أو بورصة.
لم يزر منتجعا ً و لم يقم في فندق و لم يلامس جسده مياه البركة و لا عرف الـ Sun Block و لا الـ Body Lotion.
لم يلوي لسانه بكلمات إنجليزية بين كل جملتين، و لم تنل النعومة ُ من كلماته الخشنة.
لم يعامل الناس بخشونة و لا بفظاظة و لم يتجبر على أحد و لم يحرر في كل ِّ مدَّة ِ خدمته سوى مخالفة واحدة يتيمة لا سابق و لا لاحق لها.

ماذا عرف َ إذا ً هزاع؟

عرف الأردن
عرف الأردنين
عرف الواجب
عرف شرف الخدمة
عرف شرف الالتزام
عرف معنى تسهيل حياة الناس
عرف و اختبر و أتقن هذا التسهيل و استزاد نفسه منه و زاده للناس كل اليوم
عرف معنى أن يكون أصيلا ً ثابتا ً على مبدأه في زمن كل شئ ٍ فيه يخسر معناه
عرف أن يُعطي نفسه للأردنين دون انتظار مقابل سوى رضاه عن نفسه
عرف أن يكون َ هزاع في زمن ٍ كل ُّ ما فيه يُغري بتحويله إلى نقيض-هزاع
عرف َ أن يكون حُرَّا ً شهما ً أبيَّا ً كريم َ المعشر و طيِّب المُعاملة
عرف كيف تكون سُمعته بين الناس مثل الليرة الذهب تبرق من بعيد و يشهد ُ على أصالتها الفحص ُ العميق
عرف أن يكون َ إنساناً!

أيها الأردني الكركي الأصيل سلام ٌ على ذكراك الطيبة، أمثالك من يقولون لنا بمـَـثلِهم و فعلهم أن الدنيا ما زالت بخير و أن أرضنا ما زالت بخير و أن جداتنا و أمهاتنا يلدن الأصالة َ كل يوم.

أرفع يدي بالتحيَّة العسكرية سلاما ً لك هزاع أفندي ذنيبات، أرقد بسلام!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاخ والصديق نضال الربضي المحترم
وليد يوسف عطو ( 2016 / 6 / 30 - 14:13 )
كعادتك تتسم مقالاتك بالجانب الانساني والوطني ولمسة من الصوفية والمحبة ..

شاهدت فيلما او يوتيوب لااتذكر على اية قناة فضائية لكن الموضوع كان عن البدو في الاردن وشرطة البدو ولا اعرف تسميتها ..

والسياحة في البادية حيث الخيم خمس نجوم تتوفلر فيها الماء الصافي والسجاجيد والاثاث الفخم كله في وسط البادية الصحراوية ..

وهي جزء من مشروع السياحة في الاردن لجلب السياح الاجانب والعملة الصعبة وتعرفت لاول مرة الى طريقة صناعة وشوي الخبز في البادية او الصحراء عن طريق عمل حفرة مستطيلة يتم اشعال النار فيها وبعد ان يتم اطفاء النار بواسطة وضع الرمل على النار يتم وضع العجين على الرمل الساخن وبهذه الحالة لايعلق الرمل بالرغيف..

ختاما نلتقيكم على مقالات وابحاث جديدة ودمتم بالف خير صديقي نضال...


2 - الاخ والصديق نضال الربضي المحترم
وليد يوسف عطو ( 2016 / 6 / 30 - 15:17 )
ربما كان الفيديو عن البدو يتحدث عن بدو المغرب وليس بدو الاردن لست متاكدا تماما..

لكن الفيلم كان مبهرا بالنسبة لي ...

اعجبتني روحك الانسانية كثيرا في رثاء هزاع ذنيبات..

ربما لااجد من يرثيني بعد مماتي !


3 - سلاماً ل(هزاع ذنيبات) المواطن الأردني الشريف
ليندا كبرييل ( 2016 / 6 / 30 - 16:06 )
الأستاذ نضال الربضي المحترم

تحية طيبة
يبدو لي يا أستاذ أن الإنسان كلما تعمّق في معرفة محيطه اغترب عنه
ما أطيب الحياة التي عاشها السيد هزاع
أحبَّ الناس وهم بادلوه الاحترام والتقدير، لم ينزلق إلى السياسة والدين فقد عرف أنهما الطريقان الأخطر على الإنسانية
الذي لم يعرفه هزاع ولم يسأل عنه حفظ له إنسانيته
ولو عرفه لما كتبت عنه اليوم

دمت سالماً


4 - شكرا سيد نضال
طلال الشمري ( 2016 / 6 / 30 - 16:26 )
شكرا سيد نضال على تخصيصك مقالا خاصا لشخصية اردنيه عربيه اصيلة وخاصة. قبل سنوات قليلة كنت في عمان امام مختار مول وجذب انتباهي حركات و اشارات شرطي مرور مختلفه تماما عن كل ما رأيت في حياتي. كان اهتمام هذه الشخصية المرورية الفذة تسهيل عبور الناس على جانبي شارع الجامعة امام المول و لم يكن يتورع عن ايقاف السيارات بعصاه المرورية للسماح للعوائل او الافراد بالعبور. و ما هي الالحظات حتى بدآ اكثر انشغالا و لجأ لصافرته لايقاف السيارات و التوقف على جانب الطريق و الايعاز للناس يالتوقف عن اجتياز الشارع. و بعد مرور اقل من دقيقة حتى رأينا مقدمة الموكب الرسمي من ثلاث سيارات و حينها تقدم هذا الشرطي النشط الى منتصف الشارع و قدم التحية العسكرية مزهوا بعملة ومهنته هذه للسيارة الاولى التي كانت تقودها الملكة رانية العبد الله التى ردت التحية برفع يدها لهذا الانسان المروري الفذ مع ابتسامة بعرض الفم. انا عراقي و كنت قد سكنت مع عائلتي عمان الجميلة لتسعة سنوات معطرة باجمل الذكريات و الامتنان .تحية احترام و اجلال لهذا العسكري ان كان المرحوم هزاع ذنيبات او غيره.


5 - ندور حول شخصية ثقافية رفيعة اسمها وليد عطو
ليندا كبرييل ( 2016 / 7 / 1 - 03:18 )
بعد إذن الأستاذ الربضي المحترم

أخانا الكريم الأستاذ وليد يوسف عطو المحترم

نقترب منك، نبتعد عنك، وفي كل الأحوال ندور حول شخصية ثقافية رفيعة، نغترف منها
المعرفة،ونخرج من كل مقال لك بأثر مهما كان ضعيفاً لكنه يجبر القارئ أن يتمعن فيه ويراجع مواقفه

هذا أروع عمل للكاتب
عندما يضع القارئ أمام نفسه ليجري عملية الموازنة بين معارفه المكتسبة، فيطرح جانباً ما أصبح في حكم الشك والظنون ويتهيأ لاكتساب الجديد

حديث الموت نتركه للزمن الذي لا يستطيع أحد أن يتنبأ به
دامت حياتك بخير وسلامة
وللحضور الكريم تمنياتي بالعافية

كل عام وحضراتكم بخير


6 - الاستاذة ليندا كبرييل المحترمة
وليد يوسف عطو ( 2016 / 7 / 1 - 08:12 )
بكل مقاييس الادب والمعرفة والثقافة ..

لااجد كلمات امسكها لارسلها اليك سيدتي الفاضلةسوى التقدير والاعجاب والسمو لروعة وبساطة افكارك وتواضعك الشخصي والاعتراف بدور الاخرين من الزملاء من الكتاب والباحثين , وهذه لعمري خصلة نادرا مانجدها في الوسط الثقافي اليوم ..

شهادتك بحقي اعتز بها كثيرا من كاتبة واديبة متمرسة في الادب العربي ..

لااستطيع الا رفع قبعتي امام سمو كلماتكم وبلاغة المعنى وايجازه بنفس الوقت ..

ختاما تقبلي مني وافر تقديري وشكري وعرفاني ومحبتي..


7 - العزيزان ليندا كبرييل و وليد يوسف عطو
نضال الربضي ( 2016 / 7 / 1 - 15:09 )
الزميلان الكاتبان،

حضوركما يسعدني جدَّا ً و حواركما الحميم العميق يخبرني أن الدنيا بخير و أن أصحاب الإرادة الصالحة و القلوب الخيرة ما زالوا موجودين.

أخي وليد لا أستطيع أن أزيد كلمة على رد العزيزة ليندا على تعليقك، إنَّما أودُّ أن أذكِّرك أن ما تخطُّه في مقالاتك سيحيا سنين طويلة و سيكون نبراسا ً لكلِّ من يريد أن يفكر و من يسعى لكي يقترب من الحقيقة، إنَّ هذه الذكرى ليست نعيا ً و ما قيمة ُ النَّعي أمامها إنَّما هي استمرار ٌ لطاقة الحياة التي أجدت َ توظيفها. سنين َ طويلة لتبقى معنا، و أخا ً و صديقا ً كريما ً لتدم لنا!

دمتما بكل ِّ الود ِّ و الاحترام!


8 - الأخ العزيز طلال الشمري
نضال الربضي ( 2016 / 7 / 1 - 15:15 )
الشكر الموصول لكم سيدي الكريم على ما تفضلتم به.

يسعدني أنك شرفتنا بمشاركتنا الحياة َ في الأردن خلال َ إقامتك و أن َّ هزاع ترك َ ذكرى ً طيبة لديك.

هزَّاع عاش أردنيتنا التي وعينا عليها و أحببناها و شكَّلت هويَّتنا الأولى. أثناء خدمته لم يتردد أن يوقف موكب الملك الحسين باني الأردن، ليعطي المجال لسيارة إسعاف، و عندما نزل مرافقو الملك كيف ينبهوه أنه يوقف موكب الديوان الملكي قال لهم أن سيارة الإسعاف تمضي أولا ً. ترجل الحسين ُ الراحل و حيَّاه و نسَّب لترفيع رتبته العسكرية. هذا الرجل صادق كريم أصيل بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

أرحب بك و أتمنى لك و لبيتك التوفيق و السعادة حيث أنتم الآن.

كل الاحترام و التقدير لكم سيدي.


9 - الأخ العزيز عمرو بن ظالم الطلحي - قناة الفيسبوك
نضال الربضي ( 2016 / 7 / 1 - 15:16 )
أخي العزيز أرحِّب بحضورك َ الأردني الأصيل،

ما في زود على كلامك أخوي و أعدك أن يبقى قلمي في خدمة الإنسان و الحقيقة.

دمت َ لأخيك بكل الودِّ و التقدير!

اخر الافلام

.. طلاب العلوم السياسية بفرنسا يتظاهرون دعمًا لغزة


.. علي بركة: في الاتفاق الذي وافقنا عليه لا يوجد أي شرط أو قيود




.. خليل الحية: حققنا في هذا الاتفاق أهداف وقف إطلاق النار وعودة


.. البنتاجون كأنه بيقول لإسرائيل اقتـ.لوهم بس بالراحة..لميس: مو




.. مستشار الرئيس الفلسطيني: المخطط الإسرائيلي يتجاوز مسألة استع