الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-التربية الإسلامية- أم -التربية الدينية- ما الفرق ؟

أحمد عصيد

2016 / 7 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أثير نقاش في المغرب حول تسمية المادة الدينية المقررة في النظام التربوي، حيث نشرت بعض المنابر الإعلامية خبرا مفاده أن وزارة التربية الوطنية قررت إطلاق تسمية "التربية الدينية" على المادة التي كانت تعرف بـ "التربية الإسلامية"، وذلك تنفيذا للقرار الملكي القاضي بمراجعة مقررات ومضامين ما سماه الخطاب الرسمي "التربية الدينية"، وقد أدّى هذا القرار بأساتذة التربية الإسلامية إلى الاحتجاج على الوزارة الوصية معتبرين قرارها مخالفا للدستور ولتوجهات الدولة ؟ فما هو الفرق بين التسميتين يا ترى؟ وما سبب رفض الأساتذة للتسمية الجديدة ؟ وهل هذا التغيير خطوة إلى الأمام في طريق دمقرطة النظام التربوي، أم هو مجرد إجراء شكلي لا علاقة له بجوهر ما هو مطلوب في مراجعة المادة الدينية المقررة ؟
تعني "التربية الإسلامية" حسب ما خبرناه وشاهدناه وتلقيناه كذلك ونحن صغار تعليم مبادئ الإسلام والتعريف بأحكامه وأركانه ومبادئه، انطلاقا من نصوص القرآن والأحاديث النبوية، وذلك بغرض جعل التلاميذ مسلمين منتمين إلى ما يسميه الدرس "جماعة المسلمين" أو "الأمة الإسلامية"، ولأجل بلوغ هذا الهدف يستعمل الدرس جميع الوسائل سواء منها البيداغوجية أو تلك التي تتنافى تنافيا تاما مع البيداغوجيا، مثل تدريس العنف والغزوات والترهيب والتمييز باستعمال الدين والجنس وتبخيس المعتقدات الأخرى والتحريض على غير المؤمنين والتشكيك في مبادئ حقوق الإنسان وتحريفها عن معانيها الأصلية، وإغراق التلاميذ في تفاصيل لم يعد معمولا بها ولا علاقة لها بحياتنا المعاصرة ولا بقيم المجتمع الحالي الذي نعيش فيه.
وتعني "التربية الدينية" تعليم المبادئ الكبرى للحياة الأخلاقية بناء على القيم التي تلتقي عندها جميع الأديان، والتي تعتبر مكارم وقيما نبيلة أجمعت عليها الحضارات الإنسانية وتم استلهامها في بناء نسق ما يسمى اليوم بـ"القيم الكونية"، والتي تخصّ كل إنسان حيثما وُجد بغض النظر عن لونه أو وطنه أو عقيدته أو نسبه وعرقه، وتشبه التربية الدينية ما كان يسمى في النظام التربوي سابقا "الأخلاق"، حيث كان التلاميذ يستفيدون من دروس راقية تعلمهم القيم النبيلة باعتماد العقل والدين والتجارب الإنسانية من مختلف الثقافات التي راكمت هذه القيم وساهمت في بروزها .
يعني هذا أن تغيير إسم المادة المُدرّسة من التربية الإسلامية إلى الدينية ليس إجراء شكليا بل له علاقة بجوهر المضامين التي تلقن للتلميذ، فالتربية الإسلامية تهدف إلى صناعة المسلمين، بينما تهدف التربية الدينية إلى صناعة المواطنين.
تتعارض التربية الإسلامية كما كانت مقررة بمضامينها طوال السنوات السابقة تعارضا تاما مع مفاهيم الوطنية والمواطنة، لأنها تربي الطفل على الانتماء إلى "الجماعة" التي يربط بينها اللحام العقدي الديني، وليس إلى الوطن الذي هو لجميع أبنائه مهما كانت عقيدتهم واختلافاتهم، كما تضرب التربية الإسلامية مبدأ المواطنة في الصميم حيث تؤكد على أن قيمة الفرد هي في إيمانه الديني وليس في إنسانيته وانتمائه إلى المجتمع والدولة الوطنية، وفي عمله وإنجازاته من أجلهما، مما ينفي مبدأ المساواة أمام القانون، كما يضعف رابطة المواطنة لصالح الرابطة الدينية التي لا يمكن أن تشمل الجميع.
يتضح مما ذكرناه السبب الذي جعل مدرسي التربية الإسلامية ومفتشيها يحتجون على تغيير التسمية، حيث أدركوا بأن التسمية تحمل نظرتنا إلى العالم كما تعني استراتيجية ونهجا مخالفين، وبحكم ما أتاحته مادة التربية الإسلامية للتيار المحافظ من هيمنة على المؤسسات التعليمية عبر السعي إلى إشاعة النزعة المحافظة المضادة للقيم الديمقراطية والحداثية، والتمكين للمشروع السياسي الذي يهدف في أقصى غاياته إلى استعادة الدولة الدينية ووصاية الفقهاء على المجتمع، فقد خشي هذا التيار من أن تكون مراجعة مضامين المادة الدينية أو تغيير تسميتها تمهيدا لضرب مناطق نفوذه داخل المدرسة المغربية.
ومعلوم أن ارتباط درس التربية الإسلامية بالمشروع السياسي للإسلاميين قد أدّى إلى جعل هذا الدرس مؤدلجا بإفراط حتى بدأت أضراره تبدو واضحة على الدروس الأخرى العلمية منها والأدبية، (فما زلت أذكر مهازل غريبة في هذا الصدد مثل ما حصل في كتاب التربية الفنية الذي يتوجه إلى التلميذ بعبارة "أرسم كافرا (كذا!) ". فالتصور الذي اشتغل به التيار المحافظ الذي يهيمن على التربية الإسلامية هو محاولة جعل جميع المواد خاضعة للمنظور الديني من الرياضة البدنية إلى الفلسفة والتاريخ والأدب والعلوم الحقة الفيزيائية والطبيعية (التي أصبحت تدرس كما لو أنها "إعجاز علمي" للقرآن)، وهو أسلوب ينتهي إلى إشاعة الخلط والفوضى والسطحية مما يجهض أهداف المدرسة العصرية التي ترمي إلى تكوين مواطنين منخرطين في عصرهم وذوي تكوين جيد في المواد المختلفة. ومن تمّ فالتربية الدينية هي التي ينبغي أن تخضع لتوجهات وقيم المدرسة العصرية وليس العكس.
إن مراجعة مضامين مادة التربية الإسلامية إذن أو تغيير تسميتها ليس صراعا حول قضايا هامشية كما تزعم جمعية مدرسي هذه المادة، بل هي قضية جوهرية في مسار دمقرطة نظامنا التربوي وتحريره من سلبيات التربية التقليدية المبنية على حفظ واستظهار نصوص في لغة مستعصية على الأطفال، وعلى الترويض العقدي والتربية على العنف ونبذ الآخر المختلف. إن إنقاذ أبنائنا من التربية على الكراهية واللاتسامح هو أولى الأولويات، لأنه لا خير في تكوين أجيال بكاملها غريبة عن عصرها مصادمة لواقعها ومقاطعة للمكتسبات الإيجابية للإنسانية .
من هذا المنطلق فسواء تم تغيير إسم مادة التربية الإسلامية أو لم يتم، فهذا لا قيمة له في حدّ ذاته إذا لم يتم تغيير التصور العام وفلسفة تدريس هذه المادة، بملائمة مضامين المقررات والبرامج الدراسية مع ذلك التغيير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل تعتبر مقاومة الاستعمار عنفا يجب التخلي عنه؟
عبد الله اغونان ( 2016 / 7 / 4 - 19:31 )
اعطاء الاعتبار للمدرسة في غرس المبادئ الدينية وحصره فيها ونسبة حتى مايقع من تطرف الى المدرسة والمقررات وهم كبير
اذ جل المعتقدات الدينية تتم صياغتها من طرف الأسرة أو الدعاة ومنابر كالمجلات والفضائيات وحتى الأشرطة والشيوخ اذا دور المدرسة في تلقين الدين ضئيل جدا
ومما يدل على ذلك أن أغلب التلاميذ والطلاب لايصلون خاصة في المدارس
تربية اسلامية أو دينية لن يغير ذلك شيئا
حتى لو حذفنا كل نصوص الجهاد فهل سيغير ذلك منصورة العدوان الصهيوني والامبريالي؟
أو التسامح مع الانحلال والشذوذ والانفلات والدعوة الى العرقية العنصرية المهددة للهوية وللوطنية والمواطنة كما يفعل بعض المتمزغين المتطرفين
التربية الاسلامية والقيم الدينية كما يحملها القران والحديث والفكر الاسلامي الأصيل لايمكن تجاوزها لأن النصوص الأصلية تحمل هذه التربية والقيم والنزوع الديني


2 - بل التربية المدنية
عبد القادر أنيس ( 2016 / 7 / 5 - 10:42 )
في مدارسنا، ما زال يجري تدريس نصوص دينية تعمل (على الترويض العقدي والتربية على العنف ونبذ الآخر المختلف) كما جاء في آخر المقالة بحق.
هذا ما لا بد أن تفضي إليه أحاديث مثل (... المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره ... بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه رواه مسلم.)
وهو ما يعني منطقيا أن غير المسلم يمكن ظلمه وخذله والكذب عليه وحقره واستباحة دمه وماله وعرضه، كما حدث فعلا في تاريخ الإسلام.
وهناك طائفة طويلة من الآيات والأحاديث وسير السلف هي غاية في الدعوة إلى العنف وإهدار حقوق الآخر المختلف.
الحل ليس في التربية الدينية أو الإسلامية بل في التربية المدنية العقلية التي تسلح الأجيال بملكة الحكم والتفكير والخروج من ثقافة القطيع. إذا كانت الدولة (المدنية) المشوهة تتدخل وتفرض تربية دينية قائمة على الانتقاء الإيجابي، فما يمنع أعداءها من انتقاء ما يزخر به الدين من تراث سلبي معاد للإنسانية.
تحياتي


3 - العلمانية هي الحل
سيفاو ( 2016 / 7 / 6 - 18:02 )
ستكون مدارسنا وإعداديتنا وثانويتنا جميلة ومحببة لأطفالنا وبناتنا يوم يتم إزالة هذا الورم الخبيث المسمى -مادة التربية الإسلامية- يوم يتم تسريح كتائب الدواعش المتخفية تحت أقنعة أساتذة هذه المادة.فيالق من الطالبان يدخلون إلى المؤسسات التعليمية بالأقمصة الأفغانية ينشرون سمومهم بين التلاميذ .يجب استبدال هذه المادة بمادة الإعلاميات التي ستعين التلميذ في مشواره المهني وليس حشو دماغه بدروس العنعنة وكيفية دخول الحمام وتمتمة بعض التمائم كي لايدخل الشيطان إلى دبر المؤمن. ستكون بلادنا جميلة وشعوبنا هنيئة يوم تتحرر من عبودية الإسلام وسرطان محمد وشريعته الفاشية.

اخر الافلام

.. دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس تعلن عن تأدية 40 ألف فلسطيني


.. خطيب المسجد الحرام: فرحة العيد لا تنسي المسلمين مآسي ما يتعر




.. مراسل العربية أسامة القاسم: نحو 1.5 مليون مليون حاج يصلون إل


.. مبعدون عن المسجد الأقصى يؤدون صلاتهم عند باب الأسباط




.. آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة عيد الأضحى بالمسجد الأقصى