الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لانهائية الزمان والمكان....الأثبات الذى يقوض فرضية -الخلق-.

حسين الجوهرى
باحث

(Hussein Elgohary)

2016 / 7 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لانهائية الزمان والمكان....الأثبات الذى يقوض فرضية "الخلق".
حسين الجوهرى........................................
==========================
فى حوالى سنة 900ب.م. قام رجل يدعى الخوارزمى (فارسى المنشأ عاش فى بغداد) باستنباط "الصفر". فى شرحه للناس لما يعنيه بالصفر قال الخوارزمى "اذا كان معك 5 برتقالات وأكلت واحده يتبقى معك 4 وان اكلت واحده ثانيه يتبقى 3 وهلم جرا وبعد ان تاكل آخر برتقاله يتبقّى معك 0 برتقاله". سالوه "اليس 0 برتقاله- أى حالة عدم وجود برتقال -مساوى ل0 ناقه أو 0 بيت مثلا"؟. قال "لا 0 أى شيئ مميّز ومختلف تماما عن 0 كل الاشياء الاخرى". تضاربت الأقاويل عما حدث بعد انتهاء المحادثه ولكن هناك اجماع على ان الرجل اهين واعتدى عليه جسمانيا بتهمة الزندقه والألحاد وتخريب العقول.
150 عاما مضت وظهر رجل آخر يدعى جابر ابن حيّان الذى بدأ فى صياغة المعادلات الجبريه مستخدما الصفر ولكن بدون اى جدل حول تمييزه كما فعل الخوارزمى من قبل. ولم ينسب علم الجبر الى ابن حيان الا بعد قرون عديده من وفاته. لم يأخذ الصفر مكانته كمسبب اساسى للتغيير النوعى فى حياة الأنسان الا على يد الفرنسى ديكارت. قال ديكارت ان الخوارزمى كان على صواب ولكن شرحه للصفر كان ناقصا. فعندما وصل الخوارزمى الى 1برتقاله كان يجب عليه بعدها الذهاب الى نصف برتقاله ثم ربع ثم ثمن وهلم جرا. فى هذه الحاله سوف يتضاءل الجزء المتبقى من البرتقاله كلما استمر تقسيمها ولكنها لن تنتهى ولن تتلاشى كليّة. اى ان عملية تقسيم البرتقاله سوف يستمر -نظريّا- الى مالانهايه. وبالتالى فان فحصنا هذا الجزء المتناهى الصغر والذى -من كافة النواحى العمليه-يمكن اعتباره "صفرا" يكون الخوارزمى على حق فى أن 0 برتقاله مميّز عن 0 كل الاشياء الاخرى. بعدها قام ديكارت بارساء قواعد الرسوم البيانيه وفى قلبها الصفر الذى أتاح نظام المحاور (السين والصاد) وتقسيمهم الى سالب وموجب. والبقيه تاريخ أغلبنا على دراية منه.
اليوم, نحن فى وضع مماثل او مشابه لمرحلة الخوارزمى وصفره ولكنه ليس الصفر هذه المرّه بل "المالانهايه". لفحص هذا المفهوم دعنا نتخيّل ان أحدنا استقّل مركبة منطلقة فى الفضاء. سوف يرى فى طريقه أجرام مجموعتنا الشمسيه ثم بلايين المجموعات الشمسيه المماثله والموجوده فى مجرّتنا ثم سيخترق بلايين المجرّات الموجوده فى سديمنا ثم بلايين السدم ...الخ. هذه كلها مسافات تقاس بالسنين الضوئيّه, اى المسافه التى تقطعها الأشعّه الضوئيّه فى سنه. ولكى نكون على درايه بسرعة الضوء فهو يدور حول خط استواء الأرض (حوالى 40,000 كيلومتر) أكثر من 7 مرات فى الثانيه الواحده. نعود مرة اخرى الى مركبتنا الفضائيه والتى قطعت مسافات تقدّر ببلايين بلايين السنين الضوئيّه. الآن هل من الممكن ان تصل هذه المركبه الى نهايه؟ اذا أجبنا بنعم فلابد أن نتسائل عن طبيعة هذه النهايه, أهى سور أو حاجز بشكل ما؟ وان كان الامر كذلك فما الذى يمكن ان يكون موجودا خلف هذا السور او الحاجز الا أن يكون بالضروره مكان آخر. هذا فى ضوء معرفتنا ووعينا واحساسنا بمعنى المسافه والمكان. بناء على ما تقدّم فلا مفر من استنتاج الحقيقه وهى ان المكان الذى نعيش فيه هو ممتد ولا يمكن أن تكون له نهاية. الآن ننتبه الى فحص الزمن. هناك مدخلين لاثبات لانهائية الزمن. الأول هو بما انه لا يمكن التواجد فى مكانين فى نفس اللحظه اذن فلا بد ان يمر زمن للانتقال من مكان لآخر. وحيث ان المكان لانهائى, كما اسلفنا, فلابد بالضروره اذن ان يكون الزمن ايضا, وبالتبعيه, لانهائيا. هذا دليل منطقى وقاطع ولا يمكن دحضه. أما المدخل الثانى هو أنه يمكن تخيّل مركبه زمنيه متّجّهة خلفا الى الماضى او اماما الى المستقبل, هل سنصطدم ببداية أو نهايه؟ تفعيلا لنفس المنطق المطبق على المكان سوف ننتهى بالضروره ان الزمن أيضا لانهائى لابداية له ولا نهايه.
أعتقد ان ما يلزمنا فى هذه الحقبه هو أن "نستوعب" و "نبلع" و"نهضم" مفهوم اللانهايه تماما كما فعلنا مع الصفر من قبل, ومن يجد منا صعوبه وتعثر فعليه بالليمون. أى نفك النصبه وننصرف وكل واحد يروح يشوف شغله. لقد قضى الأمر بعدما حسمنا أمر وجودنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سحر اللانهاية ينهي سحر الإله الخالق
مصطفى خروب ( 2016 / 7 / 5 - 23:37 )
تحية وبعد
اشكر الكاتب على هذا الموضوع الشيق المتعلق بسحر اللانهاية
من ناحية المكان، الامر محلول ومبتوت منذ القرن الخامس قبل الميلاد مع الفيلسوف زينون الأيلي الذي قال في إحدى مفارقاته المسماة تعددية المكان ** أن يوجد الشيء يعني أن يكون في مكانٍ ما ، هذا المكان هو نفسه أيضاً موجود في مكانٍ ما آخر وهكذا دواليك إلى ما لانهاية**
أما ديكارت ونصف برتقالته، فقد سبقه أيضاً إليها زينون في مفارقته عن السهم الذي لن يصل إلى الهدف أبداً لأنه يتوجب أن يقطع نصف المسافة أولاً ومن ثم نصف المسافة المتبقية ثم نصف المسافة المتبقية وعليه فإن السهم سيقترب إلى ما لا نهاية من الهدف .
قد يكون إثبات لا نهائية المكان أسهل من لا نهائية الزمن. خاصةً وأن الفكرة السائدة عنه إنه مقدار فيزيائي يوجد من دون المادة، بينما هو مقدار إصطلاحي لقياس التغيرات في تموضع المادة وفي المادة ذاتها قياساً على حركة مرجعيه ( الشمس والقمر) .المكان موجود بدون الوعي ولا يوجد الزمن من دون وعي وذكاء ( عقل البشر ). بإختصار لا نهائية المكان مرتبطة بلانهائية المادة المتغيرة والمتحركة أبداً ما يقضي على فرضية الخالق لصالح المادة الأبدية
سلام


2 - رائع
صلاح البغدادي ( 2016 / 7 / 6 - 12:47 )
الاستاذ حسين
بسطور قليلة اوجزت امور عظيمه
ومثال الربط بين الزمان والمكان كان رائعا...فشكرا لكم

اخر الافلام

.. الشقيران: الإخوان منبع العنف في العالم.. والتنظيم اخترع جماع


.. البابا فرانسيس يلقي التحية على قادة مجموعة السبع ودول أخرى خ




.. عضو مجلس الشعب الأعلى المحامي مختار نوح يروي تجربته في تنظيم


.. كل الزوايا - كيف نتعامل مع الأضحية وفكرة حقوق الحيوان؟.. الش




.. كل الزوايا - الشيخ بلال خضر عضو مركز الأزهر للفتوى يشرح بطري