الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سرطان الرجعية المتفشي في قطاع غزة !

تامر سلامة

2016 / 7 / 7
المجتمع المدني


الرجعية المقيتة ، مرض خطير يفوق مرض السرطان نفسه ، فالفرق بينهما أن السرطان المتعارف عليه بجميع أنواعه يصيب جسد الإنسان ، بينما الرجعية فهي تصيب الفكر و تلوثه بعنصرية حقيرة و تفكير سلبي لا يتناسب بتاتاً مع الجيل الحاضر و الواعي من الشباب ، حيث يتسم ما يزيد عن ٧٥٪ من المجتمع في قطاع غزة بالرجعية المقيتة ، متمسكين بكل ما هو بالٍ و قديم ، رافضين مبدأ التغيير و التحديث ، لما يتناسب مع واقعنا الذي نعيشه ، فالقيم و الفكر الرجعي المتواجد عند بعض و لن أكون مبالغاً إن قلت أن أغلب الأهالي و العائلات الكبرى تتسم بإنتشار فاحش و خطير للرجعية ، حيث تنعكس صورتها و تجلياتها على حياتهم اليومية و تعاملهم مع باقي الناس و فئات المجتمع .

و قد أطلقتُ على الرجعية لقب" السرطان " لأسباب معينة و لم يكن ضرباً من العبث و الخيال ، بل لأنه و كما هو متعارف أن مرض السرطان ينتشر كالهشيم في الجسد حين يكون سرطاناً خبيثاً فهو يتحرك من خلال الدورة الدموية و بجميع الإتجاهات ، و كذلك الرجعية فهي تُنتِج مشاكلاً و أمراضاً إجتماعية مقرفة و خطيرة مثل :

١ الطَبقية و التمييز بين الناس بتفكير طبقي مبني على الفروقات الإقتصادية و المستوى المعيشي و الاقتصادي للأفراد حيث يوجد عائلات تمتلك ثروات في قطاع غزة و لكن أعدادهم محصورة جداً و تكون غالبيتهم من أصحاب و مُلّاك الأراضي أو موظفين ذوي مستوى وظيفي رفيع .

٢ التمييز العِرقي المتمثل في التمييز بين الناس من حيث مبدأ المواطنة و اللجوء ، حيث يعتبر بعض المواطنين "السكان الأصليين" أنفسهم و عائلاتهم أرقى بل و أفضل من باقي المواطنين " اللآجئين و الفلاحين " و يعتبرونهم أقل درجة منهم و لا يقبلون بمناسبتهم و تزويجهم بحجة أنهم " مهاجرين " و إن وُجِدت في المتقدم لخطبة إحدى فتياتهم كل ما يتوافر في أفضل المتقدمين ، مما يسبب الرفض تحت هذه الحِجة العقيمة الرجعية .

٣ التخنيق و كبت الحريات و خنق الشباب و قتل روح الثورة و صوت الحق فيهم، بل و إحباطهم و زيادة أحمالهم رغم المعرفة الكبيرة بأوضاع قطاع غزة التي تقع تحت خط الفقر بآلاف الأمتار في ظل التقصير الواضح و الصريح من قبل حكومة الأمر الواقع في قطاع غزة و السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية و ما بينهما من خلافات لم يتضرر منها سوى طبقة الشباب .

٤ سلب حقوق المرأة و التقليل من مكانتها و التي قد تصل لإجبارها على الزواج لشخص لا تريده ، و قد تصل أيضاً بحرمانها من التعليم و الميراث ،و هي أبسط حقوق المرأة بجميع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان و المرأة ، ففي العائلات التي يسودها الفكر الرجعي نجد أن المرأة لا رأي لها في أي شيء حتى بما يخص حياتها الشخصية ، مما يهدم شخصيتها و يؤدي لدمار مستقبلي لحياتها الشخصية و الزوجية على الصعيد العام .

و للأسف ، لا يمكننا علاج هذا المرض و إن قمنا بتشخيصه إلا بطريقة واحدة و هي شبه مستحيلة تطبيقها ، و التي هي نشر الوعي و التقدمية و الحداثة بين الناس و خاصة ً الأهالي ، و ترك و حرق كل ما هو بالي و قديم من تلك المعتقدات و التقاليد و العادات التي أصبحت لا تصلح إلا ليتم نقاشها و عرضها في مؤتمرات و متاحف التراث الفلسطيني لأنها أصبحت جزءاً قديماً جداً و لا يصلح للتطبيق و النشر و التعليم و التعامل معها في زمننا هذا و عصرنا الذي يتسم بالتفتح الفكري و التقدمية و الحرية و العقل الحر المتفتح.

و المصيبة الكبرى أن الجامعات ، و التي من المفترض أن تكون منبع التفكير التقدمي، و التي للأسف أصبحت تقتصر على نسخ المعلومات في عقول الطلبة و تحويلهم من كيان مفكر "إنسان" ، إلى كيان ناسخ "آلة" ،تبرمج و تحتفظ بكل المعلومات التي يتم إدخالها في عقولهم ، ك مُسلّمات غير قابلة للتغيير و المناقشة ، و قتل كل روح إبداع لدى الطلبة حيث أصبح الطالب الفلسطيني يسعى فقط للحصول على شهادة الباكالوريوس ، طامحاً وواضعاً كل آماله في الحصول ولو على فرصة بطالة مؤقتة يسدون بها و براتبها الضئيل جداً جوعهم و حاجتهم من هذه الحياة القاسية في قطاع غزة .

و إن أردنا تحقيق نتيجة ما و إيجاد علاج ناجع و حقيقي لهذه المشكلة ، فعلى المسؤولين إعادة هيكلة نظام التعليم العالي و الذي أصبح قديماً و رجعياً بالياً ، حيث أصبح أسلوب التلقين في التعليم الجامعي هو الأسلوب المتبع حتى يومنا هذا ، فالأسلوب الأنجح في التعليم هو أسلوب النقاش و التعليم الجماعي القائم على المناقشة و التفكير الخلّاق ، الذي يُنتج جيلاً مفكراً و ناقداً ، منتجاً و ليس مستهلكاً ، بنائاً لا هداماً .
كفى رجعية و كفى تحويلاً لعقولنا ، و كفاكم إرجاعاً لنا لعصوركم و ماضيكم المظلم ، مع إحترامنا الشديد لكم ، كفاكم تحويلاً لنا لتلك الثورة المثاليةالتي رسمتموها في عقولكم كما رسمها لكم أجدادكم و التي فشلتم في تحقيقها .. كفاكم رجعية و إسعوا نحو الحرية و الحضارة ، نحو الإنسانية و العدالة و الحداثة و التقدمية!
بقلم : تامر سلامة "أبو جيفارا"









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: عائلات المحتجزين يتظاهرون في تل أبيب أمام فندق يستضيف


.. عائلات المحتجزين يتظاهرون أمام فندق يجتمع فيه بلينكن ومسؤولي




.. الجزء الثاني - أخبار الصباح | الأردن يستضيف مؤتمراً دولياً ل


.. المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة: مجلس الأمن بعث برسالة




.. الأمم المتحدة: عدد النازحين في السودان تجاوز 10 ملايين