الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجددون في أغلال الأصولية

اديب غرباوي

2016 / 7 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تجلبني أحينا روابطٌ اصادفها على صفحات التواصل الإجتماعي الى مقاطع فيديو لبعض الدعاة و "المفكرين الاسلاميين" الذين أُشتهروا بحداثة خطابهم على ما يعتقد الكثير ممن يشاهدهم من المسلمين. و الحقُ يقال، أن خطابهم يُعتبرُ مجدِدا مقارنةً بالخطاب الوهابيي أو حتى الأزهري الذي يقطر بما يندى له الجبين من قبيل "إرضاع الكبير" و "مضاجعة الميتة" و التحريض على كره المرأة و الآخر المختلف. غير أنني ألاحظ أن مجموع هؤلاء ممن يعتبرون انفسهم مجددين، هم في حقيقتهم أسرى للعقل المسلم التقليدي الذي لا يمكنه تجاوز المنقول و الدهاب نحو المعقول. و كأنمودجا لهؤلاء، الخطيب عدنان ابراهيم الدي انبرى لبعض المتناقضات في كتب صحاح الأحاديث، كقضية عقِب من مُسخ، و حدّ الزاني المحصن و غيرها من المسائل الفقهية الفرعية. و يؤخدُ عليه أنه لم يتحرر من منهجية السلف في توثيق السّنة النبوية و ما ينجرُّ عنها من تشريعٍ إعتمادا على الأخد بالسند بدلاً من المتن بمنضور المقاصد الأخلاقية للدين. و أخطر من ذلك إعتمادُ السنّة بضنّيتها لتفسير القرآن بقطعيته. و سأُسرد في ما يلي ما أخدته على السيد عدنان إبراهيم في ما يتعلقُ بمسائل ثلاثة : العين، المرأة، و إستحلال التدليس على عقل المسلم.

يعتبر الكثيرون أن السيّد عدنان إبراهيم من المتنورين المجددين ...لكنه يرى و من منظور ديني، أن العين حقيقة و هذه داهية عند من يعتبر نفسه عقلانيا، وادهى من ذلك ان يفسر ذلك بميكانيكا الكم و بالاحصاء، لكن كعادة كل مدلّس لا يعطيك اية مرجع او اي مقاربة معقولة. وانا اسأل الدكتور الذي وجد تفسيرا في فيزياء الكم للعين ، هل لديه تفسيرا كميا أو إحصائيا لإغتسال المصاب بالعين بالماء الدي إستعمله صاحب العين بعد اغتساله هو، كما في الحديث الصحيح عند مسلم، او ببوله و غائطه كما جاء في كتب اخرى. لقد سمعت لهذا الداعية استنكاره للمسلم الدي يعيش انفصاما للشخصية "سكيزوفرينيا" وهو على صواب في ذلك، وهو بما يقوله هنا و ما قاله في مواضع كثيرة، مصاب بدات المرض و اصابته متفاقمة و متقدمة و لا امل في شفائه، حيث ان من اضطلع مثله على ما انتجه العلم و العقل الحديثان، و يبقا مستسلما لمثل هذه الخرافات و يحاول تبريرها، فلا أمل في شفائه.

غريبٌ منطق التبرير و التلفيق عند الإسلاميين و منهم عدنان ابراهيم وهو يدفع عن الإسلام تهمة الإنتقاص من قيمة المرأة : يتم تشريع شهادة المرأة كنصف شهادة الرجل على إعتبار أن المرأة ناقصة عقل كما تدّل عليه الآية "فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى" ثم يأتي الحديثالنبوي الصحيح فيبرر نقصان العقل بنصف الشهادة "...أليست شهادة المرأتين بشهادة رجل". إن عقل المسلم يقبل مثل هذا المنطق الفاسد دون اية إشكال كون انه بدلا من ذلك يضع كل مصيره في الدنيا و الآخرة على المحك. فدون ذلك هو إنكار للقرآن و الحديث و معناه الكفر المؤذي للخزي في الدنيا و الخلود في جهنم، انتقاما من لدن الاله الدي يعبده. إن هذا المنطق كمثل ان تقول لمضلومٍ "أنت في السجن لأنك مجرم" فيقول لك "لمذا أنا مجرم؟" فتجيبه "ألست في السجن فذلك لأنك مجرم".

شكل من اشكال التدليس على العقل المسلم، الدي بقي بسيطا على مرّ القرون و يقبل كل شيئ يأتيه في سياق الوعض الاسلامي : السيّد عدنان ابراهيم يُفهِم المُتلقي لخطابه أن من تكريم الاسلام للمرأة أنّ القرآن انصفها بان فيه سورة بإسم "مريم" و ثانية بسم "النساء". ما يعلمه السيد عدنان لكن يخفيه عن جمهور المشاهدين أن الأغلبية الساحقة من السور قد تمّ تسميتها بما هي عليه اليوم بعد وفاة الرسول، بل في ازمنة متاخرة من عهد اللتابعين و تابعي التابعين. ثم و بهذا المنطق فإن القرآن قد كرّم "البقرة" و "المائدة" و "الرعد" و "النحل" وكثيرا ممن لا خصلة له، و طبعا كرّم "محمد" و المؤمنون" ، لكن كذلك كرّم "الأحزاب" و "المنافقون" و "الكافرون" أيضا.

إن ما يعيشه المسلمون من تخلّف و ما يحدثونه في العالم من مأسٍ، يجعل هذا العالم يصبو لأن تنبري نخبة من المسلمين لينّقحوا هذا الدين و يجعلونه ببساطة دينا للتقدم و الحياة، لا دينا للتخلف و الموت. و أول ما يجب ان يُوضع على المحك، ما سميّ بالسنّة النبوية و ما تحمله في ثناياها من خرافات في العقائد و الغيب، و من مآسٍ و ظلم في مجال التشريع. و إن كل ما في الثراث الاسلامي يجب ان يمرّ على مصفاة العقل الواعي، و أن يكون منسجما مع منضومة القيم التي انتجتها البشرية و التي تخللت و ارتقت في كنف كل الحضارات الانسانية. ثم بعد ذلك البحث عن قراءة جديدة للنص القرآني، مع اعتبار فرضية عدم تحريفه و تأويل ما هو معضل من الآيات، ليتماشى مع المنضومة الاخلاقية العالمية، بان تردّ هذه الآيات الى سياقها التاريخي. على المسلمين الرجوع الى اللمقاصد السامية للدين و انتاج تشريع يصبو الى هذه المقاصد ولا يبقى حبيس النص و ما ينجر عنه من غرائب الاحكام، التي تملأ كتب الفقه الاسلامية. و كفرد، و في إطار المواطنة و الحياة المجتمعية، أرى مثلا أن يستبدل "تحريم الخمر" ب "منع و معاقبة السكر العلني" و أن يستبدل"تحريم الربا" ب "منع و معاقبة الاستغلال الاقتصادي للافراد" وهكذا تنتفي المهاترات الكلامية حول "ما هو خمر" و "ما هو نبيذ" و "ما هو بنوك ربوية" و "بنوك اسلامية" ، إن لم أذكرسوى ذلك و غيره كثير كالتحّجب و الاحتشام للمرأة و التعريف الدقيق لمعنى الزنى و النأي بعلاقاتٍ خارج الزواج التقليدي، عن مفهوم الرذيلة، بأن يتم توسيع مفهوم الزواج الى كل علاقة مبنية على المودة و الوفاء و لا تمس بالاخر. هذا غيض من فيض و ومضة في ضلام دامس طال به زمان منطقتنا هاته.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إطلاق نار وحرق كنيس يهودي في جمهوريتين اتحاديتين بروسيا


.. صور لاستمرار المعارك في محيط الكنيسة بمحج قلعة بداغستان




.. زاوية جديدة للاشتباكات المسلحة في محيط الكنيس اليهودي في داغ


.. مشاهد تظهر استيلاء مسلحين على سيارة شرطة أثناء تنفيذ هجوم عل




.. 119-An-Nisa