الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرابين البشرية و المنابع النصية للفكر الارهابي

جلال مجاهدي

2016 / 7 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعلم الانسان أنه سيموت يوما ما , نهاية الرحلة الحياتية ستأتي لا محالة و غرائز البشر و الحيوان تملي عليهما التمسك بالحياة حتى آخر لحظة ,كل من الانسان و الحيوان يستميت ضد الموت حتى في لحظة الموت , جميع المخلوقات تصارع الموت و تتشبث بالحياة إلى أن يصرعها , الموت في معظم الأديان يتم الترتيب له طيلة الحياة بالصلوات و الصدقات و بالنسبة للبعض بالموت نفسه ,هؤلاء المتدينون يعتقدون أنهم باختصارهم لمسافة الرحلة الحياتية و بتقديم أنفسهم كقرابين للإله يضمنون وصولا مريحا وجوائز قيمة في العالم الآخر, أنهار و قصور و خمور و حور عين , تدمير الذات الارادي يذهب ضد كل منطق و حتى المنطق الحيواني يأباه, لكنه المنطق الاستشهادي الجهادي , المجاهد الاستشهادي يقاتل الآخر الذي لا يشاركه المعتقد او المذهب او التصور الوجودي لكي يخلص هذا العالم منه , وهو في سعيه هذا يحاول أن يخلص العالم من نفسه أيضا للدخول إلى الجنة, إنه يعتبر نفسه القربان المثالي النقي و الطاهر المتقبل من الإله في حين أن الآخر لا يعد قربانا يقدمه ودماؤه غير زكية , هذا الجهادي ينفذ إرادة منسوبة لرغبة ا للإله في تدميرحيوات صنعها بنفسه , حيوات أصبح يكرهها لأنها مغايرة لما هي عليه حياة الجهادي و هذا الجهادي قد كلف بأمر سماوي مقدس بالتهجم عليها و تدميرها , قتل مستحق و مبرر و بنصوص مقدسة , هذا الآخر له منظور آخر للحياة و للوجود وللربوبية وبتبنيه رؤية مغايرة هو في نظر الجهادي شخص يطلب عمليا أن يدمر و تزهق روحه الكافرة, إنسان مهدور الدم بكل بساطة , لا مجال للاختلاف و الجهادي يملك الحقيقة المطلقة و كل فكر يخالف حقيقته المطلقة يجب إعدامه , محاربة القناعات الآخرى و الآخر الذي لا يشبهه مطية الجهادي إلى الجنة , يرفع راية الجهاد كي ينتحر باسم الدين ليتمكن من النوم بجانب الحور العين , الجهادي بانتحاره باسم الدين يحاول التسلل إلى العالم الآخر الذي هو في مخيلته عالم جميل مليء بالاشباعات الجسدية التي حرم منها في حياته الدنيوية , غالبية الملتحقين بالتنظيمات الجهادية هم من الطبقات المهمشة حيث يختلط الجهل بالفقر و الدين , دينهم أيضا فقير و هامشي و يشبه كثيرا الواقع الذي يعيشه الجهادي , هو دين عنيف و قاسي كقساوة حياته , الجهادي يسعى و بكل عنف و بدون رحمة لإقامة دولة الله على الأرض, دولة تفرض النقاب و تجلد السكارى , و إذا ما قتل ينتقل إلى دولة الله التي في السماء حيث حورالعين سافرات وأنهار الخمور جاريات , الفكر الجهادي الداعشي يعشش في رؤوس العديد من المسلمين خاصة الذين ذهبوا يبحثون عن الجنة في سوريا و الذين لم يعد يقتصر طموحهم على إيجاد وظيفة في بلدانهم و اقامة شعائرهم وتتبع تلفازهم إلى أن يحين أجلهم, دواعش حتى قبل أن يلتحقوا بداعش, العالم عندهم مقسم إلى صنفين حزب الله المؤمنين و حزب الشيطان الكافرين ومحاربة حزب الشيطان هو واجب على حزب الله لإقامة دولته , لكن العلاقة بين الله و الشيطان نفسيهما حسب المعتقد الديني لم تصل الى هذا المستوى من العداء و اكتفى الاله بطرد الشيطان من الجنة و لم يقم بالإجهاز عليه بل أنظره لملايين السنين و لم يكلف ملائكته بإعلان الجهاد ضده أو قتله و لم يضيق عليه بل تركه وشأنه يغوي بوساوسه الكفار و المنافقين و يشوش على المؤمنين صلاتهم و وضوءهم , فهل الخلاف بين الله و الشيطان يدفع البشر فقط ثمنه , الحقيقة ليست كذلك فحيث يختلف في الناس كاهنان يدفع المؤمنون بهما الثمن, الله و الشيطان ليسا غريمين أو متنافسين على منصب حتى يتصارعا و يختلفا ويحزبا لنفسيهما أحزابا ليشنا على بعضهما الحرب بالوكالة , الصراع إذا بشري و لا علاقة لله أو للشيطان به , كل ما هناك أن الجهاديين لا يزالون يعيشون في الماضي و يجترون الحروف الدينية القديمة اجترارا دون تمحيص أو نقد , لا علاقة لهم بالواقع كما هو و لا يقبلون الرأي المخالف و المعتقد المخالف فكل رأسمالهم نصوص تراثية و قال فلان ابن فلان و روى فلان عن فلان و في ظنهم أن هذه النصوص و الأحاديث تمثل الحقيقة المطلقة حتى لو تعارضت مع المنطق و العقل و العلم , الحاكمية لله كما يتخيلونه بطاشا لا يبالي بالكفار هو محور كل شيء أما الحياة والحضارة و الانسان فلا قيمة لهم ولا يسمح بوجودهم ضمن دائرة الموجودات إلا إذا تطابقوا و معتقد و فكر الجهادي , هذا الفكر ليس حكرا على الاستشهاديين لوحدهم بل يشترك فيه معظم المسلمين و حتى إن قاموا بلوم الجهاديين على ما يقومون به من أفعال القتل و السبي الوحشية , فهم لا يتقبلون إسقاط حرف واحد من نصوصهم التراثية المقدسة الداعية لقتل المخالف بل يتعبدون الله بترديدها رغم عدم تقبلهم لفحواها و رغم سقوط معناها ضمن مدونات القوانين الجنائية , تشبت عصابي بتراث قديم لا يساير الزمان في تطوره , والذي من إفرازاته داعش و أخواتها , العالم الإسلامي مطالب أكثر من أي وقت مضى بالتحلي بالشجاعة بنخل التراث المتوارث و نزع صفة القداسة عنه و بتبني الفكر النقدي و سلوك درب العقلانية و القطع مع فقهاء التزمت الاحياء منهم و الأموات و تجفيف المنابع النصية للفكر الارهابي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المسيحيون في غزة يحضرون قداس أحد الشعانين في كنيسة القديس بو


.. شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد




.. بابا الفاتيكان فرانسيس يصل لمدينة البندقية على متن قارب


.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين




.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ