الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفحات من أصول مذهب الشيعة وتاريخ التشيع | 1

علي شريعتي

2016 / 7 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


التشيع لغة: هو المشايعة أي المتابعة والمناصرة والموالاة (أنظر تاج العروس ولسان العرب مادة شيع) فالشيعة بالمعنى اللغوي هم الأتباع والأنصار وقد غلب هذا الإِسم على أتباع عليٍّ عليه السلام حتى اختص بهم وأصبح إذا اُطلِق ينصرف إليهم.
وبهذا المعنى اللغوي استعمل القرآن الكريم لفظة الشيعة كما في قوله تعالى: (وإنَّ من شيعته لإِبراهيم) الصافات:83 وكقوله تعالى: (هذا من شيعته وهذا من عدوِّه) القصص:15.

والشيعة هم من يقدمون علياً على غيره لوجود نصوص في ذلك أو وجود صفات اختص بها ولم تتوفر لغيره. والواضح من ذلك أنّ جوهر التشيع هو الإِلتزام بإمامة عليٍّ وولده وتقديمه على غيره لوجود نصوص عندهم في ذلك وينتج من ذلك الإِلتزام بأمرين:
الأول: بما أنّ الإِمامة وليدة النصوص فهي امتداد للنبوة يترتب عليها ما يترتب على النبوة من لوازم، إلا الوحي فإنّ نزوله مختص بالأنبياء.
الثاني: أنّ الإِمامة لا تتم بالإِنتخاب والإِختيار وإنّما بالتعيين من الله تعالى فهو الذي ينص على الإِمام، وإنما يختاره لتوفر مؤهلات عنده لا توجد عند غيره.

مَتى بدأ التشيّع
إنّ المؤرخين والباحثين عندما يحددون فترة نشوء التشيع يتوزعون على مدى يبتدئ من أيام النبي ونهاياته بعد مقتل الحسين عليه السلام. على عدة آراء:
أ : رأي يرى أنهم تكونوا بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام. وممن يذهب لهذا: ابن خلدون وأحمد أمين وحسن إبراهيم حسن وجولدتسيهر.
ب : الرأي الذي يذهب إلى أنّ التشيع نشأ أيام عثمان ومن الذاهبين لذلك: جماعة من المؤرخين والباحثين منهم: ابن حزم وجماعة آخرون ذكرهم بالتفصيل يحيى هاشم فرغل في كتابه وقد استند إلى مبررات شرحها.
ج : الرأي الذي يذهب إلى تكوّن الشيعة أيام خلافة الإِمام عليٍّ عليه السلام، ومن الذاهبين إلى هذا الرأي النوبختي في كتابه فرق الشيعة، وابن النديم في الفهرست.
د : الرأي الذي يذهب إلى أنّ ظهور التشيع كان بعد واقعة الطف على اختلاف في الكيفية بين الذاهبين لهذا الرأي حيث يرى بعضهم أنّ بوادر التشيع التي سبقت واقعة الطف لم تصل إلى حد تكوين مذهب متميز له طابعه وخواصه وإنما حدث ذلك بعد واقعة الطف بينما يذهب آخرون إلى إنّ وجود المذهب قبل واقعة الطف كان لا يعدو النزعة الروحية ولكن بعد واقعة الطف أخذ طابعاً سياسياً وعمق جذوره في النفوس وتحددت أبعاده إلى كثير من المضامين. وكثير من المستشرقين يذهبون لهذا الرأي وأغلب المحدَثين من الكتاب، ذكر منهم الدكتور كامل مصطفى الشيبي والدكتور عبد العزيز الدوري وكارل بروكلمان.

وأما رأي جمهور الشيعة وخاصة المحققين منهم ومن المذاهب الاُخرى: أنّ التشيع ولد أيام النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وأنّ النبي نفسه هو الذي غرسه في النفوس عن طريق الأحاديث التي وردت على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وكشفت عما لعليٍّ عليه السلام من مكانة في مواضع متعددة، رواها - إضافة إلى الشيعة - ثقات أهل السنة، ومنها: ما رواه السيوطي عن ابن عساكر عند تفسير الآيتين السادسة والسابعة من سورة البينة بسنده عن جابر بن عبدالله قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فأقبل عليّ عليه السلام، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: (والذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة) فنزل قوله تعالى: (إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) وأخرج ابن مردويه عن عليٍّ عليه السلام قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: ألم تسمع قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ؟ هم أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جاءت الاُمم للحساب تُدْعَوْنَ غراً محجلين) (1)
ومن هنا ذهب "أبو حاتم الرازي" إلى أنّ أول إسم لمذهب ظهور في الإِسلام هو الشيعة، وكان هذا لقب أربعة من الصحابة أبو ذر وعمار ومقداد وسلمان الفارسي، وبعد صفين اشتهر موالي عليٍّ بهذا اللقب (2)
وإنّ بعض هذه الآراء يرجع بالبداية الزمنية في ظهور الشيعة إلى وقت مبكر في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم حيث التأمت جماعة من الصحابة تفضل علياً عليه السلام على غيره من الصحابة وتتخذه رئيساً ومن هؤلاء عمار بن ياسر وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي والمقداد بن الأسود وجابر بن عبدالله واُبيّ بن كعب وأبو أيوب الأنصاري وبنو هاشم الخ.
ولهذا ذهب الباحثون إلى تخطئة من يؤرخ للتشيع وظهوره بعصور متأخرة، مع أنّ الأدلة التاريخية متوفرة على وجودهم أيام الرّسول صلوات الله عليه وآله: يقول الدكتور "محمد بن عبدالله عنان" في كتابه (تاريخ الجمعيات السرية) عند تعليقه على الحادثة التي روتها كتب السيرة حين جمع النبي عشيرته عند نزول قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) 214/الشعراء، ودعاهم إلى اتباعه فلم يجبه الا عليّ بن أبي طالب فأخذ النبي برقبته وقال: (هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا..) الخ. علق محمد عبدالله عنان بقوله: (من الخطأ أن يقال إنّ الشيعة إنما ظهروا لأول مرة عند انشقاق الخوارج بل كان بدء الشيعة وظهورهم في عصر الرسول حين اُمر بإنذار عشيرته بهذه الآية).

الأدلة على تكوّن الشيع أيّام النبي
1 ـ النصوص التاريخية على وصف جماعة بالتشيع أيام النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وقد مرت الإِشارة لذلك، ولهذا يقول الحسن بن موسى النوبختي عند تحديده للشيعة: فالشيعة فرقة عليٍّ بن أبي طالب المسمون بشيعة عليٍّ في زمن النبي ص، ثم عدد جماعة منهم وقال: وهم أول سمي باسم التشيع (3).
2 ـ ما عليه جمهور البحاثين والمؤرخين الذين ذهبوا إلى أنّ التشيع ظهر يوم السقيفة، فإنّ ذلك ينهص دليلاً على وجوده أيام النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، لأنّه من غير المعقول أن يتبلور التشيع باُسبوع واحد ! أي المدة بين وجود الرسول ووفاته بحيث يتخذ جماعة من الناس مواقف معينة ويتضح لهم اتجاه له ميزاته وخواصه، فإنّ مثل هذه الآراء تحتاج في تكوينها وتبلورها إلى وقت ليس بالقليل، وكل من له إلمام بحوادث السقيفة وموقف الممتنعين عن بيعة أبي بكر وحجاجهم في ذلك الموضوع، يجزم بأنّ تلك المواقف لم تتكوّن بوقت قصير وبسرعة كهذه السرعة وذلك لوجود اتجاهات متبلورة وتأصل في طرح نظريات معينة.
3 ـ إنّ من غير المعقول أن ترد على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أحاديث في تفضيل الإِمام عليٍّ عليه السلام والإِشارة إلي مؤهلاته، ثم يقف المسلمون من ذلك موقف غير المبالي، وهم من هم في إيمانهم وطاعتهم للرسول عليه السلام، ولا سيما والمواقف في ذلك قد تعددت، وسأذكر لك منها.
أ ـ الموقف الأول: عندما نزل قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) 214/ من سورة الشعراء، قال المؤرخون: إنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم دعا علياً عليه السلام وأمره أن يصنع طعاماً ويدعو آل عبدالمطلب - وعددهم يومئذ أربعون رجلاً - وبعد أن أكلوا وشربوا من لبن اُعدَّ لهم، قام النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وقال: (يا بني عبدالمطلب إنّي والله ما أعلم شاباً من العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدينا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم ؟ فأحجم القوم عنها جميعاً. يقول عليّ : وقلت وإنّي لأحدثهم سناً وأرمصهم عيناً وأعظمهم بطناً وأحمشهم ساقاً: (أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليهم)، فأخذ برقبتي ثم قال: (إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا)، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع (4).
ب ـ الموقف الثاني: يقول أبو رافع القبطي مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: دخلت على النبي وهو يوحى إليه، فرأيت حية فنمت بينها وبين النبي لئلا يصل إليه أذى منها، حتى انتهى عنه الوحي فأمرني بقتلها، وسمعته يقول: الحمدلله الذي أكمل عليٍّ منته وهنيئاً عليٍّ بتفضيل الله إياه.. بعد أن قرأ قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاه ويؤتون الزكاة وهم راكعون) 55/المائدة. (5) وقد أجمع أعلام أهل السنة والشيعة على نزول هذه الآية في عليّ عليه السلام
ج ـ الموقف الثالث:
موقف النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يوم غدير خُم وذلك عند نزول الآية: (يا أيها الرسول بلغ ما اُنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) 69/المائدة. وعندها أوقف النبي صلى الله عليه وآله وسلّم الركب وصنعوا له منبراً من أحداج الإِبل خطب عليه خطبته المعروفة ثم أخذ بيد عليٍّ وقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، فكررها ثلاثاً ثم قال: «من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه أللهم والِ من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله» فقام الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان، كل على رأس قبيلته ، يقولون: هنيئاً لك يا ابا الحسن، أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة. (كنز العمال 36420، وأخرجه ابن أبى شيبة (6/372، برقم 32118).
وقد ذكر الرازي في سبب نزول الآية عشرة وجوه ومنها أنّها نزلت في عليٍّ عليه السلام ثم عقب بعد ذلك بقوله: وهو قول ابن عباس والبراء بن عازب ومحمد بن عليٍّ، أي: الباقر. (6)
إنّ حديث الغدير أخرجه جماعة من حفاظ أهل السنة وقد رواه ابن حجر في صواعقه عن ثلاثين صحابياً ونص على أنّ طرقه صحيحة وبعضها حسن(7).
وقد ألف في موضوع الغدير من السنة والشيعة ست وعشرون مؤلفاً (8) في أولوية الإِمام علي عليه السلام وتقديمه على كافة الصحابة. والعجب ممن يذهب إلى أنّ لفظ "المولى" هنا إنما يراد منه ابن العم!
إنّ هذه مجرد أمثلة من مواقف النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في التنويه بفضل عليٍّ عليه السلام، ولا يمكن أن تمر هذه المواقف والكثير الكثير من أمثالها دون أن تشد الناس لعليٍّ، ودون أن تدفعهم للتعرف على هذا الإِنسان الذي هو وصيّ النبي، الذي يشركه القرآن بالولاية العامة مع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلّم.
ثم لا بد للمسلمين من إطاعة هذه الأوامر التي وردت بالنصوص والإِلتفاف حول من وردت فيه ذلك هو معنى التشيع الذي نقول: إنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلّم هو الذي بذر بذرته. وقد أينعت في حياته، وعرف جماعة بالتشيع لعليٍّ والإِلتفاف حوله، وللتدليل على ذلك سأذكر لك اسماء الرعيل الأول من الصحابة الذين عرفوا بتشيعهم وولائهم للإِمام عليٍّ عليه السلام.

روّاد التشيّع الأوائل
جندب بن جنادة، أبو ذرّ الغفاري وعمار بن ياسر، سلمان الفارسي، المقداد بن عمر بن ثعلبة الكندي، حذيفة بن اليمان صاحب سر النبي، خزيمة ابن ثابت الأنصاري ذو الشهادتين، الخباب بن الأرت الخزاعي أحد المعذبين في الله، سعد بن مالك أبو سعيد الخدري، أبو الهيثم بن التيهان الأنصاري، قيس ابن سعد بن عبادة الأنصاري، أنس بن الحرث بن منبه أحد شهداء كربلاء، أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد الذي استضافه النبي صلى الله عليه وآله وسلّم عند دخوله للمدينة، جابر بن عبدالله الأنصاري أحد أصحاب بيعة العقبة، هاشم بن أبي وقاص المرقال فاتح جلولاء، محمد بن الخليفة أبي بكر تلميذ عليٍّ وربيبه، مالك بن الحارث الأشتر النخعي، مالك بن نويرة ردف الملوك الذي قتله خالد بن الوليد، البراء ابن عازب الأنصاري، اُبيّ بن كعب سيد القراء، عبادة بن الصامت الأنصاري، عبدالله بن مسعود صاحب وضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ومن سادات القراء، أبو الأسود الدؤلي، ظالم بن عمير واضع اُسس النحو بأمر الإِمام عليٍّ، خالد بن سعيد بن أبي عامر بن اُمية بن عبد شمس خامس من أسلم، اُسيد بن ثعلبة الأنصاري من أهل بدر، الأسود بن عيسى بن وهب من أهل بدر، بشير ابن مسعود الأنصاري من أهل بدر ومن القتلى بواقعة الحرة بالمدينة، ثابت أبو فضالة الأنصاري من أهل بدر، الحارث بن النعمان بن اُمية الأنصاري من أهل بدر، رافع بن خديج الأنصاري ممن شهد اُحداً ولم يبلغ وأجازه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كعب بن عمير بن عبادة الأنصاري من أهل بدر، سماك بن خرشة أبو دجانة الأنصاري من أهل بدر، سهيل بن عمرو الأنصاري من أهل بدر، عتيك بن التيهان من أهل بدر، ثابت بن عبيد الأنصاري من أهل بدر، ثابت بن حطيم ابن عدي الأنصاري من أهل بدر، سهيل بن حنيف الأنصاري من أهل بدر، أبو مسعود عقبة بن عمر من أهل بدر، أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم الذي شهد مشاهده كلها مع مشاهد عليٍّ عليه السلام وممن بايع البيعتين العقبة والرضوان وهاجر الهجرتين للحبشة مع جعفر وللمدينة مع المسلمين، أبو بردة بن دينار الأنصاري من أهل بدر، أبو عمر الأنصاري من أهل بدر، أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري من أهل بدر، عقبة بن عمر بن ثعلبة الأنصاري من أهل بدر، قرظة بن كعب الأنصاري، بشير بن عبدالمنذر الأنصاري أحد النقباء ببيعة العقبة، يزيد بن نويرة بن الحارث الأنصاري ممن شهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بالجنة، ثابت بن عبدالله الأنصاري، جبلة بن ثعلبة الأنصاري، جبلة بن عمير بن أوس الأنصاري، حبيب بن بديل بن ورقاء الخزاعي، زيد بن أرقم الأنصاري، شهد مع النبي صلى الله عليه وآله وسلّم سبعة عشر وقعة، أعين بن ضبيعة بن ناجية التميمي، الأصبغ بن نباتة، يزيد الأسلمي من أهل بيعة الرضوان، تميم بن خزام، ثابت ابن دينار أبو حمزة الثمالي صاحب الدعاء المعروف، جندب بن زهير الأزدي، جعدة بن هبيرة المخزومي، حارثة بن قدامة التميمي، جبير بن الجناب الأنصاري، حبيب بن مظاهر الأسدي، حكيم بن جبلة العبدي الليثي، خالد ابن أبي دجانة الأنصاري، خالد بن الوليد الأنصاري، زيد بن صوحان الليثي، الحجاج بن غاربة الأنصاري، زيد بن شرحبيل الأنصاري، زيد بن جبلة التميمي، بديل بن ورقاء الخزاعي، أبو عثمان الأنصاري، مسعود بن مالك الأسدي، ثعلبة أبو عمرة الأنصاري، أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي، عبدالله بن حزام الأنصاري شهيد اُحد، سعد بن منصور الثقفي، سعد بن الحارث ابن الصمد الأنصاري، الحارث بن عمر الأنصاري، سليمان بن صرد الخزاعي، شرحبيل بن مرة الهمداني، شبيب بن رت النميري، سهل بن عمر صاحب المربد، سهيل بن عمر أخو سهل المار ذكره، عبد الرحمن الخزاعي، عبدالله بن خراش، عبدالله بن سهيل الأنصاري، عبيد الله بن العازر، عدي ابن حاتم الطائي، عروة بن مالك الأسلمي، عقبة بن عامر السلمي، عمر بن هلال الأنصاري، عمر بن أنس بن عون الأنصاري من أهل بدر، هند بن أبي هالة الأسدي، وهب بن عبدالله بن مسلم بن جنادة، هاني بن عروة المذحجي، هبيرة بن النعمان الجعفي، يزيد بن قيس بن عبدالله، يزيد بن حوريت الأنصاري، يعلى بن عمير النهدي، أنس بن مدرك الخثعمي، عمرو العبدي الليثي، عميرة الليثي، عليم بن سلمة التميمي، عمير بن حارث السلمي، علباء بن الهيثم بن جرير وأبوه الهيثم من قواد الحملة في قتال الفرس بواقعة ذي قار، عون بن عبدالله الأزدي، علاء بن عمر الأنصاري، نهشل بن ضمرة الحنظلي، المهاجر بن خالد المخزومي، مخنف بن سليم العبدي الليثي، محمد بن عمير التميمي، حازم بن أبي حازم النجلي، عبيد بن التيهان الأنصاري، وهو أول المبايعين للنبي ليلة العقبة، أبو فضالة الأنصاري، أويس القرني الأنصاري، زياد بن النضر الحارثي، عوض بن علاط السلمي معاذ بن عفراء الأنصاري، عبدالله بن سليم العبدي الليثي، علاء بن عروة الأزدي، القاسم بن سليم العبدي الليثي، عبدالله بن رقية العبدي الليثي، منقذ بن النعمان العبدي الليثي، الحارث بن حسان الذهلي صاحب راية بكر بن وائل، بجير بن دلجة، يزيد بن حجية التميمي، عامر بن قيس الطائي، رافع الغطفاني الأشجعي، سالم بن أبي الجعد، عبيد بن أبي الجعد، زياد بن أبي الجعد، أبان ابن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس من أمراء السرايا أيام النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ومن خلص أصحاب الإِمام عليّ عليه السلام. حرملة بن المنذر الطائي أبو زبيد.
والمجموع مائة وثلاث وثلاثون (9).

تعقيب على الرواد من الشيعة
أولاً: إنّ هؤلاء الشيعة الذين مر ذكرهم مع أنّهم كانوا من الذاهبين إلى أولوية الإِمام عليٍّ عليه السلام بالخلافة لأنّه الإِمام المفترض الطاعة المنصوص عليه ومع اعتقادهم بأنّ من تقدم عليه أخذ ماليس له ومع امتناع كثير منهم من البيعة للخليفة الأول واعتصامهم ببيت الإِمام عليٍّ عليه السلام مع كل ذلك لم يعرف عن أحد منهم أنّه شتم فرداً من الصحابة أو تناوله بطريقة غير مستساغة بل كانوا أكبر من ذلك وأصلب عوداً من خصومهم ـ مما يدل على أنّ بعض من عرف بظاهرة شتم الصحابة إنّما صدر منه ذلك كعملية رد فعل لأفعال متعددة وسنمر على ذلك قريباً
وقد حرص أمير المؤمنين عليه السلام على تربية أتباعه على المنهج السليم ومن مواقفه في ذلك ما رواه نصر بن مزاحم قال: مرّ أمير المؤمنين عليه السلام على بعض من كان في جيشه بصفين فسمعهم يشتمون معاوية وأصحابه فقال لابن عدي ولعمرو بن الحمق وغيرهما: كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين تشتمون وتبرأون ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم فقلتم من سيرتهم كذا وكذا ومن أعمالهم كذا وكذا كان أصوب في القول وأبلغ في العذر وقلتم مكان لعنكم إياهم وبراءتكم منهم اللهم احقن دماءهم ودماءنا، وأصلح ذات بيننا وبينهم واهدهم من ضلالهم حتى يعرف الحق من جهله منهم، ويرعوي عن الغيّ والعدوان منهم من لهج به لكان أحب إليَّ وخيراً لكم فقالوا: يا أمير المؤمنين نقبل عظتك ونتأدب بأدبك(10)
من أجل ذلك كله كان الشيعة أطهر أَلسنةً من أن يشتموا وأبعد عن هذا الموقف النابي ولذلك رأينا كثيراً من الباحثين يؤكدون هذا الجانب في حياة الرواد الأوائل من الشيعة مع أنهم يثبتون عقيدتهم بتقديم الإِمام عليٍّ عليه السلام، ومن هؤلاء ابن خلدون يقول:
(كان جماعة من الصحابة يتشيعون لعليٍّ ويرون استحقاقه على غيره ولما عدل به إلى سواه تأففوا من ذلك وأسفوا له إلا أنّ القوم لرسوخ قدمهم في الدين وحرصهم على الإِلفة لم يزيدوا في ذلك على النجوى بالتأفف والأسف) (11).
حتى في الفترة الثانية أي في عهود الاُمويين كان معظم الشيعة يتورعون عن شتم أحد من الصحابة، أو التابعين: يقول ابن خلكان في ترجمة يحيى بن يعمر: كان شيعياً من القائلين بتفضيل أهل البيت من غير تنقيص لغيرهم (12).

الشيعة غير الروافض
إن هذا الزمن الذي نشأ فيه نعت الشيعة بالروافض هو في أيام الأمويين، يقول محمد مرتضى الزبيدي في تاج العروس: والروافض كل جند تركوا قائدهم، والرافضة فرقة منهم، والرافضة أيضاً فرقة من الشيعة، قال الأصمعي: سموا بذلك لأنهم بايعوا زيد بن علي، ثم قالوا له تبرأ من الشيخين، فأبى وقال لا كانا وزيريْ جدي فتركوه ورفضوه وارفضّوا عنه (13).
ومن هذا ومن غيره مما نقله أصحاب المقالات مما لا يخرج عن نفس المضمون، يتضح أنّ اصطلاح الروافض مأخوذ بمعناه اللغوي في انّه لكل جند رفضوا قائدهم، وتطبيقه على أصحاب زيد الذين رفضوه، من باب تطبيق الكلي على أحد مصاديقه، وإلى هنا فإنّ المسألة طبيعية.
ولكن الذي يلفت النظر أن يكون أصحاب زيد طلبوا منه البراءة من الشيخين فإنّ ذلك محل تأمل طويل للأسباب التالية:
1 ـ إنّ هؤلاء الذين طلبوا البراءة لو كانوا شيعة فلا بد أنهم حريصون على نصر زيد وكسب المعركة ضرورة أنّ مصيرهم مرتبط بمصير زيد، فإذا هزم فمعنى ذلك القضاء عليهم، خصوصاً وأنّ خصومهم الاُمويون الذين يقتلون على الظنة والتهمة كل من يميل إلى آل أبي طالب، فما الذي دفعهم إلى خلق هذه البلبلة التي أدت إلى انفضاض جند زيد عنه ؟ وبالتالي إلى خسارته للمعركة فموته شهيداً على أيدي الاُمويين.. قد يكون هؤلاء ليسوا من الشيعة وإنّما هم جماعة مندسة أرادت إحداث البلبلة للقضاء على زيد واحتمال كسبه للمعركة.
2 ـ وعلى فرض التنزل والقول بوجود فرقة خاصة من رأيها رفض الشيخين فما معنى سحب هذا اللقب على كل شيعي يوالي أهل البيت حتى أصبح هذا الأمر من المسلمات فوجدنا الإِمام الشافعي يقول في أبياته الشهيرة:
يا راكباً قف بالمحصَّب من منى * واهتف بقاعد جمعها والناهض
سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضاً كملتطم الفرات الفائض
أعلمتمُ أنّ التشيع مذهبي * إنّي أقول به ولست بناقض
إن كان رفضاً حبّ آل محمدٍ * فليشهد الثقلان أنّي رافضي

البيت الأخير من هذه الأبيات ذكره الزبيدي في تاج العورس في مادة رفض، وباقيها في ترجمة الشافعي بمختلف الكتب.
إنّ تعبير الإِمام الشافعي: إن كان رفضاً حبّ آل محمد يدل على أنّ هناك إرادة لسحب اللقب (هو رافضي) على كل شيعي مبالغة في التشهير بهم وشحن المشاعر ضدهم مما سنلمح كثيراً من الأمثلة له، ومما يؤيد على أنّها تتمشى مع تخطيط شامل يستهدف محاصرة التشيع والتشهير به وبكل وسيلة سليمة كانت أم لا.
3 ـ قد يقال إنّه لا شك في وجود جماعة شتّامين للصحابة، فما هو السبب ؟ في حين تدعون أنّ الشتم لا تقره الشيعة ولا أئمتهم. وللجواب على هذا السؤال لا بد من الرجوع إلى مجموعة من الأسباب تشكل فعلاً عنيفاً استوجب رد الفعل ومن هذه الأسباب ما يلي:

أسباب الشتم
أ ـ المطاردة والتنكيل المروع للشيعة وبالشيعة وما تعرضوا له من قتل وإبادة على الظِنة والتهمة، وفي أحسن الحالات الملاحقة لهم والمحاربة برزقهم ومنعهم عن عطائهم من بيت المال وفرض الضرائب عليهم وعزلهم اجتماعياً وسياسياً، وبوسع القارئ الرجوع إلى التاريخ الاُموي في الكوفة وغيرها من المدن الشيعية ليقف بنفسه على ما وصلت إليه الحالة وما انتهى إليه ولاة الاُمويين من قسوة ومن هبوط في الإِنسانية إلى مستويات يتبرأ منها الوحش في العهدين الاُموي والعباسي(14).
ب ـ إنّ الذي أسس هذه الظاهرة هم الاُمويون أنفسهم لأنّهم شتموا الإِمام علياً عليه السلام على المنابر وشتموا أهل البيت لمدة ثمانين سنة!
واستمر هذا الوضع حتى أنّ محاولة الرجل الطيب "عمر بن عبدالعزيز" لم تنجح في منع الشتم، وكانت كلمة الاُمويين وبالذات معاوية أنّهم إنما أسسوا شتمه ليدرج عليه الصغير ويهرم عليه الكبير، فنشأت مقابل ذلك ردة الفعل.
ومما عمّق هذه الظاهرة: هو الإِلتواء في معالجة هذه المشكلة من قبل بعض أعلام السنة:
وعلى سبيل المثال نجد "ابن تيمية" يؤلف كتابه "الصارم المسلول" في كفر من شتم الرسول أو أحد أصحاب الرسول، ويحشد فيه الأدلة على كفر الشاتم، ولكنّه مع ذلك ومع علمه بما قام به معاوية والأمويون، لا يقول بكفر الامويين الذين قاموا بشتم الإِمام عليه السلام وأهله.
وإليك مثالاً آخر: لقد تولى يزيد بن معاوية الحكم لمدة ثلاث سنوات قتل في سنة منها الحسين وأهل بيت رسول الله وسبى عيالهم وذبح أطفالهم وعمل فيهم أعمالاً لا تصدر من كسرى وقيصر.
وفي سنة ثانية قتل عشرة آلاف من المسلمين وسبعمائة من الصحابة حملة القرآن، واستباح المدينة ثلاثة أيام، وسمح لجند أهل الشام أن يهتكوا أعراض المسلمات، وذبح الأطفال حتى كان الجندي الشامي يأخذ الرضيع من ضرع اُمه ويقذف به الجدار حتى ينتشر مخه على الجدار وأجبر الناس على بيعة يزيد على أساس أنّهم عبيد له، أخاف المدينة وروع الناس وأحال أرض المدينة المنورة إلى برك من الدماء وتلول من الأشلاء.
وفي سنة ثالثة سلط المنجنيقات على الكعبة وهدمها وأحرقها وزعزع أركانها وجعل القتال داخل المسجد الحرام وسال الدم حتى في قاع الكعبة وقد استعرض ذلك مفصلاً كل من تاريخ الخميس للديار بكري والطبري وابن الأثير والمسعودي في مروج الذهب وغيرهم من المؤرخين في أحداث سنة ستين حتى ثلاث وستين من الهجرة. ومع ذلك كله تجد كثيراً من أعلام السنة يخطئون من يخرج لقتال يزيد وأنّ الخارج عليه يحدث فتنة ووصل الأمر إلى حد تخطئه الحسين عليه السلام.
وهذا الإِمام الغزالي يقول في باب اللعن من كتابه إحياء العلوم:
فإن قيل: هل يجوز لعن يزيد لأنّه قاتل الحسين، أو أمر به؟ قلنا هذا لم يثبت أصلاً ! فلا يجوز أن يقال إنّه قتله أو أمر به مالم يثبت، فضلاً عن لعنه، لأنّه لا يجوز نسبة مسلم إلى كبيرة من غير تحقيق، إلى أن قال: فإن قيل: أن يقال «قاتل الحسين لعنه الله، أو الآمر بقتله لعنه الله» قلنا: الصواب أن يقال: قاتل الحسين إن مات قبل التوبة لعنه الله (15).
إن كل كتب السير والتاريخ عند المسلمين والتي نصت على صدور هذه الأحداث أمراً ومباشراً من يزيد، كلها لا تثبت أفعال يزيد ولا تدينه عند الغزالي. وأما أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيقول ابن خلدون في مقدمته ص: 564 (وشذ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها ! وفقه انفردوا به وبنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح (16) وعلى قولهم بعصمة الأئمة ورفع الخلاف عن أقوالهم.. وهي كلها اُصول واهية).
ونترك الحكم للقارئ الكريم (17)

_____________________________
(1) الدر المنثور للسيوطي 6/376. وليس مقصد النبي ص اتباع علي في حياته كشخص، وإنما اتباع نهجه الذي ورثه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أول الورثة، وعلى رأس كل قرن إمام وارث ينوب عن حضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما جعل علياً كرمز لهؤلاء جميعاً، لأنهم بدءاً من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحتى الإمام المهدي إنما يمثلون خطاً واحداً، على خلاف الخط الأموي المناهض لأهل البيت والمشروع النبوي.
(2) روضان الجنات للخونساري ص88.
(3) الفرق والمقالات للنوبختي باب تعريف الشيعة.
(4) تاريخ الطبري 2/216، وتاريخ ابن الأثير 2/28.
(5) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد لابن حجر الهيثمي 14764
(6) تفسير الرازي 3/431.
(7) الصواعق المحرقة الباب الثاني من الفصل التاسع.
(8) أعيان الشيعة ج3 باب الغدير.
(9) وقد نصت على تشيعهم المصادر التالية: الكامل للمبرد هامش رغبة الأمل 7/130، وأسد الغابة 1/35 ط أوفست حرف الألف، و1/61 طبع دمشق، وفجر الإِسلام ص267، والاستيعاب 1/280، ومدخل موسوعة العتبات المقدسة الفصل الخاص بالشيعة بقلم عبدالواحد الأنصاري.
(10) صفين لنصر بن مزاحم ص115.
(11) تاريخ ابن خلدون 3/364.
(12) وفيات الأعيان 2/269.
(13) تاج العروس 5/34. وبمثله قال الجوهري في الصحاح 3/1078
(14) انظر مروج الذهب للمسعودي 3/12 و50، وانظر تاريخ الطبري 6/344.
(15) إحياء العلوم 2/276.
(16) يعني معاوية بن أبي سفيان وبني أمية.
(17) هويّة التشيع، أحمد الوائلي.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التشيع فارسي
جاسم محمد كاظم ( 2018 / 7 / 19 - 20:11 )
المذهب الشيعي فارسي الاصل وكل نصوصة وادبة كتبة الفرس بعد الغيبة الصغرى المزعومة وهو نسخ للتاريخ والمعتقد الفارسي بادخال اسماء اهل البيت واحلالها محل تلك الاسماء .. هذا هو التفسير المادي الماركسي لهذا المذهب

اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال