الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطائفية و بوالين ابو حامد

محمد عبدالله الاحمد

2005 / 12 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما كنت صغيرا كنا نخرج من المدرسة في الواحدة و النصف لنجد ابو حامد بياع الغزلة في انتظارنا .. و كان ابو حامد لا يكتفي بالغزلة و غالبا ما كان يربط (كوشة) من البوالين الملونة في مقود( البسكليت) حيث كانت بوالينه تربو على الخمسين بالون و بمختلف الالوان ..
كان المشهد مسرحيا جميلا و ملونا , كل من عاشه يدرك لذته و مسببات سيلان اللعاب لمجرد رؤيته و نحن خارجين من ( سجن ) المدرسة الى اللعب و الفرح ..ولا زلت حتى الان اتساءل هل تكون المدرسة مدرسة و نحن نرقص و نصيح (هييييييييي) عندما يقرع الآذن جرس نهاية الدوام ( لكن هذه حكاية اخرى لغير اليوم ) .
البوالين الملونة حكاية ... ازرق و احمر و اخضر و ابيض .. كنت اطلق العنان لمخيلتي لاتمناها تطير دفعة واحدة مع بعضها , تنطلق في السماء مع بعضها و كيفما اتفق .
مرة تعبت مخيلتي و وصلت الى حد تخيل ان البوالين طارت من ابوحامد هذه المرة و لكنها طارت مختلفة كل لون طار وحده , كان حلم يقظة مستحيل . كان حلما غريبا لا أعرف من أين أتاني .
كوشة ابو حامد تمر من حين الى آخر على بالي , تمر احيانا حبا بالالوان و ربما حبا بالطيران و الحرية .. و لكنها مرت منذ يومين اثناء التفكير بالطائفية ! .. نعم هذا ما حصل , فالبعض يعلن استعداده ربما للاقتناع بان كل لون ( طائفة ) يجب و يمكن ان يطير لوحده حسما لكل جدال و ايضا تحت بند ( الحرية ) و كم من جرائم تمت تحت بند الحرية ؟
ربما كان هؤلاء يرون في الحرية مجرد( الطيران من يد ابي حامد ) اما انا فلازلت أرى ان الطيران بهذه الطريقة للاعلى و كل لون بمفرده هو خسارة كل شيء و ربما هو الاستمتاع بطيران ( انتحاري ) و لمرة واحدة هؤلاء ربما رأوا الطيران المنفرد اجمل و هو يمثل حرية اللون في اختيار طريقه , اما انا فلا زلت ارى انها حرية اللون في اختيار .. الانتحار .
لقد سعدت حقيقة لمقالة كتبها عضو في حركة الاخوان المسلمين يقر فيها ان الطائفية ضد الاسلام و تخالف مفهوم الايمان الاسلامي نفسه . و هانحن نرى اذن كيف يقترب الاخوان المسلمون ( نظريا) بالتدريج الى مرحلة ينتقلون فيها من خطاب فئوي طائفي متعصب ملأ منشوراتهم نهاية السبعينات و بداية الثمانينات الى مرحلة جيدة للغاية يقرون فيها بأن الطائفية كتفكير و ممارسة هي .... لا قرآنية .
لكن بينما يقطع الاخوان طريقهم ( الضروري ) نحو التكيف مع حاجات الوطن ربما وصولا حتى لقبول اعضاء غير مسلمين في حركتهم السياسية على اساس ان السياسي خادم الديني و ليس العكس و على اساس الاقتناع الضروري باننا نستطيع الفصل بين العمل السياسي الذي يجب النضال فيه تحت عناوين سياسية مثل ( الحرية و المساواة و العدل ) و كل هذه تصلح لوحدها اسما لحزب سياسي , و العمل الديني الذي يمكن لجماعة ما ان تيقيه في حدود هي تختارها لاسباب تجمع بالتفكير اناسا بعينهم دون غيرهم . الفصل اذن بينهما يكون اكثر من ضروري لان القائد السياسي يجب ان يقود الجميع و يمثل الجميع , بينما الداعية الديني يدعوا فقط من يوافق على دعوته .
لكن الملفت للنظر انه بينما يسير الاخوان نحو الامام , ترى اناسا يتركون مواقع التفكير الموضوعي و يمارسون نوعا من الطائفية ( الفرزية ) و اكبر دليل على ذلك للاسف جاء من اناس يمثلون تاريخيا مدارس فكرية تقدمية و قومية و نعني جماعة اعلان دمشق و المفارقة ان الاخوان وقعوا الاعلان ايضا .
الطائفية مصيبتها انها لا تقف حتى عند حد الطائفة فهي تدمن التقطيع و التقسيم و تحول في مرحلة تالية الطائفة نفسها الى طوائف و الطويئفات الى عوائل و هكذا حتى لا يبقى الا التجمع حول الذات و التحالف مع انانيتها و نمطية رفضها للآخر و لا بد لا بد ان ترفض الذات نفسها فيما بعد .
ان بالونات ابو حامد لن تطير متفرقة بل اذا طارت فستطير عل هيئة ( كوشة ملونة ) و الاحسن ربما ان لا تطير اذا كان المقصود من الطيران , طيران الانتحار لمرة واحدة و ليس طيران .... الحرية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية


.. 110-Al-Baqarah




.. لحظة الاعتداء علي فتاة مسلمة من مدرس جامعي أمريكي ماذا فعل