الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اوركاجينا الملك السومري ..رائد الإصلاح الاول في العراق القديم

نور خضير بدر

2016 / 7 / 14
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


اوركاجينا هو أحد ملوك سلالة لكش الأولى وصاحب أكبر إصلاح اقتصادي واجتماعي لحد الآن. وقد اكتشفت تلك الإصلاحات في مدينة لكش عام 1878م. وقد ظهر ان هذا الملك قضى على المساوئ التي كانت سائدة في تلك الفترة، كما أعاد العدل والحرية للمواطنين، وأزال عنهم المظالم والاستغلال. حيث قاد أوركاجينا أول انتفاضة اجتماعية في تاريخ العالم حيث ظهرت لأول مرة كلمة حرية (امارجي) في وثيقة مكتوبة. كما عمل على تخفيض الضرائب التي كانت مفروضة على الشعب، ومنع تسلط الجباة واللصوص على الضعفاء، وتعهد بأنه: «لن يسمح بأن يقع اليتامى فريسة لظلم الأقوياء»، وبإزالة الظلم ونشر العدل بين طبقات المجتمع ووضع حد لكبار الموظفين في ابتزاز أموال عامة الشعب. وتعتبر هذه الوثيقة هي أول قانون أنساني نادى بحقوق الإنسان وحريته لأول مرة في التاريخ البشري. ومما يذكر في هذه الوثيقة ان اوركاجينا قد قنن القوانين التي وفرت للشعب الحرية والعدالة. إلا أن هذه القوانين لم تكتشف بعد، ولكن حمورابي كان قد استفاد منها لاحقاً عند صياغة شريعته المعروفة .

أوركاجينا هو الملك الثامن من ملوك سلالة (لكش) التي حكمت بلاد الرافدين، وقد بدأ حكمه حوالي 2355 قبل الميلاد، وتُعد إصلاحاته من أقدم الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية المعروفة حتى الآن، كما بينا أنفاً. هذه الاصلاحات والتشريعات التي اعتمدها اوركاجينا كانت الاولى في التاريخ، ليس في العراق فحسب، بل في جميع بلدان العالم القديم. وقد سبق أوركاجينا حمورابي بحوالي خمسة قرون. كانت إصلاحاته تمس تخفيض الضرائب والمساواة بين الأغنياء والفقراء والقضاء على استغلال الطبقات الفقيرة، وهو أول من سن رجم السارق بالرجم بالحجارة، وقد بقيت تعاليمه التي تشبه القوانين لعهد حمورابي. حدثت اصلاحات اوركاجينا في دولة لكش السومرية في القرن الرابع والعشرين ق م، وقد كان ذلك الاصلاح قضائيا موجها للقضاء على الفساد الاداري في دوائر الدولة. كفرض ضرائب باهظة او الاستحواذ على ممتلكات المعبد. فبعد ان احس اهل لكش بهذا الحيف والظلم الفادح الواقع عليهم، أطاحوا بسلالة (اور- نانشة) واختاروا اوركاجينا حاكما عليهم، الذي اتصف عهده بالإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية. كانت دولة لكش في الالف الثالث قبل الميلاد تتألف من مجموعات صغيرة من مدن متجمعة حول المعابد، تتبع في سيادتها الى ملك سومر، لكن في الواقع كان يحكمها ( ايشاكو) نائب الاله الحامي.

قد يعتبر ما قام به اوركاجينا من اصلاحات على انها قانون لولا خلوّه من المقدمة والخاتمة، حيث ان تلك الاصلاحات المنسوبة الى هذا العاهل السومري عندما حكم لكش في القرن الرابع والعشرين ق.م والتي تعد أقدم وثيقة تاريخية تشير صراحة الى اهمية حقوق الإنسان، والتأكيد على حريته ،فقد عثر في مدينة الشطرة جنوب العراق على لوح سومري يضم هذه الاصلاحات والتي تدعو للقضاء على التمايز الاجتماعي بين الفقراء والاغنياء، وازالة الظلم والاستغلال الواقع على الفقراء من قبل الاغنياء والمتنفذين ورجال المعبد حيث ورد نص يقول فيها أن بيت الفقير صار بجوار بيت الغني. وقد قام هذا العاهل بالفعل بوضع القوانين التي توفر للشعب الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة حيث أن من إصلاحاته ايضا تحريم الزواج بأكثر من زوجة، وفرض عقوبة الموت على من يخالف ذلك ،ومنع الاغنياء والكهنة والمرابون من استغلال الناس الفقراء ،ومنع ضريبة دفن الموتى وحاسب الكهنة عليها، وعاهد الاله بانه لن يسلم الضعيف والأرملة الى القوي.

كما وأكد هذا العاهل تأييده لطبقة المحاربين وطبقة جماهير الشعب من رفع عنهم اضطهاد الكهنة وجباة الضرائب، وانقص الضرائب التي فرضها الكهنة في حوادث الاحوال الشخصية ،وفي مقدمتها الزواج والطلاق، ووضع حدا لاستحواذ طبقة الحكام على أملاك المعابد ، وتحديد سلطات الطبقة الحاكمة ، وعمل على معالجة الجرائم ، وتنظيم العقوبات الخاصة بها، واهتم بالأحوال الشخصية مثل تحريم زواج المرأة من رجلين في آن واحد، وأمر بالعفو عن المسجونين والموقوفين بسبب ديونهم السابقة ، أو لسبب استحقاق الضرائب عليهم الى السلطة الحاكمة، وفرض الرجم على السارق. ومن اصلاحاته ايضاً، أذا أراد وجيه ( متنفذ) شراء حمار أو بيت يعود الى فقير ، فباستطاعة الفقير ان يطلب الثمن الذي يريده من الوجيه، وعلى هذا الوجيه ان يدفع الثمن بنقود معتمدة، ولا يستطيع بأي حال من الاحوال أن يضطهد الفقير اذا رفض البيع.
لا يمكن للتاريخ ان يغفل دور اوركاجينا كمصلح اجتماعي رغم فترة حكمه القصيرة نسبياً والتي امتدت لثمانية اعوام فقط للفترة من 2378 الى 2370 ق. م والتي شهدت كل هذه المنجزات والاصلاحات والتشريعات.
لم تلاقي الاصلاحات التي قام بها اوركاجينا الوقت الكافي لاستقرار الاحوال لان التغيير المفاجئ قد يكون صعب التقبل، حيث لاقت بعض المقاومة من قبل بعض الطبقات الاجتماعية المتضررة والتي ساعدت على اضعاف لكش وسلطة اوركاجينا وحرضت على بعض التمرد مما مهد لظهور شخصية قوية هي لوكال زاكيزي والذي قد تناولناه في مقال سابق. قام زاكيزي وهو آخر حكام أوما، بشن حرب خاطفة و طاحنة على اوركاجينا والذي اصبح اخر حكام لكش مما احث نهاية مفجعة لعصر اوركاجينا ولإمبراطورية لكش والتي انتهت اليها حيث تم حرق وتدمير لكش بالكامل وتشريد سكانها ليلا وهدم معابدها وقصورها وضياع معالمها وذلك في حدود عام 2355 ق.م .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من ساحة الحرب إلى حلبة السباقات..مواجهة روسية أوكرانية مرتقب


.. محمود ماهر يطالب جلال عمارة بالقيام بمقلب بوالدته ????




.. ملاحقات قضائية وضغوط وتهديدات.. هل الصحافيون أحرار في عملهم؟


.. الانتخابات الأوروبية: نقص المعلومات بشأنها يفاقم من قلة وعي




.. كيف ولدت المدرسة الإنطباعية وكيف غيرت مسار تاريخ الفن ؟ • فر