الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلاغة القرآن ورداء الملك العاري

نجم النسّاج

2016 / 7 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بلاغة القرآن ورداء الملك العاري ؛؛؛
#نجم_النسّاج
في خضم الجدالات الدائرة حول ما إذا كان القرآن كلام الله أم من تأليف محمد، يتنطح لك المئات من المسلمين يحدثونك عن بلاغة القرآن وإعجازه اللغوي، معظمهم لم يقرأ من القرآن سوى الكوثر والإخلاص والناس، ومن قرأ منهم لا يفهم ما يقرأ، يدلك على ذلك ركاكة أسلوبهم في النقاش والأخطاء اللغوية والنحوية والإملائية التي لا يجوز أن يقع فيها طالب في الابتدائي.
بالطبع أنا لا أتوقع من جميع العرب أن يكونوا سيبويه والأصمعي، لكن حريُ بمن يخوض في البلاغة والإعجاز اللغوي أن يكون متمكناً من اللغة، عارفاً بقواعدها مطلعاً على أسرارها، وما ترديد اسطوانة البلاغة القرآنية والإعجاز اللغوي فيها إلا واقع مطابق ٌ لقصة للكاتب الدنماركي هانس كريستيان أندرسن عن قصة رداء الملك العاري.
تقول القصة أنه كان هناك ملك مولع بالثياب الجديدة، وكان يُنفق على ثيابه مبالغ باهظة، ويهتمّ بلباسه أكثر من اهتمامه بمملكته وشعبه، وذات يوم جاءه محتالان يدّعيان أنهما نسّاجان، وأنهما مستعدان لصناعة ثوب خاص، يراه الأذكياء فقط، ويعمى عن رؤيته الحمقى والأغبياء، يُبصره من هو كفؤ لمنصبه، ومن لا يتمكن من رؤيته فلا يستحق أي منصب.
فقال الملك هذا ثوب رائع، لو أمكنني الحصول عليه لأمكنني معرفة من في مملكتي يتّسم بالحكمة والعقل، ومن هُم الحمقى والمغفلين، ولاستطعت اختيار الأكفاء فقط حولي، وطرد من هُم غير جديرين بالعمل مع ملك عظيم مثلي، ثم أمر من فوره بأن يبدأ الرجلان في عمل الثوب، وأمَر لهما بمبلغ كبير من المال كي يستطيعا البدء في العمل بلا إبطاء.
فقام النساجان المحتالان بنصب نوْلين، وأخذا في الانهماك في عمل وهمي، يديران ماكينة الخياطة ولا يضعان فيها شيئاً، ويخزّنان الحرير الفاخر وخيوط الذهب الغالية التي أمر بها لهما الملك، وطار خبر هذا الثوب في أرجاء المملكة، وبات كل واحد في شغف كي يعرف مدى حكمة أو حماقة صاحبه، ومن يستحقّ عمله ومن لا يستحقه.
وبعد فترة من بدء العمل المزعوم قرر الملك أن يرسل شخصاً إلى النساجيْن ليستطلع أمر الثوب ويحثّهما على إنهائه، وقال لنفسه: لا بد أن أرسل رجلاً حكيماً رصيناً، كي يستطيع رؤية الثوب، وليس هناك شخص في المملكة -بعدي- أحكم من الوزير العجوز، إنه أجدر شخص أرسله ليستطلع الأمر، وهكذا ذهب الوزير الحكيم إلى القاعة حيث يعمل المحتالان بهمّة على النوْلين الفارغين! فقال في نفسه وهو يحملق في النوْلين الفارغين: عجباً! ما الذي يفعله هذان الرجلان؟! لا يوجد شيء في النوْلين، والماكينة ليس بها خيط واحد، سحقاً.. ثم بادر نفسه بأن الثوب لا يراه إلا الحكيم والذي يستحقّ منصبه فقط، لا شك أنني لست بالحكمة التي كنت أظنها؛ فلأكتم الخبر، وأخفي أمري إذن، أيقظه المحتالان من خواطره وهما يقولان له: ما رأيك يا سيدي في هذا الثوب الرائع، لم يتبقَّ إلا أيام وننتهي منه، هل أعجبتك الألوان التي اخترناها للملك، فقال لهما الوزير بسرعة: هذا عمل رائع جداً؛ نوع القماش والألوان، هذا جهد ضخم، يجب أن أُخبر الملك به فور وصولي.. بورك فيكما!! وطلب المحتالان مزيداً من الحرير وخيوط الذهب كي يستكملا العمل؛ فأمر لهما الوزير بما يريدان؛ فوضعاه في مخبئهما، واستمرا في العمل على النوْل الفارغ بهمّة ونشاط.
وهكذا انشغلت المدينة بأمر هذا الثوب الرائع الذي سيكشف به الملك الرجل الأحمق مَن الرجل الحكيم، ويعرف من خلاله مَن يستحقّ منصبه ممن يجب عزله فوراً، وحانت ساعة الصفر، وأعلن المحتالان أن الثياب جاهزة، وقرر الإمبراطور أن يكون هناك موكب كبير يطوف المدينة به وهو يرتدي ثيابه الجديدة.
جاء المحتالان إلى الملك وهما يحملان على أكفهما الثوب المزعوم، والناس تنظر إليهما في تعجّب خفي، وتُطلق شهقات الاستحسان والانبهار عالياً، كي يثبتوا للجميع أنهم يرون الثوب، دخلا على الملك؛ ففوجئ صاحب السعادة بأن أيديهما فارغة؛ لكنه استدرك الأمر، وقال لنفسه: تالله لن أكون أنا الأحمق وكلهم حكماء، لن أكون أضحوكة الناس.. وقهقه عالياً، ثم قال بصوت سعيد: جميل جداً هذا الثوب، رائع عملكما أيها السيدان، أنتما تستحقان أعلى أوسمة الإمبراطورية، هيا فلأرتدي هذه الثياب وأخرج إلى الشعب المنتظر بالخارج، وساعده المحتالان على ارتداء الثوب الوهمي، وخرج الملك إلى شعبه عارياً، وطاف موكبه المدينة، والوهم والخداع يسيطران على أذهان الجميع؛ فالكل يهتف بإعجاب، ويصرخ مستحسناً هذا الثوب البديع.!
لم يجرؤ أحد على الاعتراف بأنه لا يرى الثوب كي لا يُتهم بالحمق، وبأنه لا يستحق منصبه، إلا طفل صغير قهقه ملء فيه وهو يصرخ متعجباً: الملك عار ٍ، أنظروا جيداً إنه عارٍ، نظر الناس إلى بعضهم فأدركوا أن الملك لا يرتدي شيئًا وفي النهاية هتف الجميع إنه لا يرتدي شيئاً، ارتجف الإمبراطور لأنه أدرك الحقيقة، لكنه قال لنفسه لا بد أن أتم مسيرة الموكب ثم تصرف على نحو أشد تكبراً ومن ورائه الخدم الذين يحملون ذيل الرداء الذي لم يكن موجوداً على الإطلاق. انتهت القصة.
الملك هو الإسلام والرداء الوهمي هو القرآن.. وحاشية الملك وشعبه هم جموع المسلمين المغيّبة.. ونحن لسنا سوى ذاك الطفل الذي حرر عقله من قيود العقل الجمعي المضلّل، ونصرخ لنقنعكم بأن القرآن ليس سوى كتاباً بشرياً في بعض آياته جمال وبلاغة إلا أن أكثره ركيك مغرق في السخف والسذاجة.
أرجوكم أفيقوا

*كاتب وصحفي أردني
https://www.facebook.com/najemalnassaj








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مثال راءع جداً
امين ( 2016 / 7 / 21 - 15:32 )
ولك الف تحية على الموضوع ، ولكن للأسف وكما قال الشاعر ابو العلاء المعري قوله الحكيم ( لا حياة لمن تنادي) ارجوا الاستمرار في الكتابة عل من يستيقظ من هذه السكرة الدينية ، وشكراً جزيلاً .

اخر الافلام

.. تحت مظلة التحالف الوطني.. الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات ا


.. فرنسا: الشرطة تطوّق مكان الحادث بعد القضاء على رجل يشتبه في




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - قوات الاحتلال تعتدي على المصلين


.. 155-Al-Baqarah




.. 156-Al-Baqarah