الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذاك الذي اعتقد أنه من الآلهة، ذكّره الجزائريون بأنه بشر

مزوار محمد سعيد

2016 / 7 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يحمل صاحب الإرادة والعزيمة في ذاته أملا لا ينقض، يحمل آمالا معبّرة عن رغبة دفينة فيه، فيتألّم بقسوة في سبيل اللحاق بأفقه الذي يرى فيه طوقا لنجاته، يعمل بجدّ، يحبُّ بلا خوف، يقاتل بشراسة ورحمة معا، ينحتُ الصخر من أجل الاجهاز على عقباته، يداري أفراحه بسنابل الحصاد طمعا في الرضى، ويعيد حساباته كلما تثاقلت قدماه، يعزل ذاته باستقالة فورية إن ما هي خانته، يجمع شتاته بعد كلّ إنكسار، وما أشدّ الانكسارات وقعا على الروح الحية حينما يكون مصدرها "ملجأ" الإنسان وأمانه!!
لمّا تتلمذتُ على يدي "أفيرواس" تعلمتُ بأنّ العالم والجاهل بينهما مسافة تضاهي تلك التي تفصل كوكب الأرض عن المشتري، لربما هي أطول أكثر، وكلا الحياتيْن لها مميزاتهما، وخصائص تجعل من الجهّال أدوات للعلماء في كلّ الأزمان، فلا يجوز أن نعيش في عالم بلا عبيد وأسياد؛ لكن!
أن يصبح الثقل الروحي مادة نزاع ودوران، أن تسيطر على الأيام نزعات الحجاب والمتثاقلات الصاغرات، أن يندب الفرد حظه فقط لأنه ولد في الظرف الخطأ وعلى الأرض الخطأ وعبد الآلهة الخطأ، أن يحمل كلّ منا صولجان سليمان بيده اليمنى وسيف أخيل بيده الأخرى، هذه كلها لدليل على أنّ الخنجر ذو ثمانية رؤوس وقع على ظهري حتى نزفت عيوني دمعا، وخطّ قلبي قصيدة الحزن ليترجمها عقلي غرورا كغرور المورسكيين في مواجهة حملة الصليب.
لم يكن سهلا أبدا أن يشقّ الفرد طريقه وحيدا وسط الضباب على أرض سكانها أكثر همجية من سكان الأمازون، لم يكن سهلا على الاطلاق أن يتفتت الصخر ليخرج من صلبه نهرا مبدعا يحاول الحفاظ على صفائه مهما كلفه ذلك من ضرائب وعقوبات، لم يكن في المتناول أن يصبر عمقي في كل ما مرّ به طمعا في زاوية يتخذها عرينا يحميه هو ومن أحبه دون أحد آخر، لم يكن من اليسر أن أكون إنسانا على أرض القراصنة المنحطين كهذه.
لقد صاغت السماء تعاليمها الذرية منذ البدء، ولكنني لم أحضر جلسة المصادقة عليها لدى اتخذوني كافرا بطقوس الآلهة، ثم سبحوا بحد ذكراي بعدما وسموا صدري بخريطة الأبدية حينما علّقوا جسدي على محراب نفاقهم، لم يقدر الموت على خطفي منهم، فهم أكثر قسوة من الموت ذاته، لم يحملوا لي سوى موظف يعتقد أنه ملك على سلطان من نبيذ يرحب بي في عالم "الجحيم" قائلا: "أهلا بك في "لالجيري" الجزائر"؛ وأية جزائر يقصد؟ هل هي جزائر الداي الحسان العربيد؟ هل هي جزائر أجدادي الذين خسروا من أجلها كل ما يملكون بسبب وشاية أمير اليوروهات والدينارات العتيد؟ هل هي جزائر الصورة والرقم على ورق لا يسمن ولا يغني من جوع؟ أم أنها جزائر الشعارات والتديّن؟ لربما هي جزائر الحفلات والتقليد؟ .. لا أعلم.
لطالما كرهتُ النفاق، ومقتُ المنافقين، حاربتهم بفؤادي وقلبي وعمقي وكل ما يصل إلى روحي قبل أي أمر آخر، أن تكون كاذبا فذاك شأنك، أن تكون متلاعبا بالحياة فتلك خطاياك وحدك، أن تلعب دور الذكي فتلك ميزتك الوهمية أنت، لكن أن تنكر جرمك فقط لعدم وجود إثباتات مادية على ما تقترفه في حقي، فتأكّد أنني لا أستسلم، أفضل الموت على طريقة "هكتور" بدل الاستسلام للغباء المخدر، ويوما ما، مهما بدى بعيدا، سأجلس وأرتب الأحداث بأدلتها المادية الصارخة، لأحصل على ما فاتني من غذاء الروح، من الحقائق كما وقعت على الأرض، ويومها تأكّد: لن أسامحك.
للحقيقة شمس أزلية تنبع من نار هيرقليطس، هي من سلالة الربة هيرا حين طوت تعاليم زيوس وراحت تغرد بعيدا عن عرشه، عندئذ تذكرت أن ابناءها سيصبحون عاقين مثل أمهم العاصية، من يحدد الصواب والعصيان؟
الشعور، المشاعر، الأحاسيس أو العواطف، هم أعضاء دائمين أمام سلطان الذات مهما كلفها من نجوى، وهي بذلك تدفع بيقينها نحو الفناء، فحين يلغي الضمير وجوده ذاتيـا، تسري الروح الأزلية في الوجود تلقائيا، وهي بذلك تحافظ على أناقة الجمال المتواجد حتى يبقى للحياة معنى، وللأمل مضمون.

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى