الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوظيف السياسي للدين... المغرب الإسلامي نموذجا

بدرالدين بلعيبود
أستاذ جامعي

(Belaiboud Badreddine)

2016 / 7 / 25
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


إن توظيف الدين خدمة لأغراض سياسية ليس وليد اليوم، بل إن أصوله تعود لصدر الإسلام مع ظهور فرقا على أساس مواقف سياسية تخص نظام الحكم واختيار الحاكم، وأخذت هذه الفرق لاحقا بعدا عقديا ومذهبيا، وباستقرار الحكم في بني أمية سنة 41 هـ عملت السلطة على تثبيت أركانها بشرعية الدين واعتبار الخليفة حاكم زمني وديني وممثل لله فوق الأرض، كما مارست السلطة القمع ضد مناوئيها ومعارضيها ومارست إعدامات عديدة تحت طائلة المروق والخروج عن جماعة المسلمين، وما أسهل أن تجد السلطة أشباه فقهاء يخيطون لها فتاوي بمقاسات حسب الطلب، كما انتهجت الدولة العباسية نفس منهج بني أمية مع المعارضين لسياستها.
كان المغرب خلال الحكم الأموي والعباسي يخضع لحكم الولاة، وكان ملاذا آمنا لمعارضي السلطة والهاربين من بطشها، وكانت قبائل المغرب مستاءة من تصرفات بعض الولاة والقادة الذي كان همهم جمع أكبر قدر من الغنائم، كما كان هناك نوع من الاستعلاء للعنصر العربي على العنصر المحلي، كل هذه الظروف وأخرى هيئت المناخ الملائم للتمرد على السلطة المركزية، وأعتنق الكثير من القبائل المذهب الخارجي لأسباب سياسية أكثر منها دينية، لأن الخوارج لا يشترطون قرشية الحاكم عكس مذهب السنة آنذاك الذي كان يشترط أن يكون الحاكم من قريش، فحدثت ثورات كثيرة أدت إلى قيام دوليات مستقلة عن مركز الخلافة حيث قامتا إمارتي بني مدرار سنة 140هـ والرستميين سنة 160هـ، وتعاقب قيام كيانات سياسية بدعوات دينية ومذهبية، وكان الانتساب إلى آل البيت تأشيرة رابحة لاعتلاء السلطة كما هو الحال بالنسبة للدولة الإدريسية في المغرب الأقصى التي أسسها إدريس من سلالة علي بن أبي طالب والدولة الفاطمية نسبة إلى فاطمة الزهراء سنة 296هـ، واعتمدت هذه الدولة المذهب الشيعي الإسماعيلي.
وعندما أراد الزيريون التمرد على الدولة الفاطمية والاستقلال عنها بعدما كانوا من الموالين لها، لم يجدوا أفضل من الدعوة للمذهب السني للالتفاف حول الفاطميين وأنصارهم في المغرب، كما قامت دولة المرابطين سنة 446هـ التي كان الفضل في تأسيسها لدعوة عبد الله بن ياسين وتأسست على يد يوسف بن تاشفين سنة 446هـ، وعلى نفس المبدأ ظهرت الدولة الموحدية سنة 541هـ بدعوة قام بها المهدي بن تومرت على أساس العقيدة الأشعرية وأقامها عبد المؤمن بن علي .
أدت الصراعات السياسية إلى توسيع الهوة بين مختلف الفرق ما أدى في كثير من الأحيان لقيام حروب طاحنة امتدت عبر التاريخ الإسلامي خلفت القتل والدمار، وما هو حاصل اليوم من شحن طائفي ومذهبي ما هو في الحقيقة إلا نتيجة صراعات سياسية إقليمية يوظف فيها الدين والمذهب بطريقة بشعة ومقيتة مستخدمة شتى الوسائل من فضائيات وأقلام مأجورة وعلماء ودعاة مغشوشين، لذا فعل كل دارس للتاريخ الإسلامي والحاضر عليه أن ينطلق من القاعدة التي تقول: "كل حرب دينية وطائفية يقف ورائها سياسيون وأصحاب مصالح".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دون إجماع على البيان الختامي.. اختتام قمّة السلام في سويسرا


.. بقارب مفخخ.. هجوم حوثي جديد على سفينة يونانية وحراس أمنها يق




.. شاب مُصاب يتلو القرآن خلال نقله للمستشفى


.. قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان: واثقون من عودة الوطن




.. حميدتي: ما حدث في الفاشر تتحمل نتيجته حركات الارتزاق التي تخ