الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤوسهم بلا عقول

فؤاده العراقيه

2016 / 7 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


احترت بجوابي لأحد المغيبين عندما سأل عن الفائدة التي اجنيها من قراءاتي الكثيرة !.
سؤال يدور بذهن الكثيرين ممن فقدوا القدرة على التفكير ,هذه الفئة غابت عن وعيها ولكن أحيانا ينتابها الفضول لمعرفة سبب قراءة الكتب لدى البعض ممن اختلف عن نهجهم ,وهو الفضول الوحيد الذي عرفوه ,فيستغربون السبب الذي به يُتعب الإنسان عيونه وتفكيره متصورين بأن من يُمسك بيديه كتابا فهو إما يكون مترفا أويحاول ان يقُضي وقت فراغه ولكنه سيُتعب عيونه ويبذل جهد على لا شيء !.
هم لا يرون في الكتاب سوى إنه متاعب إضافية ونستطيع ان نستغني عنها بالأجدى من وجهة نظرهم الضعيفة وهو ان نحيا الحياة مرتاحين ,والراحة التي يقصدوها تُكمن في الكسل والعيش كما يعيش غالبية القطيع ,أي نعمل ونكسب المال,ويا حبذا لو كانت اموالا كثيرة , ثم نملئ بطوننا ويا حبذا بما لذ وطاب ,ومن ثم الزواج لنملي غرائزنا ونمارس الجنس وهذا بمفرده يشكّل الطامة الكبرى لأمثالهم وشاغلهم الوحيد , ومن ثم يأتي دور الابناء وعددهم ويا حبذا لو كانوا اعدادا من الذكور ليُعينوا الأب على مشقة حياته.
فاحترت كيف اوصل فكرتي له وكيف سيفهم الفائدة التي اجنيها من قراءاتي فسألته بدوري عن الفائدة التي يجنيها من جهله ؟
قال اجني راحة البال والحفاظ على عيوني سليمة وكذلك استطيع استغلال وقتي من خلال اعتنائي بمظهري وبشكلي وبالنوم وبالكثير من المُتع وهذا ليس بجهلا بل هو قمة الذكاء !.
كيف سيدخل بعقله لو قلت له بأننا سنجني بالمعرفة قوة نستطيع بها ان نواجه الأزمات الكثيرة التي خلقتموها بأيديكم وبجهلكم وبكسلكم , وبواسطتها نترفع فوق الطائفية والصراعات والقتل على الهوية التي جلبتموها لنا , وتجعل من حياتنا سهلة وممتعة وسنعرف بها الطريق لمفاتيح الكون والجنة لكوننا سنمتلك مفتاح عقولنا وعلينا أن نصب اهتمامنا على ذلك المفتاح الذي اضعتموه بجهلكم,ومن ثم سنخلق الحياة الأفضل والجنة التي طالما حلمنا بها على هذه الأرض .
فهل سيفهم لو قلت له بأن شقاء المعرفة هو سعادة ،وهي عذاب وراحة في آن واحد , وهل سيستوعب شيء اسمه فضول المعرفة والعشق الابدي لها حيث الفضول بمعرفة الحقائق قبل تشويهها هو ابتلاء جميل وعشق ابدي لا يضاهيه اي عشق, وهو سمة من سمات الإنسان قبل أن ينال قسطه من التشويه ؟
قطعا سوف لن يفهم شيء من هذا لكونه صبا ويصبو للراحة فقط ولا يجرؤ على ان يخطو خطوة واحدة بهذا الطريق الذي لا يرى به سوى اشواكا مُحملة بالشقاء , فكيف سيفهم تفكير إنسان استطاع ان يتغلب على غرائزه ويتحكم بها كيفما يشاء , وكيف سيشعر بشعور الإنسان عندما يرتقي على الحيوان بداخله ويتمتع بمتعة تفوق متعة الأكل ومتعة الجنس اللتان غلبتا على تفكيره ؟
وكيف سيفهم شعور السعادة المتأتية من معرفة مدى اختلافك عن المحيط الذين هم عبارة عن مجموعة عبارة عن قطيع من الخرفان يقودهم الراعي اينما يرغب ؟
وكيف سيفهم بأن شقائي وتعبي وشعوري بالرثاء في آن واحد هو بسبب ابتلائي بأمثاله الذين ركنوا عقولهم جانبا ورضخوا لراعيهم الكبير ؟
كيف سيفهم بأننا شعوب غرقت بشبر من المياه الآسنة وعجزت على ان تنفّس هواءً نقياً فاختنقت برائحة عفونتها ومن ثم تعوّدت تلك الرائحة وتعودت الاختناق ؟
كيف سيفهم سبب احقادهم وكراهيتهم وفرقتهم هو ايمانهم بالغيبيات وخوفهم من الاوهام والحسد الذي ابعدهم عن بعضهم البعض خوفا من ان تصيبهم عين الحسود , والغيرة التي شبّت بقلوبهم وملأتها أحقادا لا نهاية لها؟
كيف سأُفهم شخصا أعتقد نفسه بأنه قد امتلك الحقيقة المطلقة وسكن عليها حيث نشأ وسط محيط يُرضع أطفاله جرعة من المخدرات منذ اول يوم ومن ثم تتوالى الجرعات عليه ليكون بها راضيا ومستمتعا بواقعه بل وفخورا به لكونه قد استطاع التخلي عن عقله الواعي وعاش حياته في غيبوبة وراحة ابدية من الوهم ترافقها شيء من الانتشاء بهذا الإحساس وبكونه صار من ضمن الطبيعي متوهم بأنه يعيش الحياة الطبيعة , ولا طبيعة سوى طبيعته وحياته هذه وافتخاره بأنه قادر على التناسل وزيادة العدد ,فلِما التفكير طالما هناك بيت يؤويه ولقمة تكفيه وأبناء ذكور يحملون أسمه وان كان من بينهم من يطلب المزيد فطموحه سوف لن يتعدى سوى المادة فهي السبيل لتحقيق احلامه التي اقتصرت على رفاهيته ودغدغة غرائزه بنوعية طعام فاخرة وبزوجة ثانية وثالثة ولا بأس برابعة طالما سيكون مقتدرا على النفقة لأربع زوجات متصور نفسه بأنه سيخدم قضية دينه ويضرب عصفورين بحجر واحد , منها ينقذ النساء الغير متزوجات ومنها يزيد عدد ابناء دينه.
كل افعالهم صارت مجرد عادات عايشوها ورسخت في عقولهم لتجعلهم شبيهين بآلة تعمل دون عقل ,والعادة تقتل التفكير فمؤكد بأنه سوف لن يفهم شيئا من حديثي هذا فعدلت عن اجوبتي واكتفيت بجواب واحد وحصرت فائدتي بأني قد عرفت حجم غبائكم واستوعبت جهلكم فابتهجت بمعرفتي تلك, اما ما أجنيه من تعبي فهو اني خففت عن نفسي بعض من المتاعب الكثيرة التي قد اجنيها منكم .
عقولهم معطلة ورؤوسهم خاوية وغير قادرة حتى من الاستفادة من تكنولوجيا الغرب التي وصلتهم جاهزة وآخرها الانترنيت لكنهم استغلوه كطريقة يُنفسّون به عن امراضهم وأحقادهم وكبتهم فقط , ولكن يبقى التركيز على العقول الشابة قبل ان ينالوا منها .


ودمتم بوعيكم سالمين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انهم مغيبون حقا
نور الحرية ( 2016 / 7 / 27 - 22:02 )
في كتاب علي الوردي قرأت هذه القصة المعبرة-وهذه من فؤائد المطالعة طبعا- لأحد مستكشفي القطب الشمالي الاوائل عندما سأل احد سكان الاسكيمو بمذا تفكر الان فرد عليه انه وفي وجود ما يكفي من الطعام فلا حاجة لنا بالتفكير


2 - فؤاده بين المتنبي ونيرودا!
عامر سليم ( 2016 / 7 / 28 - 08:59 )
العزيزه فؤاده

تقولين...( وكيف سيفهم بأن شقائي وتعبي وشعوري بالرثاء في آن واحد هو بسبب ابتلائي بأمثاله الذين ركنوا عقولهم جانبا ورضخوا لراعيهم الكبير ؟)

و يصرخ المتنبي ...
( ذو العقل يشقي فى النعيم بعقله وأخو الجهالة فى الشقاوة ينعم )

ويتحدث نيـــرودا بأسىً نبيل ...
( رجـل كرهني ‘ دون ان يدري
أنني في النور انتزعت ظلامه ‘
وأن المعركه التي خضت غمارها كانت للخلاص من شقائه )

المتنبي ... يصرخ و يفخر ويطعن.
نيرودا .... يتحدث ويوضح ويدعو.

مقالك يغلب عليه صراخ المتنبي على حديث نيرودا ‘ وانا اتفهم ذلك جيداً فالمتنبي منا وفينا...ولكنني اتمنى ان اقترب من نيرودا اكثر ‘ ستقولين وهل ينفع نيرودا مع الدواعش! وسأجيبك بأن نيرودا كان يقارع الفاشيه ايضاً ‘ والفاشيه هي الفاشيه في كل مكان وزمان وان اختلفت التسميات.

ولكن السؤال الكبير يبقى قائماً ...كيف ننتزع ظلام الاخرين؟

تحياتي وتقديري واحترامي


3 - الأستاذ نور الحرية المحترم
فؤاده العراقيه ( 2016 / 7 / 28 - 12:28 )
لكون سكاني القطب الشمالي والجنوبي يعيشون حياة قاسية ومختلفة بفعل البيئة فصار اهتمامهم مقتصرا على كيفية توفير اللقمة لكونها نادرة
ولكن ما بالنا ونحن نصب اهتمامنا عليها رغم توفر الكثير غيرها سوى من جهل او ترهل
أجمل التحايا


4 - الغباوة تتناسل وتجلب المزيد من الغباوة
فؤاده العراقيه ( 2016 / 7 / 28 - 12:50 )
كذلك يقول علي الوردي ’’كلما ازداد الإنسان غباوة ازداد يقينا بأنه افضل من غيره’’ ولكونه صغير ولم يعرف سوى نفسه فسيتصور نفسه كبيرا لانه لم يرى سوى نفسه ولن يعرف حجمه الحقيقي
اما من يبحر في المعرفة فسيرى نفسه صغيرا لكونها كبيرة , وكلما علم اكثر يشعر بانه لا يزال في بداية الطريق لكون المعرفة لا نهاية لها ,مع هذا فشقائه سيكون اقل من شقاء الاغبياء لكون مظهرهم يبدو عليه الراحة ولكنهم يغرقون في وحل من المياه الآسنة
أما عن سؤالك فانتزاع الظلام لا يكون بين ليلة وضحاها اكيد ونحتاج لجهود كبيرة لنغير من هذه العقول ولا اقصد هؤلاء الاغبياء الذين مكثوا على غبائهم ولكن تلك العقول التي لا تزال نقية ولكنها حائرة وضائعة بين مطارق المغيبين
تقديري وشكري الكبيرين لك استاذ عامر سليم


5 - علم لا ينفع
emad.emad ( 2016 / 7 / 28 - 14:40 )
علم لا ينفع
هذه الكلمه التى اظلمت عقول بنى يعرب
وجعلت عيشتهم مثل عيشه البهايم


6 - أمة إقرأ لاتقرأ
سيفاو ( 2016 / 7 / 28 - 19:31 )
الأخت العزيزة تحية صادقة،
فيما يخص متعة القراءة التي تجهلها أمة إقرأ.هل تعلمين ياسيدتي أن معدل القراءة عند الإنسان العربي هو : 6 دقائق سنويا والغربي 200 ساعة سنوياً.

« Il y a ceux qui ont lu des centaines de livres et affirment ne savoir grand-chose, et il y a ceux qui ont lu qu’un seul livre et affirment tous savoir »
تحياتي ومودتي


7 - كارثه بيئيه
على سالم ( 2016 / 7 / 29 - 01:41 )
السيد فؤاده المحترمه , لايوجد عندى ادنى شك ان رؤوس البدو المسلمين والعربان مليئه بالحشرات والعناكب والجراد السعودى والعقارب السامه , هذه كارثه بيئيه ويجب فضحها


8 - السادة المعلقين الكرام
فؤاده العراقيه ( 2016 / 7 / 29 - 10:50 )
الاساتذة عماد عماد اشكر اضافتك ,جملة يكررها الكثير من العرب وهي ما نفع الكتاب والعلم ونحن نغرق بالمشاكل ولن يدركوا بان مشاكلهم بسبب جهلهم وجهلهم بسبب مشاكلهم وبالرغم من الثروات كثيرة لكنهم عجزوا من استغلالها ويعانون من شغف العيش بسبب تسلط القوى الكبيرة عليهم ولهذا تجدهم لا يبالون بالعلم
اجمل التحايا

الأستاذ سيفاو الغرب تقدم علينا اكيد وعرف كيف يحترم الكتاب ويعطيه من الوقت ما يكفي ليكسب بالمعرفة الوقت حيث كلما تعلمنا عرفنا كيف ننظّم الحياة ونجني الوقت اما هنا فهم لا يجنون سوى متاعب وضياع وقت
اشكرك على الرابط ولك مني التحية
الأستاذ علي سالم نعم علينا كشف سلبيات رؤوسهم الخاوية وكشف اسباب الدمار الذي لحق بنا بسببهم وبفعل الانترنيت صارت صحوة للعقول الجديدة والحائرة وبدأت تحيد عن نهجهم
اشكر حضورك


9 - مهما اشتد الظلام نرى وميض الضوء
ليندا كبرييل ( 2016 / 7 / 29 - 15:54 )
الأستاذة فؤادة العراقية المحترمة

كان من واجباتنا المدرسية في مدرسة الراهبات قراءة كتابين في الشهر .فأصبحت عادة القراءة تلازم جميع الطالبات
ولما انتقلت إلى المدرسة الحكومية ساءني أن أجد المكتبة فيها مهملة،والكتب يعلوها الغبار والعفن
وكان علينا القيام بنشاط مفيد يخدم المدرسة ليضاف إلى درجة أعمال الطالبة،فاتفقت مع رفيقاتي تنظيف المكتبة وجمع التبرعات وشراء بعض القصص بمعونة المعلمة،وتطوع بعض الآباء برفد المكتبة مما لديهم من كتب ما عادوا بحاجة إليها،وبدأت الطالبات يهرعن لاستعارة الكتب

القراءة ليست عادة في مدارسنا،أو في بيوتنا،تمضي العطلة الصيفية والطالب لا يقرأ حرفا
فكيف يؤمنون بفائدة القراءة؟
إنهم يقرؤون اليوم
ولكن ماذا؟
عن عذاب القبر،كتب الطبخ،تفسير الأحلام،الحظوظ،كتب النكات

ظروف الحياة صعبة والمعلم ليس في مستوى وعي يؤهله لتهيئة الطلاب لهذه المهمة السامية
كذلك المادةالمطروحة في الكتب غير جذابة
دخلت مكتباتنا كتب الأطفال الملونة بطبعاتها الأنيقة
منْ يشتريها وهي في غلاء فاحش؟
الأمر يحتاج إلى تعاون كل الجهات
المدرسةالبيت المعلم الكاتب الناشر
الجو العام لا يساعد للأسف
تفضلي التحية والتقدير


10 - نرى وميض النور بامثالكِ عزيزتي ليندا
فؤاده العراقيه ( 2016 / 7 / 29 - 23:03 )
قبل ايام جائتني قريبة ممسكة بكتاب ففرحت لمنظر الكتاب بيدها ولكن فرحتي لم تدوم بعد ان عرفت بانه كتاب تفسير الأحلام او تعلم السحر وشيء من هذا القبيل
نعم شعوبنا كما تفضلتي لا تقرأ سوى الخرافات ومن النت يبحثون عن متنفسهم فقط واتخذوه مجرد قضاء وقتهم ولتسليتهم
برأيي اسوأ جيل خرج علينا بهذه العقود هو جيل الثمانينات ,هذا بالنسبة للعراق , لكونهم نشأوا في اسوأ حكم حيث أباد صدام العلم والثقافة وكل من كان يمتلك للكتب القيّمة اضطر لحرقها ,أما جيل التسعينات وبالرغم كل الفوضى الظاهرية لكن الوعي ينتشر بينهم سريعا وهؤلاء وميض الضوء وسط هذا الظلام
مع اجمل التحيات لكِ

اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي