الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب مارتن هيدجر - الفلسفة، الهوية والذات -

رواء محمود حسين

2016 / 7 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قراءة في كتاب مارتن هيدجر " الفلسفة، الهوية والذات "

كتاب جديد من مكتبة الفيلسوف الألماني هيدجر يضاف إلى ما ترجم منها باللغة العربية، قام بترجمته د. محمد زيان، وراجعه د. محمد سبيلا ( ط1، منشورات الاختلاف، الجزائر، ومنشورات ضفاف، بيروت، 1436 ه – 2015 م ). ويتضمن الكتاب مناقشات بعنوان: ما الفلسفة؟ الهوية والاختلاف: مبدأ الهوية، مبدأ العلة، نيتشه والميتافيزقا، ورسالة حول النزعة الإنسانية.
في مناقشته لسؤال: ما الفلسفة؟ يرى هيدجر أن الموضوع واسع، ولذلك يلزم تحديد السؤال على نحو دقيق جداً، بطريقة تجعل السؤال والجواب ممكنين. إن الإنفعالات والأحاسيس إذا دخلت على الفلسفة حولتها إلى فلسفة رديئة، بالطريقة ذاتها التي يتحول بها الأدب إلى رديء أيضاً، على ما يذهب إليه أندريه جيد. فالأحاسيس حتى الجميلة منها لا تنتمي إلى الفلسفة، بل ويقال إنها شيء لا عقلي. أما الفلسفة فهي المشرف الحقيقي على العقل. والمنطلق لتحديد ماهية الفلسفة هو ( فيلوسوفيا )، لأن كلمة فلسفة تتكلم بالإغريقية. وهي طريق نسير اتباعاً له، لكننا لا نعرفه إلا على نحو غامض، مع كوننا نمتلك نشر مجموعة معارف تاريخية بصدد الفلسفة الإغريقية (مارتن هيدجر " الفلسفة، الهوية والذات "، ص 11 – 12 ).
وفي مناقشته لسؤال الهوية والإختلاف: مبدأ الهوية، يؤكد هيدجر أن ما يعنيه مبدأ الهوية مسموعاً من خلال نبرته الأساسية، هو بالضبط ما يفكر من خلاله الفكر الأوربي أو الغربي، إنه يعني أن الهوية تشكل خاصية أساس لكينونة الموجود، إذ عندما نقوم بعلاقة كيفما كانت مع موجود كيفما كان نجد أنفسنا بصدد نداء الهوية. وبدون هذا النداء لا يمكن للموجود أن يظهر في كينونته. وبذلك، يستحيل العلم تماماً، لا، هذا العلم لا يمكن أن يكون كذلك إذا لم تكن هوية موضوعه مضمونة في كل لحظة بشكل مسبق. يتحدث نداء الهوية إنطلاقاً من كينونة الموجود. والآن ضمن تاريخ الفكر الغربي حيث وجدت كينونة الموجود اللغة الأكثر إيغالاً في القدم والأكثر وضوحاً، أي عند بارمنيدس. هناك يتحدث المتطابق بمعنى يكاد يكون مبالغاً فيه، وتعاد قراءة أحد قضايا بارمنيدس: الحقيقة أن الهو هو الفكر كما الكينونة (مارتن هيدجر " الفلسفة، الهوية والذات "، ص 31 ).
مبدأ العلة يقع من ضمن المحاورات التي يشملها الكتاب، ويعبر هيدجر عن مبدأ العلة بالطريقة الآتية: لا شيء يوجد دون علة. ويمكن صياغتها على نحو آخر: لكل شيء علة، إذ تعني " كل " كل ما هو موجود على نحو ما. كل ما هو واقعي فلواقعيته علة، وكل ما هو ممكن فلإمكانه علة، وكل ما هو ضروري فلضرورته علة. لا شيء إذن يوجد من غير علة، هكذا يرى هيدجر. نحن نبحث عن العلل ضمن كل ما يحيط بنا، في ما يعنينا وما نلاقيه في طريقنا. وحين يقر أحدنا بشيء ما نطالبه بعلة ذلك الشيء. بل نلح على أن يكون كل سلوك مؤسس على علة. والغالب أننا نكتفي يعلل مباشرة وأحياناً نبحث عن العلل الأكثر بعداً، بل ومن أجل أن نضع حداً لسلسلة العلل نغامر إلى حيث العلل الأولى أو نطالب بالعلة النهائية. وفي كل مرة نريد تأسيس شيء أو التعمق بشأن شيء ما، نكون أصلاً نبحث عن عمق أي علة. فما يعبر عنه مبدأ العلة أصبح مألوفاً عندنا، ولأنه مألوف أصبح بديهياً تماماً. إن مضمون هذا المبدأ يمكن اختصاره في: " لا شيء يوجد بدون علة " (مارتن هيدجر " الفلسفة، الهوية والذات "، ص 45 ).
وفي مناقشته لنيتشه يبين هيدجر أن التفكير في مصطلح الميتافيزيقا يأتي بعده حقيقة الكائن بوصفه كائناً وفي كليته، لكن ليس الأمر كما لو أنه يتعلق بتدريس مفكر أو آخر. إن للمفكر دائماً موقفه الفلسفي الأساس داخل الميتافيزقا. ولهذا يمكن تسمية الميتافيزيقا باسم المفكر ذاته. إن في كل مرحلة من الميتافيزيقا ينكشف حيز من الطريق لكينونة الكائن في صيغة عصور الحقيقة الفجائية. إن نيتشه نفسه يفسر مسار التاريخ الغربي بشكل ميتافيزيقي عندما يعالجه بعده تحقيقاً للعدمية. إن إعادة التفكير بميتافيزيقا نيتشه هو إلمام بوضعية ومكانة الإنسان المعاصر إذ لم يتم تصور هذا المسار في حقيقته إلا قليلاً. مع ذلك، فهذا التحليل الهيدجري لميميتافيزيقا نيتشه لا يعني أن هيدجر يتفق معه في أطروحاته الميتافيزيقية، بل يعني أنه أخذ نيتشه بنظر بوصفه مفكراً (مارتن هيدجر " الفلسفة، الهوية والذات "، ص 65 - 66 ).
وفي ( رسالة حول النزعة الإنسانية ) يبين هيدجر أن ماهية الفعل ظلت بمنأى عن التمحيص الكافي. فالفعل لا يعرف إلا كنتاج لمفعول حيث نقيم الحقيقة وفقاً للمنفعة التي يوفرها الفعل. لكن ماهية الفعل هي الإنجاز. ويعني الإنجاز: عرض الشيء على ماهيته وبلوغ أقصاها. والأرجح هو أنه لا يمكن أن يتم إنجاز إلا ما هو موجود أصلاً، إذ الحال أن ما هو " موجود " قبل كل شيء هو الكينونة. ينجز الفكر علاقة الكينونة بماهية الإنسان. والفكر نفسه لا يشكل ولا ينتج هذه العلاقة، بل يعمل فقط على تقديمها إلى الكينونة باعتبارها أعطيت له من قبل الكينونة. إن الكينونة تعبر نحو الكينونة من خلال اللغة. اللغة مسكن الكينونة حيث يعيش الإنسان في ملجئها. والمفكرون والشعراء هم حراس هذا الملجأ، فحراستهم إنجاز لفعل إنكشاف الكينونة من حيث أنهم يجعلون هذا الإنكشاف ينفذ إلى اللغة عبر قولهم إذ يحفظونه فيها. إن الفكر لم يرق إلى مستوى الفعل لمجرد أنه يصدر عنه مفعول ما أو بسبب أنه ينطبق على... إن الفكر يفعل من حيث أنه يفكر. ومن المحتمل أن هذا الفعل هو الأكثر بساطة والأرقى في الوقت نفسه، لأنه يخص علاقة الكينونة بالإنسان (مارتن هيدجر " الفلسفة، الهوية والذات "، ص 119 ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام