الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضربه القاسمه التى أدّت الى تدهور فكر المسلمين وأحوالهم

حسين الجوهرى
باحث

(Hussein Elgohary)

2016 / 8 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



خدعونا وأخفوا عنا ما حدث!!
الضربه القاسمه التى أدّت الى تدهور فكر المسلمين وأحوالهم.
حسين الجوهرى.............
--------------------------------------------------------------------
منذ حوالى ألف سنه أجتمع فقهاء الاسلام وأعلنوا تَعْليق العمل بقانون "السبب والنتيجه" وذلك لتعارضه مع احكام المشيئه الألهيه. من وقتها يقوم كل ما علمته, ومازالت تعلمه, كافة المؤسسات الدينيه الاسلاميه لأتباعها على الالتزام بهذا القرار.
ذلك فى حين أن الحقيقه هى أن قانون السبب والنتيجه هو الركيزه الاساسيه والوحيده لادراك "كل" القواعد التى تسير, منها وعليها وبها, الحياه. وبالتالى فقد كان قرار التعليق هذا بمثابة أخراج القطار عن مساره الطبيعى فوق القضبان.
مايلى, وباختصار, هى ملابسات وظروف و تَبِعات هذا الحدث.
المكان هو بغداد عاصمة الخلافه العباسيه. الزمان كان عقب وفاة الخليفه المامون قبيل مطلع الالفيه الماضيه. دامت خلافة المأمون حوالى 20 سنه سبقها أمارته لولاية خاراسان لمدة 10 سنوات. اشتهر المأمون منذ نشأته بولعه بالعلم وبالمعرفه. فى مطلع عهده بالسلطه التفّ حوله بعض المشتغلين بالعلم. وكان هؤلاء العلماء متهمون دوما بالزندقه والألحاد من قبل رجال الدين. اسبغ عليهم المأمون حمايته من الفقهاء وشيد لهم جامعه (بيت الحكمه) ومكتبه. بدأ العلماء نشاطهم بنفض الغبار وترجمة التراث العلمى لليونانيين والذى كان الرومانيون قد أهملوه بِصِفةٍ شبه كامله طيلة عهدهم. كانت أوامر المأمون للعلماء "أجتهدوا حتى ولو خالف النَصْ". كانت فلسفة المامون ان النصوص هى كلماتٌ تحتمل الأختلاف والتاويل حَسْبا لمتغيرات الازمنه والأمكنه. ومن ثمّ يكون الاصوب والأسلم هو تغليب ما هو قائم على الأدلّة والبراهين.
أبلى العلماء فى ظرف الثلاثون عاما التى حماهم فيها المامون بلاء منقطع النظير. هناك اليوم اجماع بين مؤرّخى العلوم بان انجازات هذه الفتره تشكّل الارضيه (الفرشه) لكل ما حققه الغرب المسيحى في القرون التى تلت. فى حقبتهم روّضت مجموعة العلماء مفهوم "الصفر". حدّدوه بل وميّزوه واصبح اساسا بُنيت عليه علوم الرياضه والطبيعه (الضوء) والكيمياء والفلك. هذا بالاضافه الى خطى مميزه فى علم التشريح و سائر المعارف الطبيه. أثبتوا نظريا أن الأرض كرويه وحددوا ابعادها بدقة بالغه.
أغار كل ذلك صدور فقهاء الدين والذين أحسوا بأفول نجمهم وفقد سيطرتهم. فلما مات المأمون (وهناك قرائن يصعب دحضها بأنه قُتِلَ مسموما) وخلفه المعتصم بالله قرر الفقهاء, وحتى لا تتكرر الماساه التى كادت أن تودى بمصالحهم, اغلاق الباب, بالضبه والمفتاح, وذلك بتعليق العمل بقانون السبب والنتيجه بحجة تعارضه مع أحكام المشيئه الالهيه. تلى ذلك أغلاق الجامعه وتشتيت العلماء. نجحوا فى وأد الصحوه فى مهدها. حلّ الكساد الفكرى (والٌأقتصادى بالتبعيّه وبالضروره) ووقعت ظلمه على عقول المسلمين, اينما عاشوا, وحتى لحظتنا الراهنه.
ومن وقت تعليق العمل بقانون السبب والنتيجه, وحتى الان, لم يجد أغلب اهل الفكر والعلم المسلمون, والعرب منهم على وجه الخصوص, بدا من الأنزلاق فى منحدر التوفيق والتلفيق والى حد التزوير. النتيجه هى أمما اسلاميه, بكل أنواعها ومذاهبها, قابعة فى اسفل درجات حضارة الانسان. وأخذا بالاسباب, وفقط بالاسباب, تمكّنت شعوب أخرى وكثيره من أنتاج الادوات والسيطرة على تطويرها مشيّدين كيانات تتمتّع بالرفاهيه والاستقلال والحريه. أما نحن فنعيش متعثرون وتابعون وغاضبون وفى أعماق العديد من سلبيات أخرى. سِمَةٌ واحده يتحلّى بها معظم افراد هذه المجتمعات المتقدمه وذلك رغما عن تباين مناخها وتاريخها وأديانها وتركيباتها السكانيه. هذه الصفه هى الالتزام بالقاعده الذهبيه "أعمل للآخرين كما تحب أن يعملوا لك". هذا الالتزام هو الصمغ والمونه التى تربط بين اللبنات, اى افراد المجتمع, مُنْتِجةً أبنية صلبه قادره على تحقيق الآمال والرغبات الجماعيه.
------------------------
الخلاصه: هاهى حقبة الزمن 1400 سنه أمام أعيننا. ظلمة معرفية حالكه فيما عدا نفطه (30 سنه) مضيئه التى رفعت فيها الغمامه عن العقول (أجتهدوا حتى ولو خالف النص). فهل بعد هذا نحتاج الى أثبات آخر او دليل على اصل علتنا ومنبت دائنا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النسبة
هانى شاكر ( 2016 / 8 / 4 - 23:45 )

النسبة
____

شكرا استاذنا لمقالاتك التنويرية ... فترة السنوات ال 30 فى حقبة ال 1400 سنة هى تقريبا 2 بالمائة ... و مضة عود كبريت يتيم فى ليلة غاب عنها القمر !

لا يمكن علميا الاعتداد بها انها انقذت البشرية او الحضارة ... العالم كله كان أوضه ضلمة فى الشرق و الغرب ... بسبب استبداد الحكم و العُته الدينى

بقايا حضارات الفرس و الكلدان و الاشوريين كانت ذلك عود كبريت اليتيم ... شهادة على جلافة و ظُلم الغزاة من غياهب بلاد القمل ، حارقوا الحجر و الشجر و البشر و الحضارة.

بلادنا ذُبحت و دُمِرت منذ 1400 سنة .. ولها ان تختار مابين الانعتاق او الفناء

ما انقذ الغرب لم يكن ترجمة كتب الاغريق ... بل هو اكتشاف كرامة و حقوق و حرية الانسان

تحياتى استاذنا و نتطلع الى المزيد


......

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah