الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمر الخافى عن غالبيتنا.... وبعدها المرجو التصرف بما تمليه عليكم غريزة حب البقاء.

حسين الجوهرى
باحث

(Hussein Elgohary)

2016 / 8 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الأمر الخافى عن غالبيتنا.... وبعدها المرجو التصرف بما تمليه عليكم غريزة حب البقاء.
حسين الجوهرى.........(صفحه ونصف)
----------------------------------------------------------------------------
لا اعتقد بأن هناك اى خلاف على ان انتاج الادوات والسيطره على تطويرها (طائرات, كومبيوترات, موبايلات, اقمار صناعيه..الخ) فى زمننا المعاصر هو المعيار الذى يتحدد على أساسه موقع المجتمعات المختلفه على درجات السلم الحضارى. فى أعلى السلم نجد مجتمعات بالعشرات وكلها قادره وبتزايد على تلبية أحتياجات افرادها. اما فى اسفل السلم فنجد مجتمعاتنا الاسلاميه (ناطقة العربيه على وجه الخصوص) بقدرات تتراجع, وبسرعه, على تلبية أحتياجات أفرادها. فى نفس الوقت فأنها "الادوات" التى مكنت قدرات الانسان المعاصر (فى التنقل والتواصل مع الآخرين والحصول على المعرفه) والتى كانت, وحتى بضع عشرات سنين مضت, تعتبر ضربا من الخيال العلمى.
.
أول ما نلاحظه فى المجموعه المتقدمه (على تنوع وتباين تركيباتها السكانيه العرقيه ومناخها ومواردها الطبيعيه) هو حزمه مترابطه ومتكامله من الصفات. حريات الافراد, فى كل صورها, هى المحور الذى تدور حوله انشطة كل هذه المجتمعات. نجد ايضا انصياع شبه كامل من الافراد لاحكام القانون. وبغض النظر عن الاستثناءات فلن يفوتنا ملاحظة التقدم الملحوظ والمحاولات الجاده لعدم التفرقه داخل هذه المجتمعات على اساس أى شكل من أشكال الاختلاف بين الناس (لون, جنس, عقيده, عرق..الخ). اما عن العقيدة (اى المنظور الكونى للأنسان سواء كان دين سماوى او وضعى او لا دين) فهى أمر شخصى لكل فرد ولا دخل أو اثر لها على أدارة شئون المجتمع العامه. الا ان علينا ان نركز وننبه الى ان للمعتقدات (بالمفهوم السابق توضيحه), بما ترسخه فى اذهان الناس من مفاهيم عن امور الحياه ومتطلباتها, دور محورى فى نجاح هذه المجتمعات. فكل هذه المعتقدات وبدون استثناء تعضد وتشجع خاصيتين اساسيتين فى سلوكيات أتباعهم وهما: 1- السير على هدى القاعده الذهبيه فى التعامل "أعمل للآخرين كما تحب أن يعملوا لك". 2- البحث الدائم والتقصى بلا قيود للتوصل الى حقيقة العلاقات بين الاشياء (شئون العلم).
.
ما تقدم هو ما أتفق على تعريفه ب "المجتمع العلمانى". هنا يلزم التذكير بان مصطلح "مجتمع" يرمز لكيان تجريدى. اما الواقع الملموس الذى نتعامل معه فهو لا شىء غير أعداد هائله من الأفراد ملتزمين بالسلوك السابق ذكره (العلمانى). حيث يجد كل فرد منهم أن مصلحته الذاتيه والشخصيه تتحقق الى منتهاها فى هذا الألتزام. أى انها, فى نهاية الأمر, سلوكيات الناس المنبثقه من مفاهيهم السائده لواجباتهم وحقوقهم ودورهم التى تشكل العامود الفقرى للكيان الاجتماعى ككل. وبطبيعة الحال فقوانين هذه المجتمعات ودساتيرها تعكس وتعبر عن التزامات الافراد بالحزمه المشار اليها أعلاه. وبالتالى فحيث ان كلها مجتمعات قادره على تلبية أحتياجات أفرادها يمكننا أعتبارها كالاجسام الصحيحه والمتعافيه.
.
اما فى مجتمعاتنا فخواص أفرادنا وسلوكياتهم هى على الطرف النقيض من خواص وسلوكيات أفراد المجتمعات المتقدمه. فى نفس الوقت نجد انفسنا قابعين فى اسفل درجات السلم الحضارى ساخطين وغاضبين بيأس يتسرب الى اوصالنا ووجداننا يوما بعد يوم. احقاقا للحق فالأمر ليس بجديد علينا. فقد مر علينا قرن كامل (على الأقل) ونحن فى سلسلة لم تتوقف من شحنات أمل يعقبها فشل ثم نعيد الكره ولا نجنى الا فشل آخر. ألا أن الحلقه الأخيره من هذه السلسله اوصلت مجتمعنا الى حافة الهاويه. فلقد تفاقمت أحوال كل مناحى حياتنا وبدون استثناء واحد الى حدود كارثيه وصرنا وجها لوجه أمام "أما أن نكون أو لا نكون". لهذا فلم يعد أمامنا وقت للتلكّع. لا بد من التشخيص السليم لمصدر العله تمهيدا للعلاج.
.
معتقدنا السائد وممارساته تضرب فى مقتل الخاصيتين الأساسيتين والضرورتين واللتان تشكلان فى مجموعهما العامود الفقرى لبنية المجتمع القادر على تلبية احتياجاته.
- (القصور الأول), نشأ أنساننا وتربى وتدرب على ان يكون ولاؤه رأسيا فى المقام الأول نحو الخالق و نحو رموز ديانته. فى طل هذا الفهم والممارسات المتلازمة معه, تراجع ولاؤه الأفقى الى حد كبير. صار الآخر منفصلا, أما عدو أو حاسد يخشى منه ولا يؤتمن. المحصله النهائيه هى أعداد مفككه, صغر حجمها أو كبر, فاقدة القدره على القيام بالأعمال الجماعيه المثمره وطويلة الأمد.
- (القصور الثانى) وايضا تربى أنساننا ونشأ فى بيئة فكرها السائد هو أن هناك ما يعلو على قوانين السبب والنتيجه وهى المشيئه الألاهيه وأحكامها القاطعه. وفى الوقت الذى لا قبل له بالتوصل الى كنه هذه المشيئه يرى لزاما عليه أن يعيش صاغرا لها. فتفشى فى عقله مفاهيم "قول يا رب" و "سيبها على الله" و"تجرى جرى الوحوش غير رزقك ما تحوش" وغيرها.
بهذين القصورين فى شخصية أنساننا صار مجتمعنا مشلول القدره على تلبية أحتياجاته. واصبح بمثابة الجسم المريض وطريح الفراش.
.
مما تقدم وبناءا على القدره على تلبية الأحتياجات فالمجتمع العلمانى هو مجتمع سليم والغير علمانى هو مجتمع مريض. أذن فالدعوه للعلمانيه التى تتطاير على ألسنة العديدن هى دعوه صحيحه. لكنها غبر كافيه. فهى لا تتعدى السرد التجريدى لبعض صفات المجتمع المتعافى مثل "فصل الدين عن الدوله وسيادة القانون وحريات الفكر والتعبير". وكما وضحنا فالمشكله تكمن فى المفاهيم التى تحدد بدورها سلوكيات الناس. بناءا عليه فالدعوه الجاده والمثمره بعد كسر حاجز الخوف تتكون بداية من التشخيص للتوصل الى أصل العله ومنبت الداء (كما فعلنا فى هذا المنشور ومنشورات أخرى مكمله) ثم الدخول الفورى فى مشروع/منهج العلاج لأستئصال الفكر المغلوط من أدمغة الناس.
بعد الألمام بالمعرفه التى وفرتها هذه الورقه هل يمكننا تخيل وسيلة أخرى يمكن ان يصلح بها طرقنا ومصانعنا ومدارسنا ومستشفياتنا وأخلاقياتنا التى تتردى وفسادنا وقمامتنا التى تتعالى أكوامها؟
نعم الدواء المقترح يبدوا مر وصعب ولكنه غير مستحيل للأسباب التاليه:
.
- تم تشخيص المرض بسهولة ومنطق يستوعبه الجميع. كما أن الأدله والقرائن المستخدمه فكلها من نوع المثبت والمتكرر والتى يصعب دحضها.
- اهالينا وناسنا فى غفله ولكنهم ليسوا أغبياء. سيدركوا مصالحهم عندما نتيح لهم الفرصه للعلم بها. سواء من ناحية أوضاعنا الكارثيه أو أمور مجتمعات قمة السلم الحضارى.
- رسالتنا مهذبه لا تتعرض لرموز الديانه بأى تجريح. نحن فقط نتهم طغم الأشرار الذين تعاقبوا علينا عبر القرون (سلاطين وشركائهم من فقهاء الدين وقوميساراته) بترسيخ المفاهيم المغلوطه فى ادمغة الناس خدمة لمصالحهم الشخصيه وضربا بمصالح الناس عرض الحائط. (معنا عريظة بعدة اتهامات موجهه الى هؤلاء الأشرار والتى لن يستطيعوا الفكاك من تبعات أى أتهام منهم. فكل الاتهامات من نوع التلبس وسبق الاصرار والتعمد).
- رسالتنا للناس تحتوى ايضا على حزمة مفاهيم بديله والتى تدفعنا, عند تبنيها, الى مصاف المجتمعات المتحضره.
- سوف يشعر الناس ويحسوا وبدون عناء باننا (القائمين على تنفيذ مشروع التعافى) لا دافع لنا ولا مصلحه لاى منا تختلف عن مصلحة اى طفل او طفله فى قاع المجتمع.
- وسائل تواصل العصر المدهشه وهى فى غنى عن التعريف.
================








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah