الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الا بذِكْر الله ( لا ولن ) تَطْمَئنُ القلوب !!

رائد سعدي ناصر

2016 / 8 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قد نكون كشعوب عربية واسلامية أكثر شعوب الارض نطقا وذِكرا لـ ( الله ) سواءا اثناء صواتنا العديدة على مدار ساعات كل يوم ، او اثناء ما نواجهه يوميا من متاعب ومشاكل لا نستطيع حلها بطرق العلم والادارة والعمل فنضطر لاستخدام اسهل الطرق واقصرها وذلك بالدعوى الى ( الله ) ليقوم هو بحل كل مشاكلنا .
نحن نعرف جيدا مثلما يعرف العالم اجمعه باننا أكثر شعوب الارض تخلفا في كل نواحي الحياة بلا استثناء ، لا بل ان الأمَرَ من ذلك هو انه لا أمل لنا في التخلص من واقعنا هذا على المدى المنظور ، فهناك اصرار اجتماعي للابقاء على قدسية ثروة الوهم المدمر الذي توارثناه منذ قرابة اربعة عشر قرنا .
ابرز ما تورثناه هو حالة ( الخوف ) الذي يحكم تفاصيل وثنايا كل تصرفاتنا اليومية ، فنحن لا نفعل الشيء الفلاني مثلا ليس لقناعتنا العقلية بكون ذلك الشيء هو خطأ ولا نرتضيه لانفسنا وانما لاننا ( نخاف ) لـ ( الله ) ، وكذا فاننا نفعل الشيء الفلاني مثلا ليس لاننا مقتنعين عقليا بكون ذلك الشيء هو صحيح ونرتضيه لانفسنا وانما فقط لـ ( نرضي ) لـ ( الله ) .
ما يريده الله منا في موروثنا الديني ليس وفقا لما نَعْقله كبشر ، وانما هو وصفات جاهزة ومعلبة من آيات ومعتقدات سُطّرت على شكل كُتبٍ كُتبتْ قبل ما يقارب من اربعة عشر قرنا .
تلك الوصفات الجاهزة هي بصورة كتاب ( قرآن ) غامض متعدد التناقضات يُهدد الانسان بعذاب الدنيا والآخرة وقد كُتِب معظمه على ايدي اشخاص بعد عدة سنوات ( وليس بعد ساعات او ايام او اسابيع او شهور ) من وفاة الرسول الراحل محمد ، مقرونا بكُتب احاديث وسيرة نبوية وشريعة وفقه وتفاسير كُتبت بعد عقود ( وليس بعد اسابيع او شهور او سنوات ) من وفاة الرسول الراحل ، ووفق تناقضات هذه الكتب فاننا مثلا نجد ان شريحة من المختصين الدينيين تصدر حكما بقطع رأس انسان ما والتمثيل بجسده وتقطيع ايديه وارجله وانامله نتيجة لقيام ذلك الانسان بعمل ما ، في حين ان عمل نفس الانسان قد لا يُحكم عليه بأي سوء مطلقا وفق ما تراه شريحة اخرى من المختصين الدينيين !! ولا نستغرب من ذلك ابدا اذا ما استدركنا ان ( الله ) وُصِفَ في أحدى صحف ( القرآن ) بانه غفور ورحيم ، ووصِفَ في صفحات اخرى من نفس القرآن بانه مُنتقم ومَاكر بأمتياز !!
البشر لا يُصْلَحَ حالهم عندما يقيّدون انفسهم بـ ( الخوف ) من الله او سواه ، البشر يصلح حالهم عندما يكونون في درجة من الوعي الفكري يجعلهم يعيشون ويتصرفون ويعملون بلا خوف وبلا رقيب وبالطريقة التي يأخذ فيها كل واحد منهم حريته الكاملة في حياته الخاصة دون ان ينتقص من حرية الآخرين .
البشر يصلح حالهم عندما لا يعتدي احدهم على الآخر او لا ينتقص احدا منهم من حقوق الآخر ليس ( خوفا ) من الله او سواه وانما لان ذلك الانتقاص لا يتقبله اي منهم على نفسه .
مقالنا هذا لا علاقة له مطلقا بمناقشة موضوع وجود الله او عدم وجوده ، لان موضوع وجود ( الله ) او عدم وجوده هو شأن خاص بمدى قناعة كل انسان ، وان الايمان او عدم الايمان بوجود ( الله ) لا يبرر اي تمييز بين البشر ، وكذا على مستوى الاديان فايمان مجموعة من البشر بدين معين لا يبرر لها ابدا القيام باعمال تمييز او استصغار او اعتداء او قتل اواغتصاب ضد الآخرين .

معظم شعوب الارض المتحضرة تدرك القيم اعلاه ، لذا فقد تطورت علميا واقتصاديا وحضاريا وتحسنت فيها اوضاع حقوق الانسان الى درجة ان الكثير من ابناء الشعوب الاسلامية بدأت بالهرب من بلدانها واللجوء الى تلك الشعوب المتحضرة .
معظم شعوب الارض تقترب يوما بعد آخر من واقع وحياة أفضل لبني الانسان وكذا الحيوان والنبات بها ، ليس لانهم يسيرون وفق شريعة دينية محددة او متوارثة وانما لانهم جعلوا الانسان هو مصدر شريعتهم ، ووضعوا قوانينهم واصول تنظيم حياتهم ، وما زالوا ، وفق مبدأ عقلهم وقناعتهم وليس وفق مبدأ ( خوفهم ) ، فهم يعملون على ان يتصرف كل منهم في حياته الخاصة بحرية كاملة بعيدة عن الكذب والسرية ولكن دون الانتقاص من حرية وحقوق الآخرين .
بينما بقينا نحن الشعوب الشرقية الاسلامية تحت تأثير ثقافة ( الخوف ) التي زُرِعت فينا منذ ما يقارب اربعة عشر قرنا ، فنحن ( نخاف ) من الله ، ونخاف من المجتمع ، ونخاف من الرئيس ، ونخاف من الحكومة ، ونخاف من رجل الدين ، ونخاف من ان نمارس حريتنا الشخصية علنا ، بل ونخاف من ( الآخر ) الذي يمارس حقوقه وحريته الشخصية .
الحرية والعقل ملغي من فكرنا ، والخوف هو قائدنا ، والسرية هي طابعنا ، والمعاناة والتخلف هو ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا .
منذ اربعة عشر قرنا ، اُجبُرنا بقوة السيف على الرضوخ لمن ادعى علينا امتلاكه لسلطة الله علينا ، الى ان صار ( الخوف ) هو الذي يحركنا وهو الذي يحدد ويرسم كل ابعاد واشكال حياتنا ، وكأننا لسنا ببشرا .
منذ اربعة عشر قرنا ولحد اليوم وصراع السيوف قائم بين قادتنا الدينيين والسياسيين من أجل الظفر بنا كاسرى نعيش حياة الخوف دائما ، ولنبقى دائما نعيش في اوضاع متردية ، منتظرين ان يقوم الله بحل كل مشاكلنا ، مُلقين اسباب تخلفنا وتردّينا على بقية شعوب الارض .
منذ اربعة عشر قرنا ولحد اليوم و( الخوف ) من الله يقتل فينا الانسان، ويبني لنا الظلم والجهل والفقر والمرض على اُسسٍ من سيوف تَحمي قصور ومعابد ومراقد الله على الارض .
( الخوف ) عموما لا يليق بالانسان ، فهو يُوّلِّدُ الكذب والنفاق والتملق والقادة الدكتاتوريين في المجتمع .
( الخوف ) عموما يَصنعَ شعوبا تفتقد الشعور بانسانيتها ، شعوبا لا تتطور ولا تتقدم .
( الخوف ) من تهديدات وعذابات ( الله ) وفق ما ورثناه من ثقافة دينية جعلنا متعطشين لأمانٍ لا يمكننا الوصول اليه سوى بالغاء الآخر من البشر قتلا او استصغارا ، فنحن ومنذ اربعة عشر قرنا ولحد اليوم نعاني ( الخوف ) من ( الله الاكبر ) الذي يأمرنا في وصفاته الجاهزة المتوارثة بقتل كل من يختلف عنا حتى نرضي ( الله ) ورسوله !
منذ اربعة عشر قرنا ولحد اليوم توقف عقلنا عن العمل عندما بَدأنا لا نحس ابدا بمعاناة وألم من نقطع رأسه ونحن نصلي ونكبّر قائلين ( الله أكبر .. الله أكبر ) !!
خوفنا من ( الله ) أصبح لنا ذريعة لكي نقتل الحياة ونزرع ( الخوف ) اجباريا في حياة الآخرين .
لحد اليوم ، ما زلنا نُصِرُ على ضرورة أعادة تكرار ما حدث قبل اربعة عشر قرنا ، فنحن مازلنا نعبد اصناما جامدة بشكل ( كُتُبْ ) ، ومازلنا نَسجنُ ونقتل كل من يدعو الى العقل والحرية ، وما زلنا نسجن ونقتل كل من يدعو الى المساواة بيننا دون تمييز في الجنس او الدين او الطائفة او القومية ، وما زلنا نسجن ونقتل كل من يدعو الى حرية الفكر والتعبير بلا حدود ، نعم ما زلنا نسجن ونقتل كل من ينتقد آيات وأحكام يحملها صنم ورقي صُنِعَ قبل اربعة عشر قرنا .
ما زلنا لا نعمل ولا نفكر ولا نتتطور لاننا نؤمن بـ ( الخوف ) قائدا لنا .
ما زلنا لا ندرك اننا بشر ، ومن حق كل واحد فينا ان يعيش حياته كما يريد علانية دون خوف ودون كذب ودون انتقاص من حرية الآخرين .
ما زلنا مقيّدين بـ ( الخوف ) الذي يلغي فينا قدراتنا العقلية في تحديد ما هو صحيح وما هو خطأ دون الرجوع الى اصنام ورقية مصنوعة قبل اربعة عشر قرنا .
ما زلنا لا نشعر بـ ( الأمان ) الا بأرهاب الانسان الذي يختلف عنا بفكره وآرائه .
ما زلنا نطمئن على دنيانا وآخرتنا فقط عندما نرفع السيف بيدنا ونلبي أوامر صنمنا بقتل او استصغار كل انسان يختلف عنا بفكره وايمانه دون ان نحس او ندرك مدى الضرر الذي نلحقه بالانسان الآخر .
ما زلنا نطمئن على دنيانا وآخرتنا عندما نخاف ( الله ) ظاهريا ، بينما نمارس سرا كل ما نمنعه على الآخرين .
ما زلنا نطمئن على دنيانا وآخرتنا عندما نخاف ( الله ) ونكبل نساءنا بالقماش الاسود من رأسها لأخمصيّ قدميها لئلا يلقي عليها احدا بنظرة ، لكننا كرجال نمنح لانفسنا الحق في ان نتزوج اربعة نساء وان نغتصب أكبر عدد من النساء المختلفات معنا خوفا من الله !
نحن اكثر امم العالم ذكرا لأسم ( الله ) ، لكننا اكثر شعوب العالم تخلفا واضطهادا لـ ( الانسان ) ، ونحن دائما وأبدا نلقي باسباب تخلفنا على الآخرين .
شعوب العالم تتطور بسرعة الى الامام في تكريم بني الانسان ، ونحن نتراجع بسرعة الى الخلف لنحتقر بني الانسان .
الحق يقال :
الشيء الوحيد الذي نجحنا فيه بامتياز هو اننا جعلنا كل شعوب الارض تكره كلمة ( الله) ليس لانهم يكرهون الله فعلا وانما لكون كلمة ( الله أكبر) الاسلامية هي الكلمة الوحيدة التي تستبق وتبارك اي عمل ارهابي يرتكب ضد الانسانية منذ اربعة عشر قرنا وما تزال !

رائد سعدي ناصر
6-8-2016













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - امة
بلبل ( 2016 / 8 / 6 - 17:16 )
صدق من قال
يا امة ضحكت من جهلها الامم

اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي