الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كافكا .. وأشياء أخرى

امين يونس

2016 / 8 / 7
المجتمع المدني


المَرّة الأولى التي سافرتُ فيها بالقطار ، كانتْ في سنة 1962 ، وذلك من الموصل الى بغداد . كنتُ بمعِية المرحوم أخي ... كُل الذي أتذكرهُ من تلك الرحلة ، صوت صافرة القطار ، ذلك الصوت المدوي قبل الوصول الى المحطات .. كذلك كان طعم ونكهة قنينة ال " مشن " التي إشتراها لي أخي ، لا يُنسى ! .
المرّة الثانية كانتْ سنة 1982 ، وأنا جُندي في حرب القادسية " الكَشرة " ، حيث ان القطار الصاعد من البصرة إلى بغداد ، ضّمني مع آلاف من الجنود المُجازين .. وكَم كانتْ فَرحتي حين نزل جُندي في محطة الناصرية ، فجلستُ في مكانهِ فَرحاً وغفوتُ سريعاً ، بعد الوقوف الطويل في القطار المُزدحِم ... غفوتُ حالماً ب ياس خضر مُوّدعاً حبيبته على " المْكَيَر " .
طالما سمعتُ بالقطارات الحديثة ، التي تقطع المسافات ، بين الدول الأوروبية . ويا للعَجَب ، فلقد اُتيحتْ لي فُرصة ثالثة للسفر بالقطار .. وأين ؟ من برلين إلى براغ ! . نعم فلقد رَتَب لي مُضّيفي البرليني ، رحلةً إلى براغ بالقطار ، يوم الجمعة 22/7/2016 .
في تجربتي الأولى ، كنتُ طفلاً .. وإنطبع في ذهني ، صوت الصافرة العجيب والمِشن اللذيذ . وفي المرّة الثانية ، كنتُ جُندياً مُنْهكا مضى عَلّيَ أكثر من ستين يوم بدون إجازة . أما هذهِ المّرة فالأمرُ مُختلف ، وهذهِ بعض الإنطباعات البسيطة :
* في قطار الجنود قبل 34 عاماً ، كان " الفاركون " مُكتظاً بالجنود الجالسين والواقفين ، ورائحة العرق تفوح من الجميع . أما في قطار براغ ، فلقد كانتْ كابينتنا فيها ستة مقاعد ، ثلاثة في مواجهة ثلاثة . أنا ومُقابلي صديقي ، وأربعة فتيات جميلات ، ثلاثة ألمانيات وواحدة أمريكية . أؤكِد لكم ، بأن رحلة برلين براغ ، كانتْ أكثر راحةً من رِحلة بصرة بغداد . صّدقوني ! .
على الرغم من ان صديقي كان يتبادل الحديث والنكات مع الفتيات ، بالألمانية ، وأنا جالسٌ " أطرِش بالزّفة " .
* لأن الشمس لاتغربُ سريعاً ، في تلك الأنحاء ، فلقد إستمتعتُ بالمناظر الخَلابة طول الطريق ، ولا سيما في مُحيط " دريسدن " وكذلك داخل الأراضي التشيكية أيضاً .
.......................
كنتُ أحلمُ بزيارة براغ منذ زَمَن ، من كُثرة ما سمعتُ عن جمالها ، وروعة ما كَتبهُ فيها الجواهري من أشعار . ولكن هنالك سببٌ آخر ، وهو رغبتي في رٌؤية النصب التذكاري ل " فرانتز كافكا " . كافكا الذي قرأتُ بعض رواياته قبل أربعين سنة .. حيث بَهرَتْني غرائبيته وإكتشفتُ أنهُ " مُختلِف " ، لكنني لم أفهمهُ . وبعد نضوجي العُمري والفكري ، أعدتُ قراءته ... وأعترف ، بأنني ما زلتُ أحسُ بِقِلة فهمي لهُ . رُبما ، غموض كافكا هو الذي يّشدني إليه ! .
صديقي ومُضّيفي الطَيِب ، ذّكَرني ب " الفرضيات " أثناء الخدمة العسكرية . حيث جعلني أتمشى معهُ أكثر من عشرة كيلومترات ، وسط عشرات الآلاف من السياح من مُختلف الجنسيات ، وسط براغ .. وصولاً إلى الحَي اليهودي القديم ، القريب من النصب التذكاري ل " كافكا " . وبالمُناسبة ، فأن صديقي وحتى وهو في مدينته برلين ، كان يلبسُ بلوزةً مكتوبٌ عليها بالإنكليزية : كامب ديفيد ! . فكان طبيعياً أن يتسكع أمام المعبد اليهودي القديم في براغ برداءه الذي يستفزني ! .
الفنان النحّات ( جاروسلاف رونا ) ، هو الذي أبدَعَ تمثال كافكا ، جالساً على نحتٍ لبدلةٍ فارغة لشخصٍ مقطوع الرأس واليدين ! . حتى نصبهُ التذكاري ، غريبٌ / رمزيٌ / غامِض .
أرضيتُ بعض فضولي ... بإلتقاط صورة مع تمثال كافكا .. كافكا الذي ماتَ بالسل وهو في ريعان الشباب .. تُرى لو إمتدَ به العُمر ولم يمُتْ وهو في الواحدة والأربعين ، ماذا كان سيكسب الأدب العالمي من إبداعات فّذة ؟
............
أخيراً ، هذا غيضٌ من فَيض أقوال كافكا :
لا يزالٌ الليلُ ليلاً ، أكثر من اللازم
إذا كان الكتاب الذي نقرؤه ، لايوقظنا بخبطةٍ على جمجمتنا ، فلماذا تقرؤه إذن ؟
الكتابةُ شكلٌ من أشكال الصلاة
إبدأ بالصحيح وليسَ بالمقبول .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - Kamp David
bamarny ( 2016 / 8 / 8 - 09:49 )
سيدي العزيز
فقط لتخفيف الاسفزاز من قميص ماركته كامب ديفيد ادناه اهم فقرة في الاتفاقية

1- تنتهي حالة الحرب بين الطرفين ويقام السلام بينهما عند تبادل وثائق التصديق على هذه المعاهدة.



2- تسحب إسرائيل كافة قواتها المسلحة والمدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، كما هو وارد بالبروتوكول الملحق بهذه المعاهدة (الملحق الأول)، وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء.



ولتخفيف شعوري بالذنب فانني كنت ارتدي طوال الوقت احذية من ماركت كمب ديفيد

اخر الافلام

.. صور أقمار صناعية تُظهر إخلاء خيام النازحين من المنطقة الإنسا


.. جوع وعطش وتكدس نفايات.. الوضع الإنساني يزداد مأساوية في جبال




.. السفيرة مشيرة خطاب رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان في حوار


.. رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان: القطاع الخاص مطمئن أن حقو




.. أردوغان يدين موجة العنف ضد اللاجئين السوريين ويلقي باللائمة