الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تساقط الرموز ..سقوط الأمة ..!

ميشيل زهرة

2016 / 8 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تساقط الرموز ، سقوط الأمة..!!

هاجس يقلق التفكير فيه .. ولطالما طرحت على نفسي تساؤلات ، لم أجد لها إجابات شافيات .
من المعروف ، بين أصحاب الفكر و الثقافة ، أن المجتمعات ، عندما تصاب بهزات عنيفة ، كالذي حدث بالغرب ، من حروب ، و كوارث . و كما يحدث هذه الآونة في بلادنا العربية ، من كوارث ، و إن تعددت أسبابها .
عندما كان يسقط كل شيء ، من قيم ، و أخلاق ، و مؤسسات ، في الدول المنكوبة .. كانت الرموز الفنية ، و الأدبية ، و الفلسفية ، و الدينية ، أيضا ، تنتفض في الذاكرة الجمعية لهذه المجتمعات ، لتكون الرافعة التي تحفظ الإنسان من الانهيار الروحي ، و المعنوي . إذ ليس هناك في الغرب من لم يعرف من هو بيتهوفن ..أو موليير ..أو هيوغو ..وماركس ، أو آرغون .. و الفنانين العظام الفلورنسيين . الذين يجتمع الناس على حبهم و الاعتزاز بهم ، رافعين أنوفهم ، و رؤوسهم شموخا عند ذكرهم . تلك الرموز التي جمعت الشعوب الغربية حول محورها ، و أعادت ترميم ما تهدم في الروح ، و أكملت مسيرتها الحضارية بثقة ، بذلك الحامل الثقافي العلمي و بهديه ، لأنه متجذر في الذاكرة الاجتماعية لتلك الشعوب .فتعيد بناء ذاتها ..روسيا مثالا ..!! لقد اهتزت ، البلاد السوفيتية ، و لكنها لم تسقط روسيا الأمة ذات التاريخ المكتظ بالعظماء ، و المبدعين مثل : ( بوتشكين ، و تولستوي ، و ديستويفسكي ، و غيرهم كثر ) ، و الكثير من العلماء الذين فتحوا آفاق الفضاء من الرموز الرائعة في المجتمع الروسي .
ولكن عندنا في الشرق العربي تحديدا ، و نحن نتعرض ، في هذه الآونة ، إلى اخطر منعطف تاريخي ، و أخطر هزة عرفتها المنطقة ، بدأت بمطالب اجتماعية ، سياسية ، و انتهت بلعنة التاريخ التي تختبيء في الذاكرة الروحية لهذه المجتمعات ، المبتلية بذاكرتها . وليس ذلك و حسب ..بل أستطيع أن أقول : إنها مبتلية برموزها أيضا.
الآن يتساقط كل شيء ..الدين ، و السياسة ، و الثقافة ، و العلم ..!! فهل لدينا من الرموز العظيمة مايجعلنا ندور حول عظمتها في الذاكرة ..؟؟ ثمة من يقول لدينا رموزنا الدينية ..ولكن ماذا لو جاء الرد : إن تلك الرموز هي وراء ما يحدث من دماء ملأت الساحات الفارغة من تماثيل عظماء كالحلاج ، و المعري ، وإبن عربي ، وابن خلدون ، و فرج فودة ، و حسين مروة ، و الفلاسفة ، و المفكرين ، المغاربة ، و اللبنانيين ، و السوريين ، و العراقيين ، و المصريين ، و الفلسطينيين ، و الأردنيين ..!! الذين قضي على بعضهم ، على مذبح رموزنا الدينية ، التي نتغنى بها ، و بهديها . نا هيك عن أنها رموز متحاربة في الذاكرة ، و متصارعة ، و هذا ما جعل الذات العربية ، و من دار في محورها ، مشروخة .. و بالتالي لم تستطع أن تنتج وعيا ينقذ أمة من الضياع ..!! عدا أشخاص قلة استطاعوا بو عيهم الذاتي ، و بتجاربهم المتفردة ، و احتكاكهم المباشر مع العقل الغربي ، أن يخرجوا من شرنقة الموت..؟؟ ماذا عن رموز كنا نتفاءل بفكرها العلمي ، ولا داعي لذكرها الآن ، لأنكم تعرفونها . تلك الرموز الثقافية التي كانت للأسف ، تحمل ثقافاتها على الحامل الديني في قاع ذاكرتها . و ما إن اهتز الواقع الروحي ، الحامل ، لهذه الفئة من المثقفين ، حتى سقط المحمول ، و نهض الحامل . و كأن الثقافة كانت طاريء عابر . فأطلقوا اللحى ، و عادوا إلى المنظومة الفكرية الدينية ، التي حملها الآباء ، و الأجداد ..! و رغم ذلك لا أحد ينفي أن هناك الكثير من النساء ، و الرجال الذين حافظوا على إنسانيتهم ، و تمسكوا بقراءة صحيحة و علمية للظواهر ..وهم موجودون في المنطقة الشامية ، و المغاربية ، و المصرية أيضا . ولكن هل سمحت الأنظمة السياسية ، المتعاونة مع المنظومة الدينية ، بتحويلهم إلى رموز تلتف حولها شعوب المنطقة بالأزمات ..؟؟
ماذا نقول عن الغالبية العظمى من الشعب البسيط ، الذي يتخذ من الدين نهجا ، و قد كان ضحية لهذا الصراع التاريخي المرعب ، بين أجداد ليسوا من نسيج الحضارات المستعمرة ، تصارعوا يوما على سدة الحكم . وحملونا أمانة الثأر و الانتقام من بعضنا على مساحة هذه الأرض المنكوبة مع شعوبها .
لقد تخندق الجميع في خندقين ، للأسف . حتى المثقف ( إلا القليل ) تساوى مع الجاهل ، وبلا خجل من نفسه ، و تاريخه ، و الناس التي كانت تعقد عليه الأمل .
أمامنا فرصة أخيرة ..إن لم نضع الذاكرة الروحية جانبا ، و نعمل على تفكيكها لنخرج من شرنقة الأجداد ، و نبدأ بمعزل عنها ، و عن تناقضاتها ، في بناء مجتمع علماني ، بعيد عن الدين ، سوف تحل الكارثة الكبرى ، ألا وهي الموت الروحي ، و الفكري الكامل ، للشعوب التي اغتيل فيها انتماءها لحضاراتها . السورية ، المصرية ، و المغاربية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال


.. لايوجد دين بلا أساطير




.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية