الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسلمون بالتقسيط

صادق إطيمش

2016 / 8 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مسـلـمـون بالـتــقــســيــط

كثيراً ما يصف البعض مجلس" ممثلي " الشعب العراقي بمصطلح مجلس النوام، بدلاً عن النواب. في الحقيقة لا اتفق شخصياً مع هذه التسمية التي اعتبرها إجحافاً بحق مجموعة كبيرة من البشر، او الأغلبية التي يضمها هذا المجلس، تسعى سعياً حثيثاً وبنشاط غير مسبوق في كل تاريخ العراق القديم والحديث، لإيصال كل ما يمكن إيصاله من اسباب الثراء الغير طبيعي، إذ يمكن ان يكون وصفه بالفاحش ضئيلاً جداً ولا يفي بالغرض، إلى المواقع الأمينة داخل وخارج العراق والتي ستشكل الضمانة الأكيدة ، حسب اعتقاد هؤلاء السيدات والسادة، لحياة هانئة بعيدة عما سيخلفونه وراءهم من اجواء داخل العراق بعد رحيلهم عنه، هذا إن لم تعصف بانفاسهم تلك الرياح التي تحدث عنها الجواهري الكبير، قبل محاولتهم الرحيل.

يجري هذا النشاط المحموم للثراء من قِبَلِ هذه المجموعة من خلال ابتكار الطرق والمسالك الملتوية لسرقة المال العام ومن خلال الإبتزاز والمؤامرات والمسابقات على المقاولات المليارية، وكذلك من خلال اساليب الخطاب القذرة وكلمات التهديد والوعيد المبتَذَلَة التي يتبادلونها مع بعضهم البعض و... و.... تحت سقف بناية تتوسط منصتها وبحروف كبيرة وبارزة جملة " وامرهم شورى بينهم " وهنا تكمن الطامة الكبرى.

بما ان اغلب اللصوص الجالسين والعاملين في هذا المجلس والمساهمين بهذا النشاط المحموم من احزاب وكتل وكيانات تسمي نفسها اسلامية وزينت واجهات مداخل مقراتها باسماء اسلامية لا يرقى إليها الشك، كما ان قسماً كبيراً من البعض الآخر يريد ان يجمع بين الشوفينية القومية والإنتماء الإسلامي، فإن مفهومهم لهذه الجملة " وامرهم شورى بينهم " ينبغي، وكتحصيل حاصل ، ان يكون اسلامياً ايضاً. فهل هو كذلك حقاً ؟

اكثر فقهاء هؤلاء الإسلاميين والتابعين لهم دون بصر او بصيرة يلقون علينا، نحن دعاة الديمقراطية، الدروس والمحاضرات محاولين جعل الشورى بديلاً عما ندعوا اليه لتبني الديمقراطية في النظام السياسي بكل ما تضمه هذه الديمقراطية من حداثة في فهم حقوق وواجبات الإنسان ، نعم الإنسان والإنسان وحده بغض النظر عن كل انتماءاته الأخرى. ولا نريد هنا ان نناقشهم بمعنى هذا المصطلح الذي لا يمت للديمقراطية بمفهومها العلمي الحضاري الحديث بأية صلة، إذ قد نتطرق الى هذا الموضوع في مناسبة اخرى، بل نرغب هنا ان نشير إلى ردة الفعل التي تتبلور لدى اي انسان ، مهما كان بسيطاً في تفكيره، حينما يرى ما يجري في هذا المجلس تحت هذه اليافطة الكبيرة المخطوط عليها هذه المقولة الإسلامية. فإن كان فهم لصوص هذا المجلس وسراق قوت الشعب لشعارهم هذا بانه السباب والشتائم وتبادل التهم واخيراً تدخُل العشائر كل يدافع عن ابنه او بنته، فلا يسع اي انسان إلا ان يصنف هذه الشورى، التي تعلوا منصة مجلسهم، في عداد السعي لإحياء العصبية القبلية التي نهى عنها دينهم الذي يتشدقون بالإنتماء إليه والذي جعل المشورة في الأمر، وليس امر شيخ العشيرة، هو الفاصل في العلافات الإجتماعية وليس العكس.

او اننا يمكن ان ننظر لمثل هذا الأمر وكأنه تجميد طويل الأمد لمفهوم الشورى الذي لم نر هذا المجلس يعمل به منذ تأسيسه بعد إحتلال وطننا وما تمخض عن هذا الإحتلال من الإتيان باحزاب هؤلاء اللصوص كخلفاء امناء لدكتاتورية البعثفاشية الساقطة. او ان هناك فتوى لا نعلم بها تجيز الأختيار في الوقت والمكان لتطبيق الشورى او عدم تطبيقها. او ان تطبيق الشورى حتى بمفهومها الفقهي البسيط يمكن ان يجري بالتقسيط مرحلة بعد اخرى. او ان هناك احتمالات اخرى لتطبيق الشورى لا يعلمها إلا الراسخون في اللصوصية. في كل هذه الحالات لا يسع اي مراقب لأعمال هذا المجلس والمشاركين فيه، خاصة من كتل احزاب الإسلام السياسي جميعاً وبدون اي استثناء، إلا ان يتساءل عن مدى صحة زعم هؤلاء بانتماءهم إلى دين، وهنا الدين الإسلامي طبعاً، لا يحترمون شعاراته التي يكذبون بها على الناس بوضعها فوق رؤوسهم دون ان يعملوا بها. هل انهم صادقون حقاً بما يعلنونه حول انتماءاتهم الإسلامية ام انهم قد أجلوا العمل بما تفرضه عليهم هذه الإنتماءات إلى اجل لم يتقرر امده بعد؟

ومما نرغب التاكيد عليه هنا هو ان لصوص البرلمان العراقي من تابعي احزاب الإسلام السياسي وشراكاءهم في الدين وفي اللصوصية معاً من غلاة التعصب القومي الشوفيني ، ومَن يلتحق بهم من المكونات الأخرى، لم يتنكروا للشعار الإسلامي المرفوع علناً فوق رؤوسهم فحسب، بل انهم تنكروا ايضاً وبكل صلافة، من خلال إثراءهم الفاحش وسرقاتهم للمال العام، لكل ما يتبجحون به من التزامهم بما تفرضه عليهم شريعتهم الإسلامية التي طالما تعاملوا معها وكأن لسان حالهم يقول بان الله غفور رحيم. او انهم اجلوا الإلتزام باوامر ونواهي شريعتهم إلى اجل يقضي به الله امراً كان مفعولا.

الدكتور صادق إطيمش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصرف النواب من صميم الإسلام 1
عبد القادر أنيس ( 2016 / 8 / 9 - 13:48 )
لا أراك مصيبا وأنت تحاول أن تقصي هؤلاء من الإسلام بحجة أنهم لم يلتزموا بشعار (وأمرهم شورى بينهم) وبحجة الإثراء الفاحش الذي لا تبيحه مبادئ الإسلام.
ما يفعله هؤلاء النواب من صميم الإسلام. المال العام لم يكن شيئا متميزا عن مال السلطان في كل حقب الإسلام، بما فيها ذلك العصر الراشدي. ألم يقل خليفة الإسلام (أبو جعفر المنصر) ملخصا هذه الحقيقة: (أيها الناس، إنما أنا سلطان الله في أرضه، أسوسكم بتوفيقه ورشده، وخازنه على ماله، أقسمه بإرادته، وأعطيه بإذنه، وقد جعلني الله عليه قفلا، إذا شاء أن يفتحني لإعطائكم وقسم أرزاقكم فتحني، وإذا شاء أن يقفلني عليه أقفلني، فارغبوا إلى الله أيها الناس، وسلوه، في هذا اليوم الشريف الذي وهب لكم فيه من فضله ما أعلمكم به في كتابه، إذ يقول: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا، أن يوفقني للصواب، ويسددني للرشاد، ويلهمني الرأفة بكم، والإحسان إليكم، ويفتحني لإعطائكم، وقَسْمِ أرزاقكم بالعدل عليكم، فإنه سميع مجيب-
ولهذا نرى ملايين الناس تتجه، طلبا للرزق، نحو العتبات المقدسة أو نحو مكة أو نحو المزارات والمساجد وليس نحو البرلمان، إلا قليلا.
تحياتي


2 - تابع 2
عبد القادر أنيس ( 2016 / 8 / 9 - 14:00 )
نقرأ في هذا الموقع الإسلامي فتوى حول السارق من المال العام والذي لا يسمَّى سارقا بل آخذا (فقط):
(فالأخذ من المال العام حرام، يستحق آخذه التعزير عند جمهور العلماء، والتعزير: عقوبة غير مقدرة شرعاً، يرجع تقديرها إلى الحاكم، ولا يُعد ذلك سرقة -بمعنى أنه لا تقطع يد فاعله- لأن له في المال العام شبهة ملك، وهذا لا ينفي عنه الإثم والعقوبة التعزيرية).
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=14984
وهذه فتوى أخرى تشجع على التلاعب بالمال العام:
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=50478
تحياتي


3 - خرافة الشورى في الإسلام
عبد القادر أنيس ( 2016 / 8 / 9 - 14:10 )
أما الشورى فهي مفهوم غائم لم يتأسس أبدا في الحياة السياسية طوال الحكم الإسلامي. الرأي الغالب عند الفقهاء أن والي الأمر يستحب أن يشاور أهل الحل والربط ولكنه غير مجبر على الالتزام برأيهم . كما أن كيفية اختيار أهل الشورى غائمة وتبقى من صلاحية الحاكم الذي من حقه أن يختار ما يناسبه من علية القوم و(علمائهم). البرلمان العراقي مع كل عيوبه أفضل بكثير من أي مجلس شورى تأسس طوال الحكم الإسلامي. المشكل في الشعب وليس فيهم.
تحياتي


4 - الأستاذ عبد القادر انيس
الدكتور صادق إطيمش ( 2016 / 8 / 9 - 14:59 )
جزيل الشكر لمداخلتك وتعليقاتك على الموضوع، ارجو ان تساهم نقاشاتنا حول هذا الأمر وغيره من الأمور المتعلقة بخداع فقهاء الشياطين وتابعيهم ، بتوعية بسطاء الناس الذين ما زالوا مؤمنين بدينهم ايماناً عاطفياً يجعلهم ضحية سهلة لهؤلاء المتخلفين. ارجو المزيد من المداخلات الهادفة ، مع اطيب التحيات


5 - الشورى كذبة اسلامية.
احمد حسن البغدادي. ( 2016 / 8 / 9 - 15:40 )
تحية أستاذ صادق.

ان نظام الشورى في الاسلام، والتي يطبل لها المسلمون ليل نهار، ماهي الا كذبة اسلامية، تبطلها وتكذبها احاديث صحيحة لمحمد، نبي الاسلام، ويكذبها التاريخ الاسلامي كله، منذ وفاة محمد والى اليوم.
حيث ان الشورى الاسلامية، هي مجموعة رجال دين يؤيدون ويشرعنون كل ما يقوم به الحاكم من جراءم بحق الشعب، وهذا هو تاريخ الاسلام كله، لم يخرج عن هذا السياق أبداً.

يقول محمد:

( لو تبايعتم على خليفتان، فاقتلوا الثاني ) .

ويقول محمد:
( اسمع وأطع، ولو جلد ظهرك او سرق مالك )

ويقول في حديث اخر:

( اسمع وأطع، حتى وان حكمكم عبد، راْسه كالزبيبة ).

(( ياسلام ! اليست هذه عنصرية من محمد ؟))

ويقول محمد:

( يبقى هذا الامر في قريش مابقي منهم اثنان )

اي؛ يبقي الحكم بيد القريشيين حتى لو بقي منهم اثنان.

لذلك نرى الحكام المسلمون اجمع ، يربطون نسبهم بقريش، حتى صدام حسين، والخميني في ايران، والذي هو من أصل هندي، وغير مسلم.

إذاً أين الشورى والديمقراطية وحقوق الانسان في الاسلام، والتي يتبجح بها المسلمون؟

الاسلام كذبة كبرى، حان الوقت لتعريته، وقبره الى الأبد ، لتتخلص البشرية من شروره.

تحياتي...


6 - الأستاذ احمد البغدادي
الدكتور صادق إطيمش ( 2016 / 8 / 9 - 18:28 )
لقد عودتنا على طروحاتك الموثَقة بالأدلة التي اترك نقاشها لمن يريد المساهمة في هذا الموضوع . الرأي والرأي اللآخر ضروري جداً لكي يطلع البسطاء من الناس على خفايا الأمور، علَّهم يتعظون، شكراً لك استاذ احمد مع اطيب التحيات


7 - مداخلة ليست رائعة فقط بل اكثر من رائعة
سامر احمد ( 2016 / 8 / 10 - 20:20 )
السادة عبد القادر انيس و احمد حسن البغدادي كلام يصب في الصميم ...

اخر الافلام

.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم


.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو




.. 70-Ali-Imran


.. 71-Ali-Imran




.. 72-Ali-Imran