الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام والإيمان مجدداً !

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2016 / 8 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هذه المقالة هي مساهمة فكرية في تصحيح مفاهيم تم خلطها وتزويرها، ليس جهلاً بل متعمداً وعن سابق إصرار. فالقرآن الكريم خاطب المؤمنين ( الذين آمنوا ) كما خاطب المسلمين كما خاطب " العالمين " و " الناس "، والملاحظ أن الأركان الخمسة التي قيل لنا أنها أركان للإسلام، إنما هي أركان فرضت على المؤمنين فقط وليس على جملة المسلمين !
فما هو الفرق بين الإيمان والإسلام ؟؟! وكيف يمكن تصحيح الأفهام بدلائل قرآنية مصحوبة بتحليل عقلي ومنطق سليم ؟!
أولاً: مفهوم الإسلام
الإسلام ليس هو رسالة النبي محمد – ص - وحده كما تقول الوهابية، ذلك أن الإسلام دين تراكمي شارك به جميع الأنبياء بدءاً من نوح وإبراهيم ومروراً بموسى وعيسى ثم محمد خاتم المرسلين .. يقول النبي محمد – ص – " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " أي أن الأخلاق موجودة من قبل ولكني بعثت لأتممها ! ثم الآية ( وما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً بل كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين – آل عمران ). أي أن الإسلام كان ديانة النبي إبراهيم أيضاً !
الدليل القرآني الأول والذي يقطع بأن مفهوم الإسلام يختلف عن مفهوم الإيمان هي الآية الكريمة ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا بل قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم - الحجرات 14 ).
للإسلام كما أوضحنا مفهوم عام يشمل جميع الديانات التي سبقت الرسالة المحمدية، فاليهود مسلمون والمسيحيون مسلمون، وحتى الصابئة مسلمون، وشرط الإسلام هو ( الإيمان بالله واليوم الآخر ) ثم ( العمل الصالح ). ( من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً )، ونجد هذا في الآية ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون – البقرة 62 )، بمعنى أوضح، أن ( الذين آمنوا = أتباع محمد )، و ( الذين هادوا = اليهود ) و ( النصارى = المسيحيون ) بل وحتى ( الصابئين ) كلهم لهم ثوابهم وأجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم يوم الحساب.
المتنطعون الوهابيون ينهضون من نومهم قائلين بأن هذه الآية منسوخة بالآية ( إن الدين عند الله الإسلام )، وعلى العكس فهذه الآية تؤكد ما ذهبنا إليه، وهي أن الدين هو الإسلام بمعناه الشمولي العام الذي يضم جميع الديانات التي سبقت الرسالة المحمدية من زمن نوح وإبراهيم وانتهاءا بمحمد – ص !
والإسلام بمعنى قرآني آخر، هو كل عمل وسلوك منافي ومعاكس للإجرام ونقرأ هذا في قوله تعالى ( إن للمتقين عن ربهم جنات النعيم، أفنجعل المسلمين كالمجرمين، مالكم كيف تحكمون – القلم: 34، 35، 36 ). والتقوى أيها الأعزاء هي اعتقاد محله القلب والوجدان. القتل جريمة، والسرقة جريمة، والاغتصاب جريمة، والكذب جريمة، وكل هذه الأفعال منافية للإسلام. بهذا المعنى فإن المسلمين هم أهل الأرض عامة، أما المؤمنين فهم أتباع الرسالة المحمدية فقط.
والإسلام هو الفطرة الإنسانية التي تجعل الأطفال يجزعون من مشهد الدم عند ذبح الأرانب والحمام أمام أعينهم، وهذا هو الفهم المتكامل للإسلام بحسبانه ديانة أهل الأرض أجمعين !

ثانياً: الإيمان
الإيمان هو شيء يضاف للإسلام. وإذا كان الإسلام هو الفطرة، فإن الإيمان يأتي عكس الفطرة. هو تكاليف إضافية لمن أراد الاستزادة في مرضاة الله. فالفطرة أن يحب الإنسان النوم فجراً، لا أن يصحو ويتوضأ بالماء البارد شتاءا، ففي هذا مشقة لا يمكن التهوين منها. الصلاة من تكاليف الإيمان المحمدي وليست فريضة على كل أهل الأرض " المسلمين ". كذلك من الفطرة أن الإنسان يحب التهام الطعام عند شعوره بالجوع ولهذا فإن فعل ( الأكل ) من الإسلام، أما الصيام ( الجوع والعطش ) فهو تكاليف تدفع ضد الفطرة، ولهذا فرض الله الصيام على ( الذين آمنوا )، أي على أتباع النبي محمد – ص !
بالطبع قد يخطر ببال أحدنا، أن كلمة المؤمنين قد تشمل مجموعة من أتباع كل ديانة وليس فقط الديانة المحمدية، ذلك أن الإيمان بأي فكرة حتى لو كانت عادية وغير مقدسة نسميه " إيمان "، وهنا يجب وضع النقطة على الحرف، فالإيمان على إطلاقه لغةً يختلف عن الإيمان اصطلاحاً في قوله تعالى ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً )، والتي قصد بها الصلوات الخمس التي وردت في القرآن في أكثر من سياق مثل ( يا أيها الذين آمنوا حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) !

هل ترون أيها الأحبة كيف نطلت علينا حيلة تزوير مفهوم الإسلام لكي يعني أتباع محمد – ص - فقط مع تكفير باقي الديانات وباقي أهل الأرض ؟! هل ترون كيف انطلت علينا حيلة جعل أركان الإيمان أركاناً للإسلام بما يعارض وينافي الأفهام القرآنية ؟؟! ألا نخجل ونحن نرى الأجانب الذين نكفرهم، لا يكذبون، ومخلصون في أعمالهم ومواعيدهم ؟؟! ألم نشاهد هنا في غزة كيف قامت الدول التي نسميها " كافرة " بتمويل بناء جميع المدارس ( الحكومية والوكالة ) بل وجميع المستشفيات ؟؟؟ هل هؤلاء إلى النار بينما من يقتل الآمنين إلى الجنة ؟؟! هل مكتشف البنسلين ومخترع البنج إلى النار بينما الدواعش المجرمين إلى الجنة ؟؟! حقاً صدق الله العظيم في قوله ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين، مالكم كيف تحكمون ) ؟؟!
-----------------------------------------
ملاحظة: أفكار المقال الأساسية مقتبسة من كتاب ( الإسلام والإيمان ) تأليف د. محمد شحرور / 1996، ولكن الشرح وطريقة التقديم كانت من اجتهاد كاتب المقال.

دمتم بخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الغرانيق العلا
emad.emad ( 2016 / 8 / 10 - 08:14 )
الإسلام دين تراكمي شارك به جميع الأنبياء بدءاً من نوح وإبراهيم ومروراً بموسى وعيسى ثم
محمد خاتم المرسلين
ههههههههه
الاسلام اعترف يكل الانبياء
الا الغرانيق العلا
هههههههه


2 - (شرط الإسلام هو ( الإيمان بالله واليوم الآخر
emad.emad ( 2016 / 8 / 10 - 08:19 )
ما هو الايمان يا مؤمن
؟؟؟؟؟؟؟
سالت هذا السؤال الى كثير من المؤمنين
لا سف معظهم يردد هذه الكلمه دون فهم معناها

.....القضاء .... القدر....الايمان ......الفطره
كلمات يردهها المسلم مسلوب العقل دون فهم معناها


3 - ملاحظات حول المقالة
شاكر شكور ( 2016 / 8 / 10 - 15:17 )
تقول سورة آل عمران 20 (وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ۚ-;- فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا ۖ-;- ) ، وهذا يعني ان اهل الكتاب لم يكونوا مسلمين لأن شرط اكتساب هوية الإسلام هو الإهتداء والإيمان بشريعة الإسلام اولا حسب الآية المذكورة ، إذن الإسلام خاص بالتعاليم التي جاء بها رسول الإسلام ولا يخص غيره من الأديان ولم يكن هذا المصطلح معروفا حتى نزول 55 سورة قرآنية (الأنعام 125) ،، بخصوص الآية التي تقول (وما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً) ، هل النصارى كانوا موجودين في زمن ابراهيم لكي تنفي الآية نصرانية ابراهيم !!! قولك ايضا النصارى = المسيحيين قول خطأ لأن النصارى فرقة او مذهب (من خلفية يهودية) آمنوا بأن عيسى مجرد نبي ولا يؤمنون بقانون الإيمان المسيحي وهذه الفرقة انقرضت ، تحياتي استاذ عبدالله أبو شرخ وشكرا لنواياك الحسنة في لم شمل الأديان


4 - مقال لا بأس به!
ملحد ( 2016 / 8 / 10 - 21:03 )
اقتباس:( كذلك من الفطرة أن الإنسان يحب التهام الطعام عند شعوره بالجوع ولهذا فإن فعل ( الأكل ) من الإسلام، أما الصيام ( الجوع والعطش ) فهو تكاليف تدفع ضد الفطرة، ولهذا فرض الله الصيام على ( الذين آمنوا ))

تعقيب: اذن انت من مناصري مقولة ان حرية الاعتقاد او الايمان تتوقف(يوضع لها حد) عندما تتعدى على حرية الاخرين.
والاخرين هنا يمكن ان يكون مسلما ولكن غير مؤمن!او تابع لاديان اخرى او ملحد او لاديني....الخ

سؤالي هو: الا تعتقد بذلك ان حرمان الاخرين(بينت معناها اعلاه)من ممارسة حقهم الطبيعي جدا جدا(انت اسميته فطرة وهنا اتفق معك)في الاكل او الشرب متى واين شائوا خلال شهر رمضان دون التعرض لعقاب!من قبل الدولة او لاعتداء من قبل البعض (هيئة الامربالمعروف...?!)في الشارع?,هو تعدي صارخ على حرية الاخرين ويجب وضع حد له?

انتظر جوابا صريحا!

تحياتي


5 - مقال جيد
المرصد العربي للتطرف والإرهاب ( 2016 / 8 / 11 - 13:30 )
الأستاذ عبدالله هذا المقال جيد جداً، بيد أننا نشرنا حواراً قبل أيام ربما يثري محتوى ما تفضلت به ويساعد على رؤية الأشياء من منظور أوسع وأعمق.

http://arabobservatory.com/?p=11516

الحوار يثبت أن الموروث الديني الذي بين أيدي البشر على الأرض غير سليم عموماً، أما الذي بين أيدي العرب فكارثي بكل المقاييس. ففي تلك العصور الغابرة ولغاية عقود قليلة خلت لم يكن يوجد سوى السلطان وكهنة السلطان وإعلام السلطان. من نطق بشيء من الحقائق قُتل. ولو كان إسلام البحيري قال ما قاله قبل 100 عام لحُرق حياً، إلّا أن الحضور الغربي وانتشار الميديا والأقلام الحرة - رغماً عن السلطان وكهنته - حالا دون ذلك ليُصار للاكتفاء بسجنه .. وللحديث بقية ..

مع التحية لكم


6 - الاسلام و الايمان
ايدن حسين ( 2016 / 8 / 11 - 22:40 )

اللغة العربية مشكلة المشاكل
كلمتي الايمان و الاسلام هي على وزن اصلاح .. اليس كذلك
و لكن .. لماذا هذين الكلمتين لا تؤديان نفس المعنى على وزنهما .. ذلك ما لا اعرفه
اي .. ان الاسلام .. يجب ان تعني .. جعله سليما او سالما .. و الايمان ,, يجب ان تعني .. جعله امينا او امنا او آمنا
و شكرا على المقالة القيمة
..


7 - إلى الأخ ملحد وبقية الإخوة المعلقين
عبدالله أبو شرخ ( 2016 / 8 / 12 - 05:12 )
تحية عطرة للجميع .. أعتذر عن تأخري في الرد والتعقيب على مداخلاتكم الجميلة بسبب عدم توفر الكهرباء في غزة .. نحن نعيش حياة تأنفها الجرذان والحشرات وتجد قادة حماس لا تقطع عنهم الكهرباء ويركبون الجيبات بآلاف الدولارات ثم يحدثون الناس عن الصمود ..
المهم يا أخ ملحد قبل ما أنسى .. أنا أتفق تماما مع ما ذهبت إليه، وهو ما حاولت توضيحه في المقال .. نعم الإسلام دين الفطرة وعكس الجريمة كما جاء في المقال وفي النهاية .. لا قتل لا سرقة لا اغتصاب لا كذب إلخ، وهذه الأمور متفق عليها بين مختلف الشعوب ولهذا فإن الفطرة هي الإسلام وهي ديانة أهل الأرض حتى لو كانوا ملحدين. بإمكانك أن تكون مسلما لا تصلي ولا تصوم ولا تحج لكنك لن تصبح مؤمنا ...
دمتم بخير


8 - فلسفة متهافته
nasha ( 2016 / 8 / 12 - 08:14 )
هذه مغالطة ولعب بالالفاظ
الانسان يولد بالفطرة انسان طبيعي غير مبرمج يتصرف تصرف فطري غرائزي طبيعي.
الدين برنامج يُلقن للمولود من المحيط لا علاقة له بالفطرة.
سواء التزم بهذا البرنامج (آمن) او لم يلتزم (لم يؤمن) فهو محمل بالبرنامج ويمكن ان يُفعله في اية فترة من حياته.
هذا لف ودوران محمد شحرور
تحياتي استاذ عبدالله