الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ورقتي المقدمة في ندوة (( الشباب .. و تحديات المستقبل )) بالمنبر التقدمي

موسى راكان موسى

2016 / 8 / 13
التربية والتعليم والبحث العلمي


للحضور تحية طيبة ،
ذا البدء ، لقد كان من المحيّر بالنسبة لي كيفية إختصار [ في ورقتين تقريبا ] الحديث في المحور الطلابي ، لذا إرتأيت تناول نقاط معينة ؛ أجدها غائبة أو شبه غائبة عن الطرح العام في تناول هذا المحور ــ و هن : (عن ظاهرة الغش) ، (ضرورة هدم المؤسسات التعليمية الحكومية القائمة من الداخل و الخارج) ، (ضرورة إنشاء تكتلات تعليمية عمومية معاصرة) .

أولا ، عن ظاهرة الغش :
الغش ليس مجرد حالات إستثنائية ، إذ أمسى ظاهرة إعتيادية ، بل إن الطالب الذي لا يمارس الغش أمسى هو الإستثناء ! . و بعيدا عن التنظير الأخلاقي الهرائي و بروباجندا إصلاح الذات ؛ التي تقدم تفاسير تضليلة تزيد من بؤس الطلبة على بؤسهم الذي دفعهم إلى الغش ــ فإن ظاهرة الغش تعبير عن (رفض للحالة التي الطالب هو فيها) ؛ و هذا الرفض لا يقتصر على المقرر الدراسي أو الإسلوب التعليمي ، أو حتى التخصص الذي تورّط به الطالب ، بل أنه ليمتد في أحايين كثيرة ليشمل وجوده الإجتماعي .

لكن ، و على الرغم من كون الغش تعبير عن (رفض للحالة التي الطالب هو فيها) إلا أن :
* الطالب نفسه رغم سلوكه هذا المسلك (المعارض) ، إلا أنه يبقى مشوش الإدراك في (معارضته) ؛ إذ /
# يجهل حقيقة معارضته ؛ حقيقة أنه معارض .
# يجهل أن له الحق في المعارضة ؛ بالتالي لا عجب أن يجهل كيفية المعارضة .
* هناك طرق أخرى للمعارضة يمكن للطالب و الطلبة أن يحققوا من خلالها مكاسب أفضل و أسلم من ممارسة الغش ؛ فالغش يحيل معارضتهم إلى عبث و شكل من أشكال العدم ــ و هذا يستلزم جهدا في تنوير الطلبة بحقوقهم ؛ و لا أعني بالحقوق هنا تلك التي تصرح بها ماكينة الإعلام المدرسي و الجامعي .

بعد هذا الحديث أعتقد أن في معرفتنا بأعداد الرافضين [ المعارضين ] من الطلبة ، بالنسبة إلى هذا التفسير الآخر لظاهرة الغش ، سيجعلنا متفائلين لا متشائمين ؛ فعلى الأقل فظاهرة الغش تخبرنا أن الطلبة لا يقبلون بهذا النظام التعليمي العام ، و كذلك غير راضيين عن واقع وجودهم الإجتماعي [ رغم صغر سنهم ! ؛ و هذا أفضل ما في الأمر ] .


ثانيا ، ضرورة هدم المؤسسات التعليمية الحكومية القائمة من الداخل و الخارج :
لربما كلمة (هدم) تبدو غير مناسبة البتة ، فلتحل مكانها مثلا كلمة (إصلاح) أو (تغيير) أو (إعادة هيكلة) ، لكن مع بعض الصراحة سنجد أن كلمة (هدم) ليست فقط مناسبة ، لكنها أيضا التعبير الألطف عن فعل من الضروري القيام به تجاه مؤسسات لا تحتضن فحسب من الآفات ما يواكب التقدم في العلم و الأساليب التعليمية في العالم عكسيا ، بل هي ذاتها آفة خطيرة ؛ فأخطر ما في أمرها هو المظهر المحايد و المستقل الذي تبدو فيه بالنسبة للمجتمع ، دون أن ننسى صفة (الوطنية) الذي تتسمى به ــ لا أحد سيقول عن السجن بأنه كيان محايد و مستقل ، فحتى أعتى الفاشست لا يملك أن يجرأ على أن يطلق على السجن صفة (الوطنية) ، لكن المؤسسات التعليمية على العكس من ذلك ، على الرغم من أنها تقوم بمهمة قمعية كما السجن ، إلا أن نوعها يختلف .
الحديث إلى هنا يبدو مفرط في مثاليته بعيدا كل البعد عن خصوصية الواقع المحلي ، لكن هذا ما يراد بمثل هذا الحديث أن ينظر له . عموما ، إن الهدم ليس بالمعنى الذي له علاقة بأعمال المقاولة ، بل المعنى الإجتماعي ؛ أي ما يتمحور حول النقد دون تحفظات ــ فهدم المؤسسات التعليمية الحكومية القائمة من الداخل و الخارج يتم بأشكال عدة منها :
* تشكيل لجان طلابية على تواصل مع الجهات المعنية بوضع الحياة التعليمية ، و إمدادها بتقارير بشكل فصلي و سنوي ؛ أي التقارير الغير رسمية ، أو ما تسمى بتقارير الظل ، فمن خلال قوة الجهات المعنية يمكن الضغط على المؤسسات لتغيير وضع الحياة التعليمية بمشاركة طلابية .
* التركيز على نوعية البيانات و المعلومات التي يجري التركيز عليها من طرف الإداريين و السلطويين في المؤسسات ، و التي من خلالها يمارس التضليل العام ؛ فهي لا تعكس حقيقة الحياة التعليمية .
* تسليط الضوء على المعارف و العلوم التي يتم تداولها بالنسبة لمواكبتها للتقدم المعرفي و العلمي في العالم ، دون غض النظر عن الأساليب التعليمية التي يجري إتباعها ؛ و لا يكفي أن تكون المعارف و العلوم مواكبة ، أو أن الأساليب التعليمة حديثة ، بل مدى توافقها مع وضع الطلبة العام في تحصيلهم للمعرفة .
* كسر إحتكار المعرفة ، فالمعرفة حق للجميع بلا أي إستثناء ؛ و بشكل خاص عبر جعل التعليم مجانيا في الجامعة ، و تغيير القوانين بما يسمح لأي فرد كان بأن يكمل التعليم الجامعي .
* تناول الفروق بين المؤسسات التعليمية الحكومية و المؤسسات التعليمية الخاصة ، فكما يقول ألثوسير فيما معناه (الدولة لا هي عامة و لا هي خاصة ، لكنها الشرط للتفريق بين العام و الخاص) ؛ أي أن الفرق في أصله هو فرق سياسي ، و هو ما يستوجب التناول و الذكر .



ثالثا ، ضرورة إنشاء تكتلات تعليمية عمومية معاصرة :
هذه النقطة يمكن القول أنها تمثل ذروة الرفض [ المعارضة ] ؛ فهي إمتداد للنقطة السابقة ، و متصلة نوعا ما بما جرى تناوله (عن ظاهرة الغش) . إن إحتكار العلوم و المعارف اليوم شبه مستحيل إن لم يكن مستحيل ، إذ يمكن لأي كان (أن يدرس ما شاء) (وقتما يشاء) و (أينما يشاء) بل و كذلك (كيفما يشاء) ؛ بالتالي فالحديث اليوم عن إحتكار المعرفة هو هراء محض ــ هذا صحيح إلا أن إحتكار المعرفة يجري بطريقة ملتوية ؛ يمكن القول عن طريق إختزال المعرفة بالشهادة .
لا يخفى عليكم أيها السادة أن هذه (الشهادة) التي تختزل المعرفة أمست في عالم اليوم قاب قوسين أو أدنى من أن لا تتجاوز مجرد كونها (حبر على ورق) ، إن لم تكن كذلك فعلا في كذا مكان ؛ فلا هي تعكس حقيقة المعرفة التي يملكها صاحب الشهادة ، كما أن ضريبة التطور العالمي فرضت في كافة مجالات العمل تقريبا حاجة لنمط من المعرفة لا يوجد في الجامعات ، بل و لا يمكن أن يوجد في الجامعات [ من حيث هي مؤسسة ] ــ لذلك فنحن بحاجة لمواكبة مُتغيرات العصر إلى كيانات جديدة ، ليست بالضرورة كيانات مادية [ أي من طوب و إسمنت ] ، لكن من الضروري أن تكون قادرة على كسر إحتكار المعرفة من قِبَل المؤسسات التعليمية [ أي إختزال المعرفة بالشهادة ] .


و كي لا أطيل عليكم أكثر ، أتوقف هنا .

***

لمشاهدة الندوة :
https://youtu.be/LnS-gYB1ZlE








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران