الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالم كيمياء وفقيه كلام

عادل صوما

2016 / 8 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


استعمل كهنة المسيحية واليهودية تُهم الهرطقة والزندقة والتكفير ضد خصومهم، بعدما زعموا ان خصومهم اعداء الله، وان هذه الافعال موجهة ضده. كذبة فاضحة، لأن الله إذا كان موجودا فهو غير محتاج لكل هذه المؤامرات والدماء التي اريقت باسمه. سمو الله الذي وصفوه به يستحيل ان يهبط إلى مستوى تهمهم، التي أثبت التاريخ انها مجرد سلاح وضيع استخدموه ضد بعضهم بعضا حين اختفى الولاء والطاعة وضد خصومهم ليس إلا.
رغم ان الاسلام لا كهنوت فيه، فقد استخدم كهنة الاسلام (المشايخ والعلماء) طوال القرون السابقة وحتى اليوم السلاح نفسه لإغتيال الخصوم الثقافية والأدبية والمذهبية، وحتى السياسية، لأن الاسلام دين وسياسة حسب زعمهم، وكان من مؤسسات هذا السلاح على سبيل المثال "ديوان الزنادقة" الذي أسسه المهدي، الخليفة العباسي الثالث بمؤازرة كهنة الاسلام، لملاحقة خصومه عقائديا وسياسيا. كما استخدم الأمويون السلاح نفسه سياسيا ومذهبيا.
استهدفت تهم الزندقة أو الهرطقة أو التكفير في العصور الإسلامية علماء وأدباء المسلمين البارزين، ومنهم ابن رشد وأبي حيان التوحيدي وحسين بن منصور الحلاج وابن سينا والجاحظ، وعباس محمود العقاد الذي حاول الاخوان المسلمون اغتياله لذندقته رغم ان الرجل مفكر إسلامي من الدرجة الاولى، ونجيب محفوظ وفرج فودة وهاشم شعباني الشاعر الاحوازي التي اعدمته إيران لأنه شن حربا ضد الله! كما طالت مشايخ منهم الشيخ حسين الذهبي وزير الاوقاف المصري الذي اغتالته جماعة التكفير والهجرة سنة 1977، والمؤكد ان محاولة الاغتيال الفاشلة الأخيرة التي طالت مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة كان ورائها تهمة من هذا القبيل.
استُخدم سلاح الهرطقة والزندقة والتكفير في الادبيات الابراهيمية كافة، لكنه توارى عند المسيحيين واليهود بعد عصر التنوير الذي كان كل رجاله علمانيين ولم يكن فيهم رجل دين واحد، وظل المسلمون يستخدمونه حتى يومنا هذا دينيا وسياسيا، وفق فتاوى تكفير الحاكم أو تكفير المجتمعات أو تكفير الأفراد، وكان أتباع نظرية "الحاكمية" و"الجاهلية" هم مفكرو هذه الفتاوى في العقود الاربعة الاخيرة، ومن نتائج هذه "التكفيريات" اغتيال الرئيس أنور السادات، لأنه اهان علماء المسلمين، على يد تنظيم الجهاد سنة 1981، واغتيال رئيس مجلس الشعب المصري رفعت المحجوب سنة 1990 على يد الجماعة الإسلامية، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية النبوي إسماعيل، ومن بعده محاولة إغتيال وزير الداخلية حسن الألفي سنة 1993، ورئيس الوزراء عاطف صدقي.
مقياس ريختر العقلي
سلاح التكفير والتفسيق والزندقة تواروا عند المسيحيين واليهود، بعد عصر التنوير لأن فقه اللاهوت إنزوى داخل الكنيسة فقط، وزالت صفة العلم عنه، بعدما بدأ العلم يثبت "هرطقات" بعض نظريات "الكتاب المقدس" عن الفلك والتاريخ والعلوم والطب.
الامر نفسه لم يحدث عند المسلمين، ولم يتوار فقه الكلام داخل الجوامع، ولم يزل اسمه "علم الكلام"، ومازلنا نسمع نسمع اسئلة المسلمين في الفضائيات طالبين فتاوى عن الحلال والحرام حتى بالنسبة لعمليات تصغير الانف وجواز إرتداء الكعب العالي للمرأة، ولم اسمع ابدا أي فقيه كلام يتهكم على سائل: ما علاقة تصغير الانف او تكبير الثديين بالحلال والحرام أو بدخول الجنة والنار؟
لم اسمع ولن اسمع لأن هذه الاسئلة هي مقياس "ريختر العقلي" وتدل عن مدى خنوع المسلم في السمع والطاعة وحاجته لكهنة المسلمين، بدءا من اموره الجنسية حتى حياته السياسية، واختفاء هذه الاسئلة يدل على ان العقل بدأ يعمل بعد غيبوبة، وهذا ما لا يرضاه كهنة الاسلام لأنه يفقدهم سطوتهم وقوتهم.
الداعية المصري وجدي غنيم في جملة كهنة المسلمين الذين يضعون انوفهم في كل شيء ليشعل مواقع التواصل الاجتماعي ويشغل الناس بالتوافه ويبعدهم عن التفكير وشرور مقياس "ريختر العقلي"، وقد أفتى منذ ايام في إحدى الفضائيات: "لا أقول إن زويل مشرك، لا بل هو كافر، ولا يجوز الترحم عليه".
ما العلاقة بين علم الكيمياء وفقه الكلام؟ وما علاقة علمانية الدولة التي يؤمن بها احمد زويل بالترحم عليه؟ بأي صفة يحكم فقيه على عالم؟ وإلى متى سيظل كهنة الاسلام يتحكمون في الدنيا والآخرة؟ إذا كان هناك آخرة من الاساس!
الغريب ان هؤلاء الكنهة يصرون على مناداتهم بسماحة الشيخ أو فضيلة الشيخ.
قال عبد الوارث عسر لنجيب الريحاني في الفيلم الخالد "غزل البنات"
- ما يصحش تتشائم بالشكل ده. ده انت راجل فاضل.
- هو فاضل مصيبة ما وقعتش فوق راسي؟ رد الريحاني.
لن أهازر عن السماحة بعد كل المصائب التي وقعت فوق البشر جميعا وليس المسلمين فقط، وتكاد ان تجرهم إلى عصور وسطى ثانية، وهو امر بدأ يظهر شيئا فشيئا في دول بدأ مفكروها وفلاسفتها عصر التنوير، لكن الظلامية بدأت تصبغ مجتمعاتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة تجنيد المتدينين اليهود تتصدر العناوين الرئيسية في وسائل


.. 134-An-Nisa




.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي