الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقيؤات الطائفيين

صادق إطيمش

2016 / 8 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تقيؤات الطائفيين

كثيرة هي الأمثال التي تتناول تقييم سلوكية وشخصية الإنسان من خلال ما يقوله او ما يتحدث به في المجتمع الذي يعيش فيه او بين جلاسه ومعارفه. فالمثل الذي ينص على ان لسان الإنسان حصانه يهينه ويصينه، او تجنب الكلام حينما يكون السكوت من ذهب، او الدعوة إلى مضغ الكلام قبل إطلاقه على السامعين، وغير ذلك الكثير من هذه الأمثلة التي تشير حقيقة إلى تربية الشخص البيتية والمدرسية والإجتماعية التي تخوله لأن يكون صاحب حديث محترم وقول مقبول امام مستمعيه او قارئيه. هذه هي المبادئ العامة التي يحرص على الإهتمام بها كل انسان يملك شيئأ من الإحترام لنفسه ولمجتمعه وحتى لتاريخه العائلي او المدرسي . إلا اننا نجد وخاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه وسائل توسيخ المجتمعات بافكار واقوال تعافها المزابل اصلاً، والصادرة من بعض مَن سلكوا طريق الدين ليجعلوا من قذاراتهم الطائفية وتقيؤاتهم المذهبية وخزعبلاتهم واكاذيبهم الدينية حديثاً يخرجون به على الناس بكل ما يحتويه هذا الحديث من ابتذال خُلقي وأدب اجتماعي.

لا فرق هنا بين مذهب وآخر من مذاهب الطائفيين الذين اتخذوا من الدين الإسلامي ومن المجتمعات العربية الإسلامية مواقع ينشرون من خلال ما يتوفر لهم فيها من وسائل النشر والإعلام المرئي والمسموع والمقروء كل ما تحويه عقولهم وافكارهم المتخلفة وشخصياتهم المهزوزة من سموم لا يقوى على تحملها كل من يحمل ولو بقايا عقل او يمتلك ولو مساحة ضئيلة من الفكر الذي يعي ما حوله ويعيش تاريخه بزمانه ومكانه، وليس باحلام فقهاء السلاطين وتجار الدين من رواد الإسلام السياسي الذي اصبح إرهابه الدامي وتصرفات اتباعه المشينة تشكل سمة العصر الذي تعيشه البشرية جمعاء اليوم وليس المجتمعات العربية الإسلامية فقط.

يعتقد بعض هؤلاء الطائفيين بانهم حينما يعتلون المنبر الحسيني مثلاً، فإن قداسة هذا المنبر لدى الكثيرين من افراد مذهبهم ستعصمهم من مواجهة الآخرين الرافضين لمنطقهم الطائفي حتى وإن تحدثوا بلغة لا تنسجم مفرداتها مع الأخلاق والآداب العامة او مع الذوق الإنساني السليم. وهم في نفس الوقت يكشفون عن مدى تخلفهم حينما يتجاوزون على هذه القدسية للمنبر الذي يعتلونه ، ولا تفسير لديهم بمدى إنسجام البذيئ من القول الذي يتحدثون به من على هذا المنبر مع قدسيته. ففي الوقت الذي يبدأون به احاديثهم وخطبهم الدينية بكل ما يدعو إلى الورع والتقوى والمثل العليا، تجدهم ينقلبون مباشرة، وبدون مقدمات، للتفتيش في مخازن افكارهم البدائية حينما يجرهم الحديث إلى الآخر المخالف لهم في المذهب والذي لا يختلف عنهم مطلقاً فيما يسمونه ثوابت دينهم الواحد.

ولا يختلف الأمر هنا لدى الجانب المذهبي الطائفي الآخر حينما يتناول خطباؤه رموز وافكار، ولنقل دين الآخرين، المختلفين معهم في فرعيات دينهم الإسلامي المشترك وليس في اصوله. فقاموس هؤلاء المشايخ واتباعهم الذين طالما يتشدقون باقوال " السلف الصالح " من شيوخهم وأئمتهم ويستشهدون بها لينعتوا مخالفيهم في المذهب بمختلف النعوت والأوصاف التي لا يمكن ان تشكل لغة حوا ر او خطاب في مواقع يطلقون عليها بيوت الله او في مجالس يصنفونها ضمن التوعية الدينية، إن قاموس هؤلاء مليئ ايضاً بكل ما يعافه الذوق الإنساني ويأباه الخُلُق الرفيع.

فماذا نسمي هؤلاء ناشرو الحقد والكراهية والبغضاء ببذيئ الكلام ونشاز التصرفات ؟ هل نسميهم بناقصي الأخلاق وسيئي الأدب الذين لم تعلمهم مدراسهم الدينية التي تخرجوا منها او عوائلهم التي تربوا بين احضانها او مجتمعاتهم التي شبوا وترعرعوا فيها اية قيمة اخلاقية يمكنهم الإحتفاظ بها او توظيفها في المجتمعات والمواقع التي يتحثون فيها ومن خلالها ؟ فإن كانوا عديمي الأخلاق هكذا، حيث ان الكلام البذيئ الغير اخلاقي لا ينسجم والثوابت الدينية التي يتقولون بها على الناس من ان الدين يعني مكارم الأخلاق، فإنهم والحالة هذه عديمي الدين ايضاً وما على مراجعهم التي تسمح لهم بلعب هذا الدور المُقزز والساكتة عن تهورهم هذا إلا ان تبادر بتنظيف الدين الذي ترعاه من هذه الأفكار التي لا تسيئ إلا إلى الدين اولاً واخيراً.

او انهم ذو شخصيات مزدوجة تعاني من الإنفصام ليس في الدين الذي تتبناه فحسب، بل في التصرفات اليومية التي ترافق مسيرة حياتهم. فهم سادة الخطاب حينما يتعلق الأمر بالدعوة إلى التدين واجتناب المنكرات ، في الوقت الذي يرتكبون هم فيه اعتى المنكرات من خلال تحريض الناس على بعضهم البعض مستخدمين الوسائل المختلفة في تأجيج هذا التحريض، بما في ذلك التدني الخلقي والإنحطاط الأدبي.

في الحقيقة كثيرة هي الأوصاف التي يمكن ان تلتصق بشخصية كل من هؤلاء المهرجين، دعاة الفتنة،متخلفي الفكر، فاقدي المنطق والأخلاق الإنسانية. إلا ان المؤلم حقاً هو ان تجد مثل هذه النماذج البائسة مَن يستمع إليها ويردد وراءها صيحات التكبير استجابة لتفاهاتها واكاذيبها وخزعبلاتها.

إنها مهمة كل مَن يحرص على بناء مجتمع يتسع لجميع الإختلافات الدينية والسياسية والثقافية، ساعياً إلى جعل الإختلاف طريقاً للقاء والحوار والتفاهم والسلم الإجتماعي، ان لا يسكت عن فضح واستنكار والتأليب على مقاطعة مثل هؤلاء الذين يسلكون هذا الطريق الإجرامي بحق المجتمعات كافة وليس بحق المجتمعات العربية والإسلامية فقط.

الدكتور صادق إطيمش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شيئ مقرف
ابوفاطمه الرميثي ( 2016 / 8 / 15 - 15:39 )
قسما بالله يادكتور عدنه واحد من ذوله اللي تقصدهم بالرميثه معروف ومن اهل المنابر هذا راكب فوك وحده مومس ويكلها تره أخلي جدي يشور بيج ... ! بعد أكو انحطاط وسفاله اكثر من هذا


2 - غار حراء
محمد البدري ( 2016 / 8 / 15 - 19:43 )
مشايخ الاسلام جميعهم من هذا الصنف. شكرا للدكتور إطيمش علي رسم الصورة الصحيحة لكل هؤلاء وعلي راسهم امام الدعاة الشيخ الشعراوي الذي علي اسس كلامه تحول المجتمع المصري الي هذا القئ المسموم. فالرجل كان علي علاقة شاذة بصبيان يترددون علي شقته في حي الحسين بالقاهرة في بدايات الدعوه وكانه يقول لمن يفهم فقط ان شقتي مثلها مثل غار حراء. الواقعة نشرت في جريدة الاهرام في مصر بصفحتها الاولي ثم جري التعتيم عليها من جهات امنية باعتبارها ورقة يهددون بها من يخرج علي سياسة الدولة. وفي مسلسل امام الدعاة جاءت احداث الواقعة بشكل مهلهل كنوع من ابراء الذمة في العمل الفني للشخصيات التاريخية


3 - ابو فاطمة
الدكتور صادق إطيمش ( 2016 / 8 / 15 - 19:45 )
شكراً لمرورك وتعليقك وكشفك لمثل هذه النماذج القبيحة التي لا تختلف عن بعضها البعض إذ انهم جميعاً على هذه الشاكلة المهينة ، تحياتي


4 - لا يستقيم الظل والعود أعوج
عبد القادر أنيس ( 2016 / 8 / 15 - 22:48 )
تحليلك في محله. مع ذلك اجدني هنا أميل إلى قول القائل: (لا يستقيم الظل والعود أعوج). لاحظ، أخي صادق، سباب هذا الشيخ المقذع، لكنه لم يفعل سوى النهل من مخزون الشتائم التي كان السلف المنعوت بالصالح يستخدمها بلا حساب تجاه الآخر، خاصة المسلم المختلف، ولم تقتصد كتب السيرة وتاريخ الإسلام في نقلها إلينا. تابعوا:
https://www.youtube.com/watch?v=9BcAYp7jtvQ
ولا نعدم حتى في القرآن هذا الانحدار الأخلاقي تجاه المختلف، أقلها أنه كافر عتل زنيم كلب حمار قرد خنزير... الخ
المشكل إذن فيما قلتَ: (إلا ان المؤلم حقاً هو ان تجد مثل هذه النماذج البائسة مَن يستمع إليها ويردد وراءها صيحات التكبير استجابة لتفاهاتها واكاذيبها وخزعبلاتها).
مادامت بضاعة هؤلاء الرديئة تجد مستهلكين لها وبكثرة حتى صاروا يصنعون الرأي العام ويمثلون قوة كبيرة يحسب السياسيون لها ألف حساب ويشركونهم في الجاه والنفوذ حتى لا يهيّجوا ضدهم الدهماء، مادام الحال هكذا فلا سبيل إلى هزيمة هؤلاء الأوباش. بل حتى مفكر مثل ابن رشد كان شديد الخوف من العامة وهي بين أيدي الشيوخ.
تحياتي
تحياتي

اخر الافلام

.. أمطار ورعد وبرق عقب صلاة العصر بالمسجد الحرام بمكة المكرمة و


.. 61-An-Nisa




.. 62-An-Nisa


.. 63-An-Nisa




.. 64-An-Nisa