الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل الغيبي والعقل العلمي

يوسف الصفار

2016 / 8 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


العقل الغيبي والعقل العلمي
نصف قرن مر على البشرية حتى تأكد لنا ان الكون وجد عن طريق متفردة غاية في الصغر نجم عنها انفجار هائل ومتسارع في جزء من الثانية وما من شك ان ماتوصل اليه بنروز وستيفن هوكنك قي بداية السبعينيات هو الاساس الذي جعلنا نمتلك تصورات جديدة لكوننا الفسيح المترامي .
كانت النظرية النسبية العامة تتعامل بشمولية واسعة لمعطيات الكون على اساس وضعه الاستاتيكي العام لكن المتفردة وما نتج عنها من الانفجار العظيم وصولا الى نظرية الكم ازالت الغموض الذي اكتنف هذه النظرية العملاقة ففي نفس الوقت الذي تجاوز به انشتاين قوانين نيوتن في الحركة والقوة والجاذبية و ايقظ عقولنا على مفاهيم جديدة عن الزمان والمكان والعلاقة بينهما .. جعلنا ندرك سرعة الضوء وتأثيراتها الرائعة بنظريات فائقة التعقيد والدقة
في بداية القرن التاسع عشر اكتشف عبقري آخر هو ماكسويل الظاهرة المغناطيسية وعلاقتها بالكهرباء و تناولهما بالتأثير المتبادل بينهما فوضع اللبنة الاولى لكثير من الاختراعات والى يومنا هذا .
العقل العلمي ساهم بتطوير العالم ووضع الانسان امام حقائق جديدة غير معروفة وكل هذا ما كان له ان يحدث لولا انعتاق العقل الاوربي من سجن المفاهيم الدينية وتزمتها وازاحة تدخلاتها المستمرة في اساسيات الحياة وقوانينها .
العالم بمجموعه الان وليس اوربا لوحدها ركنوا جانبا المفاهيم الدينية الغيبية جانبا واستثمروا قدراتهم العقلية باتجاه خدمة البشرية وتنظيم اقتصادهم وملاحقة المخاطر البيئية المستقبلية لايجاد حلول لما سيلحق بالانسان وبيئته من اخطار .
المجتمعات المتخلفة استمرأت الرؤى الغيبية وتطلعاتها الغامضة فنشطت لديها مفاهيم القومية والعنصرية و غلفتها بمفاهيم دينية متطرفة باصرار مستميت ورغبة جامحة للتقوقع على الذات و التراجع الى الخلف .لذا كان من البساطة الضحك على عقول ترفة لا تملك من امرها شيء لتمرير مخططات امبريالية عالمية تشحذ بها ماكنتها الحربية وتمدها باسباب التواصل والبقاء .
شعوب محاطة بهالة كبيرة من تغيب العقل والمنطق . وحكام يساهمون في هذه التركيبة الشاذة من غياب الوعي حفاظا على متطلبات تواجدهم واستمراريته .فجعلوا من الذات الالهية دورق اختبار يجربون من خلاله تفاعلاتهم الكيمياوية لحياة يتمنونها ويسعون من اجلها مبتعدين عن كل صفات الرأفة والمحبة . يساعدهم بذالك شيوخ فتنة ورجال دين قاصرين عن الاتيان باي عمل يخدمون به الانسانية .
ان الافكار مهما كانت ايجابيتها لايمكن للعقل ان يستمرئها عن طريق القسر والتعنت . ناهيك عن التهديد بالقتل وتغيب الجسد . ازاء هكذا عنجهية فكرية ليس امامنا سوى الاعتقاد ان من يملكون هذه الافكار ما هم سوى مجانين يتطلب معالجتهم بمصحات عقلية . ففقدان الرؤية الواضحة وتصور ان كل من يخالفهم بالرأي هو عدوا يستحق القتل بايعاز غيبي من قادتهم ومعلميهم لهوا انحراف فسيولوجي في التركيبة العقلية للفرد . فاي ازمة ضميرية حادة هذه التي تقودنا الى الغاء كل من يحيطنا و رفض كل من لا يتقبل طروحاتنا
ولاننا ولدنا متدينين مرغمين انفسنا على الاعتقاد بنصوص متناقضة تتطلب منا عدة تفسيرات و من عدة علماء دين لمعرفة ادبياته وخفاياه يجعلنا نتحول بمرور الزمن الى مخلوقات منهكة الفكر والعزيمة يتملكنا خيال جامح عن اسلافنا الذين فارقناهم من عدة قرون متصورين تناولهم للحياة بمثالية مفرطة غير حقيقية . رافضين اخلاقيات المجتمع الذي نتعايش معه .
واذا كان مبدأ الريبة ينفي الحتمية العلمية بدلالة قوانينها الثابتة فكيف يتسنى للعقل الغيبي تأكيد النص الالهي لمجرد ظهور من ادعى المعرفة الالوهية فيصدقها ملايين البشر ويتناولونها كحقائق مطلقة لا يمسها الشك .
الحنين الى الدين بمعنى ان يعيش المرء وفقا لقوانينه الفردية حينما لاتتطابق مع قوانين المجتمع ( اقصد هنا المسلم الذي يعيش في مجتمع غربي ) فالكل لا يمثل مجموعة الاجزاء كما قال ارسطو وحينما لايستطيعون ان يمتثلوا لقوانين المجتمع ويتمردوا على العرف العام يتحولون الى اشخاص غريبي الاطوار لا يعيرون قوانين العالم التفاتاً اويتجاهلونها عن عمد و يصبحون كالمصابين بالفصام لايعترفون باقرب الناس اليهم ويحتجون على الواقع بكل سلوكهم .
خلافنا هنا ليست الذات الالهية والسر الكامن بوجودها اوعدمه .. خلافنا يكمن بالحق الالهي الذي يمنحه المتدين المتزمت لنفسه . فكيف تكّون بهذه الصيغة المنحرفة . مشكلتنا تبدأ من اساسيات التربية في البيت عن طريق الوالدين الى المدرسة حيث يشحذون في الطفل روح الطاعة العمياء لارادة غائبة عن وعيه الطفولي يصاحبها عمليات تخويف مستمرة من الله وعقوبته الدائمة بالحرق في جهنم او التعذيب المزمن في قبور مرعبة رابطين جل تفكيره بقدرية متطرفة وجبرية لايمكنه الفكاك منها .البربوغندا الدينية تغالي كثيرا بالدفاع عن الله ويصبح ضرورة لابد منها لكي نتكيف مع واقعنا ومما يؤسف له هناك علماء ينسحبون الى هذا القدر او ذاك للدخول بهذا المنزلق بوجود خالق للكون او لا فيتجاوز كل معرفته وقوانينها ويتجه للدفاع عن تواجدالذات الاهية بينما الاجدر به صرف وقته للبحث العلمي واكتشاف قوانينها . ان توجيه الطفل الى تسائل بسيط عن طبيعة التركيب الضوئي يوقظ في ذهنه حركة دينامكية تسحب ورائها كثير من التسائلات والاجوبة فتنموا به روح التحدي والبحث العلمي وينشط في مجالات اكثر فائدة لمحيطه
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب