الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة الفلسطينية في الانتخابات المحلية بين قانونين

ريما كتانة نزال

2005 / 12 / 21
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


بعد انجازانتخاب (298) مجلسا بلديا وقرويا على مدار أربع مراحل من الانتخابات المحلية المتدرجة, نكون أمام معطيات ونتائج رقمية واقعية وملموسة, تؤسس وتمكّن من إجراء تقييم أولي لتجربة ترشيح وانتخاب المرأة من خلال القانونين الانتخابيين المطبقين, والذين وصلت من خلالهما النساء للمشاركة في عضوية الهيئات المحلية.
في 15/12/2005, انتهت المرحلة الرابعة للانتخابات الماراثونية, وأصبحنا أمام حوالي خمسمائة وثلاثون عضوة مجلس محلي فرزتهن الانتخابات خلال عام كامل وفق نظامين انتخابيين ولم تستكمل بعد, مع الاخذ بعين الاعتبار أن كلا النظامين تبنيا التمييز الايجابي لصالح المرأة ومن خلالهما وصلت وتحقق الهدف, ولكن بآلية مختلفة جوهريا عن الاخرى, إلا ان التأثير الذي أحدثته على صعيد تغيير المفاهيم الاجتماعية, وكذلك على صعيد تفعيل مشارك المرأة كمرشحة وخاصة المسقلات منهن,وعلى صعيد توفير فرص أفضل لانجاح عدد أوسع مما قررته الكوتا, كل هذا يطرح سؤالا لا بد وأن تقف أمامه الحركة النسائية بإجراء مقارنة عملية تستهدف تقييم فوائد ومساوىء كل نظام وأيهما خدم المرأة أكثر.
أولا شرط الترشيح:
أفرزت المرحلتان الاولى والثانية من الانتخابات (236)عضوة مجلس محلي في مئة وأربع عشرة دائرة, وحرمت ومنعت النساء من الترشح في ست دوائر انتخابية بسبب الموقف الممانع المتخذ من المجتمع المحلي لإسباب تقليدية, على الرغم من شمول المرحلتين على مئة وعشرين دائرة, كما أدى ذات الموقف إلى ترشح أمرأة واحدة في دائرتين انتخابيتين بسبب الكوابح القمعية التي وضعت أمام التطور الاجتماعي الجديد, ولم يتمكن النص القانوني المطبق حسب قانون انتخاب الهيئات المحلية رقم (5), من حفظ حق المرأة بالترشح ولم يحمه لافتقاده للنص الملزم الذي يشترط نزولها, والذي حرم اثنتي عشرة عضوة من تبوء مواقعهم في عضوية المجالس المنتخبة.
النص المتبنى في القانون المعدل لانتخاب الهيئات المحلية رقم (10) لعام 2005, والمطبق في المرحلتين الثالثة والرابعة الانتخابيتين والذي اعتمد نظام القائمة النسبية, سجل لنفسه ايجابية تلافى الخلل الحاصل, بأن اشترط ترشح النساء في القوائم تحت طائلة رفضها في حال عدم ادراجهم في ثناياها, ضمن ترتيب يضمن لها النجاح, مما جعل من مسألة عضويتها في المجالس المحلية أمر واقع.
ثانيا الاقبال على الترشيح:
على الرغم من أن القانون اشترط تمثيل المرأة بالقوائم, وعليه يفترض زيادة عدد المرشحات, إلا أن نسبة التنافس على المقعد الواحد كانت واحدة عمليا في جميع المراحل وبواقع ثلاث سيدات على المقعد الواحد, باستثناء المرحلة الاولى التي سجلت تنافس أربع مرشحات على كل مقعد. وكانت قد ترشحت (604) عضوة في إطار الترشيح لعضوية مئتين وست وعشرين مقعدا حسب الكوتا في نظام الاقلية والاغلبية, وترشحت ثمانمائة واثنتان وثمانون سيدة لعضوية مئتين وست وتسعون مقعدا مخصصا للمرأة وفق النظام النسبي, أي ان القوى الاجتماعية والسياسية طبقت والتزمت بالقانون في حدوده الدنيا في جميع الموقع دون تمييز بين المدن والريف, وكانت النساء بإرادتهن المنفردة أكثر تصميما وجرأة في انتخابات المرحلة الاولى والثانية على الرغم من اشكالية النص القانوني غير الملزم لترشيح النساء, وبالنتيجة تجاوزت الناجحات الكوتا المخصصة بعشرة مقاعد, أي ان المجتمع المحلي أنصف المرشحات وانتخبهن عندما التقت اعتبارات وعوامل عديدة لها علاقة بقناعة الناخب الخاصة, مع النص القانوني الملزم في حال وجود مرشحات. أما في المرحلتين الثالثة والرابعة الجاريتين على اساس النظام النسبي, فلم تتجاوز المرأة عدد المقاعد المخصصة بالكوتا, ويعود السبب الى أن القانون قد نقل التنافس من مساحة تتنافس المرشحات مع بعضهن البعض, الى مساحة تتنافس فيها المرشحات مع المرشحين الذين يشكلون القوائم ويصنعوها ويقررون على الغالب الترتيب الذي يضعون به المرشحات, وإلى هروب وإحجام المستقلات عن الترشح الذي ميّز الترشيحات في المرحلتين الاولى والثانية, بسبب نظام القوائم الذي ساهم في إضفاء المزيد من التسييس على الانتخابات.
ثالثا على صعيد التغيير المنشود:

لا تكمن قيمة الحملات الانتخابية مع كل ما يرافقها من آليات الدعاية والاعلام والتوعية والتتثقيف على تتوجها بنجاح المرشحين والمرشحات, بل ان قيمتها تتجسد بمقدار ما تقدمه في إطار التغيير الاجتماعي, وفي القدرة على إحداث التأثير في المفاهيم السائدة, ويتضح أن هذا البعد الجوهري قد تحقق إلى حد بعيد في المرحلتين الاوائل من الانتخابات, حيث نزلت المرشحات الى الميدان لتقديم برامجهن الانتخابية على الصعيد العام والخاص, واهتممن في الجانب الحقوقي والديمقراطي من العملية الانتخابية, وأسباب ومسببات المطالبة بالكوتا, وعملت الحملات الدعاوية إلى تظهير ونشر قيم العدالة الاجتماعية والمساواة وأهمية مشاركة المرأة في الحياة العامة, وأهليتها المهنية والمتخصصة التي تنطلق من طبيعة مهام المجالس, فبدت المرأة تستقطب الاصوات والثقة على أسس ومعاييرالمساواة والمشاركة, وكانت أمام تحدي المقارنة والاهلية بوضوح دون ستار يحجبها عن جمهور الناخبين, وهذا برأيي معادلا للنجاح ويساهم في تحقيق خطوة على طريق التغيير المنشود. في انتخابات المرحلتين الثالثة والرابعة عاشت المرأة تحديات نجاح القائمة فقط, دون ان تتعرض لتحديات نقل الوعي الاجتماعي والثقافي, فظهرت المرأة في قلب القوائم كظهور ميكانيكي وكتتمة للقائمة كأحد متطلبات القانون, فضاعت فرصة ذهبية للمرشحات للنزول بالبرامج النسوية وتحويل الدعاية الانتخابية الى ميدان للنقاش والجدل حول قضية المرأة ومساواتها وحقها بالمشاركة القيادية.

رابعا على صعيد حرية الناخب بالاختيار:

منذ المرحلة الثالثة اعتمد المجلس التشريعي نظام القوائم النسبية كآلية لفرز المجالس المحلية, وعلى الرغم من المحاسن التي يوفرها النظام على صعيد انتخاب البنى السياسية, الا ان هذا النظام لا يوفر الحرية الكاملة والخيار الحر للناخب في اختيار من يراهن الاصلح للبنى الخدماتية والوظيفية على الصعيد النسائي على وجه الخصوص, فالقوائم المشكلة تحتوي على اعضاء وعضوات متباينين الكفاءة والقدرة المناسبين للمهام المتخصصة والمهنية المطلوب توفرها في عضوة المجلس, والناخب يرفض أن يفرض عليه انتخاب كامل القائمة بعجرها وبجرها, وهو يعتبر ان فرض المرشحات عليه وكذلك المرشحين أيضا تزوير لارادته وخياراته, وبأن المزيد من التسييس الذي صنعه القانون لا يخدم توجهه لانتخاب الكفاءات من كل الاتجاهات والقوائم والنساء في قلبها, لانها أقل اقبالا على الانتظام الحزبي من الرجال, ولذلك سجلت نسب الاقتراع انخفاضا جليا في ظل القانون النسبي, وتحديدا في المدن التي غلب على انتخاباتها الطابع السياسي. بينما وفر قانون الاغلبية والاقلية الامكانية والحرية للناخب لاختيار المرشحات الكفؤات من وجهة نظره من كافة الاتجاهات والمستقلات, على الرغم من القراءة السياسية لنتائجها.
لا شك ان تجربة الانتخاب في المجتمع الفلسطيني حديثة, ولذلك فإن مثالب وحسنات القانون الانتخابي تتكشف بالتجربة ولدى تطبيقه على الارض, لذلك فان إعادة تقييم القانون وتجليات نفاذه على الارض وإعادة النظر بتبنيه يعتبر فضيلة, على الرغم أن التوقيت لا يخدم إجراء أي تعديل إلا بعد الانتهاء من الانتخابات التشريعية الثانية, ولكن المسألة تبقى برسم أجندة الحركة النسائية التي أنجزت الكوتا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | ملكة جمال ألاباما تتعرض لحملة تنمر قاسية بسب


.. مشاركة نسائية واسعة في مهرجان الشعر الكردي التاسع




.. بعد تعرضها لحملة تنمر بسبب وزنها.. ملكة جمال ألاباما تعلق


.. مسرحية ميس الريم




.. بمشروعها الخاص تدعم القُصر والنساء المعفنات في المجتمع