الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيزوفرينيا المثقفين

وليد يوسف عطو

2016 / 8 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


(1 ):

( لقد نشا بعد 14 تموز على ضفتي الصراع السياسي بين القوميين بمختلف فصائلهم , واليساريين بمختلف انتماءاتهم , مثقفون غدوا على حين غفلة منهم او بارادتهم حراسا للمباديء السياسية ,يذودون عنها عبر كتابات تعني بالتعبير عن افكار تلك العقائد . والحق ان ماكان يوحدهم على هامش الحرية النسبي في العهد الملكي , هو معارضتهم لهذا النظام , باعتباره تابعا للغرب ومنفذا لمشاريعه , انتهى بهم الى تفكك لا على مستوى الانشغال بالمعارك السياسية , بل فقدان دورهم النقدي في المجتمع , فقد وضع الكثيرمنهم نتاجاته في خدمة الاحزاب او السلطة باعتبارها راعية للثقافة )
الباحثة فاطمة المحسن من كتابها ( تمثلات الحداثة في ثقافة العراق ) – الناشر:منشورات الجمل – بيروت – لبنان – ط1 – 2015

(2 ):

شعر المثقف العراقي بالتفوق والانفصال عن الاخرين استنادا الى الفكر الشمولي والموروث الاسلامي القائمين على الشعور بالتفوق وتهميش الاخرين .وبسبب انضواء المثقفين الى الاحزاب الراديكالية والشعور بالاغتراب والتناقض بين الجذور الريفية للمثقف وواقعه المديني الجديد وشهادته الاكاديمية او معيشته في الغرب الاوربي , لذا فان من يشتغل على الوتر الحساس لهؤلاء المثقفين يكون ردهم عنيفا ولا عقلانيا بخلاف افكارهم الحداثية والعقلانية.انها نوع من الشيزوفرينيا الفكرية والثقافية .

.يستعرض الباحث سعد محمد رحيم في كتابه الجديد (المثقف الذي يدس انفه ) – ط 1 – 2016- الناشر:دار سطور للنشر والتوزيع – بغداد – شارع المتنبي , كتابي الباحثة والناقدة فاطمة المحسن (تمثلات النهضة ) و ( تمثلات الحداثة ).

تتحدث فاطمة المحسن عن اغتراب المثقف العراقي والذي كان يفكر بعقلية النخبة والطليعة ويعد نفسه رسولا للفكر والثقافة . تشرح فاطمة المحسن مفهوم الطليعية عند هؤلاء المثقفين المغتربين في كتابها ( تمثلات الحداثة في ثقافة العراق ):
( يكمن في نوع من الوعي بقيمة الذات المتفوقة وتفردها وترفعها عن المحيط الذي ليس بمقدوره سوى تقديم فروض الاعجاب والانبهار بها ).وتكمل فاطمة المحسن ( ولكن الاغتراب سيتخذ بعدا اكثر تعقيدا ,حينما يتداخل الثقافي مع السياسي , ويسوغ المثقف طليعيته , عبر دور سياسي , قبل ان يبدا المشروع الحداثي عينه الذي بشر به المثقف بالتلكؤ ..نشات مفاهيم الطليعية ضمن توترات طموح الانتلجنسيا العراقية نحو تحقق فردانية تضمن تمايزهم مع توق الى تحمل مسؤولياتهم في التعبير عن الهموم الاحتماعية ,بل دفعت نسبة كبيرة من المثقفين الحداثيين الى الانضواء تحت لواء الاحزاب والحركات الراديكاليةالمعادية للنظام الملكي ).

( رغم ان مشروع الحداثةالسياسية والاجتماعية تشكل تحت مظلة هذا النظام الذي وسمه اليسار بسمة (الاقطاعي ))..ينقل الباحث سعد محمد رحيم عن الباحثة فاطمة المحسن ( فالوعي بالحداثة كحالة معاشة تفرض احساسا بالتفوق والانفصال عن الاخرين وتمييز النفس بمظهر يلفت الانتباه ويشيع بين الناس قدرا من الدهشة والعجب ).

لذا فان المثقف من اصول ريفية يصاب بالاغتراب بين جذوره الريفية , وواقعه المديني وشهادته الاكاديمية وربما معيشته في بعض العواصم الاوربية .لقد كان المثقف العراقي في زمن الحرب الباردة يبيع الاوهام ويسطر خطابات سياسية ايديولوجية في حين ان عامة الناس مشغولة بالبحث عن لقمة الخبز .

في الفترة الاخيرة فقدت عدد من الاصدقاءعلى صفحتي ومن زملائي في الحوار المتمدن والذين كنت التقي بهم في بغداد على فترات متباعدة, مفضلا الصمت وعدم الرد . والصمت يشير في ثقافة اللاعنف الى الاحتجاج السلبي حاله حال الصيام والاعتكاف . ان منظومة افكاري القيمية واخلاقي المسيحية تمنعني من الرد على الاساءة بالاساءة . فالمسيح بشر بالمحبة .فضلت الاحتفاظ ببقايا صور جميلة عن الماضي محاولا نسيان الاساءة . بينما الاخرين لديهم الشعور بالتفوق وهو من سمات الثقافة الاسلامية والافكار الشمولية.متصورين انفسهم مثقفين نخبويين وطليعيين متناسين ان المثقف قد تبدل دوره وان مشاريعه باءت بالفشل.

يكتب الباحث سعد محمد رحيم في ص 193 من كتابه (المثقف الذي يدس انفه ):
( كان الايديولوجيون العرب باعة اوهام بائسين انخدعوا بما يعتقدون وخدعوا مجتمعاتهم به, والنتيجة اننا خسرنا اكثر من نصف قرنا من امكانيات النهضة والتحديث والتقدم ).
ويكتب الباحث سعد محمد رحيم في ص 202 من كتابه :
( وحين ستضع ثورة 14 تموز 1958حدا لتوسع التيار الليبرالي , ستبدا مرحلة قلقة وعاصفة من الصراع الذي سيتخذ طابعا دمويا اكثر منه سجاليا – فكريا بين التيارين الشيوعي الماركسي والقومي العروبي .وستتلكا مشروعات التحديث , تحت وطاة الحكم الشمولي الخانق , تاركة ثغرات خطيرة ستنفذ منها فيما بعد قوى الاسلام السياسي).

كلمات لابد من قولها :
ان الصمت احد انواع الاحتجاج السلبي حاله كحال الصوم والاعتكاف , وان السياسة هي نوع من الجدران التي تفرق بين الاصدقاء .
علينا الفصل بين مشاعرنا وبين مواقفنا السياسية من جهة وبين علاقاتنا الانسانية وصداقتنا واخوتنا وزمالتنا .
لايجوز تفضيل السياسة على الصداقة والاخوة والمشاعر الانسانية .
السياسة قذرة وهي تتعارض مع الاخلاق ..

لااخلاق في السياسة..

السياسة تقتل ,السياسة بلا اخلاق ..

علينا ان نكون اخلاقيين وانسانيين ..

الاخوة والصداقة والزمالة والعلاقات الانسانية فوق المصالح السياسية !
الصداقة لاتعني الفيسبوك فقط !
يكتب الباحث سعد محمد رحيم في ص 132:
(نحن نكون بقدر مانتحاور ونفهم الاخر ونتمثله .وعلى الاخر ان يقر بالحقيقة نفسها . لااحد يستطيع ان يغلق ابوابه ونوافذه . فالعالم سينفذ اليه عبر وسائل التواصل والاعلام .وكل مجموعة بشرية بحاجة الى الاخرى من ناحية الموارد والعلوم والتكنولوجيا والثقافة .ولكي تواجه التحديات المشتركة وتخلق بيئة طابعها السلم والاستقرار ).
نلتقيكم على خير ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأستاذ وليد
nasha ( 2016 / 8 / 19 - 11:34 )
المقال يصيب الهدف ولكن التقطيع وتكرار الاستشهاد بالباحثين يجعل الفكرة مشتتة وغير واضحة .
تسلم ايدك والى مقالات اكثر وضوحا وشكرا.
تحياتي يا مناضل


2 - الاستاذ ناشا المحترم
وليد يوسف عطو ( 2016 / 8 / 19 - 14:32 )
اهلا بك في بيتك الثقافي والفكري ..

هذا المقال سيكون مقدمة لسلسلة مقالات عن الحداثة في العراق استنادا الى كتاب الباحثة والناقدة العراقية فاطمة المحسن ( تمثلات الحضارة في ثقافة العراق ).

كما ساستعرض في كتاب اخر حياة وشخصية نوري السعيد احد ابرز وجوه السياسة العراقية في القرن العشرين استنادا الى مذكرات سفير الولايات المتحدة في العراق فالديمار غالمان والذي كان موجودا لحظة الانقلاب العسكري في 14 تموز 1958 في بغدادوالكتاب من تقديم وتحقيق الدكتور سيار الجميل .اتمنى ان يعجبكم


3 - الاستاذ ناشا المحترم
وليد يوسف عطو ( 2016 / 8 / 20 - 12:35 )
تصويب ..

ورد سهوا اسم كتاب الباحثة فاطمة المحسن (تمثلات الحضارة في ثقافة العراق )..

والصحيح هو ( تمثلات الحداثة في ثقافة العراق )..

لذا اقتضى التنويه والاعتذار ..

نلتقيك على مقالات جديدة ايهاالبطل ناشا ..


4 - الأستاذ وليد
nasha ( 2016 / 8 / 20 - 21:47 )
اشكرك على الاهتمام بتعليقاتي وعلى الاهتمام بدقة المعلومة
التقيك على خير
تحياتي


5 - الاخ ناشا المحترم
وليد يوسف عطو ( 2016 / 8 / 21 - 13:59 )
انا من يشكرك صديقي العزيز .

اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة