الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم الله الواحد

وسام جوهر

2016 / 8 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وسام جوهر
السويد 2016-08-21

هذا المقال موجه بالدرجة الاولى الى القاريء الايزيدي و خصيصا المثقف و الناشط الايزيدي، في مسعي نحو فهم صحيح للاسلام و الغوص من خلال هذا الفهم في بعض من اساسيات العقيدة الايزيدية الرئيسية و التي يتحتم على كل مثقف ايزيدي ان يعيها وعيا عميقا قبل الخوض في معارك الدفاع عنها بالنيابة عن الايزيديين.
واحدة من اكثر الاشكاليات شيوعا لدى هذا المثقف هو فهمه او لا فهمه لحقيقة الله الاسلامي و من ذلك انزلاقه في وهم الله الواحد.
ترى ان المثقف الايزيدي في غالب الاحيان ينطلق من ان الله او خودي هو ..هو ذاته لدى الايزيدي و المسلم و بكل تأكيد يفترض هذا المثقف انه اي هذا الخودي الايزيدي هو نفسه الله او الرب المسيحي . اي انه متوهم في فهم الله اساسا فيعتبر ان خودي و الرب او" الا ها" او Gud ليست الا تسميات لذات المسمى ...وهذا خطأ فادح و مؤلم و كارثي. ورب قائل يقول ان كلمة خودي تسعفنا من هذه الاشكالية اذا ما ستخدمناها كايزيديين و ذلك بدلا من تسمية الله …! لا ليس الامر بهذه السهولة فاولا ليس مهما ما نسميه بل ما نعني به و ان ندرك يعني به الاخرين كالمسلمين و المسيحيين و ثانيا فان كلمة خودي يستخدمها الكوردي كترجمة حرفية ل الله المسلم اي اننا امام خودي الكوردي و خودي الايزيدي وشتان بين الاثنين. العبرة بالمسمى و ليست بالتسمية.
اسمح لنفسي ان اطلق العنان لخيالي في محاولة لتوضيح فكرة كذبة الله الواحد، ولقد قلنا في تغريدة يوم امس ان فكرة الله الواحد ان هي الا كذبة كبيرة، فهناك اكثر من الله واحد وذهبنا الى القول بوجود عدد من الله بعدد البشر وليس فقط بعدد الاديان و المذاهب.
دعونا نتخيل باننا في نقطة زمنية لنقل تسبق ولادة السيد المسيح بمائة عام. دعونا نفرض جدلا ان عدد البشر هو مليون شخص وانهم جميعا يتكلمون لغة واحدة ويعيشون في اسيا وهناك تواصل بينهم جميعا، نفرض انهم في مسعاهم لفهم الكون و ما يحيط بهم من بيئة و طبيعة توصلوا الى فكرة ان كل الموجودات هي من صنع هذا "الخالق" الذين اتفقوا على تعريف محدد واضح له لا لبس فيها لدى اي واحد من هذا الشعب المليوني، اذ عرفوا هذا الخالق على انه : "هو من خلق كل الموجودات وهو شيء خارج الزمان و المكان و منزه من كل الصفات المعروفة للبشر من كلام و سمع ووزن وحجم ….الخ" واتفقوا بناء على ما تقدم ان يطلقوا على انفسهم " المخلوقين" اجلالا لاسم الخالق.
اذن ولدت ما يمكن تسميتها "بالخالقية" التي يؤمن بها شعبا اسمه " المخلوقين". لا ضير ان نطلق سؤالا ها هنا: هل من يعتقد ان بني المخلوق هنا في حاجة الى قتل بعضهم البعض بسبب اختلافات و خلافات غير موجودة في فهم "الخالق"؟
ولمن يشكك في واقعية الاتفاق المفترض اعلاه، نقول ان الامر في الحقيقة متحقق اليوم ايضا ، لكنه مطمور في اكوام من قمامات اسمها الدين و المذهب.
تمرالسنين ويبدء البعض من الشعب المخلوقي يهاجر الى اوروبا و افريقيا ليستوطن في هاتين القارتين وليطور كل من هاتين المجموعتين هويته الثقافية الخاصة بها . الان في القرن الاول الميلادي من تاريخنا الحالي بدء شخصا اسمه يسوع المسيح من شعب " المخلوقين" في اسيا يفكر و ينغمس في التفكير فياتيه الالهام وبفضل ملكته و سعة خياله يتوصل الى قناعة ان هذا الخالق جامد بارد لا حياة فيه لا يتفاعل مع الانسان الذي لم يعد قادرا على تمشية اموره دون تفاعل من هذا الخالق، فقرر ان يطور هذا الخالق و يحسنه فبدء بأشتقاق نسخة جديدة من الخالق واسماها "الرب" لكي يميزه عن النسخة الاصليه الخالق ...وبما ان الرب مؤنسن ويهتم كليا بالانسان لا بأس ان نسميه ب الاب ايضا. و لبي الشعب المخلوقي في اسيا بكله هذه الفكرة واصبحنا الان امام حقيقة وولادة جديدة الا وهي المسيحية التي يشتق منها اسما جديدا "للمخلوقيين" الا وهو "مسيحيين" بدلا من المخلوقيين.
المسيحيون الان لا يتواصلون مع الخالق مباشرة بل من خلال نسخته المؤنسة الظريفة الرب. في الحقيقية هذه الهيكلية او المنظومة الجديدة تحت اسم المسيحية بكلها انما هي الدين المسيحي مثلما نعرفه هذه الايام.
لنفرض الان في رحلتنا الخيالية ان نشطاء المسيحية يقررون ان ينشروا المسيحية بين اولاد عمومتهم في كل من اوروبا و افريقيا، فيبعثوا بالتبشيريين اليهم هناك. اما في اوروبا نجحت البعثات التبشيرية ايما نجاح اذ تحول المخلوقيين في اوروبا الى مسيحيين بالتمام و الكمال…و اما في افريقيا فاختلفت الامور بعض الشيء اذ ان هذه البعثات لم تنجح الا بمحدودية فيبقى قسم كبير من مخلوقي افريقيا على مخلوقيتهم في الاساس مع بعض التطورات البسيطة ، اذ انهم توصلوا الي حل لاشكاليتهم مع الخالق الجامد البارد الخامل ، بان صنعوا اصناما كرموز مؤنسنة لهذا الخالق ، يتكلمون معها او بالاحرى من خلالها الى الخالق الجامد…. تمر الايام ونحن الان في نقطة زمنية مرت على ظهور المسيحية 600 عام ليظهر شخص في افريقيا المختلطة الان باسم محمد بن عبد الله ، وبات يفكر بالهام وسعة خيال فريدة و يتوصل الى ان فكرة الصنم ليس حلا لاشكالية التعامل مع الخالق فذهب يتهم الناس بالغباء وبالشرك بالخالق وقدم لهم وصفة جديدة تحت اسم الاسلام. قال محمد الان قد اتصل بي الخالق من خلال مراسل لابشري وهو جبريل و كلفني ان ارشدكم الى الطريق الصحيح الوحيد الى معرفته. اذن اوجد محمد بن عبدالله نسخة مؤنسنة جديدة من الخالق في افريقيا واسماها ب الله ! ثم اضاف ما وجده مناسبا على هذا الله الذي اصبح اضافة الى الخالق رحيما و شريرا في ان واحد يغضب و يفرح وهو اي الله صارم في طلباته من المخلوقيين عفوا المسلمين الان، اذ طالبهم على لسان محمد بان يقاتلوا الذين لا يتخذون الاسلام دينا بمعنى سبيلا الى هذا الله بالتي هي احسن ، ووعده الله ان يناصره هو و جنده في قتال "الكفار" اي اعداء الله.
الان نعود الى شريحة من المخلوقيين الاصلاء الرسنيين والذين لم يتبنوا المسيحية و لا الاسلام بل اختارو طريقا اخرا سلكوه قبل المسيحية. هذه الشريحة اوجدوا نسخة مؤنسنة للخالق تحت اسم ايزي و من هذا الاسم اتخذوا اسمهم "الايزيديون" تمييزا من الاخرين وقالوا ، درءا للفتنة و القتل، بغلق الدائرة على الايزيديين: ايزيدي فقط من يولد من ابوين ايزيديين. ثم اضافوا و مع مرور الزمن على نسختهم المؤنسنة من الخالق امور اخرى.
الان لنتوقف قليلا ونرى مالذي جرى حقا …. الذي جرى بالاجمال و العموم ان المسيحيين و الايزيديين و المسلمين جميعا انطلقوا من جذر عقائدي واحد لا خلاف و لا اختلاف عليه وهذا الجذر اسميناه في رحلتنا الخيالية بالخالق، وانتهوا الى نسخ مؤنسنة من الخالق فيها كل الاختلاف و الخلاف الذي تجسد في اسوء الاحوال في مظاهر كالتي شاهدناها مؤخرا في كوجو و الموصل و الرقة. الانسان بدء ب "الله" او خودي او رب واحد وهو الخالق المفهوم نظريا دون اي اشكال ودون الحاجة الى فقهاء و مفسرين و مجتهدين و دجالين الى "الله" المتعدد الارهابي المتعطش الى سفك الدماء ونكاح الاعراض ونهب الاموال والداعي الى النفاق و اللا اخلاقيات. واذا قفز الى ذهنك الله الاسلامي هنا فتذكر ان الله المسيحي في القرون الوسطى لم يكن باحسن منه و اشك بان اي دين يكتسب ما يكفي من القوة يتردد في فعل نفس الشيء.
اين وقع الخطأ الاكبر و الاخطر على البشرية؟ لقد وقع هذا الخطأ عندما تعاطف كل شريحة من البشر مع نسخته المؤنسنة من "الخالق" او ذلك الشيء العصي على الفهم ، وتحول هذا التباهي و الافتخار الى تعصب محلي متطرف منفلت من عقاله ليجيز قتل الاخرين وممارسة اشنع الجرائم بحقهم دون وجه حق.
اذن عزيزي القاريء الايزيدي هل رايت وهم فكرة الله الواحد والتي تفترضها انت في سذاجتك و برائتك ؟ هل فهمت ان الله المسلم و لا اقول العربي ليس بالله الايزيدي و لايهم ان سميته الله او خودي او يزدان ؟ هل فهمت الان لماذا لا يفيدك ان تقول مثلا لداعشي انا اؤمن ب الله الخالق، فيقتلك نحرا لله المسلم الذي ليس نفس الله الخالق الذي تعنيه انت؟
تحرر من وهم وحدة الله وافهم ان الله متعدد وافهم ان الله الاصلي قد مات منذ ان ولدت الديانات ليرثه ابنائه: الله، و الرب و ايزي واخرين كثر لا اعرف اسمائهم جميعا.
دون هذا الفهم نستمر في تخبطنا لفهم ماسينا على يد اناسا يقترفون بحقنا اشنع الجرائم تحت اسم الله واحدا من ابن الخالق واشرسهم واكثرهم شرا.
لست بحاجة الى التأكيد انني لست هنا في هذا المقال بصدد التهجم على عقيدة بحد ذاتها ولا الدفاع عن سواها و لست في مفاضلة بقدر ما اصبوا الى فهم صحيح لهذه المأساة البشرية بسبب وهم فكرة الله الواحد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: المسيحيون الأرثوذوكس يحتفلون بـ-سبت النور- في روسيا


.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4




.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه