الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفاهيم التطرف والاعتدال في منظومة القيم الفلسفية

كرم خليل

2016 / 8 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعيش المجتمع السوري، بشكل عام، جملة من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، بسبب أهوال الحرب الطاحنة، و التحولات المحلية والعالمية، في منظومة القيم والأساليب والسلوكيات، التي جعلت الانسان السوري، يعيش حالة من عدم الرضا واللاشعور بواقعه المرير.
علماً أن غالبية المجتمع السوري، هو من فئة الشباب، وبناء عليه، فإن تأثرهم بهذا الواقع المأساوي، سيكون الأكبر والأكثر على الإطلاق.
أصبح الإنسان السوري اليوم، يعيش في بيئات مشحونة بالتوترات، وتموج بالخلافات والصراعات الأيديولوجية، ولعل من أبرز أخطارها، الغلو والتطرف، اللذين ظهرت آثارهما، من خلال انتشار الفكر التكفيري في رحم المجتمعات المسلمة .
إن أصحاب الفكر التكفيري، يسرفون في تضليل الناس وتكفيرهم، بل ويستبيحون دمائهم وأموالهم.
إنهم يقتلون المسلمين الأبرياء، لمجرد الاختلاف معهم في الرأي، ويتوعدون كل من يخالفهم أو يحاججهم في الدين بالإبادة.
وضمن هؤلاء التكفيريين، مَن يكفر الحكومات والأنظمة، التي تحكم بالقوانين الوضعية، ويفرضون على جميع العاملين في قطاعات الدولة ومؤسساتها الدستورية والسيادية كالقضاء والبرلمان، فضلا عن الإدارات الحكومية والخدمية والجيش والشرطة، بارتداء الأزياء البالية، التي لا تتماشى مع هذا العصر .
كما يبرّر التكفيريين، سفكهم للدماء، إذا ما قرر الأفراد، اللجوء إلى المحاكم المدنية، التي تحكم بالقوانين الوضعية المعاصرة، ويعتبرون تحاكم الأفراد فيها، تحاكماً إلى الطاغوت، وهنا لا نقصد حكومة النظام السوري المجرم، بل حكومات أخرى في هذا العالم الرحيب.
إن الإسلام، دين الرحمة والتسامح والوسطية، وقد تميزت أمته عن غيرها من الأمم، بكونها أمة الوسطية، كما قال عز وجل: “وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهدا على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا” أي خيارا عدولا قد بلغتم الذرى في السمو والشرف.
أما الدلالة الاصطلاحية، لمدلول الوسطية، فهي تعني التوازن والاعتدال والسمو والرفعة، بين طرفي الغلو والتقصير.
فالوسطية منزلة بين طرفين، كلاهما مذموم.
ومما لا شك فيه، أن ظاهرة التطرف، هي ظاهرة عالمية، تشمل العالم أجمع، ولا تقتصر على دولة أو دين بعينه، كما ان هذه الظاهرة، قديمة قدم الإنسانية ذاتها، فما ظهر دين أو مذهب أو نظام، إلا وكان من بين أعضائه أو أنصاره متطرفين ومعتدلين.
تتمثل خطورة التطرف، في قواعده الفكرية والاقتصادية، التي ينطلق منها، ودرجة اتساعها، ومدى التعاطف والتشجيع، الذي يلقاه هؤلاء المتطرفين في بداية نشاطهم، باعتبارهم مظهراً حياً من مظاهر الاحياء الديني، أو الصحوة الدينية.
كما أن ظاهرة التطرف، ظاهرة مركبة ومعقدة ومتشابهة الجوانب، ومن ثم، لا يمكن تشخيصها وعلاجها، في إطار منظور واحد فقط، مهما كانت أهميته، بل لا بد من مراعاة مختلف الجوانب معاً، في إطار النظرة الشمولية المتكاملة.
وتعد مشكلة التطرف، من القضايا الرئيسة، التي تهتم بها الكثير من المجتمعات المعاصرة، فهي قضية يومية حياتية، تمتد جذورها في التكوين الهيكلي، للأفكار والمثل والأيديولوجية، التي يرتضيها المجتمع .
فالفكر المتطرف، شأنه شأن أي نسق معرفي، وهو بمثابة ظاهرة اجتماعية، تتأثر وتؤثر في غيرها من الظواهر، وترتبط إلى حد كبير بالظروف التاريخية و السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية، وغيرها من الظروف التي يتعرض لها المجتمع.
يعد مفهوم التطرف، من المفاهيم الكبرى، التي يصعب تحديدها او إطلاق تعميمات بشأنها، نظراً لما يشير إليه المعنى اللغوي، فالتطرف هو تجاوز لحد الاعتدال، وحد الاعتدال نسبي، وهو يختلف من مجتمع إلى آخر، وفقاً لنسق القيم السائدة في كل مجتمع، فما يعتبره مجتمع من المجتمعات، سلوكاً متطرفاً، من الممكن أن يكون مألوفا في مجتمع آخر .
الاعتدال والتطرف، مرهونان بالمتغيرات البيئية والحضارية والثقافية والدينية والسياسية، التي يمر بها المجتمع .
كما يتفاوت حد الاعتدال والتطرف، من زمن لآخر، فما كان يعد تطرفاً في الماضي، قد لا يكون كذلك في الوقت الحاضر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah