الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إزدراء الأديان و الاستقلال عن دولة الإسلام .

صالح حمّاية

2016 / 8 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



كثيرة هي الكتابات التي ناقشة مسألة تجريم ازدراء الأديان في الدول الإسلامية ومدلولاتها الاجتماعية و السياسية ، فمنها ما أعتبر هذه حالة من حالات محاكم التفتيش ، و منها ما أعتبر الأمر سياسة لتكميم الأفواه ، ومنها ما أعتبر الأمر تسييد لهيمنة التيارات الدينية في إطار التحالفات السياسية بين السلطات المستبدة والمتطرفين ، و لكن الحقيقة أنه ورغم صدق تلك التحليلات لكونها تغطي جوانب جزئية في الموضوع؛ لكنها في الواقع لا تزال بعيدة عن المس بجوهر المشكلة ، فقضية منع ازدراء الدين، وتحديدا الدين الإسلامي ، هي أكبر من كونها مسألة محاكم تفتيش أو سياسية لتكميم الأفواه ، فحن و إذا أردنا التوصيف الدقيق وبلا مواربة لتلك القضية ، فتلك المادة هي و ببساطة مادة إعلان سيادة دولة الإسلام على كل دولة تقرها في قانونها ، فكل دوله غزاها المسلمون عبر تاريخهم وليؤكدوا سلطتهم عليها، فهم يفرضون فيها تلك المادة لإثبات سيطرتهم ، بما يعني ببساطة أن الصراع الحالي حول حذف أو إبقاء تلك المادة في قوانين بعض الدول ، هو ببساطة كصراع تحرير للدولة الوطنية من سلطة المحتل المسلم ومحاولة إعادتها لتكون ملك مواطنيها ، ولنفهم هذه النقطة بصورة اوضح فلنفكر في التالي : ماذا يا ترى سيكون شكل بلد إسلامي ما ، لو تم إزالة تلك المادة؟ .

أول شيء وبلا شك يمكننا الحديث عنه هو أننا سنكون أمام دولة سيحق لجميع غير المسلمين فيها أن يعلنوا أرائهم فيها بدون أن يخافوا من سلطة القانون (سلطة القانون طبعا التي كانت تحمي التعاليم و الأوامر و تشرعن القوانين التي سنها الغزاة المسلمون ) لهذا وفي ظل هكذا مناخ من الحرية في الاعتراض على كل ما سنه المسلمون عبر تاريخ من الغزو في تلك البلاد ، فسيتم تفكيك كل تلك الأمور رويدا رويدا ، سواء من فرضهم للامساواة بين الجنسيين ، أو سواء للتمييز الذي يمارسونه ضد المختلفين في الدين ، او سواء لكل الأفكار العلمية ، أو الإبداعات الفنية التي حاربوها ومنعوا المجتمع منها الخ ، هذا بالإضافة طبعا إلى فضح الأكاذيب التي روجها المسلمون في مسألة التاريخ ، فمع إلغاء جريمة إزدراء الدين الإسلامي ، سيتاح للجميع انتقاد الديانة الإسلامية و كشف أهدافها الحقيقية التي تم التعمية عليها،من قبيل الأهداف التوسعية ، أو الاقتصادية التي كانت بغرض الهيمنة ، وطبعا كل هذه أمور إذا كشفت ستأتي لضرب مصالح دولة الإسلام ، ومصالح الطابور الخامس الذي يعتاش عليها من فقهاء و جماعات دينية وخلافه ، و طبعا و لأن الإسلاميين و الطابور الخامس لدولة الإسلام لن يقبلوا بأن يحصل هذا لكونه يضر بمصالحهم ، بل ويهدد بفنائهم ، فهم سيرفضون ، وسيحاربون لأجل منع هذا بكل ما أوتوا من قوة ، فهم يعتبرون (وهذا أمر يغيب على بال كثيرين ) أن كل الدول التي ثم فتحها ( غزوها ) هي غنيمة بالنسبة لهم وعليهم فرض سيطرتهم عليها ، ومنه فلا يحق لأحد أن يسلبهم هذا الأمر ، ومنه طبعا فالإبقاء على تلك المادة بالنسبة لهم هو مسألة حياة او موت ، وكل من سيحاول ان يلغيها فهو العدو الأكبر .

الشيء الأخر الذي يجب التنويه له هنا ، هو أنه لا يجب علينا الإعتقاد أنه لو زالت مادة إزدراء الدين، وقامت دولة ما بإلغاءها من قوانين أن هذا يعني أن تجريم إزدراء الإسلام قد إنتهى ، فالواقع أن الطابور الخامس لدولة الإسلام لا يعتمد على الشكل القانوني للمادة سوى في حال توفره ، ولكن الدولة لو أزالته ، فتأكدوا أنه سيستمر في تنفيذ عقوبة هذه الجريمة بدون النظر للقانون وبطرق أبشع ، وهذا بالذات ما كان يجري طوال التاريخ الإسلامي إذا انتبهنا ، فجميع حالات القتل التي طالت المفكرين والأحرار في التاريخ الإسلامي ولو ركزتم ، فستجدون أنها كلها كانت لها علاقة بقضية إزدراء الدين ، وبفئات كانت تريد التمرد عن الاحتلال الإسلامي ، فقام هؤلاء بقتلهم باعتبار ثوارا يريدون الخروج على سلطة دولة الاحتلال وعليه فقد تم تنفيذ العقوبة عليهم ، وهنا دعونا نعود و لنتذكر ما جرى في التاريخ الحديث فقط ، فجرائم كمحاولة قتل نجيب محفوظ ، أو حادثة اغتيال فرج فودة ، أو حادثة إغتيال طاهر جاووت أو حادثة اغتيال اليمني عمر باطويل الخ ، فهي لم يكن لأي منها علاقة بقانون إزدراء الدين من الناحية الرسمية التي تتولاها الدولة ، بل كان لها علاقة بقانون منع إزدراء الدين الذي سنته دولة الإسلام وفرضته عن طريق طابورها الخامس من الإرهابيين لردع كل من تسول له نفسه التفكير في الاستقلال عن دولة الإسلام ، بل إن دولة الإسلام لم تكتفي بهذا ، فهي سلطت طابورها الخامس من الإرهابيين ليشنوا حروبا حتى على الدول حين خالفت ولو قليلا ما تفرضه دولة الاحتلال الإسلامية ، وكفروها واعتبروها سلطة الطاغوت ، ولم يتوقف الإرهاب ضد هذه الدول إلا حين رضخت جميعا لسلطة دولة الإسلام ، و أقرت في قوانينها تشريعات تمجد المحتل المسلم ، وتعلي من قيمه ومن تقاليده ، ومع هذا فانتبهوا هنا أن هذه ليست النهاية ، فقانون منع إزدراء الأديان لا تنتهي المطالب بفرضه في ديار الإسلام فقط ، فطابور الخامس يريد فرضها أيضا في دار الكفر كما يسموها كذلك ، فحادثة تكفير سلمان رشدي واستحلال دمه من قبل الخميني لأنه تطاول على الدين، هي من قبيل فرض لسلطة الإسلام على العالم ، و عملية اغتيال المخرج ثيو فان غوخ بسبب فيلمه ( الخضوع ) هي أيضا من هذا الباب ، وطبعا لن ننسى هنا الجريمة الأكبر بحق صحيفة شارلي إيبدو إنتصارا لرمز دولة الإحتلال الإسلامية ، والمذبحة التي حصلت بحق صحفييها ، فكل تلك أمور تدخل في إطار فرض مادة منع إزدراء الدين على البشرية بغرض فرض هيمنة الديانة التي تريد غزو العالم ، و على هذا فاليوم بالنسبة لجميع الذين ينادون بإلغاء تلك المادة، وإقرار الحرية كبديل ، فعليهم العلم أنهم الآن في حرب تحرير ضد هيمنة و سطوة الاحتلال الإسلامي الذي بدا منذ قرون ، وعليهم الإدراء أن إلغاء تلك المادة من القوانين ليس هو النهاية ، بل هو عملية تحرير للدولة فقط من سطوة تلك المادة ، ولكن هذا لا يعني تحرير المجتمع ، ففي ظل وجود طابور خامس يدافع عن تلك المادة ، فتأكدوا أن هناك ألوف بل وعشرات الألوف من الإرهابيين المستعدين أن ينفذوها لمنع حصول هذا ، وعليه فالأمر بالنسبة لإلغاء تلك المادة لا يجب أن يعتبر من الجميع كمجرد خطوة نحو تكرس قيم حرية التعبير و الرأي ، بل الأمر يجب ان يعتبر لحرب استقلال ، لأنه في الصراع من اجل الحرية في البلد الإسلامي ، فالسعي للحرية يعني حرب الإسلام ضد دولة الإسلام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دين إِجرامي بالفطرة
بارباروسا آكيم ( 2016 / 8 / 26 - 21:49 )
دين وسخ إِجرامي دموي

تحميه تحالفات مافوية ممثلة بتحالف الحكومة مع المشعوذين


2 - الفورور عليه الصلاة والسلام ؟
ماسنسن ( 2016 / 8 / 26 - 23:24 )
الإسلام في الأصل قومية عربية إستعمارية : ركزت على (المستعمر المسلم) وتجنبت (المستعمر العربي المسلم)

أرى أنه لن تتحرر العقول والشعوب إلا بإعادة صياغة مفهوم الدين ومبدأ حرية العقيدة : هل الإسلام بنصوصه وتاريخه يمكن إعتباره دينا؟هل يدخل تحت مبدأ حرية العقيدة؟ لماذا تجرم أروبا النازية إذا؟ ما الفرق بين الشعب الآري وخير أمة أخرجت للناس؟ الفورور الذي لا يُنتقد والرسول الخاتم؟

لنفكر للحظة بعقلية الإسلام ونبحث عن أحسن طريقة للسيطرة على أروبا : ألا ترون أنه علينا أن نعيد ونثبت وندافع عن النازية ونقول عن كل جرائمها أنها لا تمثل النازية وعن مجرميها أنهم جهلة متطرفين لم يفهموا كتاب كفاحي الفهم الصحيح والفورور صلى الله عليه وسلم منهم براء؟ إعكس الآية الآن ستفهم لماذا يدافع ساسة الغرب عن الإسلام : كلما سمعت أن داعش لا تمثل الإسلام سيكون المرادف لها غوبلز واحد جاهل لا يمثل النازية

إلتزمت بموضوع المقال دون ذكر اليهودية والمسيحية

أخ صالح الجملة الأولى من تعليقي هي لك وحدك


3 - الانطلاق
على سالم ( 2016 / 8 / 26 - 23:58 )
لابد الانعتاق من هذا الدين الاجرامى الشرير القمعى , اول خطوه لقد تم فضحه وتعريته وكل يوم يتلقى نقد وهجوم ,اكيد الموضوع سوف يأخذ وقت الى ان نتخلص من هذا الطاعون البدوى الصحراوى الغبى


4 - إزدراء الأديان
شاكر شكور ( 2016 / 8 / 27 - 00:53 )
لو كان المشروعون الإسلاميين يؤمنون فعلا بأن خير الماكرين موجود وحي وسينصر دينهم لما اصروا على أسلمة الدولة وابقاء قانون ازدراء الأديان ، ولكنهم يخافون من قرب تحقيق الحديث الذي صرْح به محمد : (إِنَّ الإِسْلامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ ، وَهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا) ، تحياتي للجميع


5 - أين المشكل؟
عبد القادر أنيس ( 2016 / 8 / 27 - 10:32 )
الحكامات، عادة، تتصف بالانتهازية في كل مكان من العالم. هدفها الرئيسي ليس حماية الدين، بل حماية نفوذها وبقائها في السلطة أطول مدة ممكنة. وأخشى ما تخشاه هذه الحكومات أن يثور الشعب ضدها ويزعزعها سواء عن طريف العنف أم عن طريق الانتخابات. وهي تحسب لهذا ألف حساب. حكوماتنا كما عهدناها منذ استقلالاتنا لا يعنيها من الدين إلا هذا الأمر. في الجزائر مثلا، لم تكن الدولة المنبثقة عن الاستقلال معنية بالدين ولا تهتم بحماية الدين إلا بقدر نفوذ حماته الحقيقيين من رجال الدين ومدى تأثيرهم على العامة. كان الأمر هكذا في التسينات والسبعينات من حيث التمكن من نقد الدين والسخرية من رموزه دون الخوف من الملاحقة. لم يحاكم الكتاب والروائيون رغم جرأتهم على الدين بتهمة ازدراء الأديان. لكن مع (الصحوة الإسلامية) وتحول الشعوب نحو الإسلاميين، وازدياد نفوذ هؤلاء وتهديدهم للحكام واتهامهم بمعاداة الدين والتفريط فيه، راح هؤلاء ينافسونهم على من هو الأجدر بحماية الدين، وبدأت الحكومات تسن القوانين لصالح الدين وضد نقاده.
مشكلتنا إذن ليست مع الحكومات، بل مع الشعوب الجاهلة الغبية الغافلة سهلة الانقياد.
تحياتي


6 - شكر واجب
محمد البدري ( 2016 / 9 / 10 - 04:17 )
تحياتي واحترامي لجميع المعلقين وشكرا للسيد حماية علي نشره هذا المقال لاتاحة الفرصة لهم ليعطونا الدواء الشافي للتخلص من هذا الوباء المسمي الاسلام

اخر الافلام

.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah


.. 104-Al-Baqarah




.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في