الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملائكة في خدمة فقهاء البترول

أحمد عصيد

2016 / 8 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أعلن القرضاوي مرة أخرى بأن الملائكة ستتدخل حتما لإنقاذ محمد مرسي من سجن العسكر، لأنه رئيس "مؤمن"، كما تدخل جبريل لإنقاذ إردوغان "المؤمن" من الانقلاب العسكري الذي قاده فقيه آخر "مؤمن" بدوره يُدعى "فتح الله كولن"، يعتبره أتباعه بدوره بأنه مدعوم من الملائكة، بل ويعمل على تسخير الجنّ كما زعم عمدة مدينة أنقرة.
المشهد كئيب إلى درجة لم يعد معها مسليا ولا باعثا على الضحك، إلا إن كان ضحكا مرّا كما قال المتنبي: "وكم ذا بمصرَ من المضحكاتِ ولكنه ضحكٌ كالبُكا".
إنه مشهد مظلم يعطي صورة عن أمة في مأزق حضاري خانق، لم تعد تدري كيف تغادره، أمة خارج التاريخ، لا تعثر على باب الدخول إليه، كما لا تستطيع المضي بدونه في أي اتجاه، وهي من فرط تخبطها لم تجد غير اللجوء إلى الخرافة والدجل، كما تعودت على ذلك على مدى قرون طويلة شاع فيها الجهل والتخلف والاستبداد السياسي والديني وانتشار الأوبئة والمجاعات وزيارة الأضرحة والاعتقاد في إمكان تدخل الغيب لمدّ يد العون للبشر المقهورين، إنه التاريخ يعيد نفسه، بشكل لا يخلو من مكر الأقدار وسخريتها.
لم تتدخل الملائكة لإنقاذ محمد مرسي في الوقت المناسب، لكنها غيرت رأيها بعد ذلك، وهي الآن تتهيأ لإخراجه من السجن، ربما بفضل تدخل من القرضاوي، لكنها كانت في الموعد مع إردوغان حيث أنقذته من الانقلاب وساعدته على اعتقال جميع معارضيه (والعهدة مرة أخرى على القرضاوي)، ولا شكّ أنها ساهمت معه في أول تصويت مظفر بالبرلمان يقرّ بتزويج الطفلات في سن 12 سنة، إذ يبدو أن الملائكة لا ترتاح إلا باغتصاب الأطفال، تركيا العلمانية التي تحتلّ الرتبة 16 دوليا باقتصاد قويّ ومزدهر، تتدهور إلى حدّ تحكم معه على طفلاتها بالاغتصاب من قبل المرضى النفسيين من الكهول والبالغين الذين يجدُون في افتضاض بكارات الطفلات دليل فحلوتهم ورجولتهم، يا له من نصر مبين، ويا لها من صحوة مباركة !
وتستعد الملائكة بلا شك لدعم السيد بنكيران وجماعته في المغرب في الانتخابات القادمة، وهو الذي يعدّ لائحة من المرشحين الإلهيين، وذلك بعد أن ساعدته لشهور خلت في توزيع المواد الغذائية على سكان الأحياء الفقيرة، الذين سيستقبلون نفس الذين وزعوا عليهم تلك المواد وهم يرتدون قمصانا عليها رمز المصباح، لكن، لأن الملائكة تغسل وجوههم من أوساخ الفساد والرشوة، فإنها تبدو مضيئة بنور الصلاح والتقوى، بينما الأغبياء الذين سيوزعون الأوراق المالية من فئة مائتي درهم يوم التصويت هم الفاسدون، لأنهم ليسوا مؤيدين من الملائكة.
للملائكة دور خطير في صناعة التاريخ يغفله كل الخبراء والملاحظين، وينبهنا إليه القرضاوي ومن معه من علماء المسلمين (لم يصدر اتحاد علماء المسلمين أي بيان لاستنكار الأقوال اللامسؤولة لرئيسه)، ولعل من أكبر مظاهر هذه المعجزة ما يقع في سوريا، فإذا كانت الحرب المدمرة التي نادى إليها اتحاد علماء المسلمين برئاسة القرضاوي والريسوني قد استمرت لكل هذه السنوات دون أن يسحق النظام السوري معارضيه من المجاهدين الأبرار، فما ذلك إلا لأن الملائكة تساهم بقسط وافر في "جبهة النصرة"، كما تساهم في الذبح والجلد وقطع الرؤوس وبتر الأطراف، فالملائكة لا تقف عند حبّ اغتصاب الطفلات، بل إنها أيضا على ما يبدو متعطشة لدماء البشر.
لا يزعجنا أن يكون القرضاوي على هذا القدر من الجهل والاستخفاف بعقول الناس، فهو لا يمكن أن يكون إلا في مستوى الواقع الرديء الذي أنجبه، لكن يؤذينا حقا أن نرى أعداد المسلمين التي تنساق كما الأنعام وراء الخرافة، تماما مثلما كانت عليه منذ قرون، كما لو أن شيئا لم يتغير، وكما لو أن عصرنا لم يعرف الثورات العلمية المذهلة التي أيقظت البشر من سبات عصور الانحطاط، والتي كلما زادت الغربيين تواضعا ونهما إلى المعرفة، زادتنا شعورا بتضخم الذات ورغبة في دفن رؤوسنا في التراث.
لست أدري كيف سيقوم الفقهاء بتبرير الهزائم والنكسات القادمة، ولا كيف سيجيبون على سؤال طرح منذ مائة عام، وهو لماذا تخلف المسلمون وتقدم غيرهم ؟ لكن من المؤكد أن الملائكة لن تسعفهم بالجواب ولن تظل دائما في خدمتهم، لأنها ستكون قد تعبت من قوم لا يعترفون بأخطائهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا
عبد القادر أنيس ( 2016 / 8 / 27 - 10:07 )
شكرا على هذا الجهد التنويري فربما يحيا الخشب. خالص تحياتي


2 - الإجابة الحاضرة
سناء نعيم ( 2016 / 8 / 27 - 12:18 )
إذا كان الغراب دليل قوم يمرّ بهم على جيف الكلاب.
العيب ليس في القرضاوي وإخوانه من الشيوخ ،فهم بالتالي تجار دين والتاجر تهمه مصلحته فقط.
إنما العيب كل العيب في قطعان المسلمين التي رفعتهم لمكانة لايستحقونها حتى أصبح يقترب من شيخ ولو بنقد خجول يرجم من الدهماء.
والعيب كذلك في استقالة النخبة من التنويريين أو مداهنتهم لسدنة الفكر الديني .
أما عن تساؤلك بخصوص تخلف المسلمين وكيفية تبرير المشايخ للإخفاقات والإنكسارات التي منينا بها ،فأطمئنك أن القرضاوي وأتباعه بارعون في فقه التبرير وسيجدون حلا لكل تلك الأسئلة مهما كان محرجة.
فشماعة الغرب الكافر حاضرة لتعليق ثوب الهزيمة عليه وتحميله كل المصائب. وسيستدعون نصوصا دينية لتأكيد أطروحتهم وستصفق لهم الجماهير المغيبة!!!!
دمت بسلام


3 - شجاع الأقرع؟
ماسنسن ( 2016 / 8 / 27 - 13:30 )
صلى الله وملائكته على القرضاوي وأمثاله وصلى العقل والشرف عليك وعلى أمثالك وشتان مابين الثرى والثريا!

أراك نسيت الثعبان الأقرع الذي ينتظر الفجرة معارضي القرضاوي ودينه : خصص له مقالا آخر

أزول


4 - حروب الملائكة او حروب شياطين الإنس
سناء ( 2016 / 8 / 28 - 14:49 )
سيدي اولا شكرا على المقال
كثير من المغيبين يعتقدون أنهم -بعون الملائكة- سوف يغزون العالم كله سيستولون على مالديه من تقدم وثروة. فلماذا التعب والاجتهاد والنتيجة مضمونة؟ّ

القرضاوي يعرف دوره الذي يؤديه فهو المخدر لتغييب عقول الجهلاء وتحريكهم وكان من اوائل من قاموا بالقاء محاضرات في معسكرات الجماعات الاسلامية التي أنشئها السادات في السبعينات من القرن الماضي. والرجل أكثر تلونا من الحرباء ذاتها

على الإنسان العربي أن يشغل الصندوق الذي يحمله على كتفيه ولا يكون كريشة تحركها خطب وخرافات امثال القرضاوي فيروهم على حقيقتهم دعاة للخراب والموت واعداء للحياة

العجيب في امر تركيا ان الحرب بين متاسلمين وكلا من الطرفين يدعي انه مدعوم من الملائكة قفهل سنشهد عما قريب حروب الملائكة على غرار حرب النجوم؟ تحياتي

اخر الافلام

.. 121- Ali-Imran


.. 122- Ali-Imran




.. 123- Ali-Imran


.. 125- Ali-Imran




.. 128- Ali-Imran