الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأديان وسؤال الأخلاق

عائشة التاج

2016 / 8 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الأديان والخطأ البشري

من المسلم به أن الأديان ،كل الأديان تصوغ للإنسان خارطة طريق على الأرض بوسائل قد تصلح للملائكة لا البشر ,,,,
علما أنها تمتح تعاليمها وتشريعاتها من السماء لا من الأرض ,
,مثل وقيم عليا قد لا يطالها حتى من يدعي الصون والحصانة بترسانة من القيم التي يفترض أنها تسيج غرائزه بأسيجة حديدية تثبت الوقائع المتواترة أنها أوهى من بيت العنكبوت,,,,,,
بل قد لا يطالها حتى الأنبياء أنفسهم إذ تسجل سير بعض الأنبياء سقوطهم في التناقضات بين ما يسنونه للآخرين وما يعيشونه هم أنفسهم وهم يواجهون تحديات أخلاقية كبرى أو صغرى بمقومات بشرية قد لا تختلف عن مقومات أي بشر حتى وإن اختلفوا
مع عامة البشر بما حباهم الله من مهارات ضرورية لنشر "الرسالة " , وكم مرة يذكر هؤلاء الأنبياء أتباعهم بأنهم ليسوا إلا بشرا
وألا كمال إلا لله وحده لاشريك له .
دروس كثيرة وعبر كبرى تزخر بها سير الأنبياء و عظماء السياسة أو العلم أو الحياة عموما ,
لمن يريد أن يقرأ التاريخ بعين مجردة خارج منطق الأساطير الذي تعتاش منها خيالات بشر يحتاج ترسانة من الأوهام تسير حياته على مسرح واقع يضج بالتحديات التي لا يسلم منها الإنسان ،أي إنسان .
,,,,
لذاك يكون سقوط الدعاة الأدعياء مدويا وبالغ الإثارة وجاذبا للاهتمام وحتى السخرية والشماتة التي قد تخلو أحيانا من الرحمة والشفقة ,,,,,لأن من لا يرحم قد لا يرحم ,عندما يحتاج الرحمة مثله مثل كل الناس وقت الشدة ,
ذلك أن الدعاة أدعياء طهرانية قد لا تتوفر إلا للملائكة وهم يثرثرون بخطاباتهم "السماوية " ينسون أنهم على الأرض المنبسطة
بأوحالها وحفرها ،بهضابها ومرتفعاتها ، بمنزلقاتها الكثيرة التي لا تثبت الأقدام فوقها دائما وفق التعاليم الدينية السامية والعليا كما يسمونها ,,,,
وهم ينصحون غيرهم أو يصنفون غيرهم داخل قوالب تقييمية تخلو من النسبية أو يحكمون على غيرهم بدون رحمة ولا شفقة ينسون أنهم هم أيضا بشر قد يكونون ذات يوم في الضفة المقابلة حيث البشر الخطاؤون إذ لا يفلت أي إنسان مهما علا شأنه من أخطاء كبرى أو صغرى هي جزأ لا يتجزأ من تكوينه داخل سيرورة حياة تضج بالحياة المتدفقة بسيول أحداث ومشاعر ورغبات وسياقات قد لا نتحكم فيها دائما وفق ما ندعيه من قيم ومباديء ومعتقدات وحتى من قوانين .
,,,,, يا سماسرة الله ،وأنتم تمتشقون سلاح الخطابات الدينية على لسان إله تجعلونه يبدو قاسيا وحانقا وحقودا ،متجبرا وصارما ومتوعدا بالعقابات القصوى لمخلوقاته الضعيفة بتناقضاتها ومحدودية كمالها ,,
,وأنتم تستثمرون في ترسانة المشاعر السلبية لدى مستمعيكم كالخوف من العقاب الألهي بجهنم ومشتقاتها وتكبلون غرائزه ومعها مقوماته البشرية الأخرى بحبال الشعور بالذنب والرعب من الضغط الاجتماعي ،من توعدات الخالق وترصدات المخلوق لا تنسوا أنكم بهكذا اخلاق تحولون الناس كل الناس إلى جواسيس عن بعضها البعض ،تترصد هفوات بعضها البعض ـمبغاة لرضى خالق لم يكلف أحدا بهكذا مهمة لاأخلاقية حتى وإن ادعت الدفاع عن الأخلاق ,
ذلك أن الله عليم بذات الصدور ولا يحتاج إلى جواسيس للأخلاق ؟؟؟؟
يا "لصوص الله "كما سماكم المفكر عبد الرزاق الجبران
لاتنسوا أنكم بشر ، وكل البشر خطاؤون لعل الناس يتعاملون مع هفواتكم الإنسانية بنوع من الإنسانية ,,,
اللهم ارحم ضعفنا فكلنا محتاجون للرحمة من بطش أعرافنا وقوانيننا البشرية التي تظل عاجزة على ضبط تدفقاتنا الإنسانية وهشاشاتنا اللامتناهية مهما بدت صارمة و شاملة و دقيقة ,
فالتعاليم الدينية ، وحتى القوانين البشرية التي تمتح نصوصها ممن واقع حديث ،مجرد بوصلة توجه معتقداتنا وسلوكاتنا داخل واقع مركب وبالغ التعقيد قد لا يجيب عن تنوع حاجياتنا النفسية أو الجسدية أو الاجتماعية أو حتى الروحية إلا قليلا قليلا ,,,,,,,
فقليل من النسبية لعلكم تفلحون ,,,,,,,,,
,,,,,عائشة التاج , البيضاء .‏29‏/08‏/2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-