الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكبش وبعض تداعياته الاجتماعية

عائشة التاج

2016 / 8 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع




يقترب عيد الأضحى ،فتنشط دورة الاقتصاد المرتبط بكل مستحقاته من أكباش وأواني وأكل وملابس وحرف الرعي وتربية المواشي والسمسرة و الجزارة و حركة النقل لأنه عيد التجمعات العائلية بامتياز ,,,,,الخ
كما تنشط السرقة في الأسواق والتجمعات البشرية لأن اللصوص يتوقعون الحركة غير العادية للأموال والمذخرات بالنسبة للفئات الشعبية التي تتلهف لهذا العيد بكل ما أوتيت من حماسة واستعداد ,,,
وتنشط أيضا التوترات العائلية لدى الفئات غير الميسورة نظرا المفاوضات والجهد اللازم القيام به لتوفير الكبش ومصاريفه ,
بل تنشط النزاعات بين بعض الأزواج حول قيمة الكبش ونوعيته ومكان الاحتفال به ,مع العائلة أو وحدهم ,أية عائلة ،عائلة الزوج أم الزوجة ،والتنقلات التي يتطلبها الأمر والمصاريف المصاحبة لها ؟؟؟
كما تنشط أيضا حركة التسول بالنسبة لمن يستعمل هكذا مناسبة لاستدرار شفقة الآخرين لضمان خروف العيد والولائم المرتبطة به ,ولا أعني الفئة المحترفة للتسول أصلا ,,,,بل هناك فئات أخرى قد تتسم أوضاعها الاجتماعية بنوع من الهشاشة التي هي معطى مشترك لدى فئات واسعة من هذا الشعب ،هناك من يواجهها بترشيد نفقاته وحسن التدبير وحتى بالبحث عن موارد إضافية تضمن له تحقيق رغباته وايضا ماء الوجه أو فقط بالقناعة بما وجد علما ألا أحد سيبقى جائعا في عيد كهذا ,
لكن هناك فئة اخرى ،تتسع يوما عن يوم ،تجد في التسول المحرج مخرجا لهوسها وتتهافت على من تتلمس لديه شيئا من الرحمة بشكل مزعج ،بل يتحول لتسول ممزوج بالعنف اللغوي والإلحاح المقرف , وقد توجد هذه العناصر حتى ضمن الموظفين داخل الإدارات ,
وقد يزداد الإزعاج حدة عندما يكون هؤلاء مجموعة تستهدف نفس الشخص ,
هذا ما حدث لأحد أقاربي ، فهو إنسان متقاعد ويشفق باستمرار على فئة العاطلين وعرف بمساعدة المحتاجين على شراء كبش العيد علما أنه ليس متدينا وليس غنيا بل فقط يكفي حاجياته الخاصة ,هو فقط إنسان مرهف القلب ولا يتحمل رؤية إنسان في محنة
ولما عرف بذلك أصبح الكثيرون يترصدونه ويتنافسون على الفوز بمساعدته وينشطون في ابتداع الأساليب التي يبتزون منه المساعدة المالية بمناسبة وبدونها , مع الإشارة إلى أن هؤلاء المزعجين هم في كامل قواهم الجسدية وبإمكانهم ربح المال بعدة طرق في مدينة كالدار البيضاء لو شاءوا القيام بمجهود يضاهي مجهودهم في الحيل التي يبتدعونها لاستدرار مال غير مستحق ,
مع التوضيح بأن هؤلاء ليسوا فقراء للدرجة التي تدفعهم لهكذا تسول , فكلهم لديهم دخل معين و لهم جو عائلي و ظروف عيشهم لابأس بها من حيث المأكل واللباس والمصاريف الضرورية ,لو حرصوا على عزة النفس ,
الأغرب من ذلك أن فئة الطفيلين هذه ،أصبحت تجتمع قرب أحد الدكاكين , وتنسج استراتيجياتها لجمع المساعدات وتجاوزت هذا الشخص إلى أصهاره ،بل حددت حصة كل واحد منهم التي من المفروض أن يعطونها لأنهم موظفون وجعلوا من أبيهم العجوز القناة التي ستوصلهم لهدفهم , ولم يستثنوا حتى أحد أولاده الذي هو مريض بمرض عضال فقط لأن له أجرة يفترض أن يصرف منها على أصحاء كي يشتروا الكبش بقوة تكافل مفروض من أجل طقس ديني اختياري لمن يملك القدرة المالية فقط ,
ويجرنا الحديث إلى "إجبارية طقس كهذا في ظرف سيكون قاسيا لامحالة على جيوب أغلب المغاربة الذين سيواجهون الدخول المدرسي ومصاريفه والكبش ومصاريفه بعد العطلة ومصاريفها وزيادات الأسعار في العديد من المواد ومنها الكهرباء والماء الذي تجعل منه حرارة الطقس فاتورة مضخمة بشكل استثنائي نظرا لحجم الماء الذي أهدر في الاستحمام والغسل وتبريد المنازل ,,,.
لاشك بأن التكافل شيء مهم ولولاه لما استطاع المغاربة أن يتعايشوا مع أزمة اقتصادية تزداد تداعياتها يوما عن يوم . ذلك أن كل مغربي يشتغل بالضرورة على 5 أفراد في المتوسط ,
وهناك من يعول أسرته الأصلية ثم أسرته الجديدة بأجر محدود ويجعل من الترشيد والصبر سلاحه أمام تحديات مهمة كهذه
,,,,,,وفئات واسعة تتحمل وزر الهجرة الداخلية أو الخارجية وغربتها وأهوالها ووو كي تضمن المعيش لأهلها في مناطق لا تنمية فيها ولاهم يحزنون ,,,,,,
وهذه الفئات هي التي تكالبت عليها الحكومة وجعلتها تؤدي ثمن "إصلاحاتها المغشوشة " بالزيادات المتتالية في الأسعار والضرائب وكلفة المعيشة كي تغطي ولو جزئيا على كلفة الفساد والنهب والاختلاسات التي تمارسها الفئات المتحكمة في دواليب الاقتصاد والادارات والمؤسسات وتزداد ترفا وبذخا على حساب جحافل الفئات المكافحة والكادحة والمتحملة لضنك العيش بقوة القهر والصبر ,
وبدون تكافل عائلي نادرة هي العائلات التي تستطيع شراء كبش يتجاوز ثمنه المتوسط 3000 ده , رقم أعلى من الدخل الشهري الأدنى لفئات العمال والكادحين الذين هم أكثر تشبثا بهذا الطقس الباهظ الثمن ماليا واجتماعيا ,
سؤالي : هل من ضرورة للحفاظ على هكذا طقس في شروط اقتصادية واجتماعية كتلك التي يجتازها المغرب ؟؟؟
ألا يمكن التفكير في طريقة أخرى لتنفيذ هذا الطقس بشكل أقل كلفة وضغطا على جيوب الناس ونفسيتهم ...؟؟
أتذكر القرار الجريء للمرحوم الحسن الثاني بمنعه لهذا العيد ذات جفاف , وكان وقعه إيجابيا على فئات عريضة
أو ليس الدين يسرا لاعسرا ؟؟؟
وفي التيسير فليجتهد المجتهدون .



عائشة التاج , البيضاء ,المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-