الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم التربية

صاحب الربيعي

2005 / 12 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


التربية منظومة من السلوكيات والتصرفات الساعية لتنظيم العلاقة بين الأفراد والمجموعات بما يخدم مصالح المجتمع، تتفق أو تتعارض مع أعراف المجتمع تبعاً للفترة الزمنية وتتابع الأجيال. كل جيل يضيف من خلال خبرته مبادئ جديدة في التربية إلى الجيل الأخر لمساعدته على تخطي عقبات الحاضر.
ويسعى الجيل اللاحق إلى إسقاط بعض تلك المبادئ لتعارضها مع موجبات الحياة وإضافة مبادئ جديدة تفيد في تذليل المصاعب وتسعى لنسج أواصر جديدة تسهم في تبادل المصالح المشتركة بين أفراده. ويمكن اعتبارها مساعي متواصلة ومتراكمة وجهود لاحصر لها، لإعداد جيل جديد قادر على مواجهة معضلات الحياة القادمة.
يعرف ((دور كهايم)) التربية قائلاً:"بأنها العمل الذي تحدثه الأجيال الراشدة في الأجيال النامية لمساعدتها في الحياة الاجتماعية".
إن أسلوب التربية بالرغم من أنه مسعى جيل ما لنقله إلى الجيل اللاحق مع الحذف والإضافة لجملة من السلوكيات والأفعال بما يتواءم ومتطلبات الحياة، لكنه يختلف بأسلوب وشكل التربية من أسرة لأخرى ومن فئة اجتماعية لأخرى، ومن مجتمع لأخر خاصة في المجتمعات المتخلفة التي تأسرها التقاليد والأعراف الموروثة ولا توجد لديها مؤسسات (الدولة) تسهم في تشذيب أو إضافة سُبل جديدة تذلل من عقبات الحاضر.
ويبقى المسعى الأساس في التربية، تنظيم وتأطير صلاحيات وسلطات الفرد أو الفئة الاجتماعية بما يخدم مصالحها وسلطاتها دون أن تتعارض مع مصالح وسلطات الأفراد أو الفئات الاجتماعية الأخرى للحفاظ على شبكة العلاقات الاجتماعية بما يخدم السلام الاجتماعي.
وبالتالي فإن التربية وما تحمله من مضامين وأهداف لايمكن فصلها بشكل كامل عن جملة المفاهيم والأهداف المكتسبة عبر الأجيال، لكنها تختلف في صيغها وأشكالها العامة لتتواءم ومتطلبات الحياة المعاصرة التي تهدف لخدمة الإنسان باعتباره النواة الأساس في نسيج شبكة العلاقات الإنسانية.
يعرفها ((جون ديوني)) قائلاً:"بأنها مجموعة العمليات التي يستطيع بها مجتمع أو فئة اجتماعية مهما صغرت أو كبرت أن تنقل سلطاتها وأهدافها المكتسبة للحفاظ على وجودها الخاص وتطورها الدائم".
في المجتمعات المتقدمة التي تؤطرها مؤسسات الدولة، يضعف دور الفرد أو الفئة الاجتماعية في المساهمة في التربية لأن الدولة تفرض نهجها التربوي على كافة فئات المجتمع بما يخدم في المحصلة النهائية كافة فئاته. لكن دور الأسرة والجيل لاينتفي تماماً لأن الكائن الإنساني الصغير السن، يميل أكثر في اكتسابه للسلوكيات والتصرفات من الكائن الإنساني الأكبر سناً والأقرب منه في داخل الأسرة أو خارجها حسب ميل أو قرب الكائن الإنساني الصغير السن من الكائن الإنساني الأكبر، فهو يميل بطبيعته (الفطرية) لتقليد الكبار سعياً لاحتلال مكانة بينهم.
وهذا الميل يضعف كلما زاد نضج المرء أكثر وتعقل أكثر بالمعرفة والاكتساب ساعياً للاستغناء عن بعض ما اكتسبه لتشكيل منظومة تربوية خاصة به تحتضن جملة السلوكيات والتصرفات والأفعال المكتسبة من الأسرة ومن توجهات الدولة وكذلك من التصورات الذاتية لمواجهة متطلبات الحياة.
يعتقد ((رونية أوبير))"بأن التربية هي جملة الأفعال والسلوكيات التي يغرزها كائن إنساني بوعي في كائن إنساني أخر، وفي الغالب يكون إنسان راشد في إنسان صغير بشرط أن يكون لدى الأخير الاستعداد الكامل لتقبل غايات وأهداف الأول لحين بلوغه سن الرشد".
وبغض النظر عن صحة من عدم صحة التربية وأهدافها وغاياتها الواعية وغير الواعية، فإنها مسعى لغرز توجهات وسلوكيات وتصرفات ما في ذهن كائن غير واعي لماهيتها وغير قادر على التمييز بين صدقها من عدم صدقها.
وفي جميع الأحوال يسير الفرد المتلقي لها وفقاً لأهدافها المرسومة ولايكون مسؤولاً عن تصرفاته وسلوكه لأنه غير ناضج تماماً ومنظومة عقله غير قادرة على التمييز الكامل بين الأفعال الصالحة والطالحة...وبالتالي لايمكن تحميله مسؤولية نتائجها لحين بلوغه سن الرشد العقلي القادر على التمييز واختيار الأهداف الصحيحة التي تحقق له أهدافه الخاصة غير المتعارضة مع أهداف الآخرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يحيط بمصير هاشم صفي الدين بعد غارة بيروت.. ما هو السينا


.. مصادر طبية: 29 شهيدا في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي على ق




.. خليل العناني: المنطقة العربية في حالة اشتعال بسبب الإدارة ال


.. وزير لبناني يخشى -غزة ثانية- بعد القصف الإسرائيلي العنيف




.. بايدن يحضّ إسرائيل على عدم ضرب المنشآت النفطية الإيرانية