الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من عفو الخاطر وعلاقة السياسي بالإجتماعي

زاغروس آمدي
(Zagros Amedie)

2016 / 9 / 4
القضية الكردية


إن أكثر ما يعيق تطور القضية الكردية هو التداخل والتشابك الحاصل في الإرتباطات والتبعيات والفروضات السياسية للأحزاب الكردية في الأجزاء الأربعة من كردستان.
وهذا مرده إلى أن العواطف القومية والأفكار الزائفة والمموّه هي التي تُسيّر وتسيطر وتتحكم بالقرارات السياسية لهذه الأحزاب.
ولا أحد يجهل أن لامكان للعواطف والفكر الزائف في العمل السياسي. وإنه حين تمتزج العاطفة والفكر الزائف بالسياسة، فإن السياسة تتحول إلى مجرد فوضى من التناقضات التي تؤدي إلى تهادمات وليس إلى تفاهمات. لأن ملكة الفهم تقوم على الإدراك بينما العاطفة حالة ذهنية وجدانية مجانبة للإدراك ومتصادمة مع المنطق غالباً.
ولو أن أحزاب كل جزء من كردستان إنتهجت سياسية مستقلة عن الجزء الآخر وأحترمت أحزاب كل جزء سياسة أحزاب الأجزاء الأخرى ولم تسخر الأحزاب ذات النفوذ الاحزاب الاخرى الأضعف، لحقق ذلك نتائج أفضل في مسار تطور القضية الكردية.


وهنا لا أرفض وجود علاقات التعاون والتآزر بين كل الأحزاب الكردية، وإنما أرفض أن تتحول هذه العلاقات إلى ما يشبه الإستغلال السياسي من قبل الأحزاب ذات النفوذ للأحزاب الأقل نفوذا في الأجزاء الأخرى.
ولا يخفى على المراقب والمتتبع السياسي النتائج السلبية لهذا النهج السياسي الخاطئ في تاريخ الحركات الكردية منذ حركة القاضي محمد مرورا بحركة الملا مصطفى البرزاني وإبنه مسعود إلى حركة العمال الكردستاني.
ومن إحدى النتائج السلبية الراهنة التي تظهر وتعكس هذا النهج السياسي الخاطئ هو الوضع الحاصل في كردستان سوريا.
إن هذا النهج السياسي القومي العاطفي يُبين بجلاء صارخ أن العقلية الكردية القبائلية الضيقة الافق مازالت راسخة في المجتمعات الكردية وأحزابها السياسية التي طلت شعاراتها فقط بألوان زاهية من حبر التقدمية والإنسانية. وما يبرهن على هذا النهج السطحي أن جميع الكرد يريد التوحد، لكن لا أحد يتحدث عن كيفية هذا التوحد، لأنهم مكتفون على ما يبدو بالإكتفاء العاطفي حول التوحد.

لا عمل سياسي ناجح دون معالجة ناجعة للمجتمع

كما أن القفز على الواقع الإجتماعي الكردي وتجاهله وعدم إيلائه الإهتمام اللازم ومعالجته بطرق وأساليب مناسبة مجدية وتركيز الحركات الكردية على الوعي التحرري السياسي وإهمالها لتحرير العقل الكردي من قيوده الكثيرة وتشكيل أو تطوير وعي إجتماعي ملائم ومرادف ومساند للوعي السياسي هي إحدى العيوب والنواقص الكبيرة في الحركات الكردية، وهي بلا شك إحدى الأسباب المهمة في التخبط والتنازع الحاصل في الواقع السياسي الكردي.

إن بناء وطن أو تأسيس دولة دون تأسيس وعي إجتماعي محايث للوعي السياسي يبقى دائماً معرضاً لهزات تهدد إستقرار كيان الدولة وتسبب نكبات وكوارث لها. أي أنها دولة شكلية صورية فقط. وأكثر دول المنطقة هي من هذا النوع.

فمصر مثلاً كدولة كبيرة ورغم توفر عوامل إيجابية عديدة فيها، إلا أنها دولة متخلفة وفقيرة، مع أن هذه الدولة كانت قبل قرن تقريباً متقدمة على اليابان. حتى أنه آنذاك قام وفد ياباني بزيارة مصر للإستفادة من تطورها العمراني ونظامها السياسي الديمقراطي، رغم أنها كانت مستعمرة بريطانية، إلا أن نقص وتخلف الوعي الإجتماعي وعدم معالجته وتطويره بعد الإستقلال بطرق وأساليب وأفكار سليمة، والتركيز فقط على قضايا سياسية بعقلية متخلفة على عكس ما حصل في اليابان، جعلها دولة فقيرة وضعيفة هجرها الملايين من سكانها إلى الخارج للبحث عن لقمة العيش.

وما يسري على مصر بأنها مجرد صورة شكلية عن الدولة، يسري أكثر ربما على سائر دول المنطقة، وكثير من دول العالم الثالث التي إكتفت بالعمل السياسي والتنازع حول كرسي الحكم وأهملت الجانب الإجتماعي ومعالجة مشاكله وتطويره.

شاه إيران وأتاتورك وبورقيبة وعبدالناصر والبعث العربي على سبيل المثال حاولوا الإشتغال طويلاً على معالجة الجانب الإجتماعي لمجتمعاتهم، لكنهم أخفقوا في النهاية لأن معالجتهم كانت قاصرة وسطحية ومقلدة لتجارب الغرب أو الشرق الأوروبي آنذاك ولم تكن معالجة حقيقية وناجعة للأوضاع الإجتماعية، فعادت إيران بالخميني وإسلامه الشيعي إلى الحكم وعادت تركيا إلى عقليتها العثمانية الإسلامية وعادت مصر إلى الإخوان المسلمين فقضى عليهم العسكر بإنقلاب دموي فساء الوضع أكثر، وعادت تونس إلى حزب النهضة الإسلامي وصدَّرت إلى داعش أكبر عدد من المقاتلين رغم أنها أصغر دول شمال أفريقية بالرغم من أن بورقيبة كما ذكرت حاول على مدى عقود جعلها دولة حديثة وعمل على تحديث المجتمع التونسي، لكن تبين أن معالجته للوضع الإجتماعي كما أتاتورك وشاه إيران وعبدالناصر والبعث كان معالجة سطحية ومجرد تقليد أجنبي فرض بالعنف والخوف على الشعب. وتفجَّر في كلٍ من ليبيا والعراق البعثي وسوريا البعثية العلوية واليمن براكين حارقة من الكره والحقد الإجتماعي الديني والمذهبي والطائفي والعرقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ترصد معاناة النازحين السودانيين في مخيمات أدرى شرق ت


.. أطفال يتظاهرون في جامعة سيدني بأستراليا ويدعون لانتفاضة شعبي




.. هيومن رايتس ووتش تدين تصاعد القمع ضد السوريين في لبنان


.. طلاب في جامعة كاليفورنيا يتظاهرون دعمًا للفلسطينيين.. شاهد م




.. بعد تطويق قوات الدعم السريع لها.. الأمم المتحدة تحذر من أي ه