الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عراق نوري السعيد - ج 7

وليد يوسف عطو

2016 / 9 / 6
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



استكمالا لمقالنا السابق والمنشور على الرابط التالي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=530068
نكمل تلخيصنا لمذكرات سفير الولايات المتحدة في العراق فالديمار غالمان والمنشورة في كتاب (عراق نوري السعيد:انطباعاتي عن نوري السعيد بين سنة 1954 – 1958 ) –دراسة وتقديم و تحقيق :المؤرخ العراقي البروفيسور سيار الجميل – ط 1 – 1965 –
ط 1 المحققة – 2015 – الناشر : دار ميزوبوتاميا – العراق – بغداد – شارع المتنبي .

مشكلة ملكية الاراضي الزراعية

كان نوري السعيد على علاقة وثيقة بالشيوخ من ملاكي الاراضي الزراعية .يتحدث عن هذه العلاقة السفير الامريكي :
(هذه العلاقة مع انها مفيدة لرصيد نوري السياسي .. الا انها لم تكن دائما حسنة لمصلحة البلد . فان الشيوخ كزعماء للعشائركانوا يدعون امتلاك مساحات واسعة من الارض ويسيطرون عليها فعلا . والى ان يقضي على هذه السيطرة الاستقلالية الفردية , كان اصلاح الاراضي بصورة عامة متعذرا ).

( بهذا وقع نوري ضحية افتراضات سطحية. فقد فشل في الواقع في التفريق بين قانون الارث النافذ في شمال العراق وما يقابله في الجنوب . ففي الشمال حيث كان القانون العثماني القديم مطبقا,يتقاسم الورثة المقاطعة على السوء , فينتج عن ذلك تجزاتها .. اما في الجنوب فالعلاقات العشائرية المحلية جعلت الابن الاكبر يرث كل شيء . فتبقى المقاطعات كما هي ).

بموجب القانون العثماني كانت الدولة تعتبر مالكة للاراضي الزراعية التي تشغلها العشائر . وكان استثمار الارض يتم بصورة جماعية عدا قطع صغيرة للزراعة الفردية . يقول السفير الامريكي :
( من الاسباب المهمة التي ساهمت في تحطيم هذا النظام العشائري الذي وضع السلطة المطلقة والشهرة بيد الشيوخ , وهو ازدياد العمل بالزراعة بدلا من الرعي . فنتج عن ذلك بطبيعة الحال التحول من البداوة الى الاستيطان الدائم .ثم تطورت الزراعة بدورها وصارت خاضعة لعدة عوامل منها تعدد الاسواق وتحسن المواصلات والتقدم الفني .. ساعدت عليه تسجيل الارض ( او الطابو كما تسجل في العراق ) على تحويل دور الشيوخ من مجرد ناطقين باسم العشيرة الى ملاكين لارضها .. وسندات الطابو لم تقر في الحقيقة الملكية الحقيقية للارض .

نشات خصومات عنيفة بين الشيوخ ورجال العشيرة ).وعند وصول البريطانيين الى العراق كانت الخلافات قد تعمقت كثيرا .. قام الضباط البريطانيون بتطبيق سياسة الاعتراف بشيخ واحد لكل عشيرة مع تاييد ملكيته للارض . فازدادت بهذا القرار قوة الشيوخ وسطوتهم . وقامت الحكومة بمنحهم عضوية مجلس الامة , وبذلك صار الشيوخ كتلةجبارة همهم الاكبر حماية مصالحهم .

واذا لم تكسر سطوتهم فسيبقى العمال الزراعيين في عبودية القرون الوسطى .كان في الاستطاعة تخفيف المشكلة . فقد تم البدء بتحويل مساحات كبيرة من الاراضي الاميرية العائدة الى الدولة الى حصص صغيرة وتوزيعها على الفلاحين الذين لايمتلكون ارضا زراعية .

وتحمس نوري لدعم هذا المنهاج . وتم تطبيق هذا القرار في منطقة اللطيفية قرب بغداد .هذه التربة ملائمة لزراعة الخضراوات والفواكه . وهنالك سوق ثابتة لهذه المنتوجات في بغداد . الامر الذي يعطي الملاكين الجدد املا في حياة افضل .كان نوري يعتقد اعتقادا مخلصا انه بمرور الوقت ستنقسم الملكيات الكبيرة بالارث .وستتبعها الاصلاحات الاساسية بطبيعة الحال .ولكنه كان سياسيا ماهرا . فلم يترك الامر على سجيته , لاسيما وان خطاب العرش قد وعد بالاصلاح الزراعي .

لذلك فقد عمل بسرعة . ففي يوم 16 تشرين الثاني – نوفمبر 1954 , اي بعد مرور ثلاثة اشهر على توليه الحكم , اصدر قانونا للارض بدل القانون الذي كان قد صدر في 1954والذي ثبت وجود نواقص كثيرة فيه . ونفذ نوري قانونه فورا بصورة ادارية , حين كان القانون مايزال ينتظر مصادقة مجلس الامة .كانت الغاية من القانون تحسين احوال المعيشة في الارياف والحد في الوقت نفسه من تدفق الناس المستمر المستمر من الريف الى المدن .

وكان هذا التدفق مفزعا في جنوب العراق بصورة خاصة ,حيث هاجر من منطقة العمارة وحدها خمسون الف شخص الى المدن في السنوات العشر الاخيرة .واراد القانون زيادة مساحة الارض الاميرية الصرفة , على ان يسكنها الفلاحون كملاكين صغار , كما اراد تقليل الملكيات الكبيرة .

واتضح في حينه ان القانون يحتاج الى مزيد من التعزيز . لذلك الغي وحل محله القانون رقم 66 الذي نشر يوم 6 حزيران – يونيو 1955 , وهو يحدد الشروط التي تمنح بموجبها الارض الى الافراد بدرجات من الملكية المؤقتة .ثم قلبها الى ملكية دائمة . وقد وفر هذا القانون للحكومة الصلاحية التي كانت الحاجة ملحة لها لاستعادة اراضي اراضي الدولة قرب المدن . وكانت قد اشغلت بالملكية الطويلة الامد , وصارت الحكومة بحاجة اليها لمشاريع بناء البيوت والمستشفيات والمدارس .

وهكذا نجح نوري نجاحا سريعا بتحقيق اهداف حكومته في الاصلاح الزراعي على الورق . اما التنفيذ فكان يتطلب الوقت والعمل المستمر والحماسة . الا ان وقت نوري انتهى قبل ان يحقق الكثير.كما كان حائرا بين الحاجة الى الاصلاح الزراعي وشعوره بالولاء الى الشيوخ . وقد يكون هذا اهم عامل في بطء العمل .

نتيجة لذلك استمرت حياة البؤس والفاقة عند الالوف من الناس في الارياف والمدن , فولدت جوا من التبرم في الكثير من الحالات .
( ففي اوخر 1957زارنا موظف محلي من لواء الكوت قبل ان يسافر من العراق الى الولايات المتحدة . وتكلم بجدية عن الاحوال في تلك المنطقة . وكان ذلك في بلدة الحي من لواء الكوت . ففي اثناء ازمة السويس قامت مظاهرة عنيفة حركها الشيوعيون وادت الى مقتل عدد من رجال الشرطة ..

بالرغم من الاجراءات الرادعة القوية ضد الشيوعية . بعد هذا العنف لم ينقطع النشاط الشيوعي واستمر توزيع المنشورات . وعزا الموظف بقاء الحزب الشيوعي فعالا وسالما الى الاستياء الشعبي السائد في كل مكان .

وقدر عدد الافراد الذين لايملكون شيئا من وسائل العيش في منطقة الحي باثني عشر الى خمسة عشر الفا وكلهم قد طردوا من اراضيهم . اما بسبب عدد تزايد السكان , واما بسبب تسلط الاقطاعيين . وكان يلقي مسؤولية سؤ الحال على الشيخين الحاكمين وهما اخوان , احدهما عضو في مجلس النواب وهما يسيطران علىى الاراضي المجاورة للحي , ويقسوان باساليبهما المستهترة في معاملة القاطنين في ارضهم ويحصلان على نصف الغلة على الاقل التي تنتجها الارض .

فتدر دخلا سنويا مقداره نصف مليون دينار لكل منهما وهما حجر عثرة في طريق موظفين الحكومة ويتدخلان حتى في ملكية الحكومة للارض الواقعة تحت سيطرتهما .
يتبع ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية