الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستنارة الدينية والتفكير العلمي

اسحاق الشيخ يعقوب

2003 / 2 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني




 
ينقل الدكتور رفعت السعيد .. عن وزير الاوقاف الدكتور حمدي زقزوق في افتتاحية كتبها.. فيما جمع في كتاب عن الندوة التي اقامتها )الهيئة القبطية الانجيلية( تحت عنوان )الاستنارة الدينية والتفكير العلمي( قائلا: )الاستنارة الدينية من الموضوعات التي تمس حياتنا ولها تأثير قوي في المجتمع.. واذ تتضح المفاهيم حولها أمن المجتمع ان يسير بخطي سريعة وراسخة حتي يستطيع ان يساهم في تقدم هذا الوطن الذي نحن شركاء فيه مسلمين ومسيحيين علي السواء.. ولا نفرق بين احد ما دام الجميع يؤدون ما عليهم من واجبات(. واحسب ان الاستنارة تعني الانفتاح علي الآخرين والاستنارة بآرائهم وافكارهم.. ولا يمكن ان تستقيم الاستنارة الا في حالتها الجدلية في ان تستنير وتنير.. ولا يمكن اخذ واقع جدليتها الا في ثنائه بين طرفين او جماعتين.. وفي حوار متجدد وعلي اساس ديمقراطي يحتمل صواب وخطأ رأي الطرفين.. من حيث ان كل طرف يحمل خطأ وصواب وجهة نظر استنارته وتنويره!! والاستنارة هي النقيض الأكثر جذرية للتعصب والتعصب الاعمي.. انها تشتق من العلم والمعرفة خلاف التعصب الذي يشتق من الجهل. ان الاستنارة بطبيعتها العلمية والعقلانية تركن للعلم والمعرفة.. كما ان التعصب بطبيعة ذهنيته المتعصبة يركن الي الجهل.. الذهنية المتعصبة تخشي ثنائية الحوار وتستقيم في حوارية قنواتها الذاتية المغلقة وعلي عصاب عصبيتها المظلمة.. ولا يمكن ان تدرك الحق من الباطل وتميز الخبيث من الطيب.. وهي تعيش في غيبوبة ميتافيزيقية تري فيما تعتقده صوابا مطلقا وخلافه باطلا مطلقا!! المطلق يستحكم في العقلية المتعصبة.. خلاف الاستنارة التي تستحكم العلم والمعرفة وتجزئ المطلق الي نسب خاضعة في نسبيتها الي نسب حركة التاريخ. يقول فضيلة الامام الاكبر الدكتور طنطاوي في الندوة المذكورة : )ان الحوار البناء بين الناس هو الذي يؤدي الي معرفة الحق.. والاستنارة الدينية هي هبة من الله يهبها لمن يشاء من عباده فالاديان السماوية جميعها انزلها الله عز وجل علي رسله لسعادة البشر.. والاستنارة الدينية تتأكد بفهم الشرائع السماوية فهما سليما فعندما نفهم الاحكام الشرعية واصول الدين وآدابه التي جاء بها فهما صحيحا تأتي الاستنارة والتفكير العلمي امرين متلازمين لا ينفصل احدهما عن الآخر.. فلن تكون هناك استنارة دينية وسط مجتمع جاهل او في وجود تعصب اعمي(. الاستنارة ترتبط بالعقل بشكل اساسي والعقل هو محور الانسان الدال علي خيره وشره وما ينفعه وما يضره.. وهذا العقل هو فقه الاستنارة في شئون الدين والدنيا.. والعقل المستنير ينزع الي تحديث المجتمع وتنويره وتطوير آلياته.. وتكريس الحرية والديمقراطية.. كحق اساسي للمواطنين علي مختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والسياسية والفكرية.. ولما كانت قدسية الاديان استغلت استغلالا سياسيا بشعا من كهنة فقه الظلام.. والمناوئين للاستنارة التي تتعارض بطبيعتها وتوجهها ومصداقيتها مع فرق الجهل والتعصب في اشكالية معقدة معهم سواء من هم داخل دوائر صنع القرار السياسي او خارجه من الذين يسعون الي تسييس الدين للسيطرة علي القرار السياسي وتشكيل دولتهم الثيوقراطية. ان التفكير العلمي يستنبط ثنائية الاستنارة والتنوير في جدل يحقق طموحات المواطنين في اكتشاف الحقائق وآليات الدالة علي بلوغ المجتمع ابعاد طموحاته وصياغة تطلعاته المادية والمعنوية في التسامح والتكافل والتراحم بين المذاهب والطوائف والاديان وتكريس حقوق الانسان في العدل والمساواة.. وتكمن مقتضيات ذلك في ابعاد الدين عن السياسة فالسياسة تعيق سماحة الاديان وتدلس مفاهيمها وتدنس قدسيتها وتشوه علاقتها الروحية بين الفرد وخالقه.. وتضعف التوجه العبادي والروحي في المؤسسات الدينية. )ويري الاستاذ احمد عثمان في (اخبار الادب19 يناير 2003 (بان اهتمام رجال الدين بالسياسة هو السبب الرئيسي في عجز الازهر عن اداء رسالته الدينية وانتعاش حركات الاسلام السياسي. ان متطلبات المجتمع المدني يقتضي الوقوف ضد مفاهيم الجماعات المتأسلمة والحيلولة دون تحويل العقيدة الدينية الي ايديولوجية سياسية. ويقول: احمد عثمان کيان جوهر الخلاف يرجع الي اعتبار الاسلام بمثابته مذهبا سياسيا وليس عقيدة دينية.. والاسلام دين فقط وليس دولة والاسلام ليس فكرا سياسيا وانما عقيدة ودين.. اذ لم يقم رسولنا محمد (ص) دولة وانما امة اما الدولة الاسلامية بما يصاحبها من قوانين شرعية فلم تظهر الا بعد وفاة الرسول في عهد الخلفاء.. ولقد ظهرت جماعات الاسلام السياسي نتيجة للفراغ الذي احدثه سقوط الخلافة العثمانية.. لتدعو الي تكوين دولة اسلامية واحدة تحل محل العثمانيين.. وكانت جماعات الاخوان المسلمين التي كونها حسن البنا في القاهرة سنة 1929 اولي جماعات الاسلام السياسي التي ظهرت بعد ثورة كمال اتاتورك التي اطاحت بالعثمانيين في تركيا في نهاية الحرب العالمية الاولي عام 1919 ثم انتشرت جماعة الاخوان المسلمين في بلدان العالم الاسلامي). ان تسييس الدين الذي تشكل علي يد جماعة الاخوان المسلمين ظهر في ظروف سياسية انجليزية ملتبسة.. وشكل منعطفا ديماغوغيا في الشارع العربي والاسلامي.. مما اعاق واقع الاستنارة الدينية والتفكير العلمي.. وحقق الجماهير بزيف الوعي الديني.. واربك مفاهيمهم التحررية واستبد بتفعيل الدين في السياسة وتفعيل السياسة في الدين حتي اختلطت علي العامة منابر حابل المساجد بنابل منابر السياسة.. وترهب الدين برهاب السياسة.. واصبح الارهاب صفة تلاحق الاسلام والمسلمين لدي القاصي والداني في بقاع ارض الله الواسعة واحسب ان مخرج النفق الذي منفقتنا فيه جماعة الاخوان المسلمين منذ عام 1929 لا يمكن الخروج منه وتطهير نفوسنا وعقولنا ومناهجنا الدراسية وثقافتنا الا بابعاد ديننا الحنيف المتسامح المتراحم عن اظافر وانياب غدر ونهش السياسة.. والتوجه الي تكريس الاستنارة والتفكير العلمي في ديننا الاسلامي الحنيف.. وهو ما يؤكده الدكتور محمود حمدي زقزوق قائلا: (ان غذاء العقل هو المعرفة.. وغذاء الروح هو الدين.. واذا كان الجسم لا يستغني عن الغذاء.. فان الانسان لا يستغني عن العقل والمعارف والعلوم.. كما لا يستغني عن الدين والسمو الروحي والقيم والمثاليات ومصطلح الاستنارة يعني ضرورة أعمال العقل والتمسك به والرجوع إليه وتمكينه من اداء دوره كاملا في الحياة.. فاذا وصفنا الاستنارة بأنها دينية فمعني ذلك ان نعمل العقل في فهمنا للدين وان نقرأ الدين في ضوء مقررات العقل.. ولا يمكن ان يكون هناك تناقص بين الدين والعقل في الاسلام.. وقد اكد الشيخ محمد عبده ذلك مقررا! ان العقل يجب ان يحكم كما يحكم الدين فالدين عرف بالعقل ولابد من اجتهاد يعتمد علي الدين والعقل معا حتي نستطيع ان نواجه المسائل الجديدة في المدنية.. ويؤكد الدكتور زقزوق ومن هذا المنطلق يقرر انه اذا دل نظر العقل ودليله علي بطلان ظاهر النص الديني وجب تأويل النص بما يتفق مع العقل.. ورأي ابن رشد في هذا الصدد لا يخرج عن هذا الاطار). واحسب ان الشرائع الدينية بمقاصدها الخيرة اتت لمصلحة الانسان.. والانسان يعمل عقله في الحياة.. لاستخراج خيره وتطوير سعادته.. فيما يراه وعبر آليات تصوراته المادية والمعنوية.. وما الدين الا حالة شخصية حرة للانسان يرتبط بعلاقة حرة خاصة بين الخالق والمخلوق.. وهذه العلاقة لا يمكن ان تأخذ جلال نزاهتها الروحية والانسانية.. الا في فضاء الحرية.. لا عبر (كرباج) الخوف والقلق والوعيد والارهاب.. فلا اكراه في الدين.. فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر: وهذه الحيثية الأثيرة.. تستقيم مع فصل الدين او ابعاده عن الدولة والسياسة..

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا