الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضرورة التنوع

جهاد علاونه

2016 / 9 / 8
المجتمع المدني


ضرورة التنوع:
جميع الحروب في العالم كله أهلية لأننا كلنا إخوة, وكما قيل قديما وحديثا: اللهم اكفني شر أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيل بهم(علي بن أبي طالب), نحن أو أنا حين أخرج من منزلي لا أخافُ من أن يتلقفني الذئب ولا أخاف من أن تعصرني أفعى عاصرة أو أن يقتلني أسدٌ جائع أو هائمٌ على وجهه, بل أنا حين أخرج من منزلي أخاف أولا وأخيرا من بني جنسي, أخاف من أخي وأختي وعمي وابن عمي وابن خالي, أخاف من جاري ومن الذي يدعي أنه صديقي, ولكن لماذا؟ أقول لكم الحق والحق يحرركم, لأننا لم نؤمن بعد بضرورة التعايش الديني بين أصحاب المذاهب والأفكار والعادات والتقاليد المختلفة, لأننا أممٌ لا تؤمن بضرورة أن يكون المجتمع الذي نعيش فيه مجتمعٌ متنوع من عدة أفكار ومذاهب, وعلى مبدأ السوق الذي نتناول منه حاجياتنا اليومية , فنحن حين ننزل إلى السوق نرى بضائع مختلفة وأنواعا من الطعام مختلفة ونؤمن بأن دمنا محتاج لأنواع متعددة من الأطعمة وإن بقينا على نوع واحد من الطعام نأكله فإننا حتما سنموت في أقل من أربعين يوم, ندرك هذه الحقيقة..ندرك أن المعدة والدم تحتاج لأنواع مختلفة من الأطعمة وإلا سوف نهلك, وندرك أيضا أننا محتاجون لأنواع مختلفة من الزهور والعطور والملابس والمناظر الطبيعية, نؤمن بأن نظامنا البيئي نظام متعدد ومتنوع وعلى هذا الأساس نزين حدائق منزلنا بأنواع مختلفة من الزهور والورود والأشجار, وهكذا هي الحياة الفكرية يجب أن تكون حياة متنوعة ويجب أن نحافظ على مجتمعنا من زوال التنوع, يجب أن نشاهد كافة الأفكار والعقائد المختلفة التي تُزين عقولنا تماما كما تزين الزهور والعطور والروائح الجميلة ساحات منازلنا وملابسنا, يجب أن لا نتعصب لدين أو عقيدة, يجب أن نتنكر لأنفسنا وأن نؤمن بضرورة التغيير.

الإنسان المعاصر, والذي من المفترض أنه متسامح مع أعدائه لا يستطيع أن يتسامح مع المختلفين معه في الرأي إن لم يكن أولا وأخيرا ناكرا نفسه ودينه وقوميته وعنصره وأصله وفصله وفوق كل هذه الاحتمالات مؤمن بضرورة التعايش الديني مع المختلفين معه في الرأي, وأنا حين أخرج من بيتي خائفا من أخي وأختي وجاري وصديقي أخاف فعلا لأنني في وسط مجتمع يكيدون فيه للمختلفين معهم في الرأي, ونكران الذات والدين لا يعني هنا أن يلحد بدينه وبقوميته وبجنسه وبلونه بل أن نكران الذات معناه محو الأنانية من سجله القومي, أن لا يتعنصر لقبيلته أو لدينه, معناه أن يعطي المختلفين معه في الرأي والفكر والعقيدة, فالدين واحد ولكن عقائد الناس مختلفة عن بعضها البعض وفي هذه المعمورة الكونية التي نعيش فيها مئات بل آلاف العقائد والأفكار المنتشرة وكل مجموعة من الناس لها عقائد وأفكار مختلفة عن بعضها والمجتمع المدني الحديث قائمٌ أساسا على مبدأ الإيمان بالتعدديات الفكرية والسياسية ولا يمكن بل ومن المستحيل أن نجمع الناس كلها على عقيدة واحدة, وبالتالي يجب أن ننكر أنفسنا وأن نؤمن بضرورة التعايش الديني والمذهبي مع الآخرين, يجب أن نتقبل الآخرين على مبدأ المساواة بين الناس جميعا في الحقوق والواجبات أمام القانون المدني والقانون الإلهي, يجب أن نتجاوز النعرات الدينية والمذهبية وإذا بقينا مصرين على غزو الآخر وسبي نسائه وماله وأملاكه فهذا معناه أن المآسي سوف تتكرر, لأن السلاح الآن بيد السُنة الداعشية وغدا سيكون بيد الشيعة وبعده سيكون بيد اليزيديين والرافضيين والنواصب مرة أخرى, يجب أن ينكر المسلم نفسه ويؤثر مصلحة أخيه المسيحي على نفسه ويجب أن ينكر المسلم نفسه ويؤثر مصلحة أخيه اليهودي على نفسه, كلنا من آدم وآدم من تراب وتعلمنا ونحن صغار بأن كل الناس مخلوقة من آدم وحواء وحين كبرنا ما زلنا نتعلم نفس النظرية في الجامعات وفي المجالس والسهرات العائلية, وبالتالي لا يوجد مبرر للتناحر على الأرض بين المسلم واليهودي ولا يجوز التناحر بين أصحاب المذاهب والمعتقدات, يجب أن نتعلم كيف نحافظ على ممتلكات غيرنا الدينية والعقائدية والفكرية كما نحافظ على ممتلكاتنا الشخصية, يجب أن نقف في الصيف ظلا للمسيحيين لكي يصلوا في ضلنا, يجب أن نحافظ على كرامة اليهود وحقهم بأن يكون لهم وطن يعيشون فيه بأمن وسلام بجوار المسلمين والمسيحيين, العالم كان قبل 4 سنوات أو أقل محتاج فقط ل 167 مليار دولار لحل مشاكل الفقر في العالم, وبدل أن يبذل العالم كله هذا المبلغ البسيط تقريبا راح وصرف ترليون دولار أمريكي على التسليح وعلى الحروب وكلها على مبدأ العنصرية والقومية والاختلافات المذهبية, ذبح المسلمون المسلمين وذبحوا غيرهم وغيرهم من المختلفين معهم في الرؤيا وكان تُجار السلاح هم المستفيدون الوحيدون, هؤلاء التجار باعوا جميع المتخاصمين أسلحة فتاكة من نفس المصنع, اشترى المسلمون على اختلاف مذاهبهم أسلحة من نفس التاجر ومن نفس المصنع وتراكمت الثروات بيد طغمة مالية جشعة..تراكمت الأموال بيد أخس الناس وأنذلهم الذين لا يندى جبينهم لقطرة دم واحدة أو لصراخ طفل صغير, وكل هذا لأننا لم نتعلم بعد على سياسة التعايش الديني وضرورة الإيمان باختلاف الأخلاق من شخص لشخص ومن مجتمع لمجتمع, يجب أن نتقبل الآخرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تنوع الخليقة
سناء ( 2016 / 9 / 10 - 21:56 )
شكرا على المقال الرائع
كون الله الذي يدعون معرفته مثال نابض حي بالتنوع والتعدد : فصائل متعددة من النباتات والحيوانات....الخ حتى الانسان تختلف سماته وملامحه ....سيمفونية الخليقة البديعة متعددة الآلات الموسيقية تشهد عن روعة التنوع وجمال الاختلاف... ولكن يبدو ان الإنسان لم تغيره المدنية والتطور ويظن ان بقضاءه على الآخر سيضمن لنفسه البقاء , قايين لازال يقتل هابيل المختلف عنه ويظل يتنصل من جريمته ويبررها بالتعصب المقيت لفكر أو عقيدة وينسى أن عمره على الأرض قصير و هو مخلوق للحياة وليس للموت....تحياتي

اخر الافلام

.. تغطية خاصة | تعرّض مروحية رئيسي لهبوط صعب في أذربيجان الشرقي


.. إحباط محاولة انقلاب في الكونغو.. مقتل واعتقال عدد من المدبري




.. شاهد: -نعيش في ذل وتعب-.. معاناة دائمة للفلسطينيين النازحين


.. عمليات البحث والإغاثة ما زالت مستمرة في منطقة وقوع الحادثة ل




.. وزير الخارجية الأردني: نطالب بتحقيق دولي في جرائم الحرب في غ