الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحج إلى (إله الشمس) في عرفة

محمد بن زكري

2016 / 9 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من مدلولات كلمة (عُرف) في اللغة العربية ، هو ما تعارف عليه الناس من تقاليد ، و هو اسم مشتق من الاعتراف ، و هو العرفان كأعلى مراتب القرب من الله ، و هو المكان المرتفع من الأرض ، و هو الموضع الأعلى من الجبل . و يلاحظ أن لكل تلك المدلولات علاقة بـ (عرفة أو عرفات) .
و الوقوف بـ (عرفة) هو الركن الأعظم من مناسك الحج في الإسلام ، حتى إن النبي محمد قال : " الحج عرفة " . و من فاته الوقوف بجبل عرفات قبل شروق الشمس يوم العاشر من ذي الحجة .. فإنه لا حج له .
يقول محمود سليم الحوت في كتابه (الميثولوجيا عند العرب) ، و أقتبس : " لا ندري شيئا عن الإله عرفات ، و لربما كان هو نفسه إله المزدلفة (قُزح) ، إله البرق و العواصف و الرعد و الغيث ، الذي عبده الأدوميون من قبل ، و لم يبق من ظواهر عبادته بين الجاهليين إلا إشعال نيرانه بمزدلفة " . انتهى الاقتباس .
ويقول العلامة الدكتور جواد علي في كتابه الموسوعي الضخم (المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) ، و أقتبس : " و من مناسك حج أهل الجاهلية الوقوف بـ (عرفة) ، ويكون ذلك في التاسع من ذي الحجة ، و يسمى يوم (عرفة) ....... و عرفة أو عرفات لابد أن يكون من المواضع التي كان يقدسها أهل الجاهلية ، و أن يكون له ارتباط بصنم من الأصنام ..... و قد يكون لموقف الجاهليين في عرفة علاقة بعبادة الشمس " انتهى الاقتباس .
و ما يشير إليه جواد علي ، يؤيده قول محمود الحوت ، في كتابه (الميثولوجيا عند العرب) ، و اقتبس : " و فيه - أي في جبل عرفة - يقضون ليلتهم متعبدين ، بينما تكون نيران (قُزح) ملتهبة هناك ، منتظرين شروق {الإلهة} ، حيث كانوا لا يفيضون من جمع - عرفة - حتى شروق {الشمس} على ثبير " . انتهى الاقتباس
وفي أداء طقوس الحج ، كان العرب يرددون نصوصا متعددة من التلبية ، حيث كان لكل قبيلة تلبيتها الخاصة (فمثلا كانت تلبية قريش : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ، إلا شريك هو لك ، تملكه وما ملك ، أبو بنات في فَدَك . و كانت تلبية كِندة : لبيك ما أرسى ثبير وحده ، وما أقام البحر فوق جِده ، وما سقى صوب الغمام زبده ، إن التي تدعوك حقا كنده . وتلبية كنانة: لبيك اللهم لبيك يوم التعريف ، يوم الدعاء والوقوف...) . و قد أورد ابن كثير في سياق تفسيره للآية 53 من سورة الأنفال " و ما كان صلاتهم عند البيت إلا مُكاء و تصدية " ، أن أحد أسجاع كهنة الأعراب ، التي كانوا يرددونها أيام الحج ، على سبيل التلبية : " لاهمَّ .. لاهمَّ ، لبيكَ يا ولي النِعَمْ ، إن كانَ خيراً فهوَ مِنْكَ و لَك ، تَملكُنا و لا نملك ، فلا قَضَض ، ولا رَمَد . تقبَّل ورَبَّة الأثر " . و مصطلح " ربة الأثر " في آخر نص التلبية هذا ، ليس غير اسم من أسماء إلهة الشمس عند العرب .
و تُجمع الروايات أن الحجاج كانوا يقولون و هم على جبل عرفة : " أشرِقْ ثبير .. كيما نغير " . و المقصود بقولهم " أشرِقْ ثبير " أي فلتطلع عليك الشمس يا ثبير ، أو بتعبير آخر ادخل وقت الشروق يا ثبير ، كي نفيض - نندفع - إلى مزدلفة و منها إلى مِنى لنحر الأضحية . و هو ما تعمّد النبي محمد أن يخالفهم فيه ، فأفاض قبل شروق الشمس .و ثبير هو جبل يقع إلى الشرق من مكة ، حيث تطل الشمس من ورائه عند أول شروقها صباح كل يوم .
و تأسيسا على ما تقم ، فإنه لنا بكل الطمأنينة أن نستنتج - بعد كثير من التدقيق - أن جبل (عرفة) ليس بالأصل سوى مَحجّ لإله من آلهة العرب قبل الإسلام ، و أن لذلك الإله المسمى (عرفة أو عرفات) منزلة كبرى عندهم ، و ليس أكبر منزلة من الشمس عند قوم يعبدون الكواكب . تماما كما عُبد إله الشمس عند المصريين - الفراعنة - و غيرهم من شعوب الشرق القديمة .
و ما (اللات) إلا اسم لـ (الإلهة الشمس) . وهو ما ألمح إليه كل من نولدكة و فلهاوزن في حديثهما عن (أليلات) ، التي هي (إله الشمس) كبيرة الآلهة عند الأنباط .
و من المعروف أن ثمة في جبل عرفة (صخرتين) كان النبي محمد يقف عندهما ، و أن الوقوف عندهما لا زال مستحبا إلى اليوم - من استطاع إليهما وصولا - و هو ما يجعلنا نجزم أن صنم (الإلهة الشمس) في عرفة ، الذي كان يحج إليه المؤمنون الجاهليون ، كان قائما عند تلك الصخرتين تحديدا ، و أن جبل عرفة أو عرفات إنما هو مَحَجٌ إله الشمس (اللات) .
و لعلني بهذه العجالة ، أكون قد أضأت على جزئية من شعائر الحج ، كانت معتِمة أو مُعتما عليها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ


.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها




.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال


.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة




.. العراق.. احتفال العائلات المسيحية بعيد القيامة وحنين لعودة ا