الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إللي ما يطولش العنب، يقول عليه حامض...

مالك بارودي

2016 / 9 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إللي ما يطولش العنب، يقول عليه حامض...

في جريدة الصريح التونسية ليوم 11 سبتمبر 2016 (العدد 5222)، وفي الصفحة الثّانية، وجدت خبرًا من المضحكات المبكيات، وما أكثرها في هذا الزّمن الرّديء.
.
يقول الخبر، تحت عنوان "دعوة إلى عدم تقبيل النّساء في العيد": "دعت الناشطة في روابط حماية الثّورة المنحلّة حليمة معالج أهالي مدينة صفاقس إلى ترك ”عادة التقبيل“ في العيد التي توارثها أبناء الجهة جيلا عن جيل وذلك لأن الشيطان يكمن في التفاصيل على حدّ تعبيرها. وقالت حليمة معالج أنها لم تستطع أن تقبل عادة أهالي صفاقس في الأعياد والمتمثلة في بقاء النّساء في المنزل وخروج الرجال لمعايدة النساء وتسمّى هذه العادة التّقبيل. وقالت معالج أن الكثير من الرجال الذين يخرجون للتّقبيل يجدون أنفسهم في خلوة مع المرأة، مضيفة أنها سمعت الكثير من الحكايات، داعية أهالي صفاقس إلى التّخلي عن هذه العادة السّيئة."
.
لم أستغرب كثيرا من هذا الكلام المتخلّف، ذلك أنّي أعرف أنّ أعضاء ما يسمّى روابط حماية الثّورة ليسوا إلّا مجموعة من الهمج والرّعاع ومغسولي العقول، لا فكر لديهم غير ما يستقونه من مصادرهم الإخوانجيّة والسّلفيّة. فهم لا يختلفون عن الإرهابيّين في شيء. ولم أستغرب أيضا من إهتمام صحيفة تونسيّة بأمر كهذا، فمعظم الصّحف التّونسيّة صحف صفراء لا علاقة لها بالإعلام ولا بالفكر، وإن كانت منتشرة ومرتفعة المبيعات.
.
ولأنّي من هواة التّنقيب في قاذورات الدّين الإسلامي والفكر العربي البدوي المتخلّف، قرّرت إستجلاء الأمر وبحثت، فوجدت أنّ ما ورد في الصّحيفة مصدره حساب بإسم حليمة معالج، ورد فيه بتاريخ 09 سبتمبر 2016 ما يلي: "العيد ومعضلة #التّقبيل في صفاقس. بعد حوالي ربع قرن من الزواج بصفاقسي فمة عادة في صفاقس ولا حبّت تدخل لمخي، ولا نجّمت نهضمها ولا نقبلها. في صفاقس في العيد الصغير وإلا الكبير، النساء تقعد في الدّار والرجال تخرج تعيّد بكبارها وصغارها، يمشيو يعيدو على النساء اللي في الديار ويتسمى #تقبيل، فمّة اللي يمشي وحدو، وفمّة اللي يمشي في مجموعة. المفيد #القبّالة هوما عادة الأهل : الاخوة ، والاخوال، والعمومة، والانساب، واولاد العم، واولاد العمة، واولاد الخال واولاد الخالة الخ... ومع اني ضد دخول مجموعة من الرجال على مرا تبدا وحدها، الا انه افضل من دخول راجل بمفرده. في عديد الاحيان الصفاقسي اللي يمشي #يقبّل يلقى روحو في خلوة مع المرا اللي مشي #يقبّل عليها صغيرة والا كبيرة، واترك لكم التفاصيل، والشيطان يكمن في التفاصيل. على العموم انا سمعت برشة حكايات، وياريت الصفاقسية ينحيو هالعادة السيئة، واستغفر الله لي ولكم، وإن بعض الظن إثم... ومن غير غش. Sellami Salma Mezghani".
.
بإختصار، تعليقي على هذا الموضوع يتمثّل في نقطتين. أوّلا، هذا الفكر المتخلّف الذي يرى الشّيطان في كلّ شيء ويقيس كلّ شيء بمقياس الحلال والحرام، من أين تتوقّعون أنّه أتى؟ من الإسلام، طبعا. فالإسلام أحسن إيديولوجيا لقمع حريات الإنسان بداية من أبسطها. ويكفي أن تبحث على الأنترنات عن "فتوى تحريم التقبيل" حتّى تجد سيلا من الصّفحات التي تتحدّث عن هذا الأمر، مع أدلّتها الشّرعيّة التّافهة من القرآن والسّنّة والسّيرة وأقوال الفقهاء والأئمّة وغيرهم من محترفي النّهيق. وكما هو الحال في كلّ المواضيع، يتمّ ربط التّقبيل بالزّنى والفسق والفجور، أي بالجنس... فالجنس هو كلّ ما يدور في دماغ المسلم المتكلّس. وإلّا فما المانع أن يقبّل رجلٌ ما إمرأة؟ ما المانع أن يتعانقا، إذا أرادا ذلك، رغم عدم وجود رابط زوجي بينهما؟ بطبيعة الحال، لا تعني أعياد المسلمين لي شيئا، ولا تهمّني أصلًا، ولكن ما المانع من أن تكون سببا في تدعيم أسس التّعايش في المجتمع والرّوابط بين أفراده؟ وما دخل الشّيطان الخرافي في الأمر؟ لماذا الخوف من هذا الكائن الخرافي الذي لم يتمّ إثبات وجوده رغم التّطوّر الفكري والعلمي والتكنولوجي (مثلما لم يتمّ إثبات وجود الله الخرافي)؟ ثمّ أليست هذه حرّية شخصيّة؟ من أرادا تقبيل بعضهما فليفعلا. ومن أرادا ممارسة الجنس مع بعضهما البعض، سواء كان الأمر نابعًا من حبٍّ عميق أو من شهوة عابرة، فليفعلا. هم أحرار، يفعلون ما يريدون، ومسؤولون عن أفعالهم، ولا سلطة للدّين عليهما ولا قيمة لنهيق مدّعي الأخلاق. لكنّ الغريب في الأمر، كما قلتُ، أنّ الإسلام كلّه مبنيّ على الجنس: قرآن يتحدّث في جزء كبير منه عن الجنس، رسول مزواج حيوانيّ كلّما رأى إمرأة إشتهاها، أحاديث بالآلاف عن النّكاح والحيض والمتعة ومعظمها منقولة عن "أمّ المؤمنين" عائشة، كتب فقه موغلة في تفاصيل التّفاصيل حين يتعلّق الأمر بالنّساء والنّكاح... فإذا كان "الشّيطان يكمن في التّفاصيل"، كما نقرأ أعلاه، فإنّ أحسن بيتٍ يمكن أن يسكُنه لا يمكن أن يكون إلّا كُتُب المسلمين، بداية من القرآن.
.
ثانيا، بمجرّد البحث عن صور حليمة المعالج على الأنترنات، وجدتُ نفسي أمام "شيء" يستعصي على الوصف والتّصنيف... شيء ليس كمثله شيء، تماما مثل الله الإسلامي الخرافي... بمعنى أنّ صُور هذا الكائن الذي من المفترض أن يكون إمرأة لا توحي بشيء. فمجرّد القول بأنّها "إمرأة" يمكن أن يُعدّ إعتداء على جنس النّساء بأكمله وعلى الصّورة الجميلة التي تُوحي بها هذه الكلمة حين نقرأها في قصيدة أو رواية. فهل هناك أصلاً رجلٌ عاقلٌ يمكن أن يسعى لتقبيل هذا "الشيء" المسمّى "حليمة المعالج"؟ ولنفترض أنّ هناك من يريد تقبيلها، ما الشّيء الجميل والفاتن الذي تمتلكه والذي يمكنه أن يجعل من قُبلةٍ بابًا يدخُلُ منه الشّيطانُ الخرافي فتحدُث الفتنة وينحرف القطار عن مساره ويحدث المكروه؟ لا شيء. فأغلب الظّنّ أنّ تقبيل هذا "الشّيء" لن يكون أكثر إثارة للشهوة الجنسيّة من تقبيل الشّيخ الأعور آل الشّيخ، مفتي المملكة العربيّة السّعوديّة. ثمّ، الشّيطانُ نفسه، إذا إفترضنا أنّه موجود، لا يمكن أن يسمح لنفسه حتّى بالإقتراب من هذا "الشّيء"، فضلاً عن أن يوسوس في "صدور" الآخرين ويحرّضهم على ممارسة الجنس معها... فهل كلامها عن "مفاسد" التّقبيل نابعٌ عن خوفها على النّساء الأخريات أم عن حسدٍ متأصّل فيها وعُقدٍ نفسيّة متغلغلة بسبب تأكّدها من أنّه لا مجال لأن يشتهيها أحدٌ كما يشتهي النّساء الأخريات...؟ وبالتّالي فكلامها نابعٌ من منطق بسيط يمكن تلخيصه في عبارة "عليّ وعلى أعدائي"...؟
.
ولا يسعني في نهاية الأمر إلّا أن أقول: لن تُفلح أمّةٌ كتابها القرآن وكلّ همومها الجنس والشّيطان... وبالعقل التّوفيق...
.
-----------------
الهوامش:
1.. رابط المنشور على حساب "حليمة معالج" على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/maalej.halima.9/posts/888391614594573
2.. للإطلاع على بقية مقالات الكاتب على مدوّناته:
http://utopia-666.over-blog.com
http://ahewar1.blogspot.com
http://ahewar2.blogspot.com
http://ahewar5.blogspot.com
3.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
https://archive.org/details/Islamic_myths
4.. صفحة "مالك بارودي" على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/malekbaroudix















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا يجوز التقبيل
شيخ صفوك ( 2016 / 9 / 13 - 22:00 )
بسبب السيد الخناس الوناس الذي يرقص في بلوعة العاجوج و الماجوج هؤلاء كلهم واقفون خلف المرأة .. اذا اقترب عليها الرجل يهجمون علي راْسه او الصندوق الذي فوق كتفه و يسوسون فيه حتي يهجم و يهجم علي المرأة
الامر معقد يا أستاذ مالك و ليس بالسهولة التي تعتقدها


2 - الان الكل يطووووووووووووول العنب
عبد الله اغونان ( 2016 / 9 / 15 - 00:48 )

هذا المثل لم يعد مناسبا فالعنب على قفا من يشيل

هذا من حيث التعبير وضرب المثل

أما في الموضوع

فالتقبيل والممارسة الجنسية متوفرة جدا في الحرام وأنت تعرف جيدا توفر البضاعة وفي أماكن

معترف بها في هذا البلد

ومن أراد الحلال وقصده فهناك أهله

الأنوثة ليست مجرد شكل انها قيم والا فان كاتبات مشهورات ممن تعتبرهن شكلهن مخيف

مخيف جدا

اخر الافلام

.. 170-Al-Baqarah


.. 171-Al-Baqarah




.. 172-Al-Baqarah


.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات




.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع