الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من حقنا أن ندافع عن السليمانية

ئارام باله ته ي

2016 / 9 / 14
القضية الكردية


من حقنا أن ندافع عن السليمانية
تعتبر السليمانية من المدن الكوردستانية الرائدة في أصالتها القومية، إذ كانت مركزاً يشع منه الثقافة الكوردية، ومنها أنطلقت الحركات التحررية القومية، وكانت مدينة الدولة الكوردستانية الحلم التي أسسها الشيخ الملهم (محمود الحفيد) .. نحن لسنا هنا بصدد ذكر مآثر المدينة (السليمانية) ، فهذا المكان لايسع لذلك، ولسنا بصدد أرخنة الأحداث التي شهدتها المدينة طوال تاريخها الحافل بالكوردايتي، إذ لطالما كانت تمثل الهوية الكوردستانية في جانبها المضيء، ولكننا نود التطرق إلى الواقع الإجتماعي الذي يسود اليوم في السليمانية، وما لذلك من تأثير على الواقع الكوردستاني برمته .
تشهد السليمانية منذ سنوات ظاهرة إجتماعية بالغة الخطورة يسميها علماء الإجتماع بـ "الباثولوجيا الإجتماعية" ، وهي الحالة التي تؤثر سلباً على جسم المجتمع كما يؤثر المرض على جسم الإنسان، فيفقده الهدوء والإستقرار . إن هذه الوضعية الإجتماعية متولدة من إحتكار ثلة قليلة من (السيامثقفين) للشأن الإجتماعي- السياسي، حتى بات يعتقد أنهم يملكون الحقيقة المطلقة دون غيرهم، وكل ما يصدر خارج هذا الإطار رجس من عمل الشيطان . إن الإشكالية تكمن في كون هؤلاء يحرضون على خلق ثقافة فرعية ثانوية خاصة بالسليمانية تبعدها ولاتميزها فحسب عن بقية المناطق الكوردستانية، حتى بات هذا الأمر مصدراً لسلخ المدينة عن محيطها الكوردستاني وسبباً في تمزيق النسيج الإجتماعي وتهديداً للخارطة السياسية لكوردستان . لقد نجح هؤلاء السيامثقفون في دق أسفين بين السليمانية وبقية المدن الكوردستانية، حتى بات أهل السليمانية اليوم ينظرون لكل من ليس سليمانياً بنوع من الإحتقار وشيء من الإستخفاف، وكل من لايدور في الإطار الثقافي الذي شكلوه ليس سوى عبد أو متخلف!! .
يذكر غوستاف لوبون (مؤسس علم نفس الجماهير) أن العقل الفردي يمكنه أن يصل لقرارت منطقية، ولكنه عندما ينجرف مع تيار العقل الجمعي فإنه يتصرف بصورة سلبية . لذلك فإن الإنصياع الأعمى للعقل الجمعي ليست سوى عملية غسل دماغ مبنية على تجهيل الناس وتغييب الحقائق عنهم . لقد أوهم النظام الكوري الشمالي شعبه أن منتخبهم الوطني فاز بكأس العالم، مع أنه لم يتأهل للمونديال أصلاً، ويحاول هؤلاء الذين يحتكرون فضاء (المفكر فيه) في السليمانية أن يوهموا أهلها بأنهم يحتكرون الثقافة والحقيقة المطلقة، وغيرهم لايفكر ولايمتلك وسائل التفكير أصلاً، مع أن فضاء الآخرين ربما أكثر تنوعاً من الفضاء الذي تشكل عندهم، ومهما يكن فإن كوريا الشمالية لم تفز بكأس العالم سواء علِمَ الشعب بذلك أم لم يَعلم، والسليمانية لاتحتكر الثقافة والحقيقة سواء أستطعنا إقناعهم بذلك أم لم نستطع . ولا تكمن مشكلتنا أصلاً في أية تسمية تطلق على السليمانية، لكن التخوف الذي نبديه أن مثل هذا المنطق الديماغوجي ينتج عنه نوع من الكراهية التي وصلت حد "أن ما يقوله الآخر ليس صحيحاً قبل أن نسمعه" مادام هذا الآخر جاهلاً تابعاً خائناً ، لذلك فإننا نصرُ على أن هذه الشيطنة الممنهجة للآخر، حالة غير صحية ولاتليق بشعب دافع معاً من أجل قضية مقدسة زمن الثورة، ولازال في طريقه نحو الدولة، هذه الدولة التي باتت غير مرغوبة عنها عند العقل الجمعي السليماني إن لم تعلن عنها في السليمانية، بل أن الأحاديث التي دارت حول أقليم السليمانية أكثر من تلك التي تناقش فيها موضوع الدولة بصورة إيجابية . وأن العقل الجمعي الذي تشكَلَ اليوم في السليمانية بني على عدم الرضى والمعارضة على كل شيء، حتى المعارضة على الحكومة التي شكلوها وصوتوا لها، لكن الغريب أن اللوم لايقع عندهم إلا على الأحزاب التي ليس لها نفوذ كبير في السليمانية !! . وهذا ما يجعل من التنافس الحزبي صراعاً مناطقياً لايحمد عقباه، ولايدفع أحد ثمنه سوى الشعب لأن الأحزاب الأخرى أيضاً باتت تقنع جمهورها بأن ما يحاك ضدها لايستند على أي منطق غير الحقد والغيرة، ليتحول الصراع الذي من المفترض أنه سياسي بين حزب وآخر إلى صراع بين الشعب والشعب!! . نحن نتحدث هنا عن الدوغمائية بكل ما تعني الكلمة من معاني، في العلاقة المتكونة بين الأحزاب السياسية ومؤيديها في كوردستان .
لقد حان الوقت أن تعود السليمانية لتعد نفسها جزءاً لايتجزأ من النسيج الكوردستاني، لا أن تتصور أن كوردستان تبدأ في الـ (شار) المدينة وتنتهي في الـ (الشار)، فمثل هذا المنطق لاينتج عنه سوى الشرذمة والتفكك، في الوقت الذي لابد فيه أن تتكاتف كوردستان وتستعد لتجد لها مكاناً يليق بتلك الدماء الزكية التي سالت من أجلها، حيث المنطقة مقبلة على تغيرات جوهرية مهمة، ومن حقنا أن تكون السليمانية مع كوردستان، لذلك فمن حقنا أن ندافع عن السليمانية التي لابد لها أن تتخلص من الفضاء الفكري الذي يشوبه دخان أسود قاتم، وتغمرنا بحنانها وإباءِها لتذكرنا من جديد بأيام مولانا الشيخ الحفيد .

ئارام باله ته ى
أستاذ جامعي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العضوية الكاملة.. آمال فلسطين معقودة على جمعية الأمم المتحدة


.. هيئة التدريس بمخيم جباليا تنظم فعالية للمطالبة بعودة التعليم




.. كلمة أخيرة -ماذا سيحدث في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم ا


.. تونس: ما أسباب توقيف سعدية مصباح رئيسة جمعية تدافع عن المهاج




.. هل تجهض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة ؟ |.. سامويل وربي